منتدى الرياضي للعمل النقابي

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى يهتم بمستجدات العمل السياسي والنقابي محاولا رسم صورة مغايرة على ما عليه الوضع الان


2 مشترك

    حزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي بعيون الاخرين

    avatar
    عم عبده


    عدد المساهمات : 325
    تاريخ التسجيل : 26/04/2012

    حزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي بعيون الاخرين Empty حزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي بعيون الاخرين

    مُساهمة من طرف عم عبده الجمعة يونيو 22, 2012 1:47 am



    حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، من أين والى أين؟


    أيار (مايو) 2007
    المناضل-ة عدد: 16

    رفيق الرامي



    « حزب الطليعة حزب نخرت عظامه، وناكص ومعزول سياسيا، ومضبب الرؤية، ومتراجع تنظيميا إلى أسوأ حالاته. وهيئات القرار فيه، عكس ما تنص أنظمته لا تمارس صلاحياتها. وتأثيره في النقابات العمالية محدود جدا، أصبح شبه منعدم الوجود، وكثرت الانسحابات، وضعف تأثيره في المنظمات الجماهيرية ،و ما سمي بالمؤتمر الخامس لا يستحق إلا النسيان لأنه شكل قفزة واضحة نحو المجهول.»




    هذه توصيفات تخللت تقييم مناضل ساهم في بناء التجربة، يصف الحالة من داخل، ويسعى لتحليلها حرصا على مستقبل الحزب، متمسكا بالمشروع الاشتراكي وما يستدعيه من أدوات نضال. كان ذلك في مقالات نشرها محمد الخباشي بعنوان «حزب الطليعة، شمعة في مهل الريح» بموقع الحوار المتمدن بانترنت في أكتوبر 2005.
    كان واضع تلك الحصيلة المؤسية، التي قد يتفق مع بعض عناصرها حتى الملاحظ خارج الحزب، من كوادر حزب الطليعة الشابة، وعضوا بالمجلس الوطني، ثاني هيئة قرار بعد المؤتمر، وعضوا بقيادة شبيبة الحزب، وبهيئة تحرير جريدته، وباللجنة التحضيرية للمؤتمر الخامس.
    لا شك أن الاستياء من حالة هذا الحزب هو موقف كل مناضل صادق داخله، و ولا ريب أيضا أن الحسرة على ما انتهت إليه تلك التجربة التي عمرت أكثر من ربع قرن هو شعور كل مناضل منتسب إلى قضية تحرر الطبقة العاملة، لأنها تجربة استهلكت أعدادا من قوى النضال الفتية، جرى استقطابها بشعارات بناء الأداة الثورية، حزب الطبقة العاملة، والانتساب إلى تراث نضالي جذري.
    إنها خسارة لقضية تحرر كادحي المغرب، تستوجب الفهم، ومد جسور النقاش الرفاقي مع مناضلي تلك التجربة ، سواء الذين يواصلون تبنيها على أمل إصلاحها، أو من ابتعدوا عنها تنظيميا مع الوفاء لُمثل النضال العمالي التي حدت بهم إلى الإسهام فيها.
    ان النقاش الفكري والسياسي ضرورة ملحة لتطوير الحالة اليسارية الجذرية القائمة ببلدنا، هذه الحالة التي صمدت رغم الإخفاقات العديدة لكن أقساما منها مهددة بالانقراض ما لم تبلور الإجابات التي يستدعيها نضال الكادحين.
    هذا النقاش هو غاية وجهة النظر التالية التي تسعى الى إيضاح طبيعة التيار الذي أفضى إلى حزب الطليعة بإلقاء أضواء تاريخية على مساره وبنقاش خطه السياسي.
    ==
    لا يمكن تحليل ما يميز حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي ولا فهم مضامين خطابه دون العودة إلى الأصول الشعوبية للرحم الذي خرج منه، أي الحركة الاتحادية وتحولاتها ارتباطا مع الحياة السياسية بالمغرب .
    1 ) الحركة الاتحادية: يسار حركة وطنية برجوازية
    تمكنت البرجوازية المعادية للاستعمار ، ممثلة في حزب الاستقلال ، من الانفراد بقيادة نضال التحرر الوطني بفعل موقف الحزب الشيوعي المغربي من مسألة تحرير المغرب . هذا الموقف الذي كان محكوما بتخلي الحزب الشيوعي الفرنسي ، تحت هيمنة الستالينية ، عن السياسة اللينينية في مسألة المستعمرات . وكان من مستتبعات هذا الموقف المباشرة توجه الجماهير العمالية ، والكداحة بوجه عام ، صوب حزب الاستقلال فاكسبه ذلك قاعدة شعبية واسعة . وبعد ثلاث سنوات من تحول السيطرة الاستعمارية الى شكلها غير المباشر انسلخ قسم من هذه القاعدة الجماهيرية ليكون مع مناضلين من منظمات المقاومة المسلحة بالمدن وجيش التحرير بالأرياف و أطر النقابة العمالية حركة شعبوية جماهيرية كانت اكبر قوة سياسية يسارية شهدها تاريخ المغرب لكنها ضعيفة الانسجام الاجتماعي و الوضوح الفكري والسياسي : الاتحاد الوطني للقوات الشعبية . ويمكن إجمال خصائص هذه الحركة في :
    حركة متعددة الطبقات (القوات الشعبية): اذ شملت سواء من حيث التأطير او دائرة التأثير :

    مثقفي البرجوازية الراديكاليين

    كادحي المناطق القروية التي استوطنها جيش التحرير

    القواعد العمالية للاتحاد المغربي للشغل .
    فئات شعبية من أشباه البرولتاريا وتجار صغار وحرفيين ومنفصلين طبقيا
    قيادة بورجوازية / برجوازية صغيرة ، منها قسم من قيادة حزب الاستقلال نفسه و أطر المقاومة وجيش التحرير وبيروقراطية المنظمة النقابية .
    ج) إيديولوجيا وطنية معادية للاستعمار وذات طلاء اشتراكي تمتزج فيها تأثيرات ناصرية وبعثية وماركسية .
    لم تتمكن هذه الحركة من استلام السلطة، الا ان موازين القوى مكنتها لفترة وجيزة من المشاركة في الحكومة برئاسة أحد قادة الحزب ( عبد الله إبراهيم ) مشاركة ساهمت في توضيح مضامين برنامج الشعبوية. فالخطة الخماسية 1960-1964 التي أعدت في تلك الفترة سعت الى " تعبئة كل الوسائل الكفيلة بضمان استقلال البلد ونموه اعتمادا على قواه الذاتية " وتمحورت توجهاتها الأساسية حول :

    بناء قاعدة صناعية وتدخل الدولة المباشر لتصنيع البلد ليس بإلغاء دور الرأسمال المحلي بل بإعداد الإطار المواتي لتراكمه .

    إصلاحات لاجل توسع الزراعة واصلاح البنيات الزراعية وشروط الاستغلال

    إعداد قوة العمل ذات كفاءة : التكوين المهني وتعميم التعليم

    إصلاح البنيات الإدارية
    ومن تجليات الطابع الشعبوي للحركة ، في الفترة ذاتها ، ما حصلت عليه الجماهير العمالية من تنازلات اقتصادية واجتماعية كان في مقدمتها : الضمان الاجتماعي والحد الأدنى للأجور والسلم المتحرك للأجور والأسعار والاتفاقات الجماعية وقانون عمال المناجم .
    وتوهمت الحركة الشعبوية إمكان إنجاز برنامجها في إطار ملكية دستورية مطالبة بانتخاب جمعية تأسيسية لاقامة هذه الملكية . بيد ان مطامحها الدستورية اصطدمت برفض الاتوقراطية التي اجتهدت لإرساء دعائم استبدادها عبر توثيق روابطها بالإمبريالية .
    في السنوات الأولى للاستقلال الشكلي تعاونت بورجوازية حزب الاستقلال مع الملكية في سعيها لتمويه الطابع المطلق لحكمها بينما استغرق الحزب الشيوعي بفعل ستالينيته اليمينية في خمول افقده أي تأثير .
    هكذا أضحت الحركة الشعبوية، التي استقطبت السخط الجماهيري على ثمار الاستقلال ، الطرف السياسي الوحيد الذي يفزع الملكية فعملت على إبطال مفعولها عبر :
    تحطيم الجناح الراديكالي بقمع المناضلين الذي جاءوا من منظمات المقاومة وجيش التحرير ( اعتقالات ومحاكمات بداية الستينات ) واغتيال المهدي بنبركة لتغدو الحركة دون رأس .
    إفساد بيروقراطية الاتحاد المغربي للشغل بإغداق الامتيازات عليها واحتضانها .
    وقد ساهمت تناقضات الحركة الشعبوية نفسها في تيسير هزمها من قبل الاتوقراطية اذ كانت موزعة بين من يرون في المساومات سبيلا لدمقرطة النظام ( بوعبيد ومن معه ) ومن حاولوا اعتماد الإرهاب المفصول عن صراع الطبقات لإطاحة الملكية (البصري ) . هذا علاوة على تنازع الهيمنة على حركة العمال الجنينية بين أطراف من الحركة الشعبوية لا يخدم ايا منها مصالح الطبقة العاملة : بيروقراطية النقابة ومثقفي البرجوازية الراديكاليون
    وسيفضي هذا التنازع الى فصل النقابة العمالية عن الحزب الشعبوي . وكانت الضربة القاضية على الجناح الثوري في الشعبوية المغربية هي فشل محاولاتها تنظيم كفاح مسلح في نهاية العقد السادس وبداية السابع ( مناضلو محاكمة مراكش وحركة 3 مارس ) وما تلاها من قمع ( محاكمات و اعدامات 73-74 )
    هكذا بعد 15 سنة من وجودها فقدت الحركة الشعبوية قاعدتها العمالية وبتر جناحها الثوري وفسح النظام المجال للجناح اليميني لينبعث بقوة في ظل الوحدة الوطنية حول العرش . فعاد ما تبقى من الحركة الشعبوية الى الساحة السياسية سنة 1974 ( باسم الاتحاد الاشتراكي ) برضا ورعاية القصر مساهما في حملة هذا الأخير بصدد الصحراء ومؤديا دورا فعالا داخل مؤسسات تمويه الحكم المطلق .
    تجسد هذا المنعطف في تاريخ الشعبوية في المؤتمر الاستثنائي ( يناير1975) [1] الذي كان خطوة اولى نحو الوضوح الففكري والسياسي بصدور صياغة أوضح لمطالب الإصلاح الاجتماعي والسياسي . الا انه كلحظة انتقالية وتجنبا لاي اعتراض داخلي محتمل ، حافظ على بعض أوجه الخطاب الشعبوي وعلى شعار " الاشتراكية العلمية كمنهجية تحليل وكهدف " وهي اشتراكية لا تتجاوز تصنيع البلد وتوسيع القطاع المؤمم وتحكم الدولة في التجارة الخارجية وتحديث نظام الملكية السياسي .
    وكان الموقف من سلطة العمال في مرحلة الانتقال إلى الاشتراكية ( دكتاتورية البروليتاريا) كاشفا لطبيعة تلك الاشتراكية .

    ارتمى الاتحاد الاشتراكي جسدا وروحا في حملة الملك لضم الصحراء ولم يدخر جهدا لتبرير كل خطواته، من تقتيل لجماهير الصحراء، واتفاقية مدريد بين نظام فرانكو والنظامين المغربي والموريتاني لضمان مصالح الأول وتوزيع الغنيمة بين الآخرين . كما شارك في نفس السياق في سعي النظام الى تمويه بطشه بانتخابات بلدية (نوفمبر 1976) وبرلمان ( يونيو 1977) سائرا في ذيل النظام باسم الوحدة الوطنية وتدعيم الجبهة الداخلية .
    هذه الوضعية السياسية وموقع الحزب منها ستساعده على تجديد بنيته باستقطاب فئات اجتماعية متباينة وتجعل منه قوة ذات دور كبير في الساحة الجماهيرية .
    ان الخط السياسي للحزب كمعارضة معتدلة سيجلب الأكاديميين والبرجوازيين الصغار من ذوي المهن الحرة ، خاصة المحامين، بكثرة ويساهم كل هؤلاء من جهتهم في تعميق الخط الإصلاحي الليبرالي ونفض ما تبقى من ميول راديكالية شعبوية .
    انفتاح 74-75 كان ثغرة في دياجير الاتوقراطية جعلت الجماهير تبدي اهتماما بالشأن السياسي فاتجهت صوب الاتحاد الاشتراكي باعتباره القوة السياسية الشرعية الوحيدة في الساحة ذات ماض " معارض " للحكم المطلق فمنحته أصواتها في انتخابات 76-77 خاصة بالمدن .
    كان تبقرط الاتحاد المغربي للشغل حقا اريد به باطل، اذ دعا الاتحاد الاشتراكي، مستغلا تجميد البيروقراطية للاتحاد النقابي، الى كسر وحدة العمال النقابية بتأسيس اتحاد بديل .
    وقد تزامن الرد العمالي على الهجوم البرجوازي ( تقشف ميزانية 78-80) مع هذه المبادرة فحفزها لتتوج بتأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل . وبهذا مدد الحزب تأثيره الى فئات من الطبقة العاملة خاصة مستخدمي الإدارات والخدمات العمومية .
    في نفس الحقبة عاد نضال الطلاب ليفرض رفع المنع عن نقابتهم واستفاد الاتحاد الاشتراكي من توافد أفواج من المناضلين الطلاب عليه ومن هيمنته على قيادة الحركة .
    جددت هذه السيرورة بنية الحزب دون ان تضفي عليه طابع الانسجام ووفرت للمناضلين ذوي الحنين الى الشعبوية تربة مواتية في الذهنية الرافضة التي بدأت بالتكون داخل الحزب عبر انتقادات جزئية ومبعثرة سواء في موضوعها او توقيتها : وكان أهمها :

    رفض مواقف الحزب من مهزلة الانتخابات وسير عمل المؤسسات التمثيلية المنبثقة عنها
    الاحتجاج على استشراء الوصولية والفساد داخل الحزب واندماجه المتزايد بجهاز الدولة
    استياء من مواقف الحزب من إرسال الملك للجيش الى زايير لقمع ثوار شابا
    رفض علاقة الحزب بالأممية الاشتراكية لوجود حزب العمل الإسرائيلي بها ( فقط !)
    تغذى التيار النقدي ، المتشبث بغموض الماضي ، من هذا التذمر لكنه لم يشكل عقبة أمام المزيد من تدحرج الحزب الى اليمين وبلورة أوضح لخطه السياسي الليبرالي .
    وفعلا كان المؤتمر الثالث ( دجنبر 1978) نهاية للإبهام الذي فرضته على الحزب ضرورات منعطف 1975 : الربط بين الشعبوية القديمة والطموح الى ضرب من " الاشتراكية الديمقراطية " . فقد ألقى هذا المؤتمر الضوء الكافي على شعار الحزب ( التحرير –الديمقراطية – الاشتراكية ) فبعد ان واخذ "الطبقات المحظوظة " ، كما يسميها ، على عجزها عن التحول الى بورجوازية وطنية حقيقية وتفضيلها مصالحها الآنية، تكلف بالنيابة عنها في بناء " الدولة الوطنية الديمقراطية " . وليس بناء تلك الدولة ،الذي كان شعار برنامج المؤتمر الثالث ، اكثر من الوهمين التاليين :
    اقتصاد رأسمالي مستقل يقوم فيه القطاع العام بدور القاطرة والموجه للقطاع الخاص وهذا ما يسميه الاشتراكية .
    تحديث الملكية بإسنادها الى مؤسسات وجعل الملك " حكما فوق الطبقات والأحزاب " وهذا ما يسميه بالديمقراطية
    اما التحرير فهو مجاراة النظام في سياسته بشأن الصحراء او المزايدة عليه في الوطنية .
    شهدت الفترة الفاصلة بين المؤتمر الثالث ومايو 1983 اشتداد صراع التيار النقدي مع قيادة الحزب تم وضع حد له بفصل المنتقدين .
    ورغم ان هذه الفترة شهدت صعود النضالات النقابية فان هذا لم يكن له أي اثر مباشر على نمو التيار النقدي فهو لم يظهر كتوجه داخل الحركة العمالية، بينما كان للنهوض في الساحة الطلابية أهمية اكبر حيث سمح باتساع تأثيره لدرجة بدا فيها الصراع مع الاتجاه السائد صراعا من طرف شبيبة الحزب . ومنذ بداية الصراع المفتوح سنة 1979 اقتصر على انتقادات جزئية وانطباعية ليست كلا قابلا ليكون بديلا عن الخط الرسمي للحزب . وابرز ما شملته تلك الانتقادات :
    ممارسة مسؤولي الحزب ممن افسدهم مؤسسات ديمقراطية المخزن .
    عدد من مواقف الحزب من قضايا السياسة العالمية لاسيما حرب العراق على إيران .
    استفتاء 23 ماي 1980 ( يحدد سن رشد الملك في 16 سنة )
    المطالبة بسحب نواب الحزب من المجالس المحلية والبرلمان
    كانت هذه المسألة الأخيرة محور المشادات الى غاية حسم الصراع في مايو 83 .
    وبعد ذلك أوغل الاتجاه البوعبيدي في سياسته متدحرجا الى حضن النظام لنجدته، خاصة ان الحقبة طبعت بتفاقم الديون والازمة الاقتصادية متزايدة الصعوبة والوضع الاجتماعي المنذر بالانفجار .
    أسدى هذا الاتجاه خدمات للحكم أملا في ترميمه وظل يستجدى البرجوازية لاستتباب واستقرار النظام محاولا إيهام الكادحين بوحدة المصالح مع الاتوقراطية .
    استكمل مؤتمرا الاتحاد الاشتراكي الرابع (1984) والخامس (1989) سيرورة اتضاح هوية الحزب السياسية :"اشتراكية ديمقراطية" منسجمة مع سلطة الملك أي إصلاحية ليبرالية مدجنة .
    إزاء هذه السيرورة التاريخية من تفكك الحركة الشعبوية ظل المناضلون النقديون متمسكين بمرحلة من تاريخها لم تكن سوى محطة انتقالية متوهمين انهم بذلك سيبنون الحزب الثوري .
    وبعد ازيد من ثماني سنوات من الوجود خارج الاتحاد الاشتراكي استقلوا عنه بالاسم : حزب الطليعة دون الاستقلال عنه فعلا اذ يؤكدون الانتساب الى تراث الحزب وبرنامجه .
    2) حزب الطليعة : بلبلة فكرية وسياسية

    أثار ظهور تيار اليسار في الاتحاد الاشتراكي منذ نهاية السبعينات اهتمام المناضلين الثوريين لعوامل عدة :

    بروزه في سياق أزمة الحركة الماركسية اللينينية

    إعلانه تبني الاشتراكية العلمية ومواقفه النقدية من لعبة النظام الديمقراطية

    وجوده داخل حزب له هيمنة في الساحة الجماهيرية ( الكونفدرالية واتحاد الطلبة … )
    الا أن الأزمة الحادة التي تخبطت فيها الحركة الماركسية اللينينية جعلتها عاجزة عن التأثير على نحو إيجابي في مناضلي اليسار الاتحادي . واقتصرت العلاقات بين تيار "القاعديين" و تيار "رفاق الشهداء" في الساحة الطلابية على قضايا هذه الساحة دون طرح إشكالية بناء الحزب الثوري على بساط النقاش. هذا فضلا على عصبوية اليسار الاتحادي التي يلخصها اعتباره لنفسه " استمرارا لحركة التحرير الشعبية " .
    لم يدع هذا التيار أبدا انه بديل عن الاتحاد الاشتراكي بل انطلق دوما من تراثه مدافعا عنه بوجه " خيانة قياداته اليمينية " .ان الاتجاه السائد في الحزب هو الذي تطور نحو اليمين اكثر مما اتجه المنتقدون نحو اليسار .كل هذا جعل هذا التيار طرفا مكملا للاتحاد الاشتراكي يستمد جذوره من نقد سطحي لمواقف هذا الحزب أي مجرد ظل على يساره . ويمكن إجمال تميز الظل عن الأصل في :
    اولا : تبني الاشتراكية العلمية
    ثانيا: بناء الحزب الثوري استنادا على الرصيد النضالي
    ثالثا: الانسحاب من المؤسسات التمثيلية ومقاطعتها

    أولا: الاشتراكية العلمية

    ورد تعبير الاشتراكية العلمية باستمرار خلال مسيرة الحزب منذ بداياته الشعبوية لكن دون مضمون واحد محدد . فقد جاء في وثيقة الاختيار الثوري لبنبركة بمضامين وطنية شعبوية لا تتجاوز إنجاز مهام التحرر الوطني . ثم عاد ليطفو بنبرة ماركسية في سياق تمركس أحزاب البرجوازية الصغيرة في المنطقة العربية بعد هزيمة 1967 . ( آنذاك انشقت حركة 23 مارس )
    وفي المؤتمر الاستثنائي حافظ تيار بوعبيد على التعبير للتحرر دون مشاق من الشعبوية والانتقال تدريجيا الى خط ليبرالي .
    لم تتجاوز اشتراكية اليسار الاتحادي أبجدية التحليل الطبقي ، موسوم بتبسيطية مفرطة ، دون ان يكلف نفسه عناء تمييزها عن اشتراكية علي يعته العلمية هي الأخرى وباقي أنواع "الاشتراكيات العلمية" في الساحة السياسية المغربية . ولم تأت وثيقة المؤتمر الرابع لحزب الطليعة (1993) بجديد رغم الأسئلة الكبرى التي طرحها انهيار الأنظمة البيروقراطية على كل منتسب الى الاشتراكية . ودون تقديم أي تفسير طبقي ، بل فتات أفكار منتقاة دون تماسك. ادعت الوثيقة ان "حزبنا كان له في الماضي نظرة واعية ونقدية حول طبيعة تلك الأنظمة" . ورغم فك ارتباطه بالاتحاد الاشتراكي لم يوضح حزب الطليعة موقفا من ديكتاتورية البروليتاريا وشكل السلطة العمالية ، هذه المسألة الأساسية التي رسمت حدا فاصلا بين الماركسية الثورية وشتى تنويعات الإصلاحية ، ومع ذلك لا يجد الطليعيون حرجا في ادعاء تبني الماركسية .
    ورغم الوعد بـ" توضيح اختيار الحزب للاشتراكية العلمية " و " القضاء على كل انواع التحريفات والانتقائية الى سقط فيها التقرير الأيديولوجي للاتحاد الاشتراكي" اكتفت الوثيقة المذكورة بالإسهاب في ترديد السجال السطحي السابق مع الاتحاد الاشتراكي حول تبني الاشتراكية العلمية ( وثيقة خط النضال الديمقراطي والخط الانتخابي-1982 ).
    ولا طائل من البحث لدى حزب الطليعة عن إجابة على مسألة طبيعة الثورة بالمغرب حيث تتداخل المهام الديمقراطية والمهام الاشتراكية ، فبلبلته الفكرية لم تسمح بعد حتى بطرح السؤال .

    ثانيا : مسألة بناء الحزب الثوري :

    ظل اليسار الاتحادي متمسكا بفكرة تثوير الحزب الشعبوي وبعد تفكك هذا الأخير وتشكل حزب ليبرالي على أنقاضه أصروا على تثويره هو الآخر. وبعد ان أدوا ثمن أوهامهم ما زالوا مصرين على بناء حزب ثوري بأفكار ليست غير حطام إفلاس الشعبوية والإصلاحية الليبرالية .
    ويسد اليسار الاتحادي على غيره باب العمل على بناء الحزب الثوري بمبرر انفراده برصيد نضالي يؤهله لتلك المهمة التاريخية (استمرار حركة التحرير الشعبية).
    المقصود بالرصيد النضالي تلك التجارب التي خاضها الشعبويون الراديكاليون في تنظيم أعمال مسلحة بمعزل عن الحركة الجماهيرية . وهي التجربة التي لم ينتقدها بعد حزب الطليعة نقدا ماركسيا مكتفيا بتلميحات مبهمة حول الانقلابية ، متعاملا بانتهازية مع تراث الحزب : استعماله لكسب تعاطف الشباب التواق الى النضال بديلا عن نظرية وخط سياسي ثوريين .
    لقد جرى إهدار طاقات كثيرة جريا وراء وهم التثوير منذ مذكرة عمر بنجلون سنة 1965 الداعية الى "تحويل الحركة من تيار شعبي مائع الى حزب ثوري منظم حسب المقاييس العلمية التي برهنت التجربة العالمية على صحتها " إذ أنها اختزلت بناء الحزب الثوري في تطبيق وصفات تقنية وبالأخص خلايا المنشآت والمركزية الديمقراطية ، هذا علما ان فهم حزب الطليعة لهذه الأخيرة ظل أسير المفاهيم الستالينية .

    ثالثا : الانسحاب من المؤسسات التمثيلية ومقاطعتها

    كان التمسك بالمطالبة بتنفيذ قرار اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي سنة 1979 بالانسحاب من البرلمان والمجالس المحلية المسألة التي تمحور عليها الصراع بين التيار المسيطر في قيادة الحزب والتيار اليساري .
    ورغم الضجة التي أثارها اليسار الاتحادي بصدد هذا الأمر فانه يفتقر الى رؤية مغايرة لاستراتيجية الحزب الإصلاحي البرجوازي . فكل ما يقوله هذا التيار بشأن ارتباط الديمقراطية بالاشتراكية هو نفس الخط الليبرالي الوارد في أدبيات مؤتمر 1975 . وأقصى ما بلغته مواقفه هو التلميح أحيانا الى مقررات المؤتمر الثالث التي نادت بتحويل الملكية الرئاسية الى برلمانية يحوم فيها الملك فوق الأحزاب والطبقات . هذا المطلب رفعه الاتحاد الاشتراكي آنذاك فواجهته الاتوقراطية برفض صارم ( منعت حتى نشر نص بيان المؤتمر ) فسكت عنه وتبناه تيار اليسار قبل ان يتطور موقفه نحو شعار الجمعية التأسيسية لكن خارج أي منظور استراتيجي للثورة المغربية . فقد كانت الجمعية التأسيسية شعار الحركة الشعبوية في السنوات الأولى للاستقلال حتى بداية سنوات 70 ( بيان 8 أكتوبر 1972 ) ، ومن منظور بورجوازي محض ، ومن ثمة استمده حزب الطليعة وليس من فهم إجمالي للمهام الديمقراطية ولطبيعة المطالب اللازمة لقيادة الشغيلة والكادحين كافة نحو إطاحة سلطة الرأسمال واقامة سلطتهم المجالسية .
    ان عدم استناد اليسار الاتحادي على نظرية محددة وتعويضها بانتقائية سطحية جعلته يسير في مسألة الديمقراطية في ذيل الأحزاب البرجوازية ناسخا فقرات من برنامجها : فصل السلطات ، مراجعة الدستور ، حكومة منبثقة من البرلمان ، الخ
    وقد اختص حزب الطليعة في مقاطعة الانتخابات معتقدا بثورية ذلك الموقف . لكنها مقاطعة لا تتجاوز دعوة الجماهير الى الاستنكاف السلبي ، استنادا الى اعتبارات غير ماركسية بأي وجه . فمتى كان مبرر التزوير حجة لدى الماركسيين الثوريين لمقاطعة الانتخابات ؟ ألم يشارك البلاشفة في اشد البرلمانات رجعية وتزويرا ؟ أيجهل الطليعيون أن الانتخاب الى دوما القيصر كان يتم بتزوير مكرس بالقانون دون أن يمنع ذلك الثوريين من المشاركة فيها عندما يشهد نضال الجماهير جزرا .
    بدل تحليل الشروط التاريخية ، وبالأخص شروط النضال ، يحلو للناطق الرسمي باسم حزب الطليعة ان يردد : "الأحداث ما فتئت تؤكد صحة تحاليل حزب الطليعة وسلامة مواقفه الداعية الى مقاطعة مسلسل التزوير جملة وتفصيلا ." ويصر على مقاطعتها مستقبلا موضحا " سبب المقاطعة هو الاقتناع ان الانتخابات ستكون مزورة " احمد بنجلون لجريدة العمل الديمقراطي 14 نوفمبر 2001
    كما انفرد حزب الطليعة بالدعوة الى" جبهة وطنية للنضال من اجل الديمقراطية " و وجه الدعوة للاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية ، وربما حتى حزب الاستقلال ، دون أدنى تساؤل عن طبيعة تلك الأحزاب وحقيقة نزعتها الديمقراطية ، ولا عن الموقف الماركسي من المعارضة الليبرالية وشروط بناء قطب ديمقراطي .
    لم يكن لتلك الدعوة أي نتيجة، وظل الحزب على مواقفه حتى 2007 حيث قرر المشاركة في الانتخابات والتحالف مع مكونات من اليسار الإصلاحي ، الحزب الاشتراكي الموحد وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي.

    يتبع في العدد المقبل
    avatar
    عم عبده


    عدد المساهمات : 325
    تاريخ التسجيل : 26/04/2012

    حزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي بعيون الاخرين Empty رد: حزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي بعيون الاخرين

    مُساهمة من طرف عم عبده الجمعة يونيو 22, 2012 2:06 am

    ماذا عن الجهة؟ -2-

    علاقة بالتصور الآنف، نلمس أن الوضع بجهة الغرب الشراردة بني احسن، يكاد يكون منطبقا، حيث سيادة ثقافة الأضرحة و الأولياء و السادات و " المواسم " ثقافة االمهرجانات الفلكلورية ( و ما يوازيها من بدخ و ترف يتجاوز لغة الأزمة!!) و باختصار:" ثقافة الواجهة " و " الاستهلاك الخارجي " ، التي تسعى إلى :
    • تلميع الصورة القاتمة للأوضاع المزرية اجتماعيا و اقتصاديا.
    • الاستقطاب السياحي الفج و الرديء.
    • تسييد الفكر الاسترزاقي، الباحث عن الدعم و الإعانات أنى كان مصدرها ( الدولة ـ المساعدات و المنح الخارجية ـ مساهمات " الفاعلين ".. مع ما يتبع كل ذلك من ولاءات!!)
    • هدم البنى الأخلاقية بمفهومها الإنساني السامي ( انتشار الدعارة و دعمها، الترويج للإباحية الساقطة، الدفع في اتجاه تعاطي الشباب للمخدرات...)
    • إشاعة الفكر الظلامي الرجعي ( معارض الكتاب الإسلامي ذي الطروحات الماضوية ـ العمل الخيري بمفهومه الضيق و الهادف إلى الاستقطاب...)
    • تدجين ممنهج للجماهير/المواطنين الباحثين عن سبل الخلاص من رتابة اليومي.
    • تسليط روح الثقافة الرسمية المخزنية ( العودة إلى طقوس البذخ و الترف عند الاحتفالات الرسمية ببعض الأعياد الوطنية أو خلال المناسبات، و اعتبارها أعيادا شعبية للفرح و الحبور...).

    ماذا أنجزنا في المقابل؟

    فما كان التصور الحزبي إزاء كل هذه المظاهر؟
    للجواب عن هذا السؤال، نطرح أنفسنا أمام حصيلة نضالنا في الواجهة الثقافية بالجهة، و نجدنا أمام تجربة وحيدة، فريدة في العمل الجمعوي إلى حدود هذا التاريخ ( منذ المؤتمر الجهوي الرابع ) و هي: لاميجA.M.E.J فرع سيدي سليمان، حيث المحاولة ـ على علاتها و رغم العوائق و المثبطات ـ تبقى فتية و قابلة للتطوير، مع التأكيد ـ انطلاقا من تقارير الرفاق بالمدينة ـ على عنصر سلبي يسم التجربة، و يتجلى في تملص مناضلي التنظيمات السياسية التي نتقاطع معها الرؤية للهم الثقافي، من تحمل المسؤولية، مما يطرح أكثر من علامة استفهام، غير أن المبادئ الحزبية تجعلنا مطالبين برعاية الفرع، و مده بالأفكار و الطاقات درء لكل إجهاض و صونا للذات التنظيمية.
    غالبا ما نحصر أنفسنا في إحصائيات جامدة، و نعمل على تفكيكها، و في أحايين كثيرة نركن إليها و نصدقها تبعا لحالنا التنظيمي، بل إننا لا نسائلها السؤال الحق. فماذا يعني غياب دور الشباب؟ أو قلتها؟ أو عدم تجهيزها بالوسائل العصرية؟ أو نذرة المكونين العاملين بها؟ أو... حقا، إن فضاء دار الشباب مكان للتأطير، و المفروض فيه التوفر على الحدود الدنيا من بنيات الاستقبال و التجهيزات الأساسية...لكننا نحن ـ المناضلين الجذريين ـ الذين لا يسعون إليه و لا يستغلونه على الشكل المطلوب. فمن واجب الرفاق تحمل مسؤولياتهم في هذه الواجهة، و عدم التذرع بأسباب قد نتفق على وجاهتها، لكنها في العمق لا تحول دون الأداء النضالي، و لو بنسب متوسطة!

    ما العمل إذن؟

    فما العمل إذن إزاء الوضعية هاته؟
    لن نستحضر أجوبة جاهزة، لا و لن نحاول ركوب أمواج التنظير الذي قد يطوّح بنا إلى متاهات قصيّة، و لكن، سنحاول معالجة الإشكالية بالحلول الواقعية التي تبدو إلينا أقرب، حيث:
    • ضرورة استحضار الوضع الثقافي محليا أو جهويا ضمن جدول أعمالنا و لو مرة في الشهر ( الرصد و التتبع، سبل التصدي، طرق الإنجاز...)
    • الانخراط الواعي في تأسيس جمعيات ثقافية جادة، أو دعم تجارب محلية.
    • تفعيل الإطارات الجماهيرية ذات الصلة و الارتباط بقضايا و هموم الشباب.
    • الاستفادة من الإرث النضالي الذي تراكم عن تجارب سابقة ( فرع لاميج بالقنيطرة نموذجا ) مع العمل على تحصينها و تجاوز المنزلقات التي سارعت بإقبار الفرع.
    • الالتحام بمشاغل القطاع التّلميذي أولا، ثم الشّبيبي ثانيا، م دام أنهما المؤهلان بالجهة لتطعيم القطاع الطلاّبي.
    • محاولة التركيز على إنتاج الثقافة البديلة التي تنسجم و تصورات حزبنا في النضال عموما و على الواجهة الثقافية بالخصوص.
    • خلق أنشطة و أوراش تتجاوز المنظور التقليدي الكلاسيكي للعمل الجمعوي، حيث الإبداع يستجيب لتطلعات كل الفئات المستهدفة، و يتجاوب مع وجدانها.

    على سبيل الختم:

    لا يمكن أن نعتبر عملنا داخل الحقل الثقافي بالجهة أو بالفرع ترفا أو بحثا عن ملء الفراغ، و إنما تدفعنا إليه القناعة السياسية و الفكرية النضالية الملتزمة بقضايا الكادحين، تلك التي تستهدف تعميق الوعي بمتطلبات التغيير المنشود، من ثم، فانخراطنا ـ كمناضلين ـ في هذا الفعل الجماهيري محكوم بهاجس الإنسان/المواطن (المغربي) التوّاق إلى: التحرر، و الديمقراطية و الاشتراكية.



    تقرير حول التعليم

    يحظى التعليم في جميع أقطار العالم بأهمية بالغة نظرا لكونه قاطرة التنمية و دعامة أساسية لمسيرة النماء الإقتصادي و الإجتماعي، فهو أكثر المجالات تأثيرا على مستقبل المجتمعات البشرية ، فضعف مستوى التمدرس يشكل عائقا هاما في وجه أية محاولة لرسم خطة تنموية ما .
    فالنظام التعليمي كان و ما يزال بمثابة إفراز طبيعي للوضعــية السياسيـــة و الاقتصاديــة والاجتماعية
    و الثقافية للنظام السياسي القائم في كل بلد ، ومنسجما مع الإختيارات التي ينهجها هذا النظام،وهذه الاختيارات إما أن تكون هادفة إلى تحقيق التحرر والتنمية الشاملة و إما أن تعمل على تكريس واقع التخلف والإستغلال .
    فحزب الطليعة الديمقراطي الإشتراكي انطلاقا من اختياراته المذهبية و قناعاته الفكرية ، يعتبر قضية التربية والتكوين شأنا عاما ، أولاها ما تستحقه من عناية ، وقدم في شأنها العديد من الآراء والتصورات والمقترحات في مختلف المناسبات والمحطات النضالية التي خاضها ويخوضها شعبنا من أجل تحقيق سياسة تعليمية تحررية شعبية يعطى في إطارها لهذا القطاع الحيوي الإهتمام اللازم .

    * بعض مظاهر واقع التعليم بالمغرب :
    لقد سلك الحكم في هذا البلد ، منذ بداية الستينات ، نهجا لاشعبيا ولا ديمقراطيا على جميع الأصعدة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية أوصل هذا البلد إلى أزمة بنيوية عميقة و متعددة الأوجه والمظاهر ،وضمن هذا النهج أو هذه الإختيارات العامة سياسة تعليمية تهدف إلى اختزال واقع التعليم في شعارات براقة ،وترويض وتدجين المتعلم على قبوله بكل شروطه المعيشية المتدهــورة ،وتلقيـــنه
    « معارف » تجعل منه في المستقبل أداة طيعة في خدمة الطبقة السائدة .
    فقطاع التعليم في المغرب يعاني من أزمة ترجع إلى تراكمات سلبية عبر الزمن و بالأخص منذ الإستقلال الشكلي، حيث ورث المغرب نظامه التعليمي عن النظام التعليمي الإستعماري دون أية محاولة جادة (إذا استثنينا محاولات الحكومة الوطنية التي أجهضت في المهد) ،لإقامة مدرسة مغربية وطنية شعبية ديمقراطية هادفة إلى تكوين مواطن مثقف ،واع ، حر،مبدع وخلاق .
    كما عجزت المدرسة عن توظيف العلم و المعرفة للنهوض بالبلاد وكسر طوق التبعية و التخلف ،بل عجزت حتى على استيعاب أعداد الأطفال الذين يبلغون تباعا سن التمدرس ،وبالتالي أخفقت في القضاء على آفة الأمية .
    ونظرا لتفاقم الأزمة في هذا القطاع فقد كان مسرحا لعدة "إصلاحات" و"دراسات" وتكونت حوله لجن متعددة وعقدت عدة ندوات ومناظرات حول التعليم لم تر توصياتها النور،حيث غالبا ما كان يطبعها الإرتجال ،ودائما كانت ترجع أسباب الأزمة إلى أمور سطحية وواهية ولا يتم الوقوف عند جوهر المشكل وتشخيص مكامن الخلل و تحديد الأطراف المسؤولة عن هذه الاوضاع المأساوية التي وصل إليها هذا القطاع الحيوي الهام .
    لقد خضع نظامنا التعليمي لأكثر من 40 سنة لمجموعة من التجارب المستوردة الغريبة عن واقعنا ولإصلاحات عشوائية و قرارات مرتجلة ،لنجد أنفسنا في بداية القرن 21 عند نقطة الصفر، فلا تعميم فعلي تحقق خاصة بالوسط القروي و لا تعريب واضح وشامل ومبني على أسس علمية ، والفوارق في التعليم زادت هوتها في الإتساع ،وخريجي جامعاتنا ومعاهدنا يرزحون تحت آفة البطالة بدعوى عدم ملاءمة كفاءاتهم مع متطلبات سوق الشغل، وهذه بعض الأرقام والنسب المصرح بها من طرف اللجنة الوطنية غذاة إعداد ميثاق التربية والتكوين أي سنة 2000 ،و الموجودة في بعض الوثائق الرسمية و التي تعبر عن قمة الأزمة التي تتخبط فيها منظومة التربية والتكوين بالمغرب :
    ـ عدد الأطفال في سن التمدرس ويوجدون خارج المدرسة حوالي 5،2 مليون طفل أغلبهم بالوسط القروي حسب التصريحات الرسمية .
    ـ نسبة الأمية وطنيا حوالي 55  ،و بالوسط القروي 75  ،ووسط النساء القرويات 91  .
    ـ حوالي 3000 دوار بالبادية المغربية غير ممدرس (مع العلم أن الدوار يعتبر ممدرسا إذا بنيت وسطه حجرة دراسية واحدة ).
    ـ نسبة التمدرس الصافية لم تتجاوز بالتعليم الإبتدائي 75  وطنيا وبالوسط القروي 69 ، ونسبة تمدرس الفتاة 62 .
    ـ ارتفاع نسبة الهدر:
    . نسبة الوصول إلى السنة 6 من كتيبة 61  .
    . نسبة الوصول إلى السنة الأولى إعدادي من كتيبة 51 .
    . نسبة الوصول إلى السنة الثالثة إعدادي من كتيبة 42 .
    . نسبة الوصول إلى الجدع المشترك من كتيبة 28  .
    . نسبة الوصول إلى السنة الثانية باكلوريا من كتيبة 18  .
    . نسبة الحصول على الباكلوريا من كتيبة 15  .
    . نسبة الحصول على شهادة جامعية 5 .
    أي أن من أصل كل 100 تلميذ يلجون المدرسة بالسنة أولى ابتدائي وفي نفس السنة ،فقط 5  منهم هم الذين يصلون إلى التعليم العالي و يحصلون على شهادة جامعية (من دبلوم السلك الأول إلى الدراسات العليا ) .
    . تدني المستوى والمردودية .
    . إرجاع مشكل بطالة حاملي الشهادات في جزء كبير منه إلى عدم استجابة نظامنا التعليمي لمتطلبات الشغل .
    ارتكازا على كل هذه المؤشرات المصرح بها رسميا ،وفي ما يبدو على دوافع أخرى غير مصرح بها وتحت ضغط المؤسسات المالية الدولية واستجابة لتوجيهاتها وإملاءاتها، شكلت لجنة وطنية عهد إليها إعداد مشروع لإصلاح التعليم يهدف إلى « تجاوز » السلبيات المشار إليها، وإعطاء هذا القطاع " نفسا جديدا" قصد " النهوض به وتطويره " لمسايرة متطلبات العصر.
    وقد أعدت هذه اللجنة وثيقة سميت ب " الميثاق الوطني للتربية والتكوين "،يمكن أن نسجل حوله بعض الملاحظات السريعة :
    1ـ التمثيلية في اللجنة التي أعدت الميثاق لم تشمل جميع مكونات المجتمع السياسية و النقابية والحقوقية والجمعوية، كما تم تغييب المعنيين بالأمر: أطرتربوية ،إدارية، طلبة،تلاميذ ، آباء ...
    2ـ الميثاق جاء نتيجة توافقات سياسية حول « إصلاح » قطاع حيوي وحساس كان بالأحرى و من المفروض إخضاعه لمنطق المصلحة العليا والمستقبلية للمجتمع المغربي ولحقوق أبنائه في التعليم .
    3 ـ الميثاق يضرب عبر مختلف دعاماته الحق في تكافؤ الفرص خلال أسلاك التعليم ومراحله .
    4 ـ دمج التعليم الأولي والتعليم الإبتدائي بشكل تعسفي رغم العلم المسبق لواضعي الميثاق بصعوبة تطبيق هذه المسألة في الأمد القريب و المتوسط إن لم نقل البعيد نظرا للصعوبة التنظيمية ولقة الإمكانات المادية والبشرية ...
    5 ـ الإبقاء على الفوارق بين التعليم الخصوصي والتعليم العمومي .
    6 ـ لم يتطرق الميثاق لكيفية تجاوز أشكال الفوارق الحاصلة خاصة في السلك الأول أساسي (الإبتدائي) بين الوسطين الحضري والقروي (في التجهيزات الأساسية ،في الأدوات التعليمية ،الأقسام المشتركة ...)
    7 ـ يركزالميثاق على المعطيات والأهداف الكمية على حساب الجودة .
    8 ـ عدم طرح الميثاق لحل واضح لمشكل التعريب (تعريب الأبتدائي والثانوي الإعدادي والتأهيلي وعدم تعريب التعليم العالي)، بل أضاف الميثاق إشكالا آخر بالتنصيص على فتح شعب إختيارية عالية التخصص للبحث والتكوين باللغة الأجنبية الأكثر نفعا من حيث العطاء العلمي ويسر التواصل،وعلى إمكانية إختيار الطلبة للغة التدريس بما فيها العربية ،مما يعتبر ضربا صارخا لحق تكافؤ الفرص والمساواة في التعلم والتكوين والتحصيل .
    9 ـ أجهز الميثاق على الحقوق اللغوية لأبناء الشعب المغربي ،فيما يتعلق بلغتيه العربية و الأمازيغية حيث يوصي فقط بتحسين تدريس اللغة العربية ،مقابل الحث على إتقان اللغات الأجنبية،أما الأمازيغية فيدعو فقط إلى التفتح عليها ولا يعتبرها لغة ،حيث يشير إلى أنه يمكن للسلطات التربوية الجهوية " اختيار استعمال الأمازيغية أو أية لهجة محلية للإستئناس" ، وذلك رغم تأكيد مجموعة من أعضاء اللجنة في تصريحاتهم بأنهم زاروا 12 بلدا كلها تدرس بلغتها الأصلية وحتى الجهوية داخل البلدان ذانت التعدد اللغوي ، والتجارب أيضا أكدت أنه ليس هناك بلد عرف تنمية شاملة وحقيقية بلغة أخرى غير لغته ...
    10 ـ أجهز الميثاق على أهم مكسب وحق في التعليم هو المجانية وخاصة في التعليم الثانوي التأهيلي والعالي ، مما سيزيد من تكريس اللامساواة وعدم تكافؤ الفرص،لأن عبارة الأسر الميسورة المشار إليها في الميثاق عامة وتعبير دون تحديد .
    11 ـ الميثاق لم يبرز بشكل واضح حقوق المربين ،فهي مجرد كلام فضفاض حول إتقان تكوين الموارد البشرية وتحسين ظروف عملها ،ومراجعة مقاييس التوظيف والترقية...،مع التركيز على الواجبات والإكثار منها وإغفال مسألة تحسين الوضعية المادية للشغيلة التعليمية .
    أكيد أن الميثاق أتى بمجموعة من الإيجابيات في مختلف دعاماته إلا أنها أفرغت من محتواها على أرض الواقع حيث شابت أجرأة الميثاق خلال الخمس سنوات التي مرت على تاريخ الشروع في تنفيذ مقتضياته، عيوب ونواقص متعددة تجلت في الإرتباك والإرتجال وتضارب النصوص وعدم وضوحها وعدم تحقيق مجموعة من الأهداف في التواريخ المحددة لها ،فعلا على مستوى التعميم حصل تقدم ملموس حيث ارتفعت مثلا نسبة التمدرس بالتعليم الإبتدائي إلى ما فوق 90  ،لكن على حساب الجودة ،لأن التقدم الحاصل في الجانب الكمي لم ترافقه إجراءات مصاحبة للرفع من جودة التعليم وتقليص الفوارق في التحصيل والنقص من الإكتظاظ والإنقطاع، والرفع من المردودية ...
    هذه بعض الملامح العامة لمنظومتنا التربوية على المستوى الوطني ،أما على صعيد جهة الغرب فواقع التعليم بها بمثابة صورة مصغرة لما يعاني منه هذا القطاع الحيوي وطنيا ،وهذا ما سيتضح من خلال استعراضنا لبعض القضايا التعليمية ولبعض النسب والمؤشرات والأرقام الرسمية المعتمدة من طرف الوزارة المعنية في مجموعة من نشراتها الإحصائية ، وذلك بالتطرق إلى كل مكون من مكونات العملية التربوية على حدة .

    I ـ البناءات و التجهيزات :
     من المفروض في البداية التطرق إلى بناءات و تجهيزات التعليم الأولي ،إلا أن وضعية هذا الطور الأساسي والمهم من التعليم لا تسمح بذلك لكونه تابع للخواص وتحت مسؤولية العديد من القطاعات:
    وزارة التربية الوطنية ،وزارة الأوقاف ،التشغيل ،كتابة الدولة في الشباب ... وينقسم إلى عصري وتقليدي ،تسوده نوع من الفوضى ،ولا يخضع لأية مقاييس تنظيمية ولا مراقبة فعلية ولا تتوفر في مؤسساته خاصة التقليدي منه ،أدنى مواصفات وشروط المؤسسة التربوية ،رغم تنصيص ميثاق التربية والتكوين على دوره الأساسي ،وعلى ضرورة تعميمه وإدماجه شيئا فشيئا في إطار التعليم الإبتدائي ليشكل في المستقبل مع السنتين الأولتين ابتدائي الطور الأول من التعليم الإبتدائي.
     أما التعليم الإبتدائي الذي يعتبر القاعدة الأساسية لمنظومتنا التربوية في غياب تعليم أولي مهيكل ومنظم خاصة بالوسط القروي ،فيعاني من إشكالات عميقة مرتبطة بالتجهيزات والبناءات التي يتوفر عليها ،فهي إما غير موجودة أصلا، إما متلاشية وغير صالحة، إما ناقصة وغير مكتملة ،وإما لا تستجيب للمواصفات والشروط المفروض توفرها في هذا النوع من الأدوات والوسائل والمرافق المكونة للمؤسسة التعليمية ،مع بعض الإستثناءات القليلة بطبيعة الحال .
    فالجهة تتوفر على 130 مؤسسة بالوسط الحضري ،و223 مؤسسة بالوسط القروي وعلى 643 فرعية ، أي 855 وحدة مدرسية بهذا الوسط ، وباستحضار عدد الدواوير في الجهة نجد أن نسبة تغطية هذه الدواوير بالوحدات المدرسية لا يتعدى 8،50 (النسبة الصافية ) ،مع الأخذ بعين الإعتبار أنه من الصعب الحديث عن مؤسسات تربوية قائمة الذات متوفرة على المتطلبات الضرورية ولو في حدها الأدنى ،لكون أغلبها بناءات على شكل علب "إسمنتية" بالمفكك "Préfabriqué " مكونة من حجرة واحدة إلى 5 أو 7 حجرات(بعضها يتعدى هذا الرقم) لاتتوفرعلى سياجات تحميها وتحافظ على حرمتها ،ولا على مرافق صحية وتجهيزات أساسية (ماء، كهرباء، ساحة،مسالك...)
    ـ نسبة تغطية الوحدات المدرسية بالماء: 30 
    ـ نسبة تغطية الوحدات المدرسية بالكهرباء:24 
    كما أن الوحدات لا تتوفر على أبسط الشروط لتوفير الإستقرار للعنصر الأساسي في العملية التعليمية التربوية ،فالمدرس يقطع مسافات طويلة وفي ظروف صعبة معرضا حياته لكل المخاطر. قد لا ننتهي من سرد الصعوبات والمشاكل التي يتخبط فيها التعليم الإبتدائي خاصة بالوسط القروي لهذه الجهة ،هناك بالإضافة إلى ما ذكر بعد المدرسة عن التجمعات السكنية ،تفشي الأمية والجهل بدور التعليم في التنمية الإقتصادية والإجتماعية ،عدم تقديم الدعم والمساعدة الكافيين للأسر المعوزة ،عدم تعميم الإطعام المدرسي،نسبة المستفيدين من الإطعام لا تتجاوز في أحسن الأحوال26 ، بالإضافة إلى هزالة الوجبات المقدمة ،تلاشي و أحيانا انعدام التجهيزات والأدوات والوسائل التعليمية الضرورية تعرض المدارس للسطو والسرقة والتخريب في غياب وانعدام أعوان الحراسة وعدم تتبع ما تتعرض له المؤسسات التعليمية بجدية من طرف السلطات الأمنية المعنية .
    أما بالوسط الحضري نلاحظ تمركز المؤسسات في الأحياء العتيقة ، في حين تعرف الأحياء الجديدة والأحياء الشعبية المحيطة بالمدن قلة وأحيانا إنعدام مؤسسات قريبة وكافية لاستقبال الأعداد الكبيرة من التلاميذ مما يؤدي إلى اكتظاظ مفرط في عدد التلاميذ بالقسم ولكل معلم (أكثر من 45 تلميذا) كما أن عددا كبيرا من هذه المؤسسات في تلاش مستمر سواء تعلق الأمر بالبناءات ومختلف المرافق ،أو التجهيزات والأدوات ،وأكثر من ذلك هناك مؤسسات حديثة العهد ومع ذلك فهي في وضع كارثي نظرا للغش والتلاعب الذي طال بناءاتها خلال مرحلة الإنجازأمام أعين كل الأطراف المعنية وبمباركتها .
    أمام هذا الوضع نسجل غياب خطة واضحة ومحددة للترميم والإصلاح والتعويض من أجل تأهيل المؤسسات وجعلها فضاء مستقطبا ومغريا ومساهما في الرفع من التمدرس، مع الإشارة أنه كان هناك برنامجين وضعا على مستوى الشكل لغرض تأهيل الوحدات المدرسية (برنامج إصلاح 40000 حجرة وطنيا وبرنامج FEC بشراكة مع الجماعات المحلية )،لكن على مستوى الواقع تم صرف ملايين السنتيمات دون أن يحصل تحسن جوهري في وضعية البناءات والتجهيزات المدرسية .
     أما سلك الثانوي الإعدادي فوضعية بناءات وتجهيزات مؤسساته لا تبعث على الإرتياح إذ أن أغلبها شبه متلاشي ،بما فيها بعض الإعداديات حديثة البناء ، نظرا للتلاعب والغش الذي يصاحب مرحلة إنجازها ،مع غياب برنامج مسترسل للترميمات والإصلاحات والصيانات الضرورية والفعلية الهادفة إلى تأهيل المؤسسات .كما أن الأقسام الداخلية والمطاعم على قلتها ، حيث تبلغ نسبة تغطية المؤسسات بالداخليات والمطاعم 53 فقط ،لم تعد صالحة لإيواء التلاميذ نظرا للوضعية المزرية لبناءاتها ومرافقها وتجهيزاتها ونوع الوجبات التي تقدمها .
    هذا مع العلم أن عدد الإعداديات في الجهة غير كاف لاستيعاب أكبر عدد من التلاميذ (أغلبها متمركز بالأحياء القديمة للمدن) ،مما أدى إلى استفحال ظاهرة الإكتظاظ (أحيانا بين 48 و50 تلميذا بالقسم )
    إذ تتوفر الجهة على 65 إعدادية ، منها بالوسط القروي 27 إعدادية فقط أي أن نسبة تغطية الجماعات بالمؤسسات الإعدادية لا يتجاوز40  ،وعدد الداخليات قليل جدا (10داخليات تستوعب7،2 من تلاميذ الإعدادي) ، بالإضافة إلى غياب كلي للنقل المدرسي ،كلها عوامل تساهم بشكل مباشر في عدم التحاق وانقطاع أبناء الوسط القروي عن الدراسة خاصة الفتيات .
     مؤسسات التعليم الثانوي التأهيلي (35 مؤسسة) متمركزة بوسط المدن وبعض المراكز الحضرية،مما يجعل متابعة الدراسة بها صعبة بالنسبة لأبناء الأحياء الجديدة المتناثرة في ضواحي المدن (التنقل اليومي في الحافلات،أربع مرات في اليوم ) وهو ما يعد مضيعة للوقت واستنزافا ماليا للآباء ومتاعب إضافية للتلاميذ ،أما أبناء الوسط القروي فمتابعة دراستهم الثانوية شبه مستحيلة نظرا للغياب الكلي للثانويات بهذا الوسط ،وغياب النقل المدرسي وقلة المنح ،إذ لا يستفيذ منها إلا جزء ضئيل من أبناء البوادي (3  فقط من التلاميذ) وذلك بالزبونية والمحسوبية والرشوة ... .كما أن بناءات ومرافق وتجهيزات المؤسسات الثانوية هي الأخرى أصبحت في تلاش مستمر ،وأجنحة منها أغلقت لعدم صلاحيتها ،وذلك في غياب أي ترميم أو صيانة و إصلاح، والتجهيزات التعليمية غير كافية وجزء منها متلاش وغير صالح للإستعمال، قاعات مختصة لا تستوعب عدد المواد والتلاميذ بالمؤسسة وغير مجهزة بالشكل الذي يجعلها تؤدي دورها .تجهيزات رياضية متلاشية والكثير منها منعدم .خزانات تفتقر إلى أبسط الحاجيات من المراجع وفي أغلب الأحيان مغلقة ،مرافق صحية لم تعد صالحة ،أقسام داخلية على قلتها في وضعية أكثر تأزما والوجبات المقدمة بها تفتقر إلى أبسط شروط التغذية ولا تخضع لمراقبة صحية صارمة .
    IIـ بعض مؤشرات التمدرس بالجهة :
    لأخد فكرة واضحة عن واقع التعليم بالجهة في جوانبه الكمية وكذا في الجوانب المرتبطة بتحسين الجودة ، لابد من استعراض مجموعة من المؤشرات والمعطيات الدالة على ذلك .
    ـ نسبة تمدرس أطفال 6 سنوات بالجهة : لقد وصلت هذه النسبة خلال الموسم الدراسي 2004/2005: 96  نسبة تمدرس الإناث منهم : 93 ، نسبة تمدرس أطفال نفس السن بالوسط القروي :92  ، ونسبة تمدرس الفتاة من نفس السن بهذا الوسط هي :87  .
    هذه النسب تم تحقيقها نظرا للمجهود الذي بذل خاصة بالوسط القروي من أجل إقناع الآباء بضرورة تسجيل أبنائهم بالمدرسة، والتسهيلات التي وضعت لاستقطاب أكبر عدد من الأطفال وما رافق ذلك من توزيع للأدوات المدرسية على التلاميذ المحتاجين من طرف الوزارة والجمعيات والجماعات ومؤسسات الإنتاج والمحسنين هذا من جهة ، من جهة أخرى تم التحكم في التوقعات الديمغرافية بالشكل الذي يبرز ارتفاع هذه النسب ، وقد تكشف معطيات الإحصاء الرسمي لسنة 2004 هذا التلاعب في الأرقام إن لم تتعرض هي نفسها لنفس العملية ، كما أن عددا هاما من هؤلاء التلاميذ ينقطع عن الدراسة خلال السنة الدراسية حيث أن نسبة الهدر بهذه الجهة هي من أعلى النسب وطنيا تتراوح بين 8 و 10  من الأطفال المسجلين كل سنة .
    هذا مع تسجيل فارق واضح بين الوسطين وبين الجنسين أي أنه رغم كل ما يرفع من شعارات حول تكافؤ الفرص وحق الجميع في التكوين والتعلم مازالت هناك فوارق بين أبناء الوسطين وبين الجنسين وأن أكبر ضحايا هذه الفوارق هي الفتاة القروية حيث تعشش الأمية والجهل والفقر والإستغلال .
    ـ نسبة تمدرس أطفال 6 ـ 11 سنة بالجهة :
    خلال الموسم الحالي (2004/2005) ارتفعت هذه النسبة إلى 89، ووسط الإناث 86 ، في حين بلغت هذه النسبة في الوسط القروي إلى82  وبنسبة تمدرس الإناث من نفس الفئة بهذا الوسط هي78  نفس الملاحظة المسجلة حول تمدرس أطفال 6 سنوات ، يمكن أيضا تسجيلها حول هذه النسب، لا من حيث الجانب الكمي ولا من حيث الفوارق الملاحظة بين الوسطين والجنسين .
    ـ نسبة تمدرس أطفال 12 ـ14 سنة :
    إذا كان عدد التلاميذ بالإبتدائي قد وصل إلى 237513 تلميذا هذه السنة ( 2004/2005 )، في حين لايتعدى عدد التلاميذ بالثانوي الإعدادي 67779 تلميذا ، مما يعني أن العديد من التلاميذ لا يصلون إلى هذا السلك التعليمي أي ينقطعون عن الدراسة إما لتكرارهم المتعدد، أو لبعد المؤسسات عن سكناهم أو لظروف سوسيواقتصادية ...
    أما نسبة تمدرس أطفال 12 ـ14 سنة خلال سنة 2004/2005 فلم تتعدى 65، ووســط الإناث57  ، مع ما يمكن تسجيله من فوارق بين الوسطين والجنسين ناتجة عن عدة إختلالات، سبقت الإشارة إلى العديد منها، كقلة الإعداديات خاصة بالوسط القروي، وانعدام النقل المدرسي، وقلة المنح، والفقر وتشغيل الأطفال في الأعمال الفلاحية، وانسداد آفاق الشغل بالنسبة لخريجي المنظومة التعليمية بالإضافة إلى عوامل أخرى إقتصادية وإجتماعية وثقافية، هذا يعني أن الأهداف التي رسمها ميثاق التربية والتكوين دون أخد الواقع بعين الإعتبار، ودون اتخاد إجراءات فعالة بعيدا عن الإرتجال لبلوغها، مازالت بعيدة المنال، حيث ينص على أن 90  من الأطفال المسجلين في سنة واحدة سيصلون بعد 5 سنوات إلى السنة السادسة إبتدائي وأن 80  منهم سيلجون التعليم الإعدادي .
    ـ نسبة تمدرس الفئة العمرية 15ـ17 سنة :
    عدد التلاميذ بالثانوي التأهيلي بالجهة خلال الموسم الدراسي الحالي (2005/2004 ) هو 33200 تلميذا، وهذا العدد يضم التلاميذ الذين قضوا أكثر من 4 و5 سنوات بهذا السلك، أما نسبة تمدرس هذه الفئة فهي لا تتجاوز 37  ، ونسبة تمدرس فتيات هذه الفئة هي 31  وفي هذا السلك من التعليم لايمكن الحديث عن الوسط الحضري والوسط القروي، لكون الثانويات الوتواجدة كلها متمركزة بالوسط الحضري وبالمراكز الحضرية مما يفرض على أبناء الوسط القروي التنقل إلى المدن والمراكز المتوفرة على الثانويات إن إرادوا متابعة دراستهم، وهذا أمر صعب وليس في مقدور كل العائلات مما يؤدي إلى انقطاع أغلب التلاميذ وخاصة الفتيات، خاصة وأن عدد المنح المخصص لهذه الفئة جد هزيل، مع غياب النقل المدرسي وأي دعم آخر يساهم في تشجيع التلاميد على متابعة الدراسة. وهذا الأمر يزيد من تعميق عدم تكافؤ الفرص، وتهميش أبناء العالم القروي وحرمانهم من حقهم في التحصيل والتعلم وولوج عالم الشغل، وتحسين وضعهم الإجتماعي ....
    ـ مؤشرات لها تأثير مباشر على تعميم التمدرس وجودته :
    لتحقيق تعميم التعليم وتحسين جودته، لابد من توفر مجموعة من الشروط الداخلية والخارجية المادية والبشرية مجتمعة ومكملة لبعضها البعض من أجل هذه الغاية، وكل نقص أو خلل في عنصر من العناصر يؤدي أتوماتيكيا إلى خلل وارتباك في العملية التربوية التعليمية .
    من خلال بعض المؤشرات التالية يتضح حجم الإشكالات والعوائق التي يعاني منها قطاع التربية والتكوين بالجهة خاصة بالوسط القروي :
    * النسبة الصافية لتغطية الدواوير بالوحدات المدرسية هي : 8،50 مما يعني خلق صعوبة لمجموعة من الآباء والتلاميذ من خلال تنقلهم يوميا إلى الوحدات البعيدة عن دواويرهم، وحرمان أطفال آخرين من ولوج المدرسة خاصة الفتيات، مع العلم أن أغلب هذه الوحدات هي عبارة عن حجرات متناثرة هنا وهناك ومفتقرة لأبسط شروط المؤسسة التعليمية : غياب الماء والكهرباء، غياب المرافق الصحية، السياج، قلة التجهيزات والأدوات التعليمية، غياب الحراسة، صعوبة المسالك غياب أو قلة سكنيات المدرسين، ....
    * النسبة الصافية لتغطية الجماعات بالإعداديات : 44  ، وهي نسبة جد ضعيفة مما يعني انعدام تكافؤ الفرص بين أبناء الوسطين، ودفع التلاميذ للإنقطاع عن الدراسة، هدر الإمكانيات والمجهودات التي بدلت في الإبتدائي، وبالتالي انخفاظ نسبة التكدرس بهذا السلك التعليمي .
    * نسبة تغطية الجماعات بالثانويات هي:11  ،نسبة جد هزيلة تؤكد التوجه العام لمنظومتنا التربوية،والتي تركز على تعميم و إجبارية التعليم إلى حدود 15 سنة ، كما ان هذه النسبة تعطينا فكرة واضحة على مدى إقصاء أبناء الوسط القروي و حرمانهم من التعليم الثانوي، إلا قلة قليلة جدا إما أنها كان لها حظ الحصول على منحة، أو أن عائلاتهم تتوفر على إمكانيات مادية تسمح لهم بتحمل مصاريف متابعة الدراسة بالمدينة.
    * نسبة تغطية الوحدات المدرسية بالمطاعم المدرسية هي: 51 وعدد المستفيدين من الإطعام هو 58790أي بنسبة 26  من مجموع تلاميذ التعليم الإبتدائي ،فالإطعام المدرسي له دورفعالفيالرفع من التمدرس ، إلا أنه مع كامل الأسفمن خلال هذه النسب بتضح أن عدد المستفيدين من الإطعام لا يرقى إلى المستوى المطلوب أي أ،ه غير معمم على كل الأطفال المحتاجين، مع العلم أنه محصور في الوسط القروي فقط ،والوجبات المقدمة لا تستجيب لشروط التغذية السليمة ... ونفس الشيئ يمكن تسجيله حول نسبة تغطية الإعداديات القروية بالداخليات والتي لا تتعدى20 ونسبة المستفيدين من المنحة 7،2  رغم هزالة هذه المنحة ،أما نسبة تغطية الثانويات بالداخليات فلا تتجاوز37 
    و نسبة الممنوحين9  ، مما يوضح ضعف و هزالة الدعم الإجتماعي للتلاميذ المنحدرين من الأوساط الفقيرة والمسحوقة وعدم إعطاء هذا الجانب الأساسي الاهتمام اللازم
    * بالإضافة إلى كل هذه النسب هناك مجموعة من المؤشرات لها علاقة مباشرة بجودة التعليم ،كمعدل التلاميذ بالقسم الذي يصل بالإبتدائي 35 تلميذا ،وبالإعدادي 39 وبالتأهيلي37 تلميذا ، وهذه المعدلات الإجمالية تغطي ظاهرة تؤثر سلبا على جودة التربية وهي ظاهرة الإكتظاظ في بعض المناطق خاصة في هوامش المدن والمناطق التي تعرف انتشار البناء العشوائي ،قد نمضي وقتا طويلا وملء صفحات كثيرة لسرد العديد من المؤشرات والقضايا المرتبطة برفع نسبة التمدرس وتحقيق جودة التعليم سواء التي لها صلة مباشرة أو تلك غير المباشرة أو بعبارة أخرى العوامل الداخلية والخارجية ، منها نسبة التغطية بالمرافق الصحية ،والسياجات ، ونسب الإنقطاع والهدر ومعدل استغلال الحجرات ، وكذا مستوى التجهيزات الأساسية : الماء ،الكهرباء، الطرق ،وسائل النقل الصحة المدرسية ...كلها عوامل لا ترقى إلى المستوى المطلوب بجهتنا مع تسجيل بعض الفوارق بين مختلف المناطق بالجهة وبين الوسطين .

    III ـ الموارد البشرية :
    تعتبر الموارد البشرية في جميع الميادين العنصر الأساسي الذي يتوقف عليه نجاح أو فشل هذا المجال أو ذاك ،مما يتطلب العناية به وتأهيله وتحفيزه وتشجيعه وتوفير له الشروط المناسبة للإشتغال .فقطاع التعليم بالجهة يشغل ما يزيد عن 9500 إطار تربوي و إداري وتقني وخدماتي يشتغلون في ظروف مختلفة حسب نوع العمل وحسب مناطق الإشتغال .
    إلا أن هذا الكم من الطاقات البشرية ،يبقى غير كاف ، حيث تم تسجيل هذه السنة 2004/2005 نقصا واضحا في المدرسين بالتعليم الإبتدائي بالوسطين الحضري و القروي مما أدى إلى اللجوء إلى حلول ترقيعية كالأقسام المشتركة وضم الأقسام المؤدي إلى الإكتظاظ، ،واللجوء إلى الطلبة الأساتذة بمركز تكوين المعلمين .نفس الشيئ عاشه التعليم الإعدادي وكذا التأهيلي خاصة في بعض المواد كالفلسفة والرياضيات والتربية الإسلامية حيث تم اللجوء إلى الإنتقالات من أجل سد الخصاص وإسناد مواد لأساتذة لهم تخصصات أخرى ،والإستعانة احيانا بأساتذة التعليم الإبتدائي بعد ضم أقسامهم .كما أن هذه الموارد تعيش ظروف صعبة ، تتجلى في قلة السكن لضمان استقرارها في مناطق اشتغالها، قلة أو غياب وسائل النقل المؤمنة ، غياب الامن ،هناك أيضا ملاحظة أساسية تتجلى في غياب التكوين و إعادة التكوين لهذه الموارد خاصة بعد التغييرات التي طرأت على هذا الحقل بعد صدور ميثاق التربية والتكوين ، مما جعلها تحس أحيانا بنوع من العجز والنقص وعدم مسايرة التغييرات والتطورات الجارية ، إلى جانب ما ذكر هناك قضايا عديدة لا يسمح المجال بالتطرق لها ،كمسألة البرامج والمناهج ، حيث نلاحظ أنه رغم ما يمكن تسجيله من انتقادات حول مضامين ميثاق التربية والتكوين ، فإن النغييرات التي حصلت في هذا المجال ما زالت بعيدة عن ما جاء في هذه الوثيقة ،
    و أحيانا مخالفة لها ، يطبعها الإرتباك والإرتجال ، فالكتاب المدرسي لم يطرأ عليه تغيير جوهري إذ ما زال يحمل نفس الخطاب والقيم التي كان يروج لها الكتاب السابق ، خاصة في ما يتعلق باحترام حقوق الإنسان ، فزرع قيم المواطنة وتدبير الإختلاف ،والتواصل ، واحترام الآخر وقيم السلم ، والإخاء والمساواة ونبذ الكراهية والعنف ، و إشراك ودمج ذوي الحاجات الخاصة ...هناك أيضا مسألة أساسية لابد من الإشارة إليها يعاني منها قطاع التربية والتكوين بهذه الجهة وهي عدم تعميم مجموعة من المواد على كافة المؤسسات ضمانا لمبدأ تكافؤ الفرص ، وتلافيا للخلل الذي ينتج عن هذه المسألة داخل القسم الواحد ، كما هو الشأن بالنسبة للإنجليزية بالإعدادي والتكنولوجيا والتربية الأسرية و الإعلاميات والفنون التشكيلية والموسيقى ...، فما هو ذنب التلاميذ المحرومين من هذه المواد المتفتحة والحيوية ؟ وهل يدرك المسؤولون عن هذا الخلل الإحساس والمتاعب التي يعيشها هؤلاء التلاميذ عند التقائهم مع المستفيدين من هذه المواد في قسم واحد في المستويات العليا ؟ .
    إننا في حزب الطليعة الديمقراطي الإشتراكي، انطلاقا من مبادئنا و تصوراتنا المستمدة من الفكر الغشتراكي العلمي و من تحليلنا للواقع ،نؤمن كل الإيمان أن حل إشكالية التعليم والازمة التي يتخبط فيها بشكل نهائي لن يتم إلا في إطار التغيير الجذري للاوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية السائدة وفي إطار خطة تنموية شاملة .إلا أنه في الظرف الراهن وفي ظل الاوضاع القائمة تستدعي الضرورة والمصلحة العامة ، خاصة على مستوى الجهة اتخاذ بعض الإجراءات المستعجلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ،وذلك بتكثيف جهود كل من يمكن له أن يتدخل ليساهم ولو بشكل بسيط في تنمية التعليم بالجهة، وذلك للعمل من أجل :
    * التقليص من الفوارق في التمدرس بين الوسطين وبين الدواوير والاحياء في كل وسط وبين الجنسين ،وذلك ببناء مؤسسات وحجرات دراسية في الأحياء وفي الدواوير التي لا تتوفر على وحدات مدرسية أو التي تعرف الإكتظاظ .
    * ترميم وإصلاح المؤسسات المتلاشية وتأهيلها ،وتوفير التجهيزات والادوات التعليمية .
    * توفير سكن لائق للمدرسين خاصة بالوسط القروي .
    * توفير بنية مكتملة بالفرعيات لضمان استمرار تمدرس التلاميذ.
    * إعطاء نفس جديد للإطعام المدرسي وتحسين الوجبات وتوسيع قاعدة المستفيذين .
    *الزيادة في عدد الممنوحين بالثانوي الإعدادي و التأهيلي وبناء إعداديات وثانويات بالوسط القروي.
    * توفير الخدمات الضرورية بالمؤسسات خاصة بالوسط القروي .
    * توفير التجهيزات الضرورية والكافية وتعويض المتلاشي منها .
    * تقديم دعم للأسر التي لا يسمح لها وضعها الإجتماعي بتدريس أبنائها .
    * دعم تمدرس الفتاة بالجهة عل الأخص بالوسط القروي .
    * اتخاذ المبادرات الفردية والجماعية من طرف الأشخاص والجماعات المحلية ،والجمعيات والوداديات لتقديم خدمات لقطاع التعليم بالجهة .
    * توفير وسائل النقل لنساء و رجال التعليم لتسهيل تنقلهم إلى مقرات عملهم، وكذا النقل المدرسي للتلاميذ .
    * تحفيز نساء ورجال التعليم على الإستقرار بالوسط القروي بتخصيص تعويضات عن العمل بهذا الوسط .
    * توفير التكوين و إعادة التكوين لكافة الأطر التربوية والإدارية .
    * إعادة النظر من جديد في البرامج والمناهج الحالية بشكل يربط بين التطورات السريعة التي يعرفها العالم وبين واقعنا المغربي ، و حاجيات بلادنا ،واحترام القيم المشار إليها سلفا.
    * تعميم جميع المواد المدرسة على كافة المؤسسات احتراما لمبدأ تكافؤ الفرص .
    * إعادة النظر في الطريقة التي يتم بها إسناد مختلف المسؤوليات (التسييرالإداري، التأطير التربوي)
    كل هذه التدابير وغيرها وهي كثيرة يصعب حصرها في هذا التقرير ، لا تتطلب تكاليف باهضة كما يدعي المسؤولون ، فهي جد بسيطة يمكن اتخاذها فقط إذا توفرت الإرادة والعزم السياسيين .

    لقاء جريدة فضاء الحوار مع السيد لحسن خطار الكاتب الاقليمي لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي

    إشكاليات و معضلات و التطلع للغد





    فضاء الحوار: قبل الحديث عن المؤتمر الاقليمي لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي نود أن تعطونا فكرة عن الخطوات التي قطعها تجمع اليسار الديمقراطي؟

    لحسن خطار:
    بطبيعة الحال بعد المهرجان المتعلق بالإعلان عن تأسيس تجمع اليسار الديمقراطي والذي قُدّم خلاله ميثاق التجمع وتم توقيعه من طرف الكتاب العامّين للمكوّنات الخمس للتجمع كانت فيما بعد مرحلة التنظيم، وهذه المرحلة تجلّت في تشكيل الهيأة الوطنية للتجمع المكوّنة من 15 عضوا (3 أعضاء عن كل مكوّن سياسي). بعد ذلك أفرزت الهيأة الوطنية سكرتارية التجمع وتتشكل من 5 أعضاء (عضو واحد عن كلّ مكوّن)، وانكبت على إعداد تصور عام لعمل تجمع اليسار الديمقراطي. ثم عُرض مشروع التصور على الهيأة التنفيذية الوطنية وتمّ التداول بصدده وتنقيحه قبل عرضه على الهيئة التقريرية والتي مُثلت فيها الأجهزة التقريرية لكل مكوّنات التجمع الخمس، وصادقت على التصور العام. واعتمادا عليه تمت صياغة برنامج عمل. والآن المفروض مباشرة تفعيل جهويا ومحلياكلّفت الهيأة التفيذية الوطنية مجموعة من أعضائها من أجل الإشراف على التنظيم على المستوى المحلي، أي تشكيل هياكل محلية للتجمع في مختلف مناطق المغرب. وبالنسبة للقنيطرة كنّا السبّاقين إلى تشكيل هيأة وتمّ تنظيم يوم دراسي حضره أعضاء من السكرتارية الوطنية للتجمع وتداولت خلاله جملة من القضايا من ضمنها الميثاق ،التنظيم، أشكال العمل، الاشكالات المطروحة، نقط الخلاف وقضايا أخرى. وخرج هذا اليوم الدراسي بجملة من التوصيات، منها توصية أولى تتعلق بتنظيم ملتقى أول لمناظلات ومناضلي التجمع بالإقليم، والتوصية الثانية تعلقت بتشكيل هيأة تنفيذية محلية وسكرتارية وتسطير برنامج من أجل الشروع في الاشتغال. وفِعلا تشكلت هيأة محلية لتجمع اليسار وسكرتارية وتمّ تنظيم ملتقى أو يوم لجميع مناضلات ومناضلي المكوّنات الخمس للتجمع بقاعة البلدية بالقنيطرة. وتم تقديم تصور صودق عليه، ونحن الآن بصدد إعداد برنامج عملي من أجل تنفيذه على المستوى المحلي. وبطبيعة الحال هذا لاينفي أن هناك جملة من الصعوبات والاشكالات بخصوص العمل المشترك بفعل تراكمات على امتداد سنوات طوال، وبالتالي لابد من شيء من الصبر والحكمة لتجاوز هذه الاشكالات في أفق ترسيخ البناء الوحدوي الذي نراهن عليه كآلية وسبيل من أجل المساهمة في تفعيل التغيير



    فضاء الحوار: سؤال مرتبط بالسابق، همّ الوحدة كان دائما حاضرا في صفوف المعارضة وبشكل حاد جدا أحيانا، وانطلاقا من هذه الخطوات المحققة الآن هل تعتبرون أن العمل الوحدوي حقق قفزة، خصوصا وأنه على امتداد سنوات طوال والحركة الماركسية اللينينية والمعارضة بشكل عام تتكلم على الوحدة؟

    لحسن خطار:
    في الحقيقة من الصعب الحديث عن قفزة، ولكن فِعلا ما طبع المشهد السياسي بالمغرب منذ عقود، هو أن جميع محاولات العمل المشترك والوحدة كان مآلها الفشل نظرا لعدّة اشكالات مترابطة ومتداخلة منها ما هو ذاتي ومنها ماهو موضوعي، لاسيما الاختلاف الكبير في التوجهات.
    الآن وبخصوص تجربتنا، أنا أعتقد أنها نسبيا تجربة فريدة، لأنه أوّلا هناك ميثاق ولايتضمن أحلاما كبيرة. لقد حدّدة النقط التي يمكن اشتغال الجميع عليها، أما النقط الخلافية، وهي أساسية، ظلت جانبا وسيفتح فيها نقاش متأني ومسؤول وناضج يمس جوهر الأمور. وبالتالي أي نقطة نصل بصددها إلى اتفاق إلاّ وتُضمّن ضمن العمل المشترك. أما النقط الباقية، فيظل الحوار والمناقشة بصددها إلى حين ايجاد صيغ وحدوية للعمل بخصوصها، هذا من جهة.
    ومن جهة أخرى، ليس هناك تسرع في العمل قصد الإعلان عن الوحدة منذ الآن، وإنما هناك عمل خطوة خطوة قصد البناء وتحقيق تراكمات وحدوية. والأكيد أنّه في الطريق ستظهر جملة من الأمور قد تبدو أنها هي التي تُفشل العمل وسنحاول تجاوزها. هذا طموحنا وأملنا ولكن قد تحدث مفاجآت و إلى جانب ما يساعد على العمل المشترك الآن هو أنه تُركت الصلاحية والفرص وسُمح لكل هيأة أن تشتغل على برنامجها الخاص أو في عمل مشترك ثنائي أو ثلاثي حسب الإمكانيات. وهذا لاينفي أن هناك عمل مشترك خماسي.
    بالإضافة إلى هذا هناك محاولات قد تساعد في اتجاه الوحدة ما بين أطراف سياسية من التجمع كما يجري الآن بين الوفاء واليسار الاشتراكي الموحد. إن الخطوة الاندماجية إن هي نجحت قد تشجع بطبيعة الحال بالدفع بالعمل الموحد إلى الأمام أكثر مما هو عليه الآن. ونتمنى أن لا نسقط في الأخطاء التي وقعت فيها المحاولات السابقة والاستفادة من تلك الأخطاء من أجل السير على الطريق الصحيح.

    فضاء الحوار: لقد سبق لحزبكم أن رفع شعار "جبهة وطنية للنضال من أجل الديمقراطية"، فهل حزبكم وجد نفسه داخل تجمع اليسار الديمقراطي؟ وهل تحقق جزء من هذا الشعار المرفوع؟
    لحسن خطار:
    نحن بحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي منذ أكثر من عقدين طرحنا مسألة الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية، وكانت مجموعة من الإطارات تعتقد أن طرح هذا الشعار هومجرد مزايدة فقط. وكان هناك إشكال مع جماعة من الإخوان الذين نشتغل معهم الآن ضمن التجمع. وقلنا أنّه ليس لدينا أي مشكل في التسمية، إذ كان إشكال التسمية، يثار بحدّة. وكنّا دائما نقول أننا نناقش الجوهر، أمّا التسمية، فقد وصلنا في فترة من الفترات، أن طرحنا لنطلق على الجبهة اسم قطب أو تكثل أو تجمع أو أي تسمية أخرى ولكن يجب أن يكون عمل وحدوي مشترك على أرضية حد أدنى متوافق عليها ونظل نشتغل في القضايا الخلافية كل حسب توجهاته وقناعاته ومبادئه، ولكن هناك قضايا مشتركة إذا علمنا عليها متفرقين سنجزئ طاقاتنا ونهدرها، لتحقيق مكتسبات بصددها. والآن نحن مقتنعون ومتشبتون بالعمل الوحدوي لأننا نعتبر أنه هو الشعار الذي رفعناه، ويبقى الإسم، الجبهة أو أي تسمية أخرى، لايهم وإنما الأساسي هوالجوهر أي على ماذا نتفق؟ وعلى ماذا سنشتغل؟ وأعتقد أننا نجحنا في تجمع اليسار كمكوّنات في إيجاد صيغة للعمل الوحدوي حول القضايا التي لا تشكل خلافا.

    فضاء الحوار: إن انهيار المعسكر الاشتراكي طرح عدّة أسئلة وتساؤلات حول الاشتراكية ومستقبلها، وهناك من يتحدث عن انتهاء الايديولوجيا، فهل من توضيحات بخصوص موقف حزبكم فيما يطرح بهذا الصدد؟

    لحسن خطار:
    مع كامل الأسف أنّه منذ انهيار ما كان يسمى بالمعسكر الاشتراكي أو دول الشرق التي كانت تتبنى الاشتراكية-على الأقل في شعاراتها- هناك مجموعة من القوى السياسية التي كانت تحسب على الاشتراكية أو تعلن أنها اشتراكية "طبلت وغيّطت" لهذه المسألة وأعلنت هي كذلك أن الاشتراكية انتهى عهدها، بل هناك من تلك القوى من صرّح أنّه لم يكن اشتراكيا رغم أن اسم حزبه يحمل نعت الاشتراكية إلى حدّ الآن.
    الناس أضحت اليوم تتكلم عن العدالة الاجتماعية والديمقراطية فقط. وفكرة نهاية الايديولوجيات أو نهاية التاريخ أو تأييد الامبرايالية، خصوصا وأن البعض انبهر بفكر فوكوياما الذي أعلن على تأييد الامبريالية ونظّر بذلك للنظام العالمي الوحيد. وعلى المستوى العملي نزلت الامبريالية الأمريكية بكل قوّتها وجبروتها لتقول أنها هي ملاذ الانسانية، وبالتالي على الجميع أن ينخرط في البناء الجديد والقطب الواحد، ومَن رفض سيتعرض إلى ما تتعرض له الآن جملة من الدول، إما عقوبات اقتصادية ومحاصرة وإما استعمار مباشر أو قطع العلاقات... وبالتالي نحن بحزب الطليعة لم يسبق أن كنّا تبعين للمعسكر الاشتراكي، بل كانت لدينا جملة من الانتقادات بصدده. وكنا نقول أن هذا المعسكر حقق قفزة اقتصادية واجتماعية ولكن هناك انعدام الديمقراطية وهناك عدم تبني الاشتراكية العلمية في أسسها السليمة. ومع ذلك، الآن نحن نقول أن ماحصل ليس هو انهيار الاشتراكية أو الفكر الاشتراكي العلمي بل هو انهيار لدول و أنظمة ذاتية معينة، ولكن الفكر الاشتراكي العلمي لازال صالحا لكل زمان ومكان، علما أنّه ليس كتابا منزلا، فهو الآن في حاجة إلى تجديد خطابه لمسايرة التحولات والتطورات الواقعة في الفكر الانساني عموما والتطور الذي عرفه العالم. والأكيد أن الفكر الاشتراكي العلمي سيتجدد، وهناك حركات الآن تقوم بهذا العمل وهناك موجة نحو تحقيق متغيرات عبر العالم.

    فضاء الحوار: هل يمكن القول بأنه بالنسبة لحزبكم، أن هناك حضورهم تجديد الفكر الاشتراكي العلمي؟ وأين يتجلى الاهتمام بهذا الهمّ؟

    لحسن خطار:
    أكيد أن هناك هذا الاهتمام، ونحن نعتبر أننا من القوى المطروح عليها أن تسعى في هذا الاتجاه وتعمل على تجديد الخطاب. فهناك من يقول أن الفكر الاشتراكي قد ولّى، ونحن نقول بأن الركائز الأساسية للفكر الاشتراكي العلمي قائمة، فقط يجب تجديد الخطاب وفق المتغيرات وتصحيح بعض المفاهيم المغلوطة عند البعض وذلك من أجل نهضة جديدة. وهذه المسألة تهم كثيرا حزبنا، الشيء الذي جعلنا نقوم بصددها بجملة من المحاولات والكتابات، وهناك ندوات محلية وجهوية ووطنية حول هذه المسألة، بل هناك اتصالات ونقاشات مع رفاقنا وأصدقائنا في الاحزاب الاشتراكية والاحزاب الديمقراطية الاشتراكية عبر مختلف الدول، ومع الاخوان الفلسطينيين في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وفي الحزب الشيوعي ال
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    حزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي بعيون الاخرين Empty رد: حزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي بعيون الاخرين

    مُساهمة من طرف رياضي الخميس أغسطس 09, 2012 5:15 am



    اليسار الجذري والانتخابات نقاش على ضوء مواقف حزب الطليعة والنهج الديمقراطي الاخيرة





    سُتطبع الحياة السياسية الرسمية السنة المقبلة بايقاع طور من الترتيبات الدورية التي دأبت عليها الملكية منذ ثلاثين سنة مع انطلاق ما سمي"المسلسل الديمقراطي". فمن المرتقب تعديل الدستور، بعد مضي 10 سنوات على الصيغة الاستبدادية التي خلفها الحسن الثاني، وتجديد « انتخاب» مجلس النواب، بعد فرض قانون الاحزاب الذي يشدد الخناق على أي معارضة فعلية، ويسعى لجعل الاحزاب المقبولة مجرد دولاب في الآلة السياسية للملكية ازاء شعب عرضة لافقار واضطهاد متعاظمين.

    --------------------------------------------------------------------------------



    هذا طبعا اذا سارت رياح الوضع الاجتماعي التفجري بما تشتهيه سفن المستفيدين منه الساهرين على دوامه. وتشير مميزات الساحة الاجتماعية والسياسية، لحد الآن، الى نجاح هؤلاء في تدبير تعقيدات الوضع اعتمادا على قسم من المعارضة التاريخية تولى، في انبطاح غير مسبوق، مهمة التنفيذ في حكومة الواجهة، وعلى مسايرة من قيادات المنظمات النقابية العمالية، متظاهرة بالرفض ومستنكفة عن أي نضال حقيقي. كما تستفيد الملكية من دعم قسم من الحركة السلفية المندمج بالمؤسسات، ومن بقاء قسم اخر-ذي الامتداد الجماهيري- في حدود غير مخلة بتوازنات النظام، وذلك نتيجة ضربات متواترة منه من جهة (آخرها الرد على حملة "العدل والاحسان" الدعاوية بالاعتقالات والمداهمات) وبفعل انعدام خط سياسي تعبوي محدد الاهداف الانية لدى اكبر مكونات هذا القسم المنفلت من ضبط النظام.

    وان كان الحاكمون قد رفعوا درجة اضافية الضغط على الطبقات الشعبية بموجة الغلاء الزاحفة منذ العام الماضي، في ظل استشراء البطالة والهشاشة وتجميد الاجور، فان الفئات الكادحة العريضة قد تفش سخطها، في غياب التنظيم، فيما سبق ان اعطت عنه نموذجا صارخا في يونيو 1981 ويناير 1984 وديسمبر 1990، أي العصيان عديم الافق السياسي. كما ان قواعد النقابات العمالية لن تتحمل الى ما لانهاية تصاعد التعديات على ما تبقى من مكاسب، منها العمل بحد ذاته. ومن جهته سيؤتي ما سمي " اصلاح التعليم" اكله بتفجير احتجاج الشباب رغم ما يهدد طاقة النضال هذه من تلاشي بفعل الفراغ التنظيمي باكثرية الجامعات ودور التخريب الذي باتت بقايا بعض مكونات اليسار الطلابي تضطلع به( نموذج جامعتي مراكش واكادير). كما لا يمكن التنبؤ بما سيؤول اليه احتجاج كادحي القرى بعد دورة نضالات غير مسبوقة برزت بجلاء منذ 1999 ( ايت بلال، ايتزر، ايميلشيل، تماسينت، طاطا، ايت باعمران...). فما قد يكون من اوهام لدى الجماهير بفعل التبدل الحاصل في قمة السلطة ارتطم بالقمع و وعود الحاكمين الزائفة واصرارهم على مواصلة سياسة "محاربة الفقر"

    وجلي ان حالة اليسار الجذري لا تغير من هذه الصورة بفعل قدراته المتواضعة على الفعل، وما ستشهده تلك القدرات من تدن في حال مواصلة قسمه الاقدم ما اعتاد من اشكال تدخل بالمنظمات النقابية بوجه خاص والشعبية عموما، وازاء تطورات الحياة السياسية داخل مؤسسات "الديمقراطية" الملكية وخارجها.

    ان قوى اليسار الجذري التاريخية مطالبة باعادة نظر تؤهلها للتفاعل البناء مع الطاقات النضالية الكامنة، اعادة نظر في تكتيكاتها على الصعد النقابية والسياسية على حد سواء، تمكنها من بناء ادوات النضال النقابي والشعبي، وطليعتها السياسية التي لا غنى عنها.

    ويمثل الموقف من الانتخابات بنظرنا احدى تلك القضايا التي تستدعي مراجعة تخرج اليسار الجذري من حال التقوقع المديد المقتصر على اعلان فساد "ديمقراطية" النظام، مع الامتناع عن أي استعمال لها بما يرقى بوعي الكادحين السياسي. ولا شك ان اولى متطلبات تصحيح موقف اليسار الجذري متمثل في اخراج نقاش مسألة الانتحابات والمؤسسات "الديمقراطية" من التشويش والبلبلة الفكرية الذي غرقت فيه عقودا، وارسائه على اسس ماركسية ثورية. هذا ما سنعرض له فيما يلي، دون ادعاء الجواب المفصل الشافي، فالنقاش الجماعي دون غيره سبيل استجلاء الموقف الثوري.

    اليسار الجذري والانتخابات

    بعد مقاطعة الانتخابات طيلة عقود، قرر حزب الطليعة، المتفرع اصلا عن الاتحاد الاشتراكي بسبب خلاف حول المشاركة بالمؤسسات المنتخبة، ان يشارك في الانتخابات المقبلة. ومن جانب اخر قرر حزب النهج الديمقراطي، الذي يشكل استمرارا لقسم من الحركة الماركسية اللينينية المغربية، و الذي تعاون لسنوات مع حزب الطليعة، مقاطعة الانتخابات معتمدا معظم الدواعي التي طالما استعملها هذا الاخير.

    كما ان بقايا اخرى من اليسار الجذري، ذات المنشا الطلابي، تظل في وضع بالغ التشظي، وحتى تفسخ بعضها، يجردها من أي قدرة على بلورة موقف، ناهيك عن ممارسته.

    هذا ويتسم السياق السياسي لتباين المواقف هذا بتقدم الملكية في تدبير عمليتها السياسية القائمة على تمويه الاستبداد من جهة واشراك اليسار الليبرالي في المؤسسات "المنتخبة"[ بمعنى نخب يختارها الحكم]، وحكومة الواجهة ضمن النطاق الضيق الذي يتيحه استئثار الملك بالسلطة الفعلية من جهة اخرى. هذا بينما تواصل الملكية، في تعاون وثيق مع الامبريالية، التطبيق الحرفي للسياسات النيوليبرالية المقوضة لشروط عمل وحياة السواد الاعظم من المغاربة. ومن الناحية الذاتية يتسم وضع اليسار الجذري باستحكام حالة الانحباس المتجلية في مواقعه الضعيفة بالساحة العمالية وكذا الجماهيرية بوجه عام، وفي حال من مراوحة المكان، بالنسبة لبعض مكوناته، اشبه بالسير الى انقراض. وجلي ان تضارب المواقف الحاصل بصدد الانتخابات سيزيد هذا اليسار ضعفا، وقد يدق المسمار الاخير في نعش تحالفه مع قوى ليبرالية، أي ما سمي ب"تجمع اليسار الديمقراطي".

    ان تضارب موقفي حزبي الطليعة والنهج حيال مسألة الانتخابات دون نقاش علني بينهما يثير سؤالا كبيرا حول جدوى التنسيق السابق، ونوعية العلاقات الواجبة بين قوتين سياسيتين منتسبتين الى القضية العمالية من موقع يعتبره كلاهما ثوريا.

    ان وضع حصيلة تنسيق المكونين الجذريين واجب عليهما ازاء باقي مناضلي اليسار، وازاء الشباب التواق الى النضال، فالشعور بالمسؤولية يتناقض مع اعلان التنسيق، وما يستثيره من امال في مناخ عام مطبوع بتراجع اليسار وتقدم القوى الرجعية السلفية بوجه خاص، ثم انحلاله بصدد قضية من قضايا التكتيك. فاقل الاضرار الناتجة عن هكذا سلوك هو افقاد المصداقية لدعوات توحيد اليسار او تعاون مكوناته. هذا لا سيما ان تنسيق النهج والطليعة لم يبرهن عن فائدة ما في بناء منظمات النضال، خاصة النقابات العمالية وجمعية حقوق الانسان، بل كثيرا ما انقلب الى تنافس على المناصب.

    هذه اولى المسائل التي يطرحها افتراق النهج والطليعة بشأن الانتخابات التي ستطبع السنة السياسية القادمة الى حد بعيد، طالما بقي تدخل الجماهير الكادحة المباشر على حاله من الضعف. اما ثاني تلك المسائل فتتمثل في تقييم المواقف المتخذة من زاوية مصلحة نضال الكادحين وبناء ادوات هذا النضال.

    حزب الطليعة: تخبط مديد قد ينتهي باسوأ منه

    ليس تغير موقف حزب الطليعة بتخليه عن رفضه السابق لأي مشاركة في المؤسسات "المنتخبة" مباغثا، فقد سيق ان شارك في العام 1996 بالانتخابات المهنية ثم دعا الى التسجيل في اللوائخ الانتخابية في اخر انتخابات. لكن هذا التدرج في مراجعة موقف المقاطعة لم يرافقه نقاش حول جوهر المسالة [ في حدود ما يمكن العلم به طالما ليس للحزب اعلام]. فلم تتم مراجعة الموقف الممارس طيلة عقود بقدر ما تم القفز على نحو عشوائي الى الموقف الجديد. فخلافا لالف باء التكيتيك الماركسي ( الذي ينتسب اليه حزب الطليعة) ظل هذا الاخير طيلة عقود، مطبوعة بضعف كفاحية العمال وعموم الكادحين، يرفض الانتخابات لدرجة ان تقرير قيادته الى مؤتمر الحزب الخامس يجزم على نحو مطلق ان حزب الطليعة " لن يشارك في أي مسلسل انتخابي ما لم تتحقق الشروط السياسية والقانونية لانطلاق ديمقراطية حقيقية باصلاحات دستورية ديمقراطية وانتخابات حرة... " [ الطريق 20 ابريل 2002].

    وقد جعل حزب الطليعة مشاركته بالانتخابات المقبلة مشروطة بتغيير قانون الانتخابات. اذ يشير بيان المجلس الوطني في 9 يوليوز 2006 الى ان "الحزب لن يقبل بانتخابات بقوانين تقصي اغلبية من الناخبين وتعد سلفا لديمقراطية مغشوشة"، هل يعني ان حزب الطليعة تخلى عن شروطه التاريخية ليكتفي بشرط تغيير قانون الانتخابات؟ ان استمرار منطق اشتراط مؤسسات سليمة شكليا، تجعل مشاركته غير مرجحة، ما دام فرض هذا التغيير مستبعدا بالنظر لحالة الحركة الجماهيرية. اذن قرر الحزب مبدئيا ان يشارك، لكنه عمليا لن يشارك.

    تتلخص الشروط التي الف حزب الطليعة اعتبار عدم تحققها مانعا لمشاركته بالانتخابات في مراجعة الدستور وسن قوانين ضامنة لسلامة العمليات الانتخابية، وقيام حكومة ائتلافية او هيئة وطنية مستقلة للاشراف عليها.[ المجلس الوطني 1 سبتمبر 2002].

    إن شروط حزب الطليعة معقولة بنظر من يتوخى فعلا قيام مؤسسات سليمة من التزوير، وتتيح فعلا اغلبية في المؤسسات المنتخة تنبثق عنها حكومة وفق الية الديمقراطية البرلمانية، متصورا في ذلك طريق تحسين اوضاع الجماهير الكادحة، وحتى تغييرها فعليا كما يعتقد دعاة الطريق البرلماني الى التغيير. ما دام حزب الطليعة غير متيقن من ان الطريق الى تحقيق تطلعات الشعب عبر المؤسسات سالكة، بفعل التزوير والقوانين اللاديمقراطية، فانه يعتبر أي مشاركة في مؤسسات "الديمقراطية" الملكية مجرد تزكية لها، واسهاما في تمويه الحكم المطلق ، الخ.

    لكن هذا الشروط لا تدخل في منطق من يعتبر الديمقراطية البرلمانية ذاتها الة لسيطرة البرجوازية حتى في اعرق الديمقراطيات حيث لا تزوير فج كالذي تمارسه وزارة داخلية المملكة المغربية. في القرن التاسع عشر شارك الاشتراكيون الثوريون في المانيا في مؤسسات مغرقة في الرجعية، وكذلك فعل البلاشفة في روسيا حيث التزوير مرسم بقوانين تحدد مسبقا نسبة التمثيل حسب الانتماء الطبقي. وشارك الثوريون في القرن العشرين بارجاء المعمور في انتخابات يشوبها التزوير الى مؤسسات فاسدة، ويشاركون اليوم في كل مكان في الانتخابات المؤسسات البرجوازية، هذا كله ما دامت قدرة الطبقات الكادحة على النضال دون مستوى استبدال تلك المؤسسات بديمقراطية حقيقية، ديمقراطية المجالس العمالية والشعبية غاية الثوريين من المشاركة في مؤسسات الديمقراطية البرجوازية، المزورة وغير المزورة، هي بالذات غاية استعمالها لانماء وعي الكادحين وقدرتهم على النضال، عبر كشف حقيقة سياسة الطبقة السائدة وحقيقة مختلف الاحزاب السياسية.، أي ممارسة البرلمانية الثورية.

    ان ما يتجه اليه حزب الطليعة بمراجعته العرجاء لموقف المقاطعة، و بما له من زاد فكري-سياسي، لن يكون غير احدى امرين: اما مشاركة تنتهي، في حال حصوله على مقاعد بمؤسسات "الديمقراطية"، الى ما انتهى اليه الاتحاد الاشتراكي، او مواصلة المقاطعة السلبية التي شكلت بلا شك احدى اسباب انكماشه المتواصل.

    النهج على خطى الطليعة

    يظل موقف حزب النهج الديمقراطي مطابقا لموقف حزب الطليعة، ومستندا على المبررات ذاتها. فمنذ ظهوره في اواسط التسعينات واجه سؤال المشاركة في الانتخابات مرارا، وظل موقفه الرفض والدعوة الى المقاطعة، مع بعض التذبذب بين استدلالات خاطئة واخرى صائبة، لكن مع حسم الامر دوما بتبنى المقاطعة. تبقى الحجة الرئيسة لرفض المشاركة في الانتخابات متمثلة في الطبيعة اللاديمقراطية للنظام الذي ينظمها. استنتج كراس النهج الديمقراطي "الانتخابات البرلمانية لشتنبر 2002-موقفنا" انتفاء شروط المشاركة بناء على حجج من قبيل اللوائح مزيفة، وانفراد الداخلية بالاشراف على الانتخابات، وقوانين انتخابات تجرم حرية التعبير والمعارضة، والتزوير، واستمرار نفس الدستور... إنها شروط نابعة من منطق استعمال مؤسسات الديمقراطية لتحقيق برنامج ما، وليس لابراز ان تحقيق البرنامج العمالي الشعبي يستلزم استبدال تلك المؤسسات باخرى. وهذا جلي في النقطة 11 من كراس 2002 التي تستنتج انه حتى وان شكلت حكومة منبتقة عن الاغلبية فليس لها امكانية تطبيق برنامجها.

    هذا المنطق لازم النهج الديمقراطي منذ اول ما واجه سؤال الانتخابات. فاحد قادته يجيب في مقال بعنوان لماذا اقاطع الاستحقاقات الحالية ؟ [علي فقير النهج العدد 22 بتاريخ 5 يونيو 1997] كما يلي :

    اهم" عناصر التشبت بالمقاطعة وعدم تزكية الحلقة الجديدة من المسلسل الديمقراطي":

    انتخابات تجري في اطار قوانين حددها دستور مرفوض شكلا ومضمونا.
    جوهر طبيعة الدولة لم يتغير بعد، وسيتكرر سلوك اجهزتها في الانتخابات المقبلة.

    اللوائح الانتخابية غير سليمة.

    التجاوزات جارية بمختلف المناطق والاعلام يحابي احزابا مصطنعة.

    عدم اتاحة الاعلام السمعي البصري للرأي الاخر.

    اغلبية المجالس الجماعية التي كانت بها احزاب الكتلة لم تختلف عن مجالس الاحزاب الادارية

    وهذا نفس ما اكده بيان الكتابة الوطنية 9 يوليوز 2006 الذي اسس موقف عدم المشاركة على الاعتبارات التالية:

    العهد الجديد لم يشكل قطيعة ولو جزئية مع سابقه.

    رفض الغاء اللوائح الانتخابية الفاسدة واعتماد تقطيع انتخابي لا ديمقراطي.

    تعمق الفوارق الطبقية والافقار والقمع.

    تعمق التبعية للامبريالية والتواطؤ مع الصهيونية.

    كما نجد في ادبيات النهج، ومقالات عديدة، حجة اضافية، ظاهرها جذري لكنها جوفاء، عادة ما يستند عليها لرفض أي مشاركة في الانتخابات: حجة ان المشاركة تزكية لمسلسل مخزني برعاية دوائر اجنبية. فهل كان ماركسيو البلدان الامبريالية( نموذج ليبكنخت بالمانيا) المشاركون بالانتخابات يزكون جرائم البرجوازية، أم انهم استعملوا مؤسساتها لفضح تلك السياسة بالذات، و الانتخابات حلبة للتربية السياسية للشغيلة ؟

    الى جانب هذه الحجج الداعمة لموقف المقاطعة، تتخلل وثائق النهج ومقالاته استدلالات صائبة لكن سرعان ما ُيستغنى عنها لصالح ما يدعم موقف المقاطعة. فكراس 2002 يقول:

    " الموقف من الانتخابات قائم على تقدير مدى خدمة العملية الانتخابية لتطوير نضال الشعب." كما أن الصفحات المخصصة للانتخابات بوثائق مؤتمر النهج الاول –ص 55 الى 57، تخللتها منطلقات صائبة، منها وجوب استناد الموقف على تحليل الملابسات والظروف ودراستها بعمق، وكون الموقف من الانتخابات لا يتحدد بطبيعة النظام او "ديمقراطيته" ودستوره ومؤسساته، او بكون الانتخابات ستتعرض للتزوير.

    هذا عين الصواب، فسواء كانت الانتخابات نزيهة و تفضي الى اغلبية تشكل الحكومة وتمارس السلطات المتعارف عليها في الديمقراطية البرجوازية، او تعرضت للتزييف في ظل نظام استبدادي سافر، يشارك الثوريون بالانتخابات لغاية الدعاوة والتحريض، لا بوهم امكان تحقيق شيء ما لصالح الجماهير بواسطة مؤسسات الديمقراطية البرجوازية

    وخلصت وثائق المؤتمر الى أن الموقف يتحدد بالجواب على سؤال مدى اسهام المشاركة او المقاطعة في تطوير الصراع الطبقى وتوعية الجماهير.

    مع ذلك لم يبن الموقف المتخذ في آخر المطاف على تقييم درجة كفاحية الجماهير الشعبية، واساسا وضع الطبقة العاملة تنظيما ووعيا،هذه الطبقة التي مازالت لم تحقق استقلالها السياسي، بل على مدى توفر حد ادني لاشتغال سليم لألية الديمقراطية البرجوازية بالمغرب.

    موقف الجماهير الممتنع دليل صواب المقاطعة؟

    يرى اليساريون دعاة مقاطعة الانتخابات في الظرف الراهن تعزيزا لموقفهم في امتناع الجماهير عن التصويت بعد كل ما حصل من تزوير وتلاعب طيلة عقود، وفساد المؤسسات "المنتخبة". فعلى سبيل المثال جاء في بلاغ الكتابة الوطنية لحزب الطليعة 18-11-97 ان نسبة عدم المشاركة في التصويت تاكيد جديد لصحة موقف المقاطعة. كما يجري اعتبار امتناع الجماهير عن التصويت مؤشرا على وعيها. فبيان الكتابة الوطنية للنهج -9 يوليوز 2006 -يضع ضمن اعتبارات موقف المقاطعة كون "الجماهير واعية ان مؤسسات النظام تزكي السياسة الطبقية المعادية لها وتعمقها ، لذلك الجماهير تقاطع تلقائيا وبشكل عارم."

    و ذاك نفس ما ذهب اليه مقال المهدي السوسي "الانتخابات التشريعية،الحصيلة، الافاق والمهام قائلا:" عدم التوجه الى صناديق الاقتراع موقف اتخذ عن وعي سياسي لدى المواطن في غالب الاحيان. " إن الجماهير تمتنع عن المشاركة لانها تعلم التزوير وزيف الوعود، أي ان المؤسسات لن تحقق لها شيئا ما دامت زائفة، أي انها ستشارك لو توفرت النزاهة وستنتظر من المؤسسات النزيهة ان تحقق لها تطلعاتها، انه نفور من الكذب لا وعي بحدود الديمقراطية البرجوازية.

    ان التزوير والفاسد يخلقان فعلا بين العمال، وعموم الجماهير الكادحة، نفورا من الانتخابات، ومقاطعة سلبية لها، لا سيما ببلد كالمغرب لم يشهد سوى ممارسة برلمانية انتهازية.

    ان موقف الجماهير المقاطعة متخلف، فهي لا تصوت ولا تطالب باي بديل، ولا تتصدى للتزوير بالنضال ( ما عدا حالات نادرة مثل سيدي بطاش، وبوزنيقة ذات مرة). انه موقف سلبي قوامه اللامبالاة السياسية.

    وليس واجب الثوريين ان يسايروا موقف الجماهير، والا اصبحوا في ذيل الجماهير بدل قيادتها. واجب الثوريين ان يضطلعوا بمهام التربية السياسية للجماهير كما جاءت على لسان لينين:" " ان عمل مجلس الدوما الثالث الذي يسخر صراحة من حاجات العمال، يعزز الحالة الذهنية الاوتزوفية(*) [ أي الداعية الى المقاطعة –م] بين تلك الفئات العمالية، التي مازالت عاجزة ، بالنظر لنقص تربيتها الاشتراكية الديمقراطية ، عن فهم أن نشاط الدوما الثالث هذا ذاته يعطي الاشتراكيين الديمقراطيين امكانية استعمال ثوري لمؤسسة تمثيل الطبقات المستغلة هذه ليكشفوا لفئات واسعة من السكان الوجه الحقيقي للاوتوقراطية ولكل القوى المضادة للثورة بقصد جعلها تشعر بضرورة النضال الثوري." " كما أن الحالة الذهنية الاتزوفية السائدة بين هذا القسم من العمال لقيت حفزا من الاخطاء بالغة الفداحة التي ارتكبتها المجموعة البرلمانية الاشتراكية الديمقراطية، لا سيما في سنة نشاطها الاولى.

    ان التكتل البلشفي ، اذ يقر بان هذه الحالة الذهنية الاوتزوفية تتعارض مع التربية الاشتراكية والثورية للطبقة العاملة ، يرى انه لا غنى عما يلي:

    - أ- القيام، فيما يخص فئات العمال تلك، بعمل تربية وتنظيم اشتراكي ديمقراطي متابر، وتفسير منهجي وملح للعقم السياسي الكلي للاوتزوفية و الانذارية (**)، والدلالة الحقيقية للبرلمانية الاشتراكية الديمقراطية ودور منبر الدوما بالنسبة للاشتراكية الديمقراطية في حقبة الثورة المضادة هذه.

    - ب- فيما يخص المجموعة البرلمانية الاشتراكية الديمقراطية والعمل البرلماني بوجه عام ، يجب اقامة اوثق الصلات بين المجموعة البرلمانية والعمال الطليعيين، ومدها بالمساعدة الاكثر تنوعا واخضاعها من جانب الحزب بكامله لضغط ورقابة منظمة، تضم ، ضمن امور اخرى ، تحليل كل اخطائها امام الملأ ووضعها عمليا تحت اشراف الحزب، بما هو هيئة تابعة له، باختصار تطبيق البلاشفة قرارات كونفرانس الحزب الاخير بهذا الصدد، لان انتباها مستمرا من جانب الاوساط العمالية ازاء نشاط المجموعة البرلمانية الاشتراكية الديمقراطية والمشاركة المنظمة لتلك الاوساط العمالية في النشاط البرلماني للاشتراكية الديمقراطية قادران على تقويم حقيقي لتكتيك مجموعتنا البرلمانية.

    -ج - فيما يخص جناح حزبنا اليميني الذي يجر المجموعة البرلمانية على طرق مضاد للحزب، ويعزلها بذلك عن الطليعة العمالية، يجب خوض نضال منهجي لا يرحم وفضح الطابع المضر بحزبنا للتكتيك المطبق من الجناح اليميني.

    "من مقرر كونفرانس هيئة التحرير الموسعة لجريدة " بروليتاري" ص 474 الجزء 15 الاعمال الكاملة بالفرنسية دار التقدم -موسكو -طبعة 1975

    ما معنى المقاطعة ؟

    ليس ما يسميه اليسار المغربي المقاطع "مقاطعة" بل مجرد امتناع سلبي عن المشاركة في الانتخابات. لذا لن يستقيم النقاش دون تذكير مضمون المقاطعة لدى الماركسيين. يقول لينين:

    " إن المقاطعة هي رفض الاعتراف بالنظام القديم، ليس بالأقوال بل بالأفعال طبعا، بمعني رفض لا يتجلى في نداءات وشعارات المنظمات وحسب، بل في حركة للجماهير الشعبية تخرق منهجيا قوانين السلطة القديمة وتخلق مؤسسات جديدة غير شرعية لكنها ذات وجود فعلي، الخ. بديهية إذن علاقة المقاطعة بزخم ثوري واسع: المقاطعة هي وسيلة النضال الأكثر حسما ليس ضد أشكال مؤسسة معينة بل ضد وجودها ذاته. فبدون زخم ثوري واسع وبدون هيجان جماهيري يتجاوز كل الشرعية القديمة، لا مجال لأي نجاح للمقاطعة." لينين ضد المقاطعة ص 19-20 الجزء 13 طبعة 76 من الاعمال الكاملة بالفرنسية –دار التقدم.موسكو

    ويضيف "لم يقم مضمون هذه الحملة ( من اجل المقاطعة) طبعا على تكرار كلمة مقاطعة أو على دعوة الجماهير إلى عدم المشاركة في الانتخابات. كما أن هذا المضمون لم تستنفده نداءات هجوم ثوري مباشر يتجاهل الطرق الملتوية والتعرجات المقترحة من طرف الأوتوقراطية القيصرية. فعلاوة على ذلك، كان النضال ضد الأوهام الدستورية في قلب، كل التحريض من أجل المقاطعة، لا الى جانبه. وكان ذلك النضال، حقيقة، قوة المقاطعة الحية." ضد المقاطعة ص 21

    لخص لينين الموقف بناء على تجربة الحزب البلشفي الغنية بمختلف اشكال النضال قائلا : " وما دمتم عاجزين عن حل البرلمان البرجوازي وسائر أنواع المؤسسات الرجعية، أياً كانت، فلا بد لكم أن تعملوا في داخلها، بالضبط لأنه لا يزال هناك عمال ممن خدعهم القسس وتبلدوا في بيئة الأرياف النائية، وإلا فقد تصبحون مجرد مهذارين. " اليساروية، مرض الشيوعية الطفولي

    أي مضمون لوجود الثوريين داخل مؤسسات الديمقراطية البرجوازية ؟

    قسم من دعاة المقاطعة، في الظرف السياسي الراهن، انما يفعلون ذلك لعدم فهم غاية المشاركة. فهم يقدمون حجة على صحة المقاطعة سلوك الانتهازيين الذي دخلوا المؤسسات بوهم استعمالها للدمقرطة ولتحسين اوضاع الجماهير وحتى تغييرها (الاستراتيجية الاصلاحية). منهم من يعطي مثالا باحزاب "الكتلة الديمقراطية" التي مارست بالمجالس الجماعية نظير ما فعلت احزاب النظام [علي فقير موضحا اسباب المقاطعة النهج العدد 22 بتاريخ 5 يونيو 1997] ، وثمة من يشير الى منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، خصوصا وانها من اليسار الماركسي الذي راجع موقف المقاطعة الدائمة، ليتنبى خط الاتحاد الاشتراكي أي اعتبار مؤسسات الديمقراطية البرجوازية وسيلة للتغيير.

    هؤلاء بعيدون عن الموقف الثوري الذي اوضحه لينين قائلا: " لا يهمنا ان نضمن لانفسنا، بواسطة مساومات، موقعا صغيرا بالدوما. ما ابعدنا عن ذلك. هذه المقاعد البرلمانية البائسة لا قيمة لها الا بمقدار ما تستطيع ان تساعدنا في تطوير وعي الجماهير ورفع مستواها السياسي ، وتنظيمها لا من اجل رفاهية كما يفهمها رجل الشارع، لا من اجل تحقيق"تهدئة" وتحقيق" النظام" و " الازدهار السلمي(البرجوازي)"، بل من اجل النضال لتحرير العمل كليا من كل استغلال وكل اضطهاد.من اجل هذا فقط وبذلك المقدار تهمنا المقاعد بالدوما وكامل الحملة الانتخابية. يعلق حزب العمال كل آماله على الجماهير ، لكن ليس على جماهير مطيعة بسلبية، متحملة النير بخضوع، انه يعتمد على الجماهير الواعية ، المطالبة،والمناضلة." كيف ينظر كل من الاحزاب البرجوازية وحزب العمال الى الانتخابات الى الدوما؟ 438-439 الجزء 11 من الاعمال الكاملة طبعة 1966.

    ان واجبات الثوريين الذين يوجدون بمؤسسات الديمقراطية البرجوازية غير واضحة باذهان يساريينا. وعنها يقول لينين: " من وجهة نظر السلوك الخارجي- ان صح القول- للمجموعة البرلمانية الاشتراكية الديمقراطية، ما يفصل الانتهازيين عن الاشتراكيين الديمقراطيين الثوريين، هو النضال الذي يتعين ان يخوضه هؤلاء ضد ميل طبيعي في كل مجتمع برجوازي ( وفي روسيا بوجه خاص في حقبة الرجعية)، ميل النواب والمثقفين البرجوازيين المحيطين بهم غالبا، الى اعتبار النشاط البرلماني بما هو النشاط الجوهري و الاساسي، بما هو هدف بحد ذاته. يجب ان تتجه كل جهودنا بوجه خاص الى اضطلاع المجموعة البرلمانية بعملها كوظيفة خاضعة لمصالح مجمل الحركة العمالية، والى ارتباطها الدائم بالحزب، وعدم انعزالها عنه، بل دفاعها عن تصوراته وتطبيقها لتوجيهات مؤتمراته وهيئاته القيادية ." " من وجهة نظر المضمون الداخلي لنشاط مجموعتنا البرلمانية البرلمانية، يجب الا ننسى ابدا ان عمل المجموعة البرلمانية الاشتراكية-الديمقراطية يروم هدفا مختلفا جذريا عن هدف جميع الاحزاب السياسية الاخرى . فالحزب البروليتاري لا يسعى الى ابرام مساومات ومتاجرات مع من يمسكون بالسلطة، ولا الى تحقيق اصلاح رديء للدكتاتورية الاقطاعية-البرجوازية المضادة للثورة. ما يسعى اليه هو أن يطور لدى بكل الوسائل الوعي الطبقي والفكر الاشتراكي الجلي والعزم الثوري والتنظيم في كل مجالات الجماهير العمالية"

    (...) " ثم يجب التذكير بهدف بالغ الاهمية راهنا يتوجب على مجموعتنا في الدوما: المشاركة بحيوية في جميع النقاشات حول التشريع العمالي.. وعليها الاستفادة في هذا المضمار من التجربة البرلمانية الغنية للاشتراكيين الديمقراطيين باوربا الغربية ، مع الحذر بوجه خاص من الانحرافات الانتهازية. ويجب الا تقدم أي تنازل عن شعاراتها ولا عن مطالب البرنامج الادنى لحزبنا، بل تعد وتقدم مشاريع قوانين اشتراكية ديمقراطية ( وكذا تعديلات على مشاريع الحكومة والاحزاب الاخرى)، بقصد أن كشف للجماهير كامل نفاق وكل اكاذيب الاشتراكية الاصلاحية، واقتيادها الى خوض نضال مطلبي وسياسي مستقل. هذا النضال هو بالنسبة للعمال الوسيلة الوحيدة للحصول على مكاسب حقيقية وتحويل "الاصلاحات" الهجينة والمنافقة للنظام الحالي الى نقاط ارتكاز للحركة العمالية السائرة نحو تحرر البروليتاريا الكلي"

    (...) " واخيرا يجب على الاشتراكيين الديمقراطيين الثوريين، في طريقة استعمالهم للدوما، ان يتميزوا عن الانتهازيين بواقع أن المجموعة في الدوما والحزب ملزمان بأن يشرحا للجماهير بكل الوسائل المتاحة الطابع الطبقي لكل الاحزاب السياسية البرجوازية، وان ليس عليهم الاقتصار على مهاجمة الحكومة والرجعيين السافرين، بل عليهم ايضا ان يزيلوا قناع الطبيعة المضادة للثورة لليبراليين وترددات الديمقراطية الفلاحية البرجوازية الصغيرة." من خطاب ومشروع مقرر حول مهام البلاشفة في مجال النشاط في الدوما. 25-26 يونيو 1909 الاعمال الكاملة بالفرنسية -الجزء 15 – ص 469

    بعد تاكيد التصور الماركسي للمشاركة في الانتخابات، وشروط المقاطعة، ومضمون العمل الثوري في مؤسسات الديمقراطية البرجوازية سنتناول بالعدد المقبل باقي مبررات موقف اليسار الجذري الداعي الى مقاطعة الانتخابات.

    هوامش

    (*) الاتزوفية otzovisme معناها الاستدعائية. كان الاستدعائيون كتلة من الكتل المتصارعة داخل التيار البلشفي عام 1909 ، لا سيما بعد تدشين الدوما الثالث سنة 1908 وفي صدد مسالة الاشتراك فيها. هم اصحاب فكرة استدعاء (سحب) نواب الحزب من مجلس الدوما يمبرر انه مؤسسة غارقة في الرجعية، ولا مكان لاي ثوري حقيقي فيها، وكل من يدخل صار تصفويا وتخلى بالتالي عن الثورة. (**) الانذاريون ultimatistes بلاشفة كانوا يحوزون آنذاك سطوة كبيرة ، اتهموا لينين بالانتهازية وشكلوا كتلة خاصة بهم. الفرق بين الاستدعائية والانذارية طفيف في الجوهر . الانذارية " لا نستدعي نوابنا بل نوجه اليهم انذارا ليخضعوا لقرارات اللجنة المركزية وعند الرفض يتم سحبهم"
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    حزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي بعيون الاخرين Empty رد: حزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي بعيون الاخرين

    مُساهمة من طرف رياضي الثلاثاء أغسطس 11, 2015 2:07 pm

    حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي أقوى الأحزاب بالمغرب

    مصطفى بوهو
    2013 / 11 / 19


    قد تبدو الفرضية/ العنوان أعلاه، بالنسبة للكثيرين- إن بالمغرب أو خارجه- متضمنة للكثير من الأنانية أو حتى النرجسية، وقد يكون صاحبها مخبولا أو مجنونا او لا يفقه شيئا في الأحزاب السياسية ولا بشؤونها الداخلية والخارجية ولا ما شاكل ...، خصوصا وأن الإعلام الداخلي والخارجي والنظام المغربي يصنف الحزب ضمن أصغر الأحزاب السياسية، فقط لكونه:
    • غير ممثل في البرلمان والمؤسسات الدستورية، ارتباطا بنتائج الانتخابات المحصل عليها في أول تجربة يخوضها سنة 2007 بالنسبة للانتخابات التشريعية والتي كانت مزورة بامتياز أكثر مما كانت عليه كل التجارب الانتخابية السابقة، وسنة 2009 بالنسبة للانتخابات الجماعية التي حصد فيها الحزب بعض مقاعد جماعات قروية وحضرية في إطار التحالف الديمقراطي غير أنه اتخذ موقف المقاطعة في انتخابات 2011 السابقة لأوانها لكون الحزب متموقف من التعديلات الدستورية الأخيرة لسنة 2011، والتي قدم بشأنها مذكرة قوية تضمنت مطالبه الدستورية والقانونية، على غرار موقفه في كل التجارب الانتخابية السابقة بدءا من تاريخ تأسيسه قانونيا سنة 1993، تماما كما كان موقفه من أول دستور لسنة 1962 في إطار الحركة الاتحادية الأصيلة في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية آنذاك، والذي ترتبت عنه هجمة شرسة على قيادات الحزب المركزية والإقليمية حينها ولم ينج من الاعتقال إلا من رحم ربك؛
    • واستحضارا لعدم استفادته ظلما وعدوانا من الدعم المالي الممنوح للأحزاب الأخرى خصوصا منها الممثلة في البرلمان منذ التأسيس المذكور؛
    • وارتباطا بسلسلة القمع والتعتيم والمحاكمات السياسية والملاحقات والترصد في كل وقت وحين... التي تعرض ويتعرض لها يوميا مناضلوه ومناضلاته من قبل أجهزة الدولة المخابراتية وشبكة المقدمين والجواسيس العابرة للأحياء والدواوير؛
    • وكونه لا يتوفر على جريدة ناطقة بلسان حاله، ولا بدعم مالي على غرار الدعم الممنوح للأحزاب عن الصحافة والمنشورات طبقا لقانون الأحزاب...
    لكن الحقيقة ستثبت بعد التحليل- مع الأسف بالنسبة لهؤلاء- صحة الفرضية؛
    1. من الناحية التنظيمية والمالية:
    هو من الأحزاب المنظمة مركزيا ب: كتابة وطنية، ولجنة مركزية، ومجلس وطني، ومؤتمرات وطنية منتظمة، ومنظم إقليميا ب: كتابات إقليمية، وفروع محلية، وخلايا، ولجان قطاعية... ويتوفر على مقر مركزي، ومقرات إقليمية في أغلب الأقاليم التي يتواجد بها تنظيميا وقانونيا ونضاليا، ومن المرتقب أن تتشكل أجهزة جهوية في الأمد المنظور وبمقرات جهوية...
    واجتماعاته منتظمة عموديا وأفقيا وبنصاب مكتمل في الغالب، إلا إذا كان عذر أحد الإخوة الأعضاء، في أحد الأجهزة المذكورة، قاهرا.
    ومناضلوه مقتنعون ومؤمنون بالخط السياسي للحزب وبالمشروع المجتمعي الذي يريد تحقيقه على أرض الواقع: مجتمع متحرر وديمقراطي واشتراكي، تسوده الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وكل قيم حقوق الإنسان المتعارف عليها عالميا...، لذا فهم في الغالب - بحكم تشربهم للمبادئ الحزبية وللخط السياسي للحزب- مناضلون أشداء: مناضل ب 100 رجل، ويناضلون في المواقع التي يتواجدون بها سياسيا ونقابيا وحقوقيا وجمعويا، بكل ما أوتوا من قوة، وعلى أساس التواجد النضالي التمثيلي في المنظمات الجماهيرية التي يعملون بها، وبهيمنة فكرية متخلقة لا تسلطية عددية...
    أما من الناحية المالية، فرغم عدم استفادة الحزب ظلما وعدوانا من الدعم المالي الممنوح للأحزاب السياسية وفق قانون الأحزاب ولا من الدعم الموجه لصحافتها ومنشوراتها، فإنه يتمتع باستقلالية مالية لا نظير لها، مصدرها جيوب مناضليه، طبعا على حساب قوت يوم أبنائهم ومتطلباتهم اليومية... (وبالمناسبة فقد ربح الحزب قضية الدعم المالي في المحكمة الإدارية بالرباط الصادر حكمها لفائدته بتاريخ 10/10/2013، وقد استأنفته الكتابة الوطنية لداعي عدم كفاية المبلغ المحكوم به لجبر الأضرار التي تسببت فيها الدولة للحزب)... كما أنه قد لجأ إلى الصحافة البديلة التي استجدت مع التطورات الإلكترونية العصرية وشبكة الأنترنت ذات الصيت الذائع في العالم...
    وواجب إيجار المقرات الحزبية مؤدى في الغالب، وبعض المقرات الحزبية التي تشكو من صعوبات وبذمة المناضلين المؤجرين لها تراكم شهور من الإيجار بسبب أزماتهم التنظيمية والمالية في الغالب، فيعتبر هما مركزيا للحزب بأكمله، ارتباطا بنتائج اجتماع المجلس الوطني الأخير المنعقد في دورة استثنائية خاصة بالتنظيم والمالية، بتاريخ: 27 أكتوبر 2013 بالرباط...
    كما أن المناضلون الطليعيون هم من يؤدون واجب التنقل مركزيا وجهويا وإقليميا، ويؤدون واجب الماء والكهرباء للمقرات الحزبية، واشتراكات الحزب في التحالفات والتنسيقات التي تجري مع الأحزاب والمنظمات والنقابات الصديقة: مركزيا وإقليميا، والهاتف والأنترنت والاستقبالات...إلخ
    ذلك ما لا يتوفر في أغلب الأحزاب المشاركة في البرلمان، لأنها ممولة من قبل الدولة من الناحية المالية، وقواعدها الحزبية مرتبطة بالفترات الانتخابية لا أقل ولا أكثر من الناحية التنظيمية، وتتسع دائرتها تارة وتضيق تارة أخرى، ولا تتورع عن شراء الذمم في هذه الفترات الانتخابية وكراء سماسرة ودجالين من أجل تزوير الانتخابات وإفسادها لصالحها؛
    وانتظام مناضليها في هياكلها المركزية والجهوية والإقليمية انتظام انتهازي في الغالب سعيا وراء منصب أو موقع تنظيمي أو موقع مهني... ونتائج الانتخابات المحصل عليها مزورة ومرتبطة بفساد العمليات الانتخابية منذ أول تجربة لها في الستينيات إلى الآن من قبل النظام، ومن قبل بارونات الانتخابات والعصابات الملحقة بهم في كل التجارب لحد الساعة، حتى صارت الدولة عاجزة عن أي إصلاح في هذا المجال رغم الترسانة القانونية للنظام الانتخابي والاجتهادات الجارية في اتجاه الإصلاح..
    ولا تجتمع تلك الأحزاب ضمن أجهزتها إلا ضمن أجندة مرتبطة بالانتخابات، أو وفق أجندة مطلوبة منها، ارتباطا بقضية الصحراء مثلا، أو بالقصر في حالة تعرضه لبعض ما من شأنه المس بهيبته محليا ودوليا، إلى آخره من الحملات التي تتحكم فيها أجهزة الدولة المربتطة مباشرة بالقصر.
    2. من ناحية تواجده بالمنظمات الجماهيرية:
    أ‌. عمل الحزب على تأسيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب سنة 1962، والتي كان لها الدور الفعال في تصليب عود هيئة الدفاع في المغرب، والنضال الحقوقي والقانوني والتشريعي في مجالات القضاء التي عرفت وتعرف الكثير من الفساد، خصوصا باستحضارنا للمحاكمات السياسية الجائرة والموجهة بالتعليمات المباشرة من القصر وذوي النفوذ من أل الجاه والسلطان والصولجان، في القضايا السياسية الكبرى التي عرفها المغرب في الستينيات والسبعينيات والثمانينات والتسعينيات... والتي كان عنوانها الأبرز: الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بكل تلاوينها: الاختطاف والاختفاء القسري، والقتل والاغتيال السياسي خارج نطاق القانون، والاعتقال السياسي، والتعذيب، والاغتصاب، والترحيل الفردي والجماعي...، وكان للجمعية الدور الأبرز في فضح هذه الأجواء التي تتم فيها الاعتقالات، ومساطر البحث والتحقيق، والمحاكمات، وصدور الأحكام بسنوات السجن بالجملة، وبالإعدامات التي كانت تنفذ بالمناسبة إلى حدود سنة 1993...
    ب‌. والحزب من مؤسسي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان سنة 1979، وعمل بها بقوة منذ التأسيس إلى حدود مؤتمرها السابع، وأدى مناضلوه ثمنا باهظا من الاعتقال السياسي والاختفاء القسري وكل أصناف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان... من التأسيس إلى ذلكم الحين.. وكانت أقوى الحملات التي شنتها الدولة على الحزب هي: فيما بعد 8 ماي 1983، ارتباطا بالمشكل الداخلي المفتعل بتاريخه في اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية آنذاك، وبقيت الجمعية قوية بهذا التواجد الحزبي الوازن والنضالي، حتى فتور هذا التواجد من المؤتمر 8 ثم التاسع ثم العاشر (وهو الأخير) إلى حد الآن، ارتباطا بأجندة ومواقف حزب النهج الديمقراطي الأكثر تسلطا عليها بفعل التجييش لمنخرطين لا علاقة لهم في الغالب لا من بعيد ولا من قريب بحقوق الإنسان، وبتجييش من يسمون: المستقلين- غير المستقلين طبعا-، لأن مناضلي الحزب خبروهم بالفعل: إن في مؤتمرات الجمعية، أو دورات اللجنة الإدارية أو المجلس الوطني، وامتداد ذلك مع الأسف في الجموعات العامة التنظيمية، على الخصوص، في الجهات والأقاليم والدوائر... ما أدى إلى تدني مستوى العمل الحقوقي في الجمعية، وبعده يوما عن يوم عن خدمة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا... وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد تعرض رئيسها بورزازات: مصطفى بوهو في خلال فترتين انتدابيتين له على رئاسة الفرع ل:
    • استنطاق معمق من قبل السيد النائب العام لمحكمة الاستئناف بورزازت بأمر من السيد وزير العدل؛
    • ولعدة محاولات استقطابه من قبل DST أو ما يعرف بدائرة الأمن الترابي بورزازت، أفشلها كلها ولم تفلح في استمالته ولو قيد أنملة- ولأول مرة يكشف هذا السر عبر هذه المقالة للقريب وللبعيد؛
    كما تعرض الرئيس الحالي: أحمد أشهوض لاعتداء من قبل مجهولين في فترة انتدابية سابقة بمناسبة تبني الفرع ملفا مترتبا عن حركات التهريب بامحاميد الغزلان في شخص عباس السباعي ذي الارتباط مع عائلة واسعة في زاكورة وامحاميد الغزلان والصحراء وضمنهم ناس يؤمنون بالانفصال طبعا.
    وقد صار مطروحا الآن على الحزب مراجعة تواجده داخل هذه الجمعية الحقوقية من عدمه، والتأسيس لبديل لو دعت الضرورة لذلك، رغم مرارة ترك الجمل وما حمل: تنظيميا وماليا ونضاليا وتاريخيا...
    ت‌. وساهم الحزب مساهمة قوية وفعالة في تأسيس منتدى الحقيقة والانصاف سنة 1999، كهيئة مختصة في الدفاع عن قضايا ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب، والذي يرجع له الفضل في في تحريك ملفات من هذا النوع بتنسيق خصوصا مع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، وهي المنظمات الحقوقية التي كانت وراء إحداث مجلس استشاري لحقوق الإنسان وملحقاته، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤخرا في سنة 2011.
    ث‌. وللحزب دور كبير في تأسيس الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، والتي لم يعترف لها بصفتها القانونية وطنيا لحد الساعة، وهي الجمعية المتخصصة في الدفاع عن الحق في الشغل بالنسبة لمنخرطيها الحاصلين على الشهادات العليا، وفي إطار هذا التأسيس تعرض رفيقنا محمد شرار، وهو عضو الكتابة الوطنية للحزب بورزازات حاليا، للاعتقال فضلا عن الاعتقال الذي تعرض له أيام الحملة الانتخابية من أجل مقاطعة انتخابات 1997؛
    ج‌. تأسيس مناضلين حزبيين لمرصد العدالة بتاريخ: 9 أكتوبر 2010 استهدافا ل:
    • العمل على فضح الفساد المستشري وسط العدالة؛
    • تقوية العمل المشترك من اجل الدفاع عن استقلال القضاء باعتباره بوابة أساسية لمقومات دولة الحق والقانون؛
    • متابعة وضعية العدالة بالمغرب من خلال رصد القوانين التي تنظمها ومتابعة مدى ملاءمتها مع الصكوك الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة؛
    • التصدي للخروقات التي تعرقل السير العادي للعدالة وتحول دون استقلال القضاء.
    وليس كرد فعل مباشر للفتور المسجل في العمل داخل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان كما قد توهم البعض.
    ح‌. والحزب هو ضمن المؤسسين الأساسيين للرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة سنة 1993، وناضل من أجل عقد مؤتمرها التأسيسي بالدار البيضاء والذي تم منعه من قبل الدولة رغبة منها في عرقلة التأسيس مهما كان الثمن، وعمل على تأسيس الكتابات الإقليمية في مختلف الأقاليم اعتمادا على إمكانيات المناضلين وعلاقاتهم الذاتية، وضمنوا ذلك أساسا بتعبئة زوجاتهم وصداقاتهم بل وأقربائهم... غير أنه لا يتناطح عنزان الآن، بكون الرابطة قد ابتعدت عن الحزب أيما ابتعاد، وصارت مواقفها وبعض علاقاتها الداخلية والخارجية - رغم ما يبدو عليها من تقدمية- منساقة وراء طموحات لا أول لها ولا آخر... ولا داعي لقلب المواجع استحضارا لعلاقاتنا الطيبة مع الكثير من الصديقات الحزبيات وغير الحزبيات في الرابطة؛ وصار لزاما على الحزب تأسيس إطار بديل يكون ذرعا قويا له في العمل النسائي.
    خ‌. وهو من مؤسسي الكونفدرالية الديمقراطية للشغل سنة 1979، وعمل بها منذ ذلك الحين إلى حد الآن، وهو مؤمن كما سبقت الإشارة بالتواجد التمثيلي بهيمنة فكرية متخلقة لا تسلطية عددية، ومناضلوه متواجدون بهياكلها المركزية والجهوية والإقليمية، ويعملون بكامل التجرد بها خدمة لقضايا الطبقة العاملة، إيمانا منهم بأن الحزب إنما هو حزب الطبقة العاملة، وهي المؤهلة بأن تناضل من أجل التحرر والديمقراطية والاشتراكية- كما قال عمر بن جلون... ويؤدون ثمن نضالهم تاريخيا في هذه النقابة العتيدة والمناضلة والصامدة: إن بالتوقيف أو الطرد من العمل، أو بالمحاكمات المستندة في الغالب للفصل 288 (مجموعة القانون الجنائي)، أو للمطاردة والتهديد... أو ما شاكل؛
    ونسوق على سبيل المثال ما تعرض له المناضلون الطليعيون في هذا الإطار من هجوم على حرياتهم والتضييق عليها حتى المس بشخصياتهم المعنوية في إطار اشتغالهم المهني:
    • فقد اعتقل الأخ عبد المجيد بومليك بما هو الكاتب الإقليمي للحزب بورزازات وزاكورة وتنغير وعضو مكتب الاتحاد المحلي للكدش بورزازات، بمعية الأخ عمر أوبوهو، بما هو الكاتب الإقليمي للاتحاد المحلي للكدش، والكاتب الإقليمي أيضا للحزب الاشتراكي الموحد بورزازات وثلاث مناضلين آخرين/ على خلفية الأحداث التي نتجت عن التصعيد النضالي داخل الاتحاد المحلي من أجل المطالبة بالحقوق الشغلية لفائدة الطبقة العاملة التي شنت عليها حرب لا هوادة فيها بالطرد التعسفي والتضييق على الحريات النقابية والحرمان من الحقوق الشغلية والحق في الإضراب...في كل من بلير وكرم بلاص، ودار الضيف، وشالوكا... ووار كاز، ومناجم إيمني، ومناجم بوازار...
    • كما تعرض الأخ عبد المجيد بومليك للمتابعة القضائية بعد موقف مقاطعة الحزب لانتخابات2011، ونفذ منها بجلده، إذ صدر في حقه حكم البراءة في المحكمتين: الابتدائية والاستئناف بورزازت؛
    • كما تعرض الأخ محمد مودود بما هو عضو الكتابة الإقليمية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي بورزازت وزاكورة وتنغير، وعضو مكتب الاتحاد المحلس للكدش أيضا، للعديد من المحاكمات على خلفية تزعمه للحركة النقابية بفندق بلير خصوصا، حيث كان مستخدما قبل تسوية ملفه الإداري بتوصية من المجلس الوطني لحقوق الإنسان وصار موظفا بوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، ولازالت إحدى محاكماته جارية وأجلت جلستها الثانية ليوم 7 نونبر 2013 مناقشة ملفه لجلسة ثالثة إلى تاريخ لاحق..
    • كما تعرض ويتعرض الأخ أحمد اشهوض بما هو عضو الكتابة الإقليمية للحزب، وعضو مكتب الاتحاد المحلي للكدش بورزازت، ورئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، للكثير من الملاحقات إن بالشارع العمومي أو حتى بقرب منزله بحي تابونت- جماعة ترميكت، او خلال أسفاره وتنقلاته؛
    • كما تعرض الأخوان عبد المجيد بومليك بما هو مدير مؤسسة تعليمية تأهيلية، وأحمد أشهوض بما هو مدير لمؤسسة تعليمية ابتدائية، للكثير من الشطط الإداري بسبب تقارير مغلوطة تبلغ السلطات العاملية على الخصوص من قبل الأجهزة المخابراتية، حيث تم استفسار الأخ عبد المجيد بومليك في سابقة خطيرة لا مثيل لها من قبل السيد وزير التربية الوطنية شخصيا، بمعية الأخ عمر ابوهو كما هو مشار إلى صفاته أعلاه فضلا عن كونه مدير مؤسسة تعليمية ابتدائية على خلفية تقارير مغلوطة سجلت عليهما عدم تواجدهما بمقرات عملهما؛ وكاد أن يوجه لهما استفسار آخر من قبل النيابة الإقليمية هذه المرة بمعية الأخ أحمد أشهوض مؤخرا ودائما بناء على تقارير مغلوطة تتوصل بها السلطات العاملية بالإقليم وعلى خلفية ملف كونفدرالي آخر محسوب على الحزب الاشتراكي الموحد تجري محاكمته بمراكش؛
    والحزب بورزازت لا يشك - ولو قيد أنملة- بأن مناضليه إنما يتعرضون لما يتعرضون له بأوامر عليا من قبل وزارة الداخلية ووزارة العدل والحريات أساسا، ويحمل الدولة كامل المسؤولية في أي مس بأمانهم الشخصي والجسدي وبحرياتهم العامة، بما فيها حرياتهم النقابية والسياسية والجمعوية...
    د‌. كما أن العديد من التنظيمات النقابية بالمغرب، والتي يهيمن عليها مناضلون نقابيون حزبيون قد عادت إلى الاتحاد المغربي للشغل، كما هو الشأن في مدينتي: قلعة السراغنة وكلميم وغيرهما، ولا زالوا يناضلون نقابيا في إطار التنظيمات الرسمية الحالية للاتحاد.
    ذ‌. كما أسس الحزب ذرعا شبابيا وتربويا شبيبيا له تمثل في جمعية التنمية التربوية للشباب المعروفة اختصارا ب ADEJ، دون أن ننسى مساهماته الفعالة في هذا المجال في تاسيس جمعية مواهب، وجمعية الشعلة... دون ذكر الجمعيات ذات البعد الإقليمي التي ساهم مناضلو حزب الطليعة في تأسيسها، وجمعيات الأحياء والتعاونيات والتعاضديات... إلخ؛
    ر‌. كما أن للحزب مشاركة فعالة وقوية في إرساء دعائم حركة 20 فبراير بدءا من سنة 2011، وساهمت شبيبته خصوصا في نضالاتها وبقوة منذ بدايات الحركة لحد الآن، هذه الحركة التي كان لها الفضل الكبير في إبراز المغرب ضمن دول العالم العربي، التي شهدت ما يسمى إعلاميا بالربيع العربي، والذي اتسمت تجربته مغربيا بالكثير من التميز والحضارية رغم حالات الاستشهادات، والاعتقالات السياسية المسجلة في إطار الحركة، والتي يطالب الحزب بالإفراج الفوري عنها دون أي تأخير، وجبر ضرر العائلات التي فقدت ذويها في إطار الحركة...

    ز‌. تحالفات الحزب:
    إن التحالف السياسي القوي الذي أسس له الحزب إنما هو في إطار تحالف اليسار الديمقراطي مع كل من حزبي: المؤتمر الوطني الاتحادي والحزب الاشتراكي الموحد، حيث دخل معهما أول تجربة فريدة في المغرب ضمن الانتخابات التشريعية والجماعية المذكورتين، وتنسيق المواقف في العديد من القضايا: الدستورية والانتخابية وغيرها، وصدرت عنه عدة بيانات بمواقف موحدة، ودخل بدءا من 17/03/2013 في أفق مشروع سياسي جديد وأهم على مستوى العالمين: العربي والإقريقي، يرتقي بتحالف اليسار الديمقراطي نحو "فيدرالية اليسار الديمقراطي" الذي قدمت من أجل إرسائه لحد الساعة:
    • ورقــة سياسيــة من أجل أفق واضح و موحد للنضال الديمقراطي؛
    • ومشروع نظام أساسي للفيدرالية؛
    ونوقشت هاتين الورقيتين على مستوى كل جهات المغرب خلال شهر يونيو 2013، وقد تم إغناؤهما بالكثير من الملاحظات والتعديلات والإضافات رفعت إلى الهيئة التنفيذية للتحالف، ولازال النقاش جاريا على هذا المستوى من أجل أجرأة الفيدرالية على أرض الواقع.
    وفي مستوى أقل أسس الحزب بمعية نفس الأحزاب، بالإضافة إلى حزب النهج الديمقراطي ما يسمى: تجمع اليسار الديمقراطي، وذلك أيام كان الحديث عن التحالف الاستراتيجي بين الطليعة والنهج، في زمن شهد على الخصوص التنازل الديمقراطي من قبل الطليعة لفائدة النهج عن رئاسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بعد الفترة الانتدابية الأخيرة للنقيب الأستاذ عبد الرحمان بنعمرو... وقد فتر العمل في إطاره لأسباب عديدة أهمها الخلافات بين الحزبين بشأن: قضية الصحراء، والانتخابات... وخصوصا استحواذ النهج الكلي ،حاليا، في سابقة خطيرة على مستوى المغرب، على الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وعمله بكل ما أوتي من قوة من أجل إقصاء الحزب من أجهزتها المركزية وتحجيم تمثيليته فيها ما أمكن- خصوصا بمناسبة انعقاد المؤتمرين الوطنيين للجمعية: التاسع سنة 2009، والعاشر سنة 2012، حيث صار يطرح على الحزب خلال المؤتمر الأخير، بكل صفاقة ووقاحة، تمثيليته ب: كوطا+ Bonus/ وما عسانا نقول سوى: إذا أوكلت الأمور لغير أهلها فانتظر الساعة.. وكل ذلك كرد فعل على ما أسموه إقصاءهم من رئاسة منتدى الحقيقة والإنصاف في الفترة الانتدابية الثالثة للمناضل الطليعي محمد الصبار على رئاسته بإرادة قوية من منخرطي المنتدى وليس منة من أحد، وقد صار بكل جدارة واستحقاق أمينا عاما للمجلس الوطني لحقوق الإنسان تبعا لذلك، وساهم مساهمة فعالة في وضع الظهير المؤسس له بخلفية جمعوية واضحة المعالم – استنادا إلى مبادئ باريس المتعلقة بالمؤسسات الوطنية بشكل تقريبي بما سمح به الهامش التشريعي للنظام السياسي السائد بالمغرب في فترة شهدت تصعيد النضال السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي من قبل حركة 20 فبراير سنة 2011.
    هذا طبعا دون الحديث عن التحالفات والتنسيقات الظرفية التي تنعقد في الأقاليم ما بين الحزب والأحزاب المذكورة على الخصوص بما فيها النهج الديمقراطي والمنظمات الجماهيرية المذكورة أعلاه وغيرها حسب الموضوع والظرفية.
    من أجل ذلك دفع الحزب ثمنا باهظا في فاتورة الاستشهاد والاختطاف والاغتيال السياسي في إطار الجرائم السياسية المرتكبة من طرف النظام السياسي ضده بكل أجهزته القمعية والتسلطية المتجبرة، والتي كان أغلبها بالمناسبة مؤسسا من أجل ضرب الحزب ومناضليه تحت الحزام وفوقه بدون هوادة، ولا يخفى على أحد في المغرب وخارجه القضايا الشائكة لحد الآن لكل من: المهدي بن بركة، وعمر بنجلون، وشيخ العرب/ سيدي أحمد أكوليز، ومحمد كرينة، وعمر دهكون، ومحمد بنونة، وابراهيم التزنيتي... واللائحة طويلة، والتي عسر على أذرع النظام الحقوقية: المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وضمنه هيئة التحكيم بشأن التعويض عن الضرر الفردي على الخصوص لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وهيئة الإنصاف والمصالحة، التي تبنت مقاربة أوسع في مجال كشف الحقيقة، وجبر الضرر الفردي والجماعي، واتخاذ الإجراءات الدستورية والقانونية والتربوية والإعلامية... من أجل تفادي عدم التكرار... ثم المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط... ولحد الآن لم يتسن لهذه الملفات الشائكة ضمن الكثير غيرها إيجاد الطريق السليم نحو المعالجة النهائية وإيجاد تخريجة منصفة لها، مما يبقي ملف الانتهاكات الجسيمة مفتوحا حتى إشعار آخر؛
    ولا أعتقد أن هناك أي حزب في المغرب ساهم بهذه القوة في تأسيس الإطارات الجماهيرية التقدمية والديمقراطية من النوع الوازن المشار إليه، والتي لها التأثير الكبير في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوقية والنسائية والإعلامية بالمغرب... ولا قدم حجم وعدد الشهداء الذين قدمهم الحزب، ولا ساهم في الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والحقوقي والنسائي والإعلامي بالمغرب ومن خارج المؤسسات الدستورية طبعا... وعليه استحق حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي أن ينال وسام الحزب الأقوى بالمغرب أحب من أحب وكره من كره... ولمناضليه الحق في الافتخار بذلك رغم ما يعرف عليهم من تواضع حد الضيم، والهوان في الكثير من الحالات مع الأسف...

    ملحوظة لا علاقة لها بما سبق:
    ورد في بيـــــان الكتابة الوطنية للحزب بتاريخ 5 مارس 2011 بشأن إحداث "المجلــس الوطنــي لحقــوق الإنســان" أن هذا المجلس لن يكون أحسن من سابقيه على مستوى الاختصاص والتنفيذ حيث وقفت الكتابة الوطنية، في اجتماعها الأخير، على ما أعلنته وسائل الإعلام، عن تأسيس لمجلس حقوقي جديد أطلق عليه "المجلس الوطني لحقوق الإنسان" يرأسه السيد إدريس اليازمي وأمينه السيد محمد الصبار، الذي لا تربطه بالحزب أية علاقة تنظيمية." وهو البيان الذي سجل موقف الحزب بشأن هذا التأسيسP
    وما يهم فيما ذكر هو عبارة: "..وأمينه السيد محمد الصبار، الذي لا تربطه بالحزب أية علاقة تنظيمية" التي تضع الحد الفاصل بين الحزب وأحد مناضليه الأشداء: محمد الصبار، والذي لا يمكن أن يكون إلا طليعيا حتى النخاع لحد الآن، رغم تهم التخوين والانبطاح والوقوع في أحضان المخزن التي تعرض لها من قبل أعدائه وبعض اصدقائهم/ وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند؛
    ولن نتحدث ولو ببنت شفة عن عدد من الأشخاص الذين كانوا بالحزب وغادروه سواء إلى أحزاب أخرى أو لمجرد ترك العمل الحزبي نهائيا: عن طيب خاطر، أو بتوقيف، أو بطرد، أو بخلفيات انتهازية أو ما شاكل من الخلفيات، ولا يسعنا أن نقول سوى أن: مسيرة القطار لا زالت في الطريق، فمن شاء فليركب، ومن شاء فلينزل.. ولا يظلم ربك أحدا
    - See more at: http://www.ssrcaw.org/ar/show.art.asp?aid=387715#sthash.R2JNuFxa.dpuf
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    حزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي بعيون الاخرين Empty رد: حزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي بعيون الاخرين

    مُساهمة من طرف رياضي الثلاثاء سبتمبر 22, 2015 1:24 pm

    [color=#66ccff][/color]
    المؤتمر السابع لحزب الطليعة : قنطرة عبور من الضفة اليسرى إلى الضفة
    اليمنى بعد أن أسدل الستار عن أشغال المؤتمر الأخير لحزبنا ) نتمنى ألا
    يكون المؤتمر الآخِر. كسر الخاء(، يمكن المناقشة كما تعودنا في الأيام
    الخوالي. الوثائق المعروضة على المؤتمر ؛ خاصة المقررين السياسي و
    التنظيمي و خطاب الافتتاح و ما تخلله من رسائل مشفرة ، ما سمي ب "التقرير
    العام" الذي أعده و ألقاه الكاتب العام بالنيابة عبد الرحمن بنعمر في
    الجلسة العامة الأولى و كذا تصريحاته لبعض الجرائد خلال الأسابيع الأخيرة
    ؛ تفيد بكل وضوح أن رهان المؤتمر كان أمرين متلازمين : الأول هو تبني
    شعار الملكية البرلمانية و تسويغه بشعار آخر كي تستقيم الأشياء و هو
    الدولة الوطنية الديمقراطية ، مع الاحتفاظ الشكلي على الأفق الاستراتيجي
    المتمثل في بلوغ المجتمع الاشتراكي على المدى البعيد ، طبعا في ظل
    الملكية البرلمانية . الدولة الوطنية الديمقراطية ، هذا المفهوم المستعاد
    من أرشيف نسيه الجميع ، نفظ عنه الغبار فجأة ليشكل قطب الرحى في التقرير
    الذي رقي إلى مقرر سياسي . و أما " الهدف الستراتيجي المرحلي المستعجل "
    ، أي الملكية البرلمانية ، فإن تحقيقه مشروط بتوحيد و تجميع شتات اليسار
    في الحزب الاشتراكي الكبير القادم بحول الله بعد اندماج مكونات التحالف .
    الأمر الثاني المراهن عليه في المؤتمر هو انتزاع موقف القبول بالاندماج
    مع حزبي المؤتمر و الاشتراكي الموحد " الإعداد التنظيمي لمرحلة الاندماج
    " ، ذلك ما صرح به قائدنا بنعمر أكثر من مرة لبعض الصحف الوطنية بلغة
    قطعية لا لبس فيها و بصيغة الأمر المقضي و المحسوم ، و هو ما يشكل تأثيرا
    و توجيها استباقيا للمؤتمر و تطويعا له . ما أشبه اليوم بالبارحة. وقائع
    المؤتمر أطوارالعبور فبعد ثلاث سنوات من اغتيال الشهيد عمر بنجلون و قع
    الانحراف في الاتحاد الاشتراكي ؛ و بعد ثلاث سنوات من الغياب الاضطراري
    لشقيقه أحمد بسبب المرض الذي أقعده ، يعاد السيناريو نفسه في حزب الطليعة
    . هل هي مجرد مصادفة أم هو مكر التاريخ و غدر الزمن ؟ في أحد اجتماعات
    اللجنة التنفيذية للتحالف ، و إثر إلحاح من الأمين العام للاشتراكي
    الموحد حول الموقف من الاندماج و المدة المرتقبة لتحققه ، رد بوطوالة أن
    تقديره هو" أربع سنوات ". كان ذلك بعد انتخابات 2007 و بعد مرض أحمد
    بنجلون . أعاد مجاهد الكرة بعد انتخابات 2007 الجماعية ، وجاء الرد مرة
    أخرى على لسان بوطوالة نفسه ، بأن أفق الاندماج هو " 00 سنوات إلى 01 سنة
    كأبعد تقدير" . لقد مدد المسافة الزمنية هذه المرة، و السبب هو أن
    الكتابة الوطنية، بعد الاعتراض على قصة الأربع سنوات، ناقشت بصفة رسمية و
    مسئولة موضوع الاندماج، و أجمع الحاضرون و بدون استثناء أن شروط الاندماج
    غير متوفرة بالبث و المطلق في الأمد المنظور. و المحاضر موجودة لكل غاية
    مفيدة . و قد أحيل الموضوع على اللجنة المركزية استعدادا لندوة مشتركة
    للتحالف، و كان الاتجاه العام هو عدم نضوج الشروط، و الإخوة الحاضرون في
    الاجتماع و في الندوة المشتركة لابد أنهم يستحضرون أطوار المناقشة في
    المحطات الثلاثة. معنى هذا أن الرفيقين العزيزين بوطوالة و بنعمر يغردان
    خارج السرب ، و لا يقيمان أي اعتبار لقرارات الكتابة الوطنية و اللجنة
    المركزية . أكثر من هذا ، لا يمل رباعي قيادي في الحزب و لا يكل من ترديد
    و تأكيد أن المناضلين لا يفهمون و ينقصهم التكوين . و هو أمر يؤشر على
    استحكام عقلية بيروقراطية عنترية تحتقر و تستصغر الطاقات التي يزخر 2 على
    4 بها الحزب . هذا ما سمح للنقيب بنعمر أن يصرح للجرائد أكثر من مرة ، و
    قبل أن يقرر أي جهاز حزبي ذلك ، أن الحزب بصدد الإعداد التنظيمي لمرحلة
    الاندماج ، و كأنه يستعجله لغرض لا نعرفه . فعلا سيكون من الصعب على أي
    كان فهم ما هو مضمر عند الغير ، الذي يعتبر نفسه الوصي الأبدي على الحزب
    و أعضاء الحزب . إليكم مثال عن المضمر : تم تأجيل موعد المؤتمر بدعوى عدم
    جمع "الفلوس " و هو مبرر لم يكن مقنعا ، مما اضطر اليزيد أن يقول " حتى
    يدوز هادشي باش نعرفو راسنا مرجلينا" . يقصد حتى تهدأ عاصفة 20 فبراير و
    يمر الدستور و الانتخابات . و لكن المبرر المقدم أمام اللجنة المركزية ل
    "تقرر " التأجيل هو عدم تنفيذ الكتابات الإقليمية لقرار استخلاص الموارد
    المالية الضرورية لتغطية نفقات المؤتمر. هكذا و بقدرة القادر أصبحت
    الكتابات الاقليمية هي المذنب . ما معنى انتظار أن تتضح الأمور ؟ .
    الجواب هو أن سقف الملكية البرلمانية الحاضنة للدولة الوطنية الديمقراطية
    ما كان ليمر بيسر و لا بعسر كشعار في مرحلة أوج مسيرات20 فبراير، شعار
    كان قد ورد في مشروع التقرير السياسي مؤشرات التحول شتان ما بين
    المؤتمرين السادس و السابع. ففي الأول، حيث لم يكن ربيع و لا مسيرات و لا
    مظاهرات و لا سقوط رؤساء، استشهد أحمد في جلسة الافتتاح بالآية الكريمة
    من الكتاب المبين، نقلا عن أحد المشايخ الغاربة و مذكرا بالمناسبة، و هي:
    "إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها و جعلوا أعزة أهلها أذلة. و كذلك
    يفعلون " . صدق الله العظيم . ولا داعي للمزيد . أما في المؤتمر الأخير ،
    و أتناء تقديم بوطوالة لفقرات الجلسة الافتتاحية قال : " أننا و رغم نصف
    قرن من النضال و التضحيات لم نستطع أصلاح الملكية " و أكد ذلك في اللجنة
    السياسية بمركب الهرورة باتمارة. إنه يختزل بشكل مضلل و إصلاح الملكية".
    و لماذا إذا كل « مغلوط رهان الحزب و حركة التحرير و اليسار المغربي و
    غيرهم طيلة نصف قرن في هذا الذي كتب في التقريرين السياسي و التنظيمي و
    البيان الختامي. أم أن رفيقنا الأعز علِيّاً نسي أمهات تراثنا الفكري
    الذي كان و لا يزال يلقنه للغير ؟. مرة أخرى و في اجتماع للهيئة
    التنفيذية للتحالف ، بعد 20 فبراير و قبل 2 مارس ، حيث أخبر مجاهد و
    لعزيز أن السقف الأعلى لحزبيهما هو الملكية البرلمانية و لا شيء سواها ،
    و أن 20فبراير أقصى ما يمكن توقعه منها هو تحقيق بعض المطالب السياسية ،
    استعار أخونا بنعمر هذه القناعة إلى الحزب و دافع عنها بشراسة لم نعهدها
    فيه ، دافع عنها كأنها شرط وجود ، و وجد القبول من طرف أغلب أعضاء
    الكتابة الوطنية ، مما فرض عرض الأمر على اللجنة المركزية حيث كان الرأي
    الغالب فيها هو رفض تبني هذا الشعار، و التشبث بالنظام الديمقراطي و باقي
    الأنظومة الحزبية ، دون تحديد تسمية لهذا النظام . و على إثر دعوة الحزب
    للإدلاء برأيه أمام لجنتي المنوني و المعتصم ، اجتمع المجلس الوطني ، و
    كان لا مفر من تقديم أجوبة و مقترحات محددة على أساس أن ورش صياغة دستور
    جديد أصبح مفتوحا "للمفاوضة " تحت ضغط الشارع و ضغط ما وقع في تونس و مصر
    و الضغط الخارجي و ضغط الصعود الملفت للرجعية الظلامية . هكذا و تحت هذه
    الظرفية قبل المجلس الوطني بشعار و مطلب الملكية البرلمانية، هذا القبول
    فهمه البعض على أنه شيكا على بياض و استعملوه أسوأ استعمال لتغيير اتجاه
    الحزب . على هامش الاجتماعات حيث يتحرر النقاش من الشكليات ، أجمل عبد
    الرحمان بنحيدة الأمر كما يلي : نقيم الحجة على النظام من خلال إظهار حسن
    النية و المبادرة الإيجابية بتقديم مطلب الملكية البرلمانية و ما يؤثثها
    من لواحق في هذه الأجواء ، و هي فرصة أمام المخزن ، إن التقطها كان أحسن
    ، و إن رفض و ناور و عجز عن الاستجابة لنبض الشارع و هو الاحتمال المرجح
    ، صار شعار " ارحل " هو البديل الذي لا مناص منه . الجلسة الأولى:
    التقرير العام. كما لاحظ أغلب المتدخلين ، فإن ما قُدم على أنه التقرير
    العام باسم اللجنة المركزية ، لم يكن كذلك بأي وجه من الوجوه ؛ لا تحليل
    و لا روح و لا شمولية ، بل جزئي و وصفي و غاية في البساطة ، عبارة عن
    كرونلوجيا اجتماعات التجمع و التحالف و فقرة عن التنظيم بما يخدم
    الفقرتين الأوليين ، ألفه الرفيق بنعمر بمفرده و لم يضف و لا ملاحظة
    واحدة مما 3 على 4 اقترحه أعضاء الكتابة الوطنية حسب إفادة البعض منهم ،
    إن شكل و مضمون التقرير يشهدان على ذلك و لا حاجة لإفادة أحد . دعك من
    هذا ، فالمهم هو استنطاق المضمون غير المكتوب و هو : أن كل ما يشغل بال
    كاتب التقرير فردا كان أو مجموعة شيء واحد و لا شيء سواه، و هو الاندماج،
    أما التجمع و التحالف فهما مجرد محطات على الطريق. هذا ما يفسر تأكيدات
    بنعمر الانفرادية للصحافة الوطنية بأن حزبنا اليوم بصدد الإعداد التنظيمي
    لمرحلة الاندماج. بلغة خشنة نحن بصدد التحضير لشيء لم يطاوعني القلم
    لكتابته. و لست أدري كيف لا يستشعر من لهم غيرة على هذا الحزب خطورة ما
    قيل و ما مورس وما يحضر له. الجلسة العامة الثانية تم تمرير الملكية
    البرلمانية إلى البيان الختامي بالحيلة و المراوغة، إليكم أطوارها: في
    المرحلة الأخيرة من أشغال اللجنة السياسية، تُليَ التقرير الذي سيقدم
    أمام الجلسة العامة. من بين الخلاصات، حصل اعتراض واضح على م.ب و اختلاف
    على العلمانية، ولما اتضح لليزيد أن م.ب لن تمر خاطب بوطوالة في شبه نجوى
    قائلا : " حَيّدها وخليها للبيان العام" ، حصلت اعتراضات من جديد ملحة
    على حذف الملكية البرلمانية و العلمانية و الأمازيغية من جميع وثائق
    المؤتمر، اعتمد هذا التوجه و على أساسه انتهى اجتماع اللجنة. و مع ذلك
    جاء ذكر النقاط الثلاث بما يخالف رأي اللجنة ألسياسية مرة أخرى اعتراضات
    و احتجاجات واسعة على ما قدمه المقرر و ارتبكت رئاسة المؤتمر، فكانت
    شهادة منسق اللجنة السياسة لمباركي بأن ما قرأه السباعي لم يعكس بكل صدق
    ما قررته اللجنة. كانت النزاهة الفكرية و النضالية تقتضي إخبار الجلسة
    العامة بتوصية اللجنة السياسية لحذف النقط الخلافية الثلاث أو الأربع من
    الوثائق النهائية، أو على الأقل القول أن هناك رأيين. و للمؤتمر واسع
    النظر. للمرة الثالثة انقسم المتدخلون في الجلسة العامة إلى مدافعين و
    معارضين في القضايا الأربع : م.ب و العلمانية و الاندماج و الأمازيغية.
    رأيان واضحان في كل واحدة من هذه المسائل، و هي سياسية بامتياز و ليست
    تحاليل و لا مجرد كلام غير ذي قيمة. كان على رئيس المؤتمر و هو سيد
    العارفين، أن يبث في كل مسألة على حدة، من خلال ملاحظة الاتجاه العام
    للمناقشات، أو عرضها على التصويت إن بدا تكافؤ و توازن الرأيين. و هي
    نقطة نظام المسطرية التي قدمتها بعد أن حاول المتوكل بإصرار غريب منعي من
    الكلام ،أنا الذي لم أتدخل و لو مرة واحدة طيلة أشغال المؤتمر، حدث هذا
    بعد طرح رئيس الجلسة )المتوكل( مشروع المقرر السياسي مع تقرير اللجنة
    المعنية للمصادقة، هكذا بصفة إجمالية (en vrac) متجاهلا تجاهلا تاما
    أجواء المناقشات و المواقف المحددة و المعبر عنها بدقة. و قد نبهت في
    نقطة نظام تلك، أن على الرئاسة طرح مسألتي الملكية البرلمانية و
    العلمانية للتصويت أو أن تعطي خلاصة على ضوء تقديرها للاتجاه العام في
    المسألتين موضوع الاختلاف حتى يغادر الجميع و هم على بينة من أمرهم.
    تقاطرت الاعتراضات من القاعة محتجة على الرئاسة و مزكية مسطرة الوضوح بل
    حذف نقط الخلاف من الوثيقة، وقعت الرئاسة في مطب، أنقذها اليزيد مرة أخرى
    باقتراح لا يقل دهاء و مراوغة، و هو رفع نقط الخلاف الثلاث) م.ب و
    العلمانية و الأمازيغية( و إحالتها على المجلس الوطني ليقرر فيها بعد
    تنظيم ندوة في كل موضوع ، زاعما أن الأمازيغية وحدها ستستهلك وقتا طويلا
    من المناقشة إذا أردنا البث فيها و في النقط الأخرى حالا. قال هذا و هو
    يعلم مثله مثل رئيس المؤتمر و كل الحاضرين أن حصة المناقشة انتهت و
    استنفذت و لا يجوز فتحها من جديد بأي حال من الأحوال. كان إقحام
    الأمازيغية بهذه الصيغة من طرف اليزيد تخويفا و تعجيزا و تعويما، علما
    أنها لم تكن بنفس إلحاحية النقط الأخرى، و هو ما نبهت إليه في حينه، أي
    التعويم و تجريد المؤتمر من سلطته لإحالتها على المجلس الوطني و ربح
    الوقت الكافي لعملية الترويض. و هكذا كان. فقد صادق المؤتمر على إحالة
    النقط الخلافية على المجلس الوطني ليبث فيها بعد الندوات. المنطق و
    الأخلاق النضالية يقتضيان إذن احترام إرادة المؤتمر بتعليق و سحب هذه
    النقط من كل وثائق المؤتمر إلى حين البث النهائي فيها. لنر إن كانت
    القيادة ستحتكم للديمقراطية و تتقيد بهذا القرار و تنضبط له. جاء الخرق و
    عدم الانضباط و المراوغة حالا و مسرعا، في احتقار سافر لذكاء المناضلين و
    بعزم عجيب في تمرير المراد مهما حصل و بكل الطرق. 4 على 4 فبعد الاستماع
    إلى مشروع البيان الختامي، الذي لم تطلع عليه اللجنة السياسية و لم تقل
    فيه كلمتها كما كان مقررا في جدول أعمالها ، اتضح أن بوطوالة تعامل مع
    قرار الإحالة المشار إليه أعلاه كأنه لم يكن nul et non avenu) ( . رئاسة
    المؤتمر تظاهرت بالبلادة و بعدم الانتباه لهذا التناقض الذي سيجرنا إلى
    حكاية الناسخ و المنسوخ. إذ كيف يقرر شيء في المقرر السياسي و يعلن في
    البيان ما يناقضه. أي عبث أكثر من هذا ؟. علما أن بعض المتدخلين في
    مناقشة البيان، لاحظوا هذا التناقض/المقلب، ذكّروا بقرار الإحالة المشار
    إليه أعلاه، و طالبوا بحذف النقط المحالة على المجلس الوطني و خاصة
    الملكية البرلمانية من البيان ليحصل الانسجام بين القرارين و بين
    الوثيقتين، أي البيان و المقرر السياسي. بعد توالي أكثر من عشر أعضاء على
    الميكرفون في مناقشة البيان، طلبت من رئيس المؤتمر تسجيلي في قائمة
    المتدخلين، رفض رفضا قاطعا بدعوى أن اللائحة أغلقت. و قد أغلقها فعلا لما
    وقفت أمامه لأطلب التسجيل. ترى هل كان رفيقي المحترم سيفعل نفس الشيء لو
    أن الطلب جاء من بعضهم ؟ . و بعد ، لماذا حصل ما حصل ؟ ما حصل كان بسبب
    الثقة المطلقة و غير المشروطة للقواعد الحزبية و المناضلات و المناضلين
    في قيادتهم. الثقة المطلقة تعني الاقتناع التام بقدرة و كفاءة و إخلاص و
    نزاهة و حسن طوية القيادة موضوع الثقة. و أما الثقة غير المشروطة فتعني
    عدم الاعتراض و لا التشكيك و لا الرفض و لا المجادلة في القيادة و في كل
    ما يصدر عنها مهما فعلت و قالت و مهما قررت و مهما سلكت و تصرفت و حتى إن
    أخطأت أو تقاعست أو هرمت، فكل ما يصدر عن الشيخ هو الصواب و الحقيقة و
    الأمر المطاع، و ما على المريد سوى الطاعة و التنفيذ، و إلا طرد من
    الطائفة. و أما التشكك المنظم، فقد ذهب مع أصحابه، و الشق الثاني من
    المركزية الديمقراطية، قد أصبح مسخا تحول بدوره إلى مركزية. هكذا تحولت
    قيادتنا، و وضعت نفسها موضع التقديس و التنزيه. و بدأ الحزب يضعف و يضعف،
    و اللوم يقع دائما على القواعد و الأجهزة الإقليمية و المحلية و
    الوظيفية. أما مواضيع العمل الجماهيري الحقوقي و النقابي و النسائي و
    التنظيم الشبيبي و الانتخابات و الإعلام وتوسيع القاعدة الحزبية الخ
    ..... فقد أعود إليها في مناسبات أخرى. هل يتسع صدر القيادة و داعميها
    لهذه الانتقادات و الاختلافات ؟ ذلك ما ستكشف عنه الأسابيع ألمقبلة علما
    أنني مدرك لكثرة " الخصومات" التي نسجتها حول نفسي. محمد العمراني
    10\4\2012

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 06, 2024 5:22 pm