منتدى الرياضي للعمل النقابي

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى يهتم بمستجدات العمل السياسي والنقابي محاولا رسم صورة مغايرة على ما عليه الوضع الان


    العدالة الانتقالية بالمغرب

    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

     العدالة الانتقالية بالمغرب Empty العدالة الانتقالية بالمغرب

    مُساهمة من طرف رياضي الأربعاء يونيو 15, 2011 3:07 am

    Lahcen Ait Elmadani‎
    بحث حول موضوع : العدالة الانتقالية بالمغرب

    المقدمة

    إن مجال العدالة الانتقالية أو مواصلة العدالة الشاملة أثناء فترات الانتقال السياسي تهتم بتنمية مجموعة واسعة من الاستراتيجيات المتنوعة لمواجهة ارث انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي و تحليلها و تطبيقها عمليا بهدف خلق مستقبل أكثر عدالة و ديمقراطية . و في الجانب النظري و العملي تهدف العدالة ...الانتقالية إلى التعامل مع ارث الانتهاكات بطريقة واسعة و شاملة تتضمن العدالة الجنائية و عدالة إصلاح الضرر و العدالة الاجتماعية و العدالة الاقتصادية.

    و رغم أن إرهاصات هدا المجال ترجع غالبا إلى مرحلة تقع بعيد الحرب العالمية 2 في أوربا –أي محاكمات نورمبورغ و القضاء على النازية-فان العدالة الانتقالية بدأت تظهر بشكل أكثر قوة ووضوحا مع إقامة محاكمات حقوق الإنسان في اليونان أواسط السبعينات و مع المتابعات ضد الحكم ضد الحكم العسكري في الأرجنتين عقدا بعد دالك و كدا جهود تقصي الحقائق في الجزء الجنوبي من أمريكا اللاتينية .

    و إبان العقود الأخيرة ثم تطوير مجموعة متميزة من آليات العدالة الانتقالية و الاعتماد عليها من طرف الحكومات الديمقراطية الخارجة لتوها من فترات حرب او حكم استبدادي.

    كما إن حقوق الإنسان تعتبر بامتياز مؤشرا حاسما في البرهنة على حصول تغيير فعلي في سياسة الدولة و ممارستها و دليل على قيام دولة الحق والقانون . وقد تفرعت عن حقوق الإنسان تبعا لدالك مجموعة من الاستراتيجيات و الخطط الهادفة لصيانة الفرد و ما قد يتعرض إليه من انتهاكات سواء على يد الدولة او في علاقته بالأفراد من خلال العلاقات السياسية و الاجتماعية التي قد ينسجها .

    و من هده الاستراتيجيات نذكر العدالة الانتقالية و التي يتم اللجوء اليها مع حدوت تحول سياسي بعد فترة من العنف أو القمع في مجتمع من المجتمعات بحيث يجد المجتمع نفسه في كثير من الأحيان أمام تركة صعبة من انتهاكات حقوق الإنسان لدلك تحتمي عدد من الدول إستراتيجية العدالة الانتقالية

    - فما هو مفهوم العدالة الانتقالية و ماهي مرجعيتها؟

    - ماهي عناصر و مناهج العدالة الانتقالية ؟ و إلى أي حد تم تجسيدها على بعض التجارب الدولية ؟

    - ما هي سبل تحقيق العدالة الانتقالية بالمغرب من خلال هيئة الإنصاف و المصالحة و ماهي المحددات التاريخية للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب ؟ و ماهي نتائجها ؟

    للإجابة عن هده الأسئلة سوف نقسم هدا الموضوع الى مبحثين و دلك على الشكل التالي:

    المبحث الأول : مفهوم العدالة الانتقالية-أسسها-مرجعيتها

    المبحث الثاني : العدالة الانتقالية بالمغرب :

    المبحث الأول : مفهوم العدالة الانتقالية-أسسها-مرجعيتها

    يمكن تقسيم هدا المبحث إلى مطلبين أساسيين ودلك على الشكل التالي :

    المطلب الأول : مفهوم العدالة الانتقالية ومرجعيتها الدولية :

    يقتضي منا تحديد مفهوم العدالة الانتقالية ومرجعيتها الدولية تقسيم هدا المطلب إلى فقرتين :

    الفقرة الأولى : مفهوم العدالة الانتقالية :

    أن مفهوم العدالة الانتقالية يعتبر من المفاهيم المتجردة والمتصلة بما يمكن أن نصطلح عليه بعلم الانتقال أو الانتقالوجيا الذي ينصب موضوعه على إشكالية الانتقال أو التحول في المجتمعات التي تعاني من التأخر التاريخي فصهر هدا المفهوم خلال السبعينيات نتيجة الانتقالات التي جرت في أوروبا الجنوبية والدي أفضى إلى ظهور علما جديد ا لم يكن معروفا في فرنسا لكنه شديد الحيوية في الولايات المتحدة الأمريكية وهو يحمل اسم علم الانتقالات أو علم الانتقاليات 1

    وبدلك يشمل مفهوم العدالة الانتقالية كامل نطاق العمليات والآليات المرتبطة بالمحاولات التي يبدلها المجتمع لتفهم تركته من تجاوزات الماضي الواسعة النطاق بغية كفالة المساءلة وإقامة العدالة وتحقيق المصالحة .

    فمجال العدالة الانتقالية أو مواصلة العدالة الشاملة أثناء فترات الانتقال السياسي يهتم بتنمية مجموعة واسعة من الاستراتيجيات المتنوعة لمواجهة ارث انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي وتحليلها وتطبيقها عمليا بهدف خلق مستقبل أكثر عدالة وديمقراطية وفي الجانب النضري والعملي تهدف العدالة الانتقالية إلى التعامل مع ارث الانتهاكات بطريقة واسعة وشاملة تتضمن العدالة الجنائية وعدالة إصلاح الضرر والعدالة الاجتماعية والعدالة الاقتصادية وهي إضافة إلى دلك مبنية على اعتقاد مفاده أن سياسة قضائية مسئولة يجب أن تتضمن تدابير تتوخى هدفا مزدوجا وهو المحاسبة على جرائم الماضي والوقاية من الجرائم الجديدة مع الاخد في الحسبان للصفة الجماعية لبعض أشكال الانتهاكات 2

    وبدلك تعد العدالة الانتقالية نتاجا للخطاب الدولي حول حقوق الإنسان وتشكل جزءا منه كما تقوم على معتقد مفاده أن المطالبة بالعدالة الجنائية ليست شيئا مطلقا لكن يجب ان تتم موازنتها بالحاجة إلى السلم والديمقراطية والتنمية العادلة وسيادة القانون ولان انظمة العدالة تم وضعها على أساس أن الجريمة تشكل استثناءا وليس قاعدة .

    أما ادا صارت الجريمة قاعدة فلا يوجد أي نضام قوي بما فيه الكفاية لفرض النظام وبالتالي ففي معظم سياقات العدالة الانتقالية سوف تدعو الحاجة إلى أدوات أخرى للمحاسبة وينبغي أن تاخد بعين الاعتبار عندما تدمج المحاكمات مع آليات العدالة الانتقالية الأخرى فالرغبة في التعامل مع ارث الماضي تجد تبريرا في عدة نقاط أهمها :

    - تقوية الديمقراطية وتفعيلها من خلال إرساء المحاسبة مثل مكافحة الإفلات من العقاب وبناء ثقافة ديمقراطية قائمة على المسؤولية .

    - إن تذكر الضحايا يعتبر واجبا أخلاقيا حيث إن نسيانه هو شكل من أشكال إعادة الإحساس بالظلم والمهانة والتي سبق لهم أن عاشوها في الماضي
    - انه لمن المستحيل تجاهل الماضي ونسيانه بسبب فظاعة الجرائم التي ارتكبت لدرجة إنها لاتقبل الصفح .

    - منع دلك مستقبلا بما يخلق نوعا من الردع فالتذكر والمطالبة بالمحاسبة كفيلان بالوقاية من وقوع انتهاكات مجددة 1
    - إن صفات البيئات الانتقالية هده تساعد على تفسير ثلاثة مميزات هامة في العدالة الانتقالية وتتميز كمجال منفصل بذاته بميزات ثلاث :

    الميزة الأولى : هي التركيز على الشمولية في التعامل مع ارث الانتهاكات .

    الميزة الثانية : وهي ذات الصلة بالعدالة الانتقالية لهي الأولوية التي يحض بها التوازن والإدماج فالعدالة الانتقالية لا تسعى إلى عدالة بأثر رجعي بأي ثمن أو تركز على المحا فضة على السلام على حساب حق الضحايا في العدالة ولكن تأكد عوض دلك على إرساء توازن بين الأهداف على اختلافها وتنافسها اعتمادا على القانون الدولي والامتيازات والاكراهات المحلية وصياغة سياسة عقلانية وعادلة

    - الميزة الثالثة المميزة للعدالة الانتقالية فهي تركز على منهج مرتكز على الضحايا لتعامل مع ماض عنيف سواء من حيث مساره أو نتائجه ويمكن إلى درجة كبيرة قياس مشروعية آليات العدالة الانتقالية بمدى اعتراض الضحايا عليها أو دعمهم لها والى أي درجة يمكنهم المشاركة فيها والاستفادة منها 2

    الفقرة التانية: المرجعية الدولية للعدالة الانتقالية

    ان الانظمة السياسية تستمد شرعيتها من مدى احترامها للحقوق المتأصلة في البشر لمواطنيها فحقوق الإنسان الطبيعية هي ثابتة المضمون فالحق في الحياة والحرية والسلامة الجسدية و الكرامة الإنسانية تحمل نفس الدلالات و نفس المحتوى و من المفروض أن تتمتع الكائنات البشرية بحقوق الإنسان بشكل لايتاثر بنمط الحكم .

    فالمكانة التي تشغلها حقوق الإنسان في النظام القانوني الدولي جعلت مجموعة من المعايير الدولية تشكل مرجعية للالتزامات الدولة في مجال حقوق الإنسان و بالتالي الدفع بها للعمل على ملائمة تشريعاتها الوطنية مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان حتى تتفاعل أكثر مع المكانة التي يستحقها الفرد داخل المجتمع الإنساني الذي يعيش فيه .

    و بدلك تعتبر حقوق الإنسان بامتياز مؤشرا حاسما في البرهنة على حصول تغيير فعلي في سياسة الدولة وممارستها و دليلا على قيام دولة الحق و القانون3.

    وهكذا فما ان حلت منضمة الأمم المتحدة محل عصبة الأمم حتى وطد الرجال الدين اتخذوا مبادرة تأسيس تلك المنضمة عزمهم على ترسيخ أركان التعاون الدولي ضمن ميثاق أصبح نافد المفعول في 24 أكتوبر 1945 و تعهدت الدول الموقعة عليه بصون السلام و الأمن للوصول إلى ظروف سياسية و اقتصادية و اجتماعية لصالح الشعوب و بدلك الفت هيئة الأمم المتحدة لجنة للعمل في سبيل الحقوق الإنسانية و إعداد لا ئحة الحقوق التي أعلن عنها رسميا من لدن الجمعية العامة يوم 10 دجنبر 1948 تحت اسم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وادا كان هدا الاخيريتضمن مجموعة من الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية و الثقافية وكانت هده الحقوق تتصف بنوع من العمومية فكان من الضروري ان تاخد الجمعية العامة للأمم المتحدة على عاتقها مهمة الشرح و التدقيق للمقتضيات التي تضمنها الإعلان وهدا ما أدى إلى صدور عدة معاهدات و اتفاقيات دولية تنصب كلها في مجال احترام حقوق الإنسان وعدم انتهاكها ارتبطت بها دساتير الدول الديمقراطية و بالمصادقة عليها من لدن السلطة السياسية لتلك الدول 1 و في هدا الصدد نشير الى جل الاتفاقيات و المعاهدات الدولية الداعية الى منع و تجريم انتهاك حقوق الإنسان و احترامها

    -العهدين الدوليين المتعلقين بالحقوق السياسية و المدنية و الاقتصادية والثقافية و الاجتماعية .

    - اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية و المعاقبة عليها.

    - اتفاقية مناهضة التعذيب و غيرها من ضروب المعاملات و العقوبات القاسية او اللاانسانية او المهينة .

    - الاتفاقية الدولية المتعلقة بمناهضة جميع أشكال التمييز العنصري.

    - الاتفاقية الدولية المتعلقة بإلغاء العبودية و معاملة العبيد إضافة إلى الممارسات المثلية للعبودية.

    - الاتفاقية رقم 105 المتعلقة بإلغاء العمل الشاق.

    - الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

    - اتفاقية حضر الاتجار بالأشخاص و استغلال دعارة الغير2 .

    وتبعا لدالك تفرعت عن حقوق الإنسان مجموعة من الاستراتيجيات ذات المرجعية الدولية و الخطط الهادفة إلى صيانة حقوق المواطنين و ما قد يتعرضون له من الانتهاكات سواء على يد الدولة أو في علاقتهم بالأفراد من خلال العلاقات التي قد ينسجها مع الغير و من هته الاستراتيجيات نذكر العدالة الانتقالية و التي يتم اللجوء إليها مع حدوت تحول سياسي بعد فترة من العنف او القمع في مجتمع من المجتمعات بحيث يجد هدا المجتمع نفسه في كثير من الأحيان أمام تركة صعبة من انتهاكات لحقوق الإنسان .ولدلك تحتمي عدد من الدول بمضلة العدالة الانتقالية التي أصبحت ذات بعد دولي من خلال إنشاء مؤسسة تعنى بمساعدة البلدان الساعية الى محاسبة المسئولين عن الفظائع الجماعية او انتهاكات حقوق الإنسان و هده المؤسسة هي مايعرف بالمركز الدولي للعدالة الانتقالية حيث يقدم هدا المركز معلومات مقارنة وتحليلات قانونية وسياسية ويقوم بالتوثيق و إجراء البحوث الإستراتيجية للمؤسسات المعنية بالعدل و تقصي الحقائق و للمنضمات الغير الحكومية والحكومات وغيرها كم يساعد على وضع استراتيجيات العدالة الانتقالية التي تتألف من خمسة عناصر أساسية سيتم التطرق إليها بنوع من الاستفاضة في المطلب الثاني ويكرس المركز جهوده لبناء القدرات المحلية ودعم مجال العدالة الانتقالية الناشئ بوجه عام ويعمل على تحقيق هدا الغرض بالتعاون الوثيق مع المنضمات والخبراء في شتى أنحاء العالم .3

    المطلب التاني : اسس العدالة الانتقالية ومدى بلورتها في بعض التجارب

    الفقرة الاولى : اسس العدالة الانتقالية :

    ترتكز العدالة الانتقالية على مقومات اساسية تتمحور حول:

    1- محاكمة مرتكبي الإنتهاكات:

    قوبلت إجراءات العفو والصفح من العقاب بالرفض على المستوى الدولي من جانب الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة ولجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والمحكمة الخاصة بيوغوسلافيا ولجنة مناهضة التعذيب.

    هنا لابد من التأكيد بأن الإفلات من العقاب يعني حرمان الضحايا من العدالة، وخلق مناخ يمكن فيه للأفراد مواصلة إرتكاب الإنتهاكات بدون الخوف من الإعتقال أو المقاضاة أو العقاب، ومن خلال تقديم الجناة إلى العدالة تبعث الحكومة برسالة واضحة بأنه لم يتم التساهل إزاء الإنتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني، وأن الذين يرتكبون هذه الجرائم سيخضعون للمساءلة أمام محكمة قضائية.1 والمحكمات تساعد في إعادة الشعور بالثقة بين المواطنين حول سيادة القانون، ويمكن أن تخلق المحاكمات الناجحة لمنتهكي حقوق الإنسان في الماضي إحساسا بأن النظام" يعمل" وأن الأمر يستحق الإستمرار في بناء الديمقراطية. ويمكن أن تساهم المحاكمات في إرساء روادع خاصة وعامة والتعبير عن إدانة عامة الناس للسلوك الإجرامي وتوفير شكل مباشر في المحاسبة لمرتكبي تلك الأعمال والعدالة للضحايا، والمساهمة في زيادة ثقة الجماهير في قدرة الدولة ورغبتها في إنفاذ القانون. 2 عندما تتعامل إحدى المحاكمات مع انتهاكات جماعية قد يشعر الضحايا بأن معاناتهم معترف بها بشكل أفضل عندما تكون استراتيجيات المتابعة موجهة بشكل واضح إلى اولئك الأشخاص الذين يتحملون المسؤولية الكبرى لهذه الجرائم.

    وفي سنة 1993 كانت خطوة غير مسبوقة تحققة بفضل نهاية الحرب الباردة، حيث أنشأ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة محكمة جنائية دولية بيوغوسلافيا، وهي أول محكمة دولية لجرائم الحرب منذ المحكمتين العسكريتين لنورمبورغ وطوكيو، وجاءت بعد محكمة يوغوسلافيا محكمة رواندا لمتابعة مرتكبي جريمة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية.

    2- البحث عن الحقيقية:

    إختلفت الأهداف من وراء إنشاء هيئة الحقيقة من بلد إلى آخر، فالبعض يركز على المصالحة الوطنية والحاجة إلى طي صفحة الماضي والبعض الآخر إعتبرها خطوة نحو معالجة مرتكبي جرائم حقوق الإنسان في حين اعتبرها البعض الآخر وسيلة لكي تقطع الحكومة الجديدة مع ممارسات النظام السابق

    وانطلاق عهد جديد يتميز باحترام حقوق الإنسان، وإصرار إغلب التجارب الدولية على الكشف عن الحقيقة يجد فلسفته في القيمة الحضارية والأخلاقية للحقيقة.1

    يعتبر مطلب الكشف عن الحقيقة من التحديات الكبرى التي واجهتها جميع الدول التي خطت خطوات بارزة نحو الإنتقال الديمقراطي لأنها وجدت نفسها أمام كشف حقيقة الضحايا، أي القيام بجميع التحريات لمعرفة الحقيقة حول الخروقات التي مست الضحايا، ثم كشف حقيقة الجناة.ومن اجل ذلك الكشف عن الحقيقة من الأهداف الجوهرية لمبدأ عدم الإفلات من العقاب كما يقول هيغل "...وسوف يظل البحت عن الحقيقة يوقظ حماس الانسان ونشاطه ما بقي فيه من عرق ينبض وروح يشعر..."وهكذا مهما بذل من جهود للكشف عن الحقيقة فان ذلك يبقى نسبيا لأننا أمام جرائم ترتكب في جنح الظلام وجرائم ترتكب خارج المنظومة القانونية تتحكم فبها مجموعة من الأجهزة منها ما هو رسمي وغير رسمي.

    3- جبر الضرر:

    أعطت الأمم المتحدة اهتماما خاصا في مرحلة محددة لمحنة الناجين من معسكرات الإعتقال النازية، حيث ناشد المجلس فيه السلطات الألمانية المختصة بأن تنظر في إتاحة الجبر على أكمل وجه ممكن عن الأذى الذي أصاب الأشخاص الذين تعرضوا لانتهاكات جسيمة. تشير المدة الخامسة من الفقرة الخامسة من الإتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان على أن لكل فرد كان ضحية للتوقيف والإعتقال بما يتناقض وأحكام المادة ذاتها حقا نافذا في الحصول على التعويض.

    وهكذا فألوان الإضطهاد التي مارستها الأنظمة الإستبدادية لا نظير لها في وحشيتها، ولا يمكن تجاهل وجود رابطة واضحة بين إفلات مرتكبي الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من العقاب وعدم تقديم جبر عادل للضحايا ولأسرهم ومن يعولونهم. أمام الإنتشار الواسع لانتهاكات حقوق الإنسان أصبح لزاما على الحكومات ليس فقط التصدي لمرتكبي هذه التجاوزات بل أيضا ضمان حقوق الضحايا، كذلك بوسع الحكومات تهييئ الظروف الملائمة لصيانة كرامة الضحايا وتحقيق العدل بواسطة التعويض على ما لحق بهم من الضرر والمعانات.1 ويتخذ جبر الأضرار أشكالا وتدابير منها التعويض، وإعادة التأهيل والإدماج، والاسترداد، ورد الاعتبار، وحفظ الذاكرة، وضمانات بعدم تكرار هذه الجرائم، ويتم جبر الأضرار في حالة وفاة الضحية أو عدم العثور عليه لفائدة ورثته أ ذوي حقوقه.

    4- الإصلاح المؤسساتي:

    وتشمل الإصلاحات الدستورية والقانونية وأجهزة الشرطة التي تهدف إلى تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون ذات أهمية واضحة للعديد من المجالات مثل ملكية الأراضي، حماية اللاجئين، ضرائب الدخل، الإنصاف في الأجور، تعيين القضاة، تولي المناصب واستغلال وسائل الإعلام.

    إن الجهود المبذولة من حيث الكم والكيف لا يجب أن تكون أكبر من حجم القدرات المحلية وذلك من حيث البنية المؤسساتية والموارد البشرية والمالية، إذ أن الوقوع في مثل هذا الخطأ قد يجر عملية الإصلاح إلى الوراء عوض الدفع بها قدما.1

    5-النصب التذكاري:

    إحياء الذكرى هو حدث أو واقعة تعمل كآلة للتذكر، ويمكن أن يتم إحياء الذكرى بشكل رسمي مثل( إقامة النصب التذكارية)، أو بشكل غير رسمي مثل( بناء جدارية في موقع معين ) سواء كان ذالك بشكل رسمي من طرف الدولة أو تلقائيا من طرف المواطنين2 ويسعى الناس إلى إحياء ذكرى أحداث الماضي لأسباب عديدة منها الرغبة في استحضار ذكرى الضحايا والتعرف عليهم، أو تعريف الناس بماضيهم، أو دعم أو تعديل رواية تاريخية، أو تشجيع تبني الإحتفال بالذكرى.

    إن الضحايا وجمعياتهم المنظمة كثيرا ما يطالبون بالعمل على بلوغ عدد من أهداف العدالة الإنتقالية بما في ذلك تحقيق العدالة والمحاسبة، وإظهار الحقيقة وجبر الضرر، وضمان عدم تكرار ما جرى3 وإن بناء نصب تذكاري يعتبر عملية تنطوي في طياتها على عناصر السياسة والتاريخ والجمالية، كما تعتبر النصب التذكارية جزء من منظر عادي واجتماعي يمكن أن يساعد في تحديد وبناء مفهوم تشاطري للتجربة الجماعية والخيال والنظرة الذاتية لشعب من الشعوب.

    الفقرة التانية : بعض التجارب الدولية في مجال العدالة الانتقالية

    تعتبر تجارب العدالة الانتقالية متعددة لذا سنركز على تجربتين رائد تين تتمثلان في:

    جنوب افريقيا :

    بدأت النقاشات الجادة بصدد فكرة إنشاء لجنة للحقيقة بعد انتخاب نيلسون مانديلا رئيسا للبلاد في 1994. وبعد مشاركة كبيرة من قبل المجتمع الدولي في جلسات الاستماع أصدر برلمان جنوب إفريقيا في 1995 "قانون تعزيز الوحدة الوطنية والمصالحة" منشأ لجنة الحقيقة والمصالحة المتكونة من 17 عضوا. فقد أعطى القانون لهذه اللجنة صلاحية منح العفو الفردي وسلطة التفتيش والمصادرة وجلب وإحضار الشهود، وقد عمل بها حوالي 350 موظفا وبلغت ميزانيتها قرابة 18000000 دولار أمريكي في السنة لمدة عامين ونصف.

    كانت هذه اللجنة تعمل من خلال ثلاث لجان متصلة،" لجنة إنتهاكات حقوق الإنسان" كانت مسؤولة عن جمع الشهادات من الضحايا والشهود، والثانية " لجنة العفو " كانت تنظر في الطلبات الفردية للحصول على العفو. أما اللجنة الثالثة " لجنة التعويضات ورد الاعتبار" تتعلق أساسا ببرنامج التعويضات. 2

    تلقت هذه الجنة شهادات من 25000 ضحية وشاهد، حيث قام الإعلام بتغطية أعمال اللجنة بصورة مكثفة كما عقدت هذه اللجنة جلسات خاصة دارة حول قطاعات أو مؤسسات رئيسية في المجتمع ومشاركتها في الممارسات التي انتهكت حقوق الإنسان،كما قامت هذه اللجنة بمنح العفو الفردي عن الجرائم ذات الدوافع السياسية.وتلقت اللجنة ما يزيد على 7000 طلب للحصول على العفو،حيث رفض معظمها في النهاية.وقد وضعت اللجنة في اعتبارها عددا من العوامل عند تقريرها في مطلب العفو منها على سبيل المثال ما اذا كان هناك تناسب بين الجريمة المرتكبة والهدف المنشود.ولم يكن الاعتذار او ابداء الندم شرطا ضروريا لمنح العفو.

    وبالفعل فقد نجحت بعض المحاكمات الشهيرة لجرائم الفصل العنصري في إدانة المتهمين وقضت بالسجن لفترات طويلة ،وهو ما ادى الى ارتفاع في عدد طلبات العفو. وعند انتهاء محاكمة الوزير السابق ماغنوس مالان و 19 آخرين بتبرئة المتهمين كان من الواضح أن خطر الإحالة إلى المحكمة لن يكون قويا بالدرجة التي تقنع العديد من الجناة من كبار المسئولين بالتقدم للحصول على العفو.1

    نشر التقرير النهائي للجنة في خمسة أجزاء في أكتوبر 1998 وهو ما أشعل فتيل خلافات حادة تضمنت محاولة المؤتمر الوطني الإفريقي وقف نسر التقرير ورفضت الحكومة تنفيذ توصيات اللجنة بما في ذلك التوصية الأكثر إثارة لخلافة وهي الخاصة بتعويض الضحايا. فبصرف النظر عن كل الانتقادات التي وجهت إلى لجنة الحقيقة فقد مثلة اللجنة نقطة تحول حاسمة في تاريخ جنوب إفريقيا، وكان لها أثر دولي لم يسبق له مثيل مما أدى إلى الشغف الكبير بهذا النوع من الآلية في العالم بأسره.

    غواتيمالا:

    استمرت الحرب الأهلية في غواتيمالا أكثر من ثلاثين عاما وأسفرت عن حوالي 200000 قتيل ومفقود، وقد دارت بين القوات الحكومة المناهضة للشيوعية والثوار اليساريين، ومن بين أكثر الموضوعات المطروحة للنقاش في مفاوضات السلام إثارة للخلاف كانت مسألة كيفية معالجة انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب المرتكبة في الماضي أثناء فترة الانتقال إلى السلم، إلا أن توقيع اتفاقات السلام النهائية وبدأ أعمال اللجنة تأخر ثلاث سنوات.

    إن فكرة إنشاء لجنة للحقيقة أثارة اهتماما كبيرا من جانب منظمات المجتمع المدني ومنظمات الضحايا، وما أثار قلقهم هي قصر المدة الممنوحة للجنة استجلاء التاريخ علاوة على النص على أنه ليس للجنة أن تحدد أسماء الجناة وهو ما أثار غضب اتجاه كبير من الاتحاد الثوري الوطني الغواتيمالي لقبوله هذه القيود فقد مال المجتمع المدني إلى مساندة اللجنة تدريجيا بعد تعيين أعضائها. وكانت أعمال اللجنة سرية إلا أنها كانت ملزمة بإعلان تأسيس ولايتها ودعوت الأطراف المتهمة إلى الإدلاء بالشهادة

    عملت هذه اللجنة لمدة 18 شهرا وكان رئيسها معينا من قبل الأمين العام للأمم المتحدة وعضوين آخرين من رعايا غواتيمالا اختا رهم الرئيس بموافقة الطرفين، وعملت على مراحل مختلفة واستخدمت طاقم عمل في حدود 200 موظف في ذروة عملها وأقل من 100 موظف في مراحل التحليل والتحقيق وصياغة التقرير. وبلغت ميزانيتها حوالي 11 مليون دولار أمريكي، تلقت اللجنة من الحكومة أقل من مليون دولار والباقي من ـ و م أ ـ النرويج هولاندا السويد الدانمارك واليابان. وكانت مهمة اللجنة أن تستجلي انتهاكات حقوق الإنسان وأعمال العنف المرتكبة ما بين 1962 و 1996 ، وبالرغم من صعوبة وصول اللجنة إلى القرى الوعرة للاستماع إلى شهادات ضحايا هذه الأخيرة، حيث استطاعت اللجنة زيارة 2000 مجتمع محلي تقريبا وتلقوا 7338 شهادة بما فيها 500 شهادة جماعية.

    كما طالبت اللجنة الحكومة الأمريكية برفع الحظر عن بعض الملفات بمساعدة دار محفوظات الأمن القومي الأمريكي. وأسفر هذه عن رفع الحظر عن آلاف الوثائق. غير أن المعلومات من القوات المسلحة الغواتيمالية كانت قليلة بكثير، وقد زعمت أنه لليس لديها أية سجلات للأحداث الجاري التحقيق فيها. كما أكملت اللجنة تقريرها الطويل وشديد اللهجة في فبراير 1999 ونشرته للجمهور في إحتفال مشحون بالمشاعر حضره الآلاف، حيث كشف هذى التقرير ما ساد البلاد من الإرهاب. كما قامت اللجنة بتحليل النفقات الاقتصادية للنزاع المسلح وكذلك الخسارة في الإنتاج بسبب الوفيات، الذي يعادل %121 من الناتج القومي الإجمالي لعام 1990. وعزى التقرير % 93 من الانتهاكات إلى الجيش والقوات المسلحة % 3 إلى الإتحاد الثوري الوطني الغواتيمالي 1. وبالرغم من حظر إعلان اللجنة عن أسماء الجناة، فقد نشرت في تقريرها أن أغلبية انتهاكات حقوق الإنسان وقعت " بعلم أو بأمر أعلى السلطات في الدولة".

    وبعد ثلاثة أسابيع على نشر التقرير النهائي ردت الحكومة بإصدار بيان قالت فيه أن جميع الأمور الهامة في توصيات لجنة استجلاء التاريخ قد تم معالجتها بصورة وافية في اتفاق السلام غير أنه بسبب ضغط المجتمع المدني أقدمت على تنفيذ توصيات معينة، مثل إنشاء مجلس مشترك بين الحكومة والمجتمع المدني للإشراف على عملية المتابعة، وكذلك تلك المتعلقة بمحاسبة المسئولين عن أسوأ انتهاكات حيث تم إجراء عدد من التحقيقات القضائية في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.2

    المبحث الثاني : العدالة الانتقالية بالمغرب

    المطلب الأول: المحددات التاريخية للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب ونتائجها.

    عرف المغرب وكغيره من دول المعمور انتهاكات وممارسات ماسة بحقوق الإنسان، وذلك خلال فترات محددة من تاريخه (الفقرة الأولى)، مما أثار حفيظة المجتمع الدولي والعديد من المنظمات غير الحكومية الوطنية التي انكبت على انتقاد سياسة المغرب في مجال تعامله مع حقل حقوق الإنسان، مما فرض عليه ضرورة العمل نحو إيجاد مناخ سياسي جديد يمهد لوضع أسس قيام دولة الحق والقانون وتوفير الآليات الضرورية لحماية حقوق الإنسان وحرياته والعمل على تطويرها وضمان التمتع بها. وكذا إحداث مصالحة وطنية مع الماضي، باعتبار ذلك دليلا معبراً عن الإرادة السياسية العليا في تبني فلسفة جديدة، حيال الحقوق الإنسانية (الفقرة الثانية).

    الفقرة الأولى: المحددات التاريخية للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب.

    لقد تميزت السنوات الأولى من الاستقلال بالصراع على تحديد طبيعة المجال السياسي بين قوتين أساسيتين قوة القصر وقوة حزب الاستقلال الذي يعد يومئذ أهم التشكيلات السياسية التي حرصت على تبني سياسة الحزب الوحيد، بينما كانت اتجاهات القصر تتجه نحو تشكيل منظومة حزبية تعددية. وقد كان لهذا الصراع السياسي تداعيات خطيرة على وضعية حقوق الإنسان التي عرفت انتهاكات وتجاوزات مست بالأساس الحريات الفردية، والجماعية كالاعتقال والنفي وممارسة التعذيب والاختفاء القصري للمعارضين، مع التضييق على هامش حرية الصحافة والفكر والانتماء.1

    لقد تكبد الضحايا أضرار جسيمة تراوحت بين فقدان الحق في الحياة. والإصابة بعاهات جسدية ونفسية مستديمة وفقدان فرص التعليم والشغل. وفرص تحسن الأوضاع الاجتماعية وغيرها

    من الأضرار، كما أن سياسة القمع قد أضرت كثيرا بسمعة وصورة المغرب على الصعيد العالمي.1 إذ أن هذه الممارسات أثارت حفيظة المجتمع الدولي الذي نزل بكل ثقله على النظام السياسي المغربي في مجال ممارسة حقوق الإنسان.

    الفقرة الثانية: النتائج

    في سياق هذا الضغط الدولي والمحلي، باشرت المملكة المغربية إفراز شروط لممارسة جديدة تتوخى التصفية الجيدة لملف حقوق الإنسان، الذي شكل نقطة سوداء في مسيرة النظام السياسي المغربي. لسنوات طوال. وذلك عبر سلسلة من الإجراءات والتدابير اتخذت في اتجاهات متوازية بغية تقليص دائرة الانتقادات والاتهامات الخارجية المختلفة حول انتهاكات حقوق الإنسان بالمغرب.1

    وهكذا فإن الإقرار بالتشبث بحماية حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها في ديباجة أسمى قانون في البلاد لهو تعبير حقيقي على الإرادة السياسية للدولة في توطيد احترام الحقوق والحريات للمواطن. كما أن فكرة عالمية حقوق الإنسان الواردة في ديباجة الدستور هي فكرة يرتبط انجازها بوضع قوانين وطنية لحماية هذه الحقوق وإنشاء آليات قانونية ومؤسساتية لتنفيذها. وفي هذا الإطار قام المشرع المغربي بتقديم ضمانات قانونية لحقوق الإنسان منها المصادقة على جل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وإصدار مجموعة من النصوص القانونية ذات الصلة كقانون الحريات العامة وقانون المسطرة الجنائية….

    وفي مجال رغبتها في تصفية ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان عبرت الدولة المغربية عن وجود إرادة سياسية في هذا الصدد من خلال النبش في ذاكرة الماضي المؤلم وتحميلها المسؤولية في العنف الممارس من طرف بعض الأجهزة في فترة تاريخية معينة من أجل الوصول إلى مصالحة وطنية بين جميع الأطراف، ودون إثارة المسؤوليات الفردية أيا كان نوعها، واتخاذ إجراءات التعويض المادي والمعنوي لضحايا الانتهاكات الجسيمة، وتأهيلهم نفسيا واجتماعيا وجبر الضرر المعنوي من أجل إنصافهم والمصالحة معهم.1

    وفي هذا الصدد أقدمت المؤسسة الملكية على عدة مبادرات هامة، كإحداث هيئة التحكيم المستقلة بتاريخ 16 غشت 1999 للتعويض عن الضرر المادي والمعنوي لضحايا الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القهري أو ذوي الحقوق.2

    لكن ونظرا لشدة الانتقادات الموجهة لهذه الهيئة خاصة من طرف منظمات المجتمع المدني، اضطر المغرب ورغبة منه في التضييق من حدة هذه الانتقادات إلى القيام بعدة إجراءات كان أهمها إدخال إصلاحات على صلاحيات واختصاصات وتشكيلة المجلس الأعلى الذي أصدر في إحدى توصيات قراراً يقضي بإنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة.

    المطلب الثاني: هيئة الإنصاف والمصالحة كواجهة للعدالة الانتقالية في المغرب

    في إطار موجة العدالة الانتقالية التي عرفها العالم والمراجعات التي قامت بها العديد من الدول لسياساتها مثل جنوب افريقيا وكواتيمالا قام المغرب بتصرف ذكي حتى يطوي صفحة ماضيه بكل ما تحمله من جراح وآلام وانتهاكات وذلك بإحداثه لهيئة الإنصاف والمصالحة وذلك حتى لا يشار إلى المغرب بالأصبع بأنه دولة تنتهك حقوق الإنسان وتحمي المنتهكين وحتى لا يتعرض المغرب إلى العزلة الدولية ولا يتم تشويه صورته بالخارج وحتى لا يتعرض المجرمين لمساءلة دولية قرر أن تفتح ملف الانتهاكات الجسيمة بنفسه بإنشائه الهيئة المذكورة سابقا والتي اختصت بمراجعة الانتهاكات التي حدثت بين 1956 إلى 1999 وإحداث جلسات حوارية([1]) وجلسات للاستماع للضحايا وتلك الجلسات التي كانت علنية وعمومية شكلت فرصة للضحايا بتفريغ آلامهم الدفينة وهذا البوح نفسه جزء من العلاج([2]) ثم بعد ذلك قامت بتعريضهم([3]) لكن الذي يؤاخذ على التجربة المغربية أنها لم تعاقب المجرمين كون الدولة اشترطت منذ البداية عدم معاقبة المجرمين لأن هذا الأمر قد يفتح جراحا عميقة وسيؤدي إلى هياج أو انفجار اجتماعي وتفاديا لهذه الأمور قرر المغرب تعويض الضحايا كما دعا جلالة الملك في خطابه الشهير إلى "الصفح الجميل".

    الفقرة الأولى: مهام هيئة الإنصاف والمصالحة في استجلاء الماضي وتعويض الضحايا.

    أولا: مهام هيئة الإنصاف والمصالحة في استجلاء الماضي.

    - إن هيئة الإنصاف والمصالحة هي هيئة غير قضائية ثم إنشائها بموجب مرسوم ملكي([4]) بمقتضى الصلاحيات التي يختص بها الملك بصفته حاميا لحقوق المواطنين ومهمتها تقصي الحقيقة وتلقي الإفادات والإطلاع على الأرشيفات([5]) وصياغة تقرير ختامي لطي صفحة الماضي ومن أهم اختصاصاتها:

    · الكشف عن الحقيقة مستعينة بكل الوسائل سواء من حيث الاستماع للضحايا أو الاطلاع على الأرشيفات كما سبق الذكر.

    · جبر الأضرار من حيث التعويض المادي وإعادة التأهيل والإدماج والاسترداد ورد الاعتبار وكل أشكال جبر الضرر الملائمة حسب التحريات والأبحاث في نطاق الكشف عن الحقيقة.

    · مواصلة البحث شأن حالات الاختفاء القسري التي لم يعرف مصيرها بعد.

    · بدل كل الجهود بشأن الوقائع التي لم يتم استجلاؤها.

    · الكشف عن مصير المختفين مع إيجاد الحلول الملائمة لمن تبتت وفاتهم.

    · الوقوف على مسؤوليات أجهزة الدولة أو أي طرف آخر في الانتهاكات والوقائع موضوع التحريات.

    · اعدادالتقرير([6]) كوثيقة رسمية للهيئة يتضمن التوصيات والمقترحات الكفيلة بحفظ الذاكرة وبضمان عدم تكرار ما جرى ومحو آثار الانتهاكات واسترجاع الثقة وتقريبها في حكم القانون واحترام حقوق الإنسان.

    · المساهمة في تنمية واثراء ثقافة وسلوك الحوار وإرساء مقومات المصالحة دعما للتحول الديمقراطي ببلادنا وبناء دولة الحق والقانون وإشاعة قيم وثقافة المواطنة وحقوق الإنسان.

    · النظر في قضايا الإعدام خارج نطاق القانون.

    · النفي والإختفاء القسري والترحيل والحصار ونزع الممتلكات.

    ثانيا إشكالية التعويض المادي والمعنوي.

    يعتبر عمل هيئة الإنصاف والمصالحة.

    وسعيا لإكمال مهمة الهيئة في ما يخص معالجة وتصفية ملف الانتهاكات بكل جوانبه المختلفة فإن مسألة التعويض تعتبر أحد أهم الإشكاليات التي طرحت أمام الهيئة لكونها تسعى لتكملة مسيرة هيئة التحكيم المستقلة بالإضافة الى وضع مقاربة شمولية تعمل من خلالها على تعويض الضحايا، إلا أن التساؤل الذي طرح نفسه هل استطاعت هيئة الإنصاف والمصالحة تعويض الضحايا بشكل عادل يتناسب والمعاناة الناتجة عن الانتهاكات والفظاعات التي تعرض لها الضحايا وعائلاتهم وذويهم.

    وبتاريخ 16 غشت 1999، صدر الأمر الملكي بتأسيس هيئة التحكيم المستقلة للتعويض، المترتب عن الضررين المادي والمعنوي، لضحايا الاختفاء القسري، والاعتقال التعسفي، وقد تلقت الهيئة حوالي 5879 طلبا للتعويض، وصدرت القرارات الأولى للتعويض (98 قرار بغلاف مالي يتجاوز 14 مليار سنتيم). باعتبار التعويض حقا مشروعا طبقا للمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة 19 من الإعلان العالمي حول حماية الأشخاص حول الاختفاء القسري.

    أ- معايير التعويض المادي المعتمدة من طرف هيئة التحكيم المستقلة:

    أما بالنسبة لمعايير تقدير التعويضات، فإن هيئة التحكيم أخذت بالجوانب الآتية بعين الاعتبار:

    · ما تبقى من العمر النشيط المفترض للشخص المعني، منذ اختفائه؛

    · الدخل الذي كان يتوفر عليه، بعد تحيينه، وكذا رفعه، عند الاقتضاء إلى حد يكون ملائم للظروف الراهنة لعيش كريم؛

    · التحملات العائلية؛

    · اضافة إلى مراعاة أكثر ما يمكن، وإذا كانت هناك من خاصيات بالنسبة لكل حالة؛

    · إضافة إلى مراعاة، بالنسبة للباقين على قيد الحياة، ظروف اعتقالهم التعسفي، والمصاريف التي قد يحتاجون إليها لمواجهة متطلبات الحياة والعلاج وكذا النسبة الإجمالية لعجزهم البدني الجزئي الدائم، ودرجة آلامهم الجسمانية، ودرجة تشويه خلقتهم، ومدى انعكاس هذه الأضرار على حياتهم المهنية، واحتياجاتهم عند الاقتضاء إلى الاستعانة بالغير؛

    وفي هذا الإطار أصدرت مقررات تمهيدية دققت الهيئة بموجبها المهام المنوطة بالخبير والمتمثلة في:

    · فحص طالبة التعويض أو الطالب ووصف الأمراض والإصابات اللاحقة به، وتحديد مدى علاقاتها بظروف الاعتقال وذكر العلاجات أو العمليات التي خضعت لها أو ستخضع لها وما يتطلبه ذلك من مصاريف؛

    · تحديد النسبة الإجمالية للعجز الجزئي الدائم الناتج عن هذه الأضرار؛

    · تحديد ما إذا كان الطالب يحتاج إلى مساعدة الغير لمواجهة متطلبات الحياة اليومية؛

    · تحديد أهمية ودرجة الألم الجسماني والتشويه الخلقي وانعكاسات ذلك على الحياة المهنية؛

    · ترك الحرية للخبير في أن يلجأ على استعمال جمعي ما قد يراه مناسبا من وسائل تقنية وكذا الاستعانة عند الاقتضاء بطبيب محلف آخر مختص للكشف عن مختلف الأضرار والإجابة عن كل النقط المطلوبة.

    · تخويل الخبير الرجوع إلى الهيئة عند وجود أي صعوبة وفي أن يحرر تقريرا بما انتهى إليه من خلاصات داخل أجل لا يتعدى شهرا، اعتبارا من تاريخ توصله على المقرر التمهيدي القاضي بإجراء الخبرة؛

    · تحديد أتعابه مع حفظ حقه في التوصل بالمبالغ التي أنفقها نتيجة استعمال وسائل تقنية أو لتغطية أتعاب طبيب تمت الاستعانة به

    ب التعويضات:

    لقد اقتضى الأمر في العديد من الحالات، منح تعويضات مسبقة للضحايا أو ذوي حقوقهم إما لمواجهة مصاريف علاجات مستعجلة واما لمساعدة ذوي الحقوق المتوفين على مواجهة نفقات العيش بعدما كانوا قد فقدوا معيلهم. أما بخصوص التعويضات النهائية المستحقة، فقد تم منحها:

    · إما شخصيا للمعتقلين تعسفيا أو المختفين قسريا، والذي بقوا على قيد الحياة؛

    · وأما لذوي حقوق من توفي أثناء الاعتقال أو الاختفاء أنفسهم، كل حسب نوع ومدى أضراره نتيجة فقدان الضحية؛

    · وإما لورثة الضحية، إذا توفي بعد الإفراج عنه، وذلك مع توزيع التعويضات على أولئك الورثة حسب القواعد الشرعية مع إعمال التناسخ عند الاقتضاء، وهو ما تم في عدد وافر من الملفات.

    · وقد بلغ عدد المستفيدين من التعويضات ما يناهز 7000 مستفيد، كما بلغت التعويضات الإجمالية إلى حدود تاريخ 30 يوليوز 2003 حوالي تسعمائة وستين مليون درهم.

    الفقرة الثانية تقييم عمل هيئة الانصاف و المصالحة

    · عقب انتهاء هيئة الإنصاف والمصالحة من انشغالها من قبل تقديمها لتقريها النهائي للعموم في ندوة ** عملت الهيئة في إطار ما سمي بالدبلوماسية الحقوقية للتعريف بالجريدة المغربية عالميا سواء لدن المنظمات الدولية أو العواصم العالمية.

    فقد أشار الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان في تقرير المجلس الأمن حول "سيادة القانون والعدالة الانتقالية في مجتمعات ما بعد الصراع" في غشت 2004 إلى التجربة المغربية ضمن التجاوب 5 الأوائل ضمن أكثر من 30 تجربة وقد أصدر المركز الدولي للعدالة الانتقالية تقريرا تحت عنوان العدالة الانتقالية من المغرب حيث اعتبرها أشمل تحقيق يجري حيث الآلاف من حقبة الانتهاكات التي شهدها المغرب في الماضي ورأى المركز أن تقديم التقرير النهائي للهيئة شكل فرصة للدولة من اجل تقديم اعتبارها عن دورها في انتهاك حقوق شعبها والتعهد بالقطع مع سياسة الألقاب بالمغرب كما نضم المعهد العربي لحقوق الإنسان ندوة حول العدالة الانتقالية أشاد فيها بالتجربة المغربية واعتبرها تجربة فريدة من نوعها في العالمين العربي والإسلامي.

    · صرح "كير هوويلز" نائب وزير الخارجية بريطانيا في بيان نشر عقب لقاءه المرحوم السيد بنزكري بلندن أن "الهيئة والعمل الذي قامت به يمثل خطوة ثانية قام بها المغرب بقيادة الملك محمد السادس من أجل مصالحة المغرب مع ماضيه كما أن البرلمان البريطاني أعرب في مذكرة دعم المملكة المغربية عن تهانيه لجلالة الملك على المجهودات الجبارة التي بدلها من أجل تقارير الديمقراطية وحقوق الإنسان ولدعمه توصيات الهيئة وإقرار تعويضات للمواطنين وتقرير الديمقراطية وقد طلبت 4 دول الاستفادة من تجربة الهيئة رمي وهي ولبنان والأردن واسبانيا.

    · إلا أنه رغم المجهودات التي لا يمكن إنكارها التي قامت بها الهيئة فهناك بعض المسائل التي لازالت موضوع تساؤل خصوصا بعد الأحداث الأخيرة لسيدي إفني واكتشاف المقابير الجماعية في ثكنة الوقاية المدنية بالناظور والدار البيضاء والاعتقالات الكثيرة التي عقبت أحداث 11 ماي كلها أعادت إلى الأذهان خروقات الدولة المغربية وإلى لم تكن بنفس الحدة التي كانت سابقا وبالتالي ليس التساؤل هل طوى المغرب صفحة خرق حقوق الإنسان إلى الأبد أم أنه بدأ صفحة جديدة كما يقول بعض المنضمات الحقوقية.مشاهدة المزيد
    The International Center for Transitional Justice
    www.ictj.net
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

     العدالة الانتقالية بالمغرب Empty رد: العدالة الانتقالية بالمغرب

    مُساهمة من طرف رياضي الأربعاء يونيو 15, 2011 1:10 pm

    مصطلحات هامة يجب على الجميع فهمها والعلم بها ...
    البيروقراطية:- هي مفهوم يستخدم في علم الاجتماع والعلوم السياسية يشير إلى تطبيق القوانين بالقوة في المجتمعات المنظمة. وتعتمد هذه الانظمة على الاجراءات الموحدة وتوزيع المسؤوليات بطريقة هرمية والعلاقات الشخصية. وهنالك العديد من الامثلة على البيروقراطية المستخدمة يومياً: الحكومات، القوات المسلحة، الشركات، المستشفيات، المحاكم، والمدارس. يعود اصل كلمة البيروقراطية Bureaucracy إلى كلمة مكتب bureau المستخدمة في بداية القرن الثامن عشر ليس للتعبير عن كلمة مكتب للكتابة فقط بل للتعبير عن الشركة، واماكن العمل. و كلمة cracy وهي مشتقه من الأصل الإغريقي Kratia ومعناها The Strong أي القوه والكلمة في مجموعها تعني قوه المكتب أو سلطه المكتب .



    الديمقراطية:- تفهمُ عادةً علَى أنّها تَعني الديمقراطية الليبرالية و هي شكل من أشكال الحكم السياسي قائمٌ بالإجمال علَى التداول السلمي للسلطة و حكم الأكثريّة و حماية حقوق الأقليّات و الأفراد. و تحت هذا النظام أو درجةٍ من درجاتهِ يعيش في بداية القرن الواحد و العشرين ما يزيد عن نصف سكّان الأرض في أوروبا و الأمريكتَين و الهند وأنحاء أخرَى. و يعيش معظمُ الباقي تحت أنظمةٍ تدّعي نَوعاً آخر من الديمقراطيّة (كالصين التي تدعي الديمقراطية الأشتراكية). و يمكن استخدام مصطلح الديمقراطية بمعنى ضيق لوصف نظام الحكم في دولة ديمقراطيةٍ، أو بمعنى أوسع لوصف مجتمع حر. والديمقراطيّة بهذا المعنَى الأوسع هي نظام اجتماعي مميز يؤمن به ويسير عليه المجتمع ككل على شكل أخلاقيات اجتماعية و يشير إلى ثقافةٍ سياسيّة و أخلاقية و قانونية معيّنة تتجلى فيها مفاهيم الديمقراطية الأساسية.



    الأرستقراطية:- هي تسمية لطبقة اجتماعية تتمتع بالأصول النبيلة في المجتمعات الأوروبية وينحصر فيها حكم البلاد. وهي كلمة يونانية الأصل وتعني (حكم الأفضل). وهذه الصفة متوارثة حتى هاجمتها الثورة الفرنسية صارت لفضه الارستقراطيه تشير إلى جميع العوائل الاقطاعيه في انكلترا, فرنسا و روسيا وتشير إلى القوه والسلطه وصارت نمطاً من انماط الحياه في العالم.





    الدكتاتورية:- هي شكل من أشكال الحكم تكون فيه السلطة مطلقة في يد فرد واحد (دكتاتور) وكلمة دكتاتورية من الفعل (dictate) أي يملي والمصدر dictation اي إملاء وهنالك استخدامين لمفهوم الدكتاتورية:

    الاستخدام الاول :الدكتاتور الروماني وقد كان منصبا سياسيا في حقبة الجمهورية الرومانية القديمة وقد اختص الدكتاتور الروماني بسلطة مطلقة زمن الطوارئ، وقد كان عليه أن يحصل على تشريع مسبق من مجلس الشيوخ بمنحه هذا المنصب.

    الاستخدام الثاني: وهو المعاصر للكلمة والذي يشير إلى شكل من الحكم المطلق لفرد واحد دون التقيد بالدستور او القوانين أو أي عامل سياسي أو اجتماعي داخل الدولة التي يحكمها.





    الليبرالية:- (liberalism) اشتقت كلمة ليبرالية من ليبر liber وهي كلمة لاتينية تعني الحر .الليبرالية حاليا مذهب أو حركة وعي اجتماعي سياسي داخل المجتمع، تهدف لتحرير الانسان كفرد وكجماعة من القيود السلطوية الثلاثة (السياسية والاقتصادية والثقافية)، وقد تتحرك وفق أخلاق وقيم المجتمع الذي يتبناها تتكيف الليبرالية حسب ظروف كل مجتمع، وتختلف من مجتمع غربي متحرر إلى مجتمع شرقي محافظ. الليبرالية أيضا مذهب سياسي واقتصادي معاً ففي السياسة تعني تلك الفلسفة التي تقوم على استقلال الفرد والتزام الحريات الشخصية وحماية الحريات السياسية والمدنية وتأييد النظم الديمقراطية البرلمانية والإصلاحات الاجتماعية. وأما في الاقتصاد فتعني تلك النظرية التي تؤكد على الحرية الفردية الكاملة وتقوم على المنافسة الحرة واعتماد قاعدة الذهب في إصدار النقود.

    أهم شعار في الليبرالية هو: دعه يعمل دعه يمر . ويسمى الليبراليون بالحرييون فقد ارتبطت الليبرالية بالحرية الإقتصادية.



    العلمانية:-" تعني اصطلاحاً فصل الدين والمعتقدات الدينية عن السياسة والحياة العامة، وعدم إجبار الكل على اعتناق وتبني معتقد أو دين أو تقليد معين لأسباب ذاتية غير موضوعية. ينطبق نفس المفهوم على الكون والأجرام السماوية عندما يُفسّر بصورة مادية بحتة بعيداً عن تدخل الدين في محاولة لإيجاد تفسير للكون ومكوناته.





    براغماتية (ذرائعية) :

    براغماتية اسم مشتق من اللفظ اليوناني " براغما " ومعناه العمل، وهي مذهب فلسفي – سياسي يعتبر نجاح العمل المعيار الوحيد للحقيقة؛ فالسياسي البراغماتي يدعّي دائماً بأنه يتصرف ويعمل من خلال النظر إلى النتائج العملية المثمرة التي قد يؤدي إليها قراره، وهو لا يتخذ قراره بوحي من فكرة مسبقة أو أيديولوجية سياسية محددة ، وإنما من خلال النتيجة المتوقعة لعمل . والبراغماتيون لا يعترفون بوجود أنظمة ديمقراطية مثالية إلا أنهم في الواقع ينادون بأيديولوجية مثالية مستترة قائمة على الحرية المطلقة ، ومعاداة كل النظريات الشمولية وأولها الماركسية.





    بورجوازية :

    تعبير فرنسي الأصل كان يُطلق في المدن الكبيرة في العصور الوسطى على طبقة التجار وأصحاب الأعمال الذين كانوا يشغلون مركزاً وسطاً بين طبقة النبلاء من جهة والعمال من جهة أخرى، ومع انهيار المجتمع الإقطاعي قامت البورجوازية باستلام زمام الأمور الاقتصادية والسياسية واستفادت من نشوء العصر الصناعي ؛ حتى أصبحت تملك الثروات الزراعية والصناعية والعقارية، مما أدى إلى قيام الثورات الشعبية ضدها لاستلام السلطة عن طريق مصادرة الثروة الاقتصادية والسلطة السياسية.

    والبورجوازية عند الاشتراكيين والشيوعيين تعني الطبقة الرأسمالية المستغلة في الحكومات الديمقراطية الغربية التي تملك وسائل الإنتاج





    تكنوقراطية :

    مصطلح سياسي نشأ مع اتساع الثورة الصناعية والتقدم التكنولوجي، وهو يعني (حكم التكنولوجية) أو حكم العلماء والتقنيين، وقد تزايدت قوة التكنوقراطيين نظراً لازدياد أهمية العلم ودخوله جميع المجالات وخاصة الاقتصادية والعسكرية منها، كما أن لهم السلطة في قرار تخصيص صرف الموارد والتخطيط الاستراتيجي والاقتصادي في الدول التكنوقراطية، وقد بدأت حركة التكنوقراطيين عام 1932 في الولايات المتحدة الأمريكية ،حيث كانت تتكون من المهندسين والعلماء والتي نشأت نتيجة طبيعة التقدم التكنولوجي

    أما المصطلح فقد استحدث عام 1919 على يد وليام هنري سميث الذي طالب بتولي الاختصاصيين العلميين مهام الحكم في المجتمع الفاضل.





    راديكالية (جذرية):-الراديكالية لغة نسبة إلى كلمة راديكال الفرنسية وتعني الجذر، واصطلاحاً تعني نهج الأحزاب والحركات السياسية الذي يتوجه إلى إحداث إصلاح شامل وعميق في بنية المجتمع، والراديكالية هي على تقاطع مع الليبرالية الإصلاحية التي يكتفي نهجها بالعمل على تحقيق بعض الإصلاحات في واقع المجتمع، والراديكالية نزعة تقدمية تنظر إلى مشاكل المجتمع ومعضلاته ومعوقاته نظرة شاملة تتناول مختلف ميادينه السياسية والدستورية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية، بقصد إحداث تغير جذري في بنيته، لنقله من واقع التخلف والجمود إلى واقع التقدم والتطور

    ومصطلح الراديكالية يطلق الآن على الجماعات المتطرفة والمتشددة في مبادئها.



    فيدرالية : نظام سياسي يقوم على بناء علاقات تعاون محل علاقات تبعية بين عدة دول يربطها اتحاد مركزي ؛ على أن يكون هذا الاتحاد مبنيًا على أساس الاعتراف بوجود حكومة مركزية لكل الدولة الاتحادية، وحكومات ذاتية للولايات أو المقاطعات التي تنقسم إليها الدولة، ويكون توزيع السلطات مقسماً بين الحكومات الإقليمية والحكومة المركزية.





    اليكم كتاب ضد الليبراليه لكي يوسع لكم فهم الليبرالية اكثر

    http://sites.google.com/site/librarycommunism/dadallibralya.doc?attredirects=0



    الاشتراكية وعلاقتها بالشيوعية



    ما هي الاشتراكية

    نظام اجتماعي قائم على الملكية العامة لوسائل الإنتاج، والاشتراكية تظهر إلى حيز الوجود، نتيجة إلغاء النمط الرأسمالي للإنتاج وإقامة ديكتاتورية البروليتاريا وتبني الاشتراكية على شكلين من الملكية: ملكية الدولة (العامة) والملكية التعاونيةوالجماعية. وتقتضي الملكية العامة انعدام وجود الطبقات المستغلة واستغلال الإنسانللإنسان، وتقتضي وجود علاقات التعاون الرفاقية، والمساعدة المتبادلة بين العمال المشتركين في الإنتاج. وفي ظل الاشتراكية لا يوجد اضطهاد اجتماعي وعدم مساواة بين القوميات كما لا يوجد أي تناقض بين المدينة والريف، بين العمل الذهني والبدني، برغم استمرار وجود تمايزات بين المدينة والريف، وبين العمل الذهني والبدني. ويتكون المجتمع الاشتراكي من طبقتين صديقتين – الطبقة العاملة والطبقة الفلاحية العاملة في المزرعة الجماعية، وشريحة اجتماعية هي شريحة المثقفين. ويتم محو التمايز بين الطبقتين، وكذلك بينهما وبين شريحة المثقفين تدريجيا. والسمة البارزة للعلاقات بينهذه الجماعات الاجتماعية هي وحدتها الاجتماعية والسياسية والإيديولوجية. كذلك تتميزالعلاقة بين الأمم الاشتراكية بالصداقة والتعاون والمساعدة المتبادلة الأخوية. وتُطوِّر الاشتراكية – بفضل الملكية العامة – اقتصادها الكلي على أساس متناسق قائم على التخطيط، وهو ما تستحيل ممارسته في ظل الرأسمالية. ويهدف تطور الإنتاج الاجتماعي وتحسينه إلى إشباع المتطلبات المادية والثقافية بدرجة أكثر اكتمالا. وتتأسس الحياة في المجتمع الاشتراكي على ديمقراطية عريقة تتضمن جذب الشعب العاملكله إلى الإدارة الفعالة للدولة. وتتضمن الديمقراطية الاشتراكية الحقوق الاجتماعية،من حق العمل والراحة والاستمتاع بوقت الفراغ والخدمات التعليمية والطبية المجانية،إلى الضمان في سن الشيخوخة والحقوق المتساوية بين المرأة والرجل، وحق المواطنةلجميع الأجناس والقوميات، والحريات السياسية – حرية الحديث وحرية الصحافة وحرية عقدالاجتماعات وحق التصويت والانتخاب. وتختلف الاشتراكية عن المرحلة الأعلى للشيوعيةبالدرجة الأدنى لنضج جميع جوانب الحياة الاجتماعية. فقوى الإنتاج في ظل الاشتراكيةلا تكون قد تطورت بعد بما فيه الكفاية لضمان فائض من المنتجات، ولا يكون العمل قدأصبح بعد ضرورة حيوية أولية لجميع أعضاء المجتمع. ولهذا السبب تتوزع الثروة المادية وفق مبدأ «من كل حسب قدرته، ولكل حسب عمله»، والثمرة الطبيعية لتطور الاشتراكية هي الشيوعية



    أنثروبولوجيا :- تعني باللغة اليونانية علم الإنسان ، وتدرس الأنثروبولوجيا نشأة الإنسان وتطوره وتميزه عن المجموعات الحيوانية ،كما أنها تقسم الجماعات الإنسانية إلى سلالات وفق أسس بيولوجية، وتدرس ثقافته ونشاطه.



    أيديولوجية:- هي ناتج عملية تكوين نسق فكري عام يفسر الطبيعة والمجتمع والفرد، ويحدد موقف فكري معين يربط الأفكار في مختلف الميادين الفكرية والسياسية والأخلاقية والفلسفية.



    أوتوقراطية :- مصطلح يطلق على الحكومة التي يرأسها شخص واحد، أو جماعة، أو حزب، لا يتقيد بدستور أو قانون، ويتمثل هذا الحكم في الاستبداد في إطلاق سلطات الفرد أو الحزب، وتوجد الأوتوقراطية في الأحزاب الفاشية أو الشبيهة بها، وتعني الكلمة باللاتينية الحكم الإلهي، أي أن وصول الشخص للحكم تم بموافقة إلهية، والاوتوقراطي هو الذي يحكم حكمًا مطلقًا ويقرر السياسة دون أية مساهمة من الجماعة، وتختلف الاوتوقراطية عن الديكتاتورية من حيث أن السلطة في الأوتوقراطية تخضع لولاء الرعية، بينما في الدكتاتورية فإن المحكومين يخضعون للسلطة بدافع الخوف وحده.



    بروسترايكا :- هي عملية إعادة البناء في الاتحاد السوفيتي التي تولاها ميخائيل جورباتشوف وتشمل جميع النواحي في الاتحاد السوفيتي ، وقد سخر الحزب الشيوعي الحاكم لتحقيقها ، وهي تفكير وسياسة جديدة للاتحاد السوفيتي ونظرته للعالم ، وقد أدت تلك السياسة إلى اتخاذ مواقف غير متشددة تجاه بعض القضايا الدولية ، كما أنها اتسمت بالليونة والتخلي عن السياسات المتشددة للحزب الشيوعي السوفيتي .





    بروليتاريا : - مصطلح سياسي يُطلق على طبقة العمال الأجراء الذين يشتغلون في الإنتاج الصناعي ومصدر دخلهم هو بيع ما يملكون من قوة العمل، وبهذا فهم يبيعون أنفسهم كأي سلعة تجارية.

    وهذه الطبقة تعاني من الفقر نتيجة الاستغلال الرأسمالي لها، ولأنها هي التي تتأثر من غيرها بحالات الكساد والأزمات الدورية، وتتحمل هذه الطبقة جميع أعباء المجتمع دون التمتع بمميزات متكافئة لجهودها. وحسب المفهوم الماركسي فإن هذه الطبقة تجد نفسها مضطرة لتوحيد مواقفها ليصبح لها دور أكبر في المجتمع.



    تعددية :- مذهب ليبرالي يرى أن المجتمع يتكون من روابط سياسية وغير سياسية متعددة، لها مصالح مشروعة متفرقة، وأن هذا التعدد يمنع تمركز الحكم ، ويساعد على تحقيق المشاركة وتوزيع المنافع.



    ثيوقراطية :- نظام يستند إلى أفكار دينية مسيحية ويهودية ، وتعني الحكم بموجب الحق الإلهي ! ، وقد ظهر هذا النظام في العصور الوسطى في أوروبا على هيئة الدول الدينية التي تميزت بالتعصب الديني وكبت الحريات السياسية والاجتماعية ، ونتج عن ذلك مجتمعات متخلفة مستبدة سميت بالعصور المظلمة.



    ديماغوجية :- كلمة يونانية مشتقة من كلمة (ديموس)، وتعني الشعب، و(غوجية) وتعني العمل، أما معناها السياسي فيعني مجموعة الأساليب التي يتبعها السياسيون لخداع الشعب وإغراءه ظاهرياً للوصول للسلطة وخدمة مصالحهم.



    رأسمالية :- الرأسمالية نظام اجتماعي اقتصادي تُطلق فيه حرية الفرد في المجتمع السياسي، للبحث وراء مصالحه الاقتصادية والمالية بهدف تحقيق أكبر ربح شخصي ممكن، وبوسائل مختلفة تتعارض في الغالب مع مصلحة الغالبية الساحقة في المجتمع... وبمعنى آخر : إن الفرد في ظل النظام الرأسمالي يتمتع بقدر وافر من الحرية في اختيار ما يراه مناسباً من الأعمال الاقتصادية الاستثمارية وبالطريقة التي يحددها من أجل تأمين رغباته وإرضاء جشعه، لهذا ارتبط النظام الرأسمالي بالحرية الاقتصادية أو ما يعرف بالنظام الاقتصادي الحر، وأحياناً يخلي الميدان نهائياً لتنافس الأفراد وتكالبهم على جمع الثروات عن طريق سوء استعمال الحرية التي أباحها النظام الرأسمالي.



    رجعية :- مصطلح سياسي اجتماعي يدل على التيارات المعارضة للمفاهيم التقدمية الحديثة وذلك عن طريق التمسك بالتقاليد الموروثة، ويرتبط هذا المفهوم بالاتجاه اليميني المتعصب المعارض للتطورات الاجتماعية السياسية والاقتصادية إما من مواقع طبقية أو لتمسك موهوم بالتقاليد، وهي حركة تسعى إلى التشبث بالماضي؛ لأنه يمثل مصالح قطاعات خاصة من الشعب على حساب الصالح العام. ( وقد استورد المنافقون هذا المصطلح من الغرب وحاولوا إلصاقه بأهل الإسلام ! الداعين إلى تحكيم الكتاب والسنة



    فاشية : نظام فكري وأيديولوجي عنصري يقوم على تمجيد الفرد على حساب اضطهاد جماعي للشعوب، والفاشية تتمثل بسيطرة فئة دكتاتورية ضعيفة على مقدرات الأمة ككل، طريقها في ذلك العنف وسفك الدماء والحقد على حركة الشعب وحريته، والطراز الأوروبي يتمثل بنظام هتلر وفرانكو وموسيليني، وهناك عشرات التنظيمات الفاشية التي ما تزال موجودة حتى الآن ، وهي حالياً تجد صداها عند عصابات متعددة في العالم الثالث، واشتق اسم الفاشية من لفظ فاشيو الإيطالي ويعني حزمة من القضبان استخدمت رمزاً رومانياً يعني الوحدة والقوة، كما أنها تعني الجماعة التي انفصلت عن الحزب الاشتراكي الإيطالي بعد الحرب بزعامة موسيليني الذي يعتبر أول من نادى بالفاشية كمذهب سياسي.



    شوفينية :- مصطلح سياسي من أصل فرنسي يرمز إلى التعصب القومي المتطرف، وتطور معنى المصطلح للدلالة على التعصب القومي الأعمى والعداء للأجانب، كما استخدم المصطلح لوصم الأفكار الفاشية والنازية في أوروبا، ويُنسب المصطلح إلى جندي فرنسي اسمه نيقولا شوفان حارب تحت قيادة نابليون وكان يُضرب به المثل لتعصبه لوطنه.

    غيفارية :- نظرية سياسية يسارية نشأت في كوبا وانتشرت منها إلى كافة دول أمريكا اللاتينية، مؤسسها هو ارنتسوتشي غيفارا أحد أبرز قادة الثورة الكوبية، وهي نظرية أشد تماسكاً من الشيوعية، وتؤيد العنف الثوري ، وتركز على دور الفرد في مسار التاريخ، وهي تعتبر الإمبريالية الأمريكية العدو الرئيس للشعوب، وترفض الغيفارية استلام السلطة سلمياً وتركز على الكفاح المسلح وتتبنى النظريات الاشتراكية.



    كونفدرالية :- يُطلق على الكونفدرالية اسم الاتحاد التعاهدي أو الاستقلالي ؛ حيث تُبرم اتفاقيات بين عدة دول تهدف لتنظيم بعض الأهداف المشتركة بينها ؛ كالدفاع وتنسيق الشؤون الاقتصادية والثقافية ، وإقامة هيئة مشتركة تتولى تنسيق هذه الأهداف ، كما تحتفظ كل دولة من هذه الدول بشخصيتها القانونية وسيادتها الخارجية والداخلية ، ولكل منها رئيسها الخاص بها .



    مبدأ أيزنهاور:- أعلنه الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور في الخامس من يناير عام 1957م ضمن رسالة وجهها للكونجرس في سياق خطابه السنوي الذي ركز فيه على أهمية سد الفراغ السياسي الذي نتج في المنطقة العربية بعد انسحاب بريطانيا منها، وطالب الكونجرس بتفويض الإدارة الأمريكية بتقديم مساعدات عسكرية للدول التي تحتاجها للدفاع عن أمنها ضد الأخطار الشيوعية، وهو بذلك يرمي إلى عدم المواجهة المباشرة مع السوفيت وخلق المبررات، بل إناطة مهمة مقاومة النفوذ والتسلل السوفيتي إلى المناطق الحيوية بالنسبة للأمن الغربي بالدول المعنية الصديقة للولايات المتحدة عن طريق تزويدها بأسباب القوة لمقاومة الشيوعية ، وكذلك دعم تلك الدول اقتصادياً حتى لا تؤدي الأوضاع الاقتصادية السيئة إلى تنامي الأفكار الشيوعية ولاقى هذا المبدأ معارضة في بعض الدول العربية بدعوى أنه سيؤدي إلى ضرب العالم العربي في النهاية، عن طريق تقسيم الدول العربية إلى فريقين متضاربين : أحدهما مؤيد للشيوعية والآخر خاضع للهيمنة الغربية. .



    يسار - يمين :- اصطلاحان استخدما في البرلمان البريطاني، حيث كان يجلس المؤيدون للسلطة في اليمين ، والمعارضون في اليسار ؛ فأصبح يُطلق على المعارضين للسلطة لقب اليسار، وتطور الاصطلاحان نظراً لتطور الأوضاع السياسية في دول العالم ؛ حيث أصبح يُطلق اليمين على الداعين للمحافظة على الأوضاع القائمة، ومصطلح اليسار على المطالبين بعمل تغييرات جذرية، ومن ثم تطور مفهوم المصطلحان إلى أن شاع استخدام مصطلح اليسار للدلالة على الاتجاهات الثورية ، واليمين للدلالة على الاتجاهات المحافظة، والاتجاهات التي لها صبغة دينية.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 11:04 am