أوضاع السجناء والمؤسسات السجنية بالمغرب
يكشف التقرير السنوي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان لسنة 2009 وكذا مذكرة الجمعيات والمنظمات الحقوقية حول أوضاع السجناء والمؤسسات السجنية وعلاقة المندوبية بالمجتمع المدني والمنظمات الحقوقية المقدمــة إلــــــــــــــى الوزير الأول المغربي، عن الوجه الخفي الآخر لتدهور حقوق الانسان في بلادنا، من هنا تأتي أهمية نشر المعلومات المتعلقة بالسجون المغربية من اجل دفع النضال الحقوقي الى الأمام
التقرير السنوي حول الأوضاع العامة بالسجون
خلال السنة 2009
إن المتتبع للأوضاع العامة بالسجون ،لابد وأن يلحظ الإهتمام الواسع الذي توليه الصحافة والمؤسسات المغربية والدولية الحكومية منها وغير الحكومية، لهذا المرفق الذي قد يتجاوزعدد نزلائه 75 ألف سجين وسجينة، والذي يتطلب من الساهرين على تدبيره الحرص على احترام القانون المنظم له وهو القانون 23/98 ، والتقيد بالقواعد النمودجية الدنيا لمعاملة السجناء الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة،والتي تحث الدول الأعضاء على الإحترام الكامل لحقوق السجناء والسجينات.
والجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي تظل حريصة على رصد وتتبع الأوضاع بالسجون نظرا للحجم الكبير للإنتهاكات التي يتعرض لها السجناء والسجينات ،والتي تحول الأوضاع السالبة لحريتهم في الغالب من فضحها والتبليغ عنها ،وبالتالي فإن أهم المعطيات والمعلومات التي يتم الإشتغال عليها تظل محدودة خاصة بعد تعيين حفيظ بنهاشم - المسؤول الأمني الكبير المبعد سابقا، على عهد وزير الداخلية الأسبق ادريس البصري- مندوبا عاما على السجون ،والذي أقفل باب الحوار وبالتالي الزيارات التفقدية التي كانت تقوم الهيآت الحقوقية للسجون ، وهو الأمر الذي يوضح عودة الدولة لاعتماد المقاربة الأمنية في تدبير السجون ،والإبتعاد بشكل كبيرعن المقاربة الإصلاحية التي كان بعض المدراء العامين منذ منتصف عقد التسعينات ومابعده ، قد بدأوا في التأسيس لها ، وهي المقاربة التي تتوخى- بالتعاون مع هيآت المجتمع المدني - جعل المؤسسات السجنية مراكز للتأهيل وإعادة الإدماج لكي لا تغذو مؤسسات لتفريخ الإجرام المنظم، والمجرمين المحترفين، وبالتالي فإن هذا التقرير لايشمل وجهة نظر الجهة المكلفة بالسجون ، مادامت قد أغلقت باب الحوار ، وأوقفت حتى إمداد الهيآت الحقوقية بالتقرير السنوي التي تعده ، والذي كان المسؤولون السابقون عن القطاع يرسلونه بالبريد دون حتى طلبه في سلوك انفتاحي على الحركة الحقوقية أصبح مفقودا في الوقت الراهن.
ومن الضروري قبل الشروع في التعرض للأوضاع العامة في السجون من حيث ظروف الإقامة والنظافة والإستحمام والزيارة والفسحة والصحة والتغذية ومتابعة الدراسة والمعاملة والإستفادة من العفو وأوضاع موظفي السجون أن نؤكد على المعطيات التالية
أ - إن ساكنة السجون في غالبيتها العظمى، ضحية الخروقات التي تمس حقوق المواطنين والمواطنات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفي نفس الوقت الحقوق المدنية والسياسية ، وبالتالي يجب الإبتعاد في مقاربة الأسباب التي تقود إلى الجريمة عن المقاربة التبسيطية التي ترجغ ذلك إلى الإنحراف ، وقلة التمسك بالقيم الأخلاقية ، لأن مجمل الجرائم المرتكبة تعود بالأساس إلى انعدام الإحساس بالطمأنينة ،وغياب الحد الأدنى للحياة الكريمة ، أمام استمرار البون الشاسع بين قلة تنعم بخيرات البلد بالطول والعرض، تبديرا وفسادا ونهبا وتهريبا للأموال للخارج ،وغالبية الشعب التي تعيش تحت وطأة الفقر والقهر واللامستقبل للأبناء ، وهو الأمر الذي لايمكن إلا أن تتولد عنه حالات الإحباط واليأس ،والتوجة لكل الوسائل لتوفير كسرة خبزوالإستمرار في العيش فقط
ب - إن المئات من ساكنة السجون هم كذلك ضحايا غياب الديموفراطية والمس بحرية الرأي والتعبير والمعتقد والحق في الممارسة السياسية والإنتماء النقابي والجمعوي ،ويشمل ذلك الجزء الأكبرمن معتقلي مايسمى بالسلفية الجهادية،والطلبة في فاس وأكادير ومراكش ،والنشطاء الصحراويين ،و النقابيين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وكذلك ضحايا الحركات الإحتجاجية السلمية لسكان عدد من القرى والمداشر والمدن حتى
وأمام ماتشهده الأوضاع العامة من تراجعات تمس حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، و المدنية والسياسية ، فإن المواجهة ستستمر بين الضحايا ومنتهكي حقوقهم وسوف لن تستطيع الدولة بمقاربتها الأمنية أن توقف نضال الشعب المغربي من أجل حياة كريمة ومواطنة بكافة الحقوق،وبالنتيجة فإن تدبير وتسيير السجون سيكون أصعب في السنوات المقبلة
ج - إن تأكيد الجمعية على ماسبق يوازيه التأكيد كذلك على الضرورة القصوى للإهتمام بالموارد البشرية التي تضطلع بالإشراف على السجون، من حيث تحسين أوضاعها المادية والمعنوية برفع أجورها و تحسين شوط عملها بالتكوين والتأهيل المستمرين، والعمل كذلك على تشبعها بثقافة حقوق الإنسان،لتنهض بمهمتها في احترام تام لحقوق وكرامة السجناء
* إن السابقة الخطيرة، التي قام المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج السيد حفيظ بنهاشم بالتهجم على السيدة خديجة رياضي رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان السيدة خديجة رياضي ، ونائبها السيد عبد الإله بنعبد السلام في إجتماع معه، يوم الأربعاء 02 دجنبر2009، بمقر المندوبية العامة لإدارة السجون وبدعوة منه للتداول في موضوع رسالتين وجهتهما الجمعية للمندوبية، تتعلقان بأوضاع سجناء مايسمى بالسلفية الجهادية بسجني عين علي مومن بسطات وعكاشة بالدار البيضاء، والتي وصلت حد التبجح بسرد إنجازاته منذ توليه هذه المسؤولية معتبرا السجون في المغرب أحسن من السجون في كل الدول العربية والإفريقية وأحسن من السجون حتى في فرنسا.بل و التهجم على كل المنظمات الحقوقية التي تصدر تقارير تفضح واقع حقوق الإنسان بالمغرب معتبرا أن ما تقوم به يستهدف منه البحث عن التمويل، و على الصحافة التي اتهمها بالكذب وافتعال الأحداث،متباهيا بماضيه في الاستخبارات والأجهزة الأمنية كدليل على وطنيته… إلى غير ذلك من الكلام المستفز. ورغم محاولة مسؤولي الجمعية إرجاع النقاش إلى الموضوع والتركيز على المشاكل التي كاتبت الجمعية بشأنها المندوب العام للسجون فإن هذا الأخير لم يقبل من مسؤولي الجمعية طرح آرائهما ومواقفهما مما يقدمه المندوب من تبريرات لما يجري بالسجون التي يقول أنها بخير، مكررا الكلام حول ما تقوم به الجمعية من تقارير حول أوضاع حقوق الإنسان معتبرا أنها تلطخ وجه المغرب. ولما أوضح ممثلا الجمعية أن الذي يلطخ وجه المغرب هم الذين ينتهكون الحقوق والحريات، تهجم بشكل قوي عليهما مصرحا أن على من لا يعجبه المغرب كما هو عليه الآن فليغادره قائلا بوقاحة "خرجوا من البلاد". وهو الأمرالذي دفع رئيسة الجمعية ونائبها لاستنكار التهجم عليهما كمدافعين عن حقوق الإنسان وهما يقومان بواجبهما، وأعلنا احتجاجهما على سلوك المندوب العام لإدارة السجون وانسحبا من الإجتماع ، توضح التراجع الكبير في العلاقة بين المندوبية العامة للسجون و الحركة الحقوقية المغربية والدولية كذلك ، في نتاقض مع العلاقة السابقة المبنية في مجملها على الإنفتاح والحوار وهو ماساعد في تالكثير من الأحيان على التعاون لحل بعض المشاكل والأزمات التي عرفتها السجون سابقا
إذن سنحاول في هذا التقرير حول السجون تقديم حصيلة الأوضاع العامة بالسجون اعتماداعلى:
أ - الشكايات المنوصل بها من السجناء وعائلاتهم .
ب - التقارير المنجزة من بعض فروع الجمعية .
ج - التقارير والتغطيات الصحفية للأوضاع العامة بالسجون.
س - الإقامة وتوزيع السجناء
الإقامة
السجن المحلي سيدي موسى بالجديدة يعرف اكتظاظا ملحوظا يفوق طاقته الإستيعابية بكثير حيث تقارب ساكنته في بعض الفترات 7000 سجين ،وهو مايحول حياة النزلاء إلى جحيم
سوف نتعرض لمشكل الإكتظاظ الذي تعرفه السجون من خلال بعض النمادج لنوضح حجم المعاناة التي تحياها ساكنة السجون ، للوقوف على أسباب ذلك،ولاقتراح الحلول الممكنة للمعالجة
السجن المحلي سيدي موسى بالجديدة يعرف اكتظاظا مهولا حيث يقيم به أكثر من طاقته الإستيعابية التي لاتتعدى 1000 سجين ب % 50 حيث يبلغ نزلاءه 1500 سجين
السجن المحلي بالحسيمة يعرف اكتظاظا منذ سنوات حيث يتجاوز طاقته الإستيعابية ب % 200 حيث يعيش السجناء داخل زنازن من كثرة تكديس السجناء بها إلى حد شعورهم بالإختناق
السجن المحلي بقلعة السراغنة يعرف وضع اكتظاظ مأساوي حيث تبلغ ساكنته 1000 سجين في الوقت الذي لاتتعدى طاقته الإستيعابية 600 سجين
السجن المدني بإنزكان يعرف وضع اكتظاظ كارثي حيث يتم حشر مثلا 86 سجينا في زنازان لاتتعدى مساحة الواحدة منها 40 مترا مربعا ، أي بمعدل 80 إلى 85 سنتيمترا لكل سجين
السجن المحلي ببني ملال يعرف اكتظاظا يحول الإقامة فيه إلى جحيم حقيقي إذ يتجاوز طاقته الإستيعابيةالتي لاتتعدى 350 سجين بحوالي % 130 حيث يبلغ نزلاءه 800 سجين ،ويتعرض تقرير لفرع الجمعية ببني ملال بخصوص هذا السجن إلى الآتي:" إن الزنازن متسخة وضيقة ، إلى حد أن السجناء لايجدون متسعا لبسط أرجلهم تفاديا للإحتكاك مع الآخرين الذي قد يقود إلى مشاجرات دامية، لذا ينبغي على السجين أن يلقي نظرة قبل انطفاء الأضواء
السجن المدني بتطوان يعرف وضعية اكتظاظ خطيرة حيث يقيم به مايفوق طاقته الإستيعابية بكثير، وبسبب ذلك ينام السجناء ملتصقين وبدون فراش وبأغطية مهترئة ومتسخة
السجن المحلي بآسفي يعرف وضع اكتظاظ يتسبب باستمرارفي نشوب نزاعات بين السجناء نظرا لما للأوضاع التي ينام فيها السجناء من احتكاك مباشر ببعضهم
سجن بولمهارز بمراكش يعرف وضع اكتظاظ كارثي تنشأ عنه مشاكل كبيرة بين السجناء ،ويستغل ذلك لابتزاز السجناء للحصول على مكان للنوم ،وكمثال هو أن المعتقلة السياسية زهرة بودكور وضعت في زنزانة لاتتعدى طاقتها الأستيعابية 12 سجينة في حين تم وضع 42 سجينة بها .أي بمايفوق طاقتها ب250 في المائة
السجن المحلي بتازة يعرف وضع اكتظاظ رهيب خصوصا حي الثوبة المخصص للمعتقلين الإحتياطيين، وهو ما يتسبب في انتقال عدوى الأمراض الجلدية والتنفسية،بل وحالات اختناق ، نظرا لضيق الغرف وغياب التهوية داخلها ،بحيث لاتتجاوز مساحة الغرفة 50مترا يحشر فيها مايتجاوز 100 سجين .أي نصف متر للسجين
إن النمادج التي استعرضناها نحاول من خلالها أن نوضح أنه إذا كانت السجون بكاملها لاتتعدى طاقتهاالإستيعابية 40 ألف سجين وهي تصل أحيانا إلى 76 ألف سجين حسب إحصائيات المندوبية العامة للسجون ، فإن قضاء العقوبة يتحول إلى جحيم حقيقي خاصة إذا مااستحضرنا العناصر التالية
أ - إن توزيع السجناء لايخضع لأية معايير إلا ماكانمن الرشوة والزبونية ،ونسوق في هذا الإطار بعض الأمثلة على ذلك من قبيل
ب - إن المعايير الدولية بخصوص المساحة التي من الواجب توفيرها للسجين هي ستة أمتار مربعة ، وفي المعدل ثلاثة أمتار مربعة( هناك من الدول التي تصل فيها المساحة لتسعة أمتارمربعة) ، إلا أن المعاير المغربية لاتصل حتى المعدل ، وقد سبق للتقارير الرسمية أن صرحت بأن المساحة المخصصة لكل سجين هي متر مربع ونصف أي أنها ناقصة عن المعدل الدولي ب50 في المائة ، وأن القائمين على السجون سيسعون إلى بلوغ مترين مربع للسجين ، ولكننا نلاحظ أنه حتى المتر ونصف لم نبلغه ، مادامت الأمثلة المقدمة وأساسا منها نمودج سجن بني ملال الذي لم تبلغ حتى المتر الواحد ( بين 80 و85 سنتيمترا) وإذا قمنا بفحص دقيق لهذا الأمر بكافة السجون سنجد أوضاعا أكثر كارثية ، خصوصا إذا مااستحضرنا تقارير رسمية في السنوات الماضية من الألفية الثالثة رصدت تجاوز الطاقة الإستيعابيةببعض السجون ب 600 بالمائة ، فلنتصور عندها كم كانت المساحة المخصصة لكل سجين
ج - إن تصريح المندوب العام للسجون للصحافة أن" السجون المغربية لا تملك حق رفض إيداع سجين جديد بداعي عدم توفر مكان للإيواء " يوضح حجم المشكل بمعنى أن المندوب العام يحول حياة السجناء إلى جحيم بوعي كامل منه بحجة أنه لايملك أية صلاحية ، أي أنه يمكنه أن يكدس السجناء كسلعة وصلته وليس كبشر لابد من توفير حد أدنى لهم من الكرامة الإنسانية بغض النظر عما ارتكبوه في حق المجتمع ، أو في مخالفة منهم للقانون الذي ينظم حياة الناس
د - إن واقع الإكتظاظ في بلادنا لايمكن قياسه بالدول الأخرى ، كما يفعل المسؤولون عندما يعمدون للقول بأن ظاهرة الإكتظاظ عالمية وتشهدها كافة البلدان ، فلا قياس مع وجود الفارق،حيث في سجوننا معاناة السجناء من مختلف الفئات والأعمار بالتكدس أثناء النوم واستعمال حتى الأماكن غير المعدة أصلا للنوم ( الممرات ، المراحيض ….)ومايخلقه ذلك من صدام بين السجناء ومن انتقال الأمراض المختلفة وخصوصا منها المعدية، بالإضافة للإعتداءات الجنسية والآثار النفسية والإجتماعية التي تخلقها على السجناء المعتدى عليهم
سنخلص لامحالة إلى ماهي الأسباب التي تقود إلى هذه الوضعية؟ وإذا كنا قد سجلنا سابقا أن السبب الرئيسي يعود إلى الإنتهاك المستمر لحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، و المدنية والسياسية ، فإن هناك أسباب إضافية تساهم في استفحال المشكل ويمكن إجمالها في
ه - لجوء النيابة العامة وقضاة التحقيق يشكل كبير في القضايا المعروضة عليهم من طرف الضابطة القضائية لمسطرة الإعتقال الإحتياطي،مع التأخر في البث لفض النزاعات خصوصا في القضايا الجنحية .وعدم اللجوء لإجراءات الصلح الممكنة، وكذلك وجود عائق في القانون وهو غياب مساطر تتعلق بالعقوبات البديلة غير السالبة للحرية
و - استمرار النظرة الدونية لكل الساهرين على تنفيذ القوانين وإعمالها وحتى عدد كبير من المواطنين والمواطنات وجزء مهم من وسائل الإعلام لكل إنسان كان عرضة للإعتقال والمتابعة دونما الأخذ من جهة بقرينة البراءة، ثم أن الإنسان قد يرتكب خطأ أو مخالفة ، ولكن المجتمع عليه أن يساعده لئلا يعود إليها مرة أخرى ، يتم التنكر بذلك لحقوق السجناء المنصوص عليها في القواعد النمودجية الدنيا لمعاملة السجناء،وفي لقانون المنظم للسجون 98/23 الصادر سنة 1999، والمتعلقة بحقوق حياتية كالحق في الإقامة اللائقة والحق في العلاج ومتابعة الدراسة ، والفسحة والزيارة والإستحمام والترفية إلخ
توزيع السجناء
من المتعارف عليه دوليا هو أن هو أن هناك معايير لتوزيع السجناء عند وضعهم رهن الإعتقال ، وهي ماتسمى بالمعاملا ت الفارقة ، أي التي تفرق هذه الفئة عن تلك ، النساء ، الأحداث ، المرضى ، معتقلي القضايا الجنحية، معتقلي القضايا الجنائية،المعتقلون بسبب الرأي أو الإعتقاد أو الإنتماء السياسي إلخ وهذا لايتضمن أي نوع من التمييز لأنه وفي كل الأحوال لايمكننا أن نضع حدثا مع من هم دون سنه ، كما لايمكننا أن نضع إنسانا اعتقل لعدم آداء النفقة مع معتقل بالسرقة مع استعمال الضرب والجرح ، كما لايمكننا كذلك أن نضع معتقلا سياسيا وسط سجناء الحق العام المتابع البعض منهم بالقتل والسرقة والإتجار في المخدرات إلخ
وإذا كان المعتقلون السياسيون عادة مايناضلون ويقدمون تضحيات كبيرة لفرض هويتهم السياسية ، فإن فئات أخرى لاتستطيع بفعل عوامل ذاتية وموضوعية تحول دونها وذلك
وبعيدا عن الخطاب الديماغوجي للمندوب العام للسجون من أن لافرق بين السجناء فإن ماأوضحناه سابقا يبين ضرورة الفصل بين الفئات من السجناء ، وإلا سنكون متسببين لمشاكل جمة بالنسبة لإدارة السجون، أو للمعتقلين أنفسهم
ومن خلال النمادج التي سنقدمها يتوضح أن الفصل بين السجناء لايعتمد بشكل واسع وهو ماتفضحه الوقائع والتجاوزات التالية
أ - بالنسبة للأحداث فإن المراكز المعدة لهم محدودة وتعد على رؤوس الأصابع ،ولا تشمل النساء طبعا، فليس هناك أي مركز خاص بهم ،وحتى في المدن التي توجد بها هذه المراكز فإن التجاوزات تحصل باستمرار وكمثال
ب - إن إعفاء مدير السجن المحلي بتازة السيد سعيد أعريب جاء على خلفية فرار أربعة سجناء كانوا يقطنون في جناح الأحداث ، وقد تبين للجنة التفتيش الموفدة من قبل المندوبية العامة للسجون أن الفارين متجاوزين لسن الرشد القانوني ، وبالتالي ماكان يجب وضعهم في جناح الأحداث
ج - وبسجن تطوان فإن الفساد الإداري يتمثل في التقسيم العشوائي للسجناءعلى العنابر والأجنحة،وسريان الزبونية في توزيع السجناء على أجنحة من درجات مختلفة ،كل حسب القدر المالي المدفوع للحراس وبعض الموظفين
د - سجني انزكان وتيزنيت بدوره لايحترم مسألة الفصل بين السجناء ، حيث لم يتم عزل المعتقلين السياسيين الذين اعتقلوا في أحداث سيدي إفني حيث وضعتهم الإدارة وسط سجناء الحق العام، ونفس الشيء بالنسبة للطلبة المعتقلين بمراكش وفاس وأكادير ،وكذلك بالنسبة للحقوقي شكيب الخياري ، والصحفي ادريس شحتان ، وعدد من النشطاء الصحراويين دون أدنى مراعاة للطبيعةالساسية لملفاتهم، وقد استطاعوالاحقا بفضل نضالهم فرض عزلهم في عن سجناء الحق العام
ه - السجن المحلي بسلا ، بدوره لايتم الفصل فيه بين السجناء بناء على المواصفات التي تحدثنا عنها وكمثال معاناة الدكتورة ضحى زين الدين التي اعتقلت على خلفية انتمائها لتيار مايسمى بالسلفية الجهادية حيث تم وضعها وسط سجينات الحق العام المتابعات في قضايا القتل والسرقة والنصب والمخدرات والدعارة.
و - السجن المحلي بقلعة السراغنة: على هامش البحث الذي فتح بشأن انتحار سجين سارعت إدارة السجن مباشرة بعدانتشار خبر عملية الإنتحار إلى إعادة توزيع السجناء بشكل منظم ، خلافا لما كان عليه الحال قبل عملية الإنتحار
ز - إن إعفاء مدير السجن المحلي بآسفي ومقتصده نظرا للتجاوزات الخطيرة التي وقفت عليها لجنة موفدة من المندوبية العامة للسجون ، والتي من المفترض أن يكون وضع القاصرين رهن إشارة المعتقلين الكبار للإستغلال الجنسي أحدها ، حيث ضبط المدير الجديد للسجن طفلا قاصرا رفقة سجين محكوم بالإعدام ، وهو مايوضح مشكل توزيع السجناء الذي تحدثناعنه
ح - عدم فصل المرضى في أماكن خاصة بعيدة عن الغرف والزنازن ، ونجد في غالب السجون المصابين بالأمراض الجلدية وأمراض أخرى معدية يعيشون وسط السجناء ، بل الأكثر من ذلك حتى المختلين عقليا يحيون وسط باقي السجناء ، وهو مايشكل خطرا كبيرا على السجناء ، والواقعة التي جرت بسجن عكاشة بالبيضاء والمتعلقة بقتل محمد البوجعدية لاحد أصدقائه دليل على ذلك
س - التغذية
بالرجوع إلى التقارير والشكايات والبيانات المتوفرة للجمعية بخصوص شروط التغذية بعدد من السجون نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر سجون آسفي ، سلا ، المركزي والمدني بالقنيطرة ، إنزكان، آيت ملول ،تزنيت ،عكاشة بالبيضاء،تطوان، بني ملال، سيدي سعيد بمكناس ،سيدي موسى بالجديدة،الحسيمة ،أوطيطا، قلعة السراغنة ،بولمهارز بمراكش ، ورزازات بوركايز، والمدني بفاس ،برشيد ، يسجل مايلي
• رغم ادعاءات المندوب العام للسجون من أن التغذية بالسجون قد تحسنت بالنظر لرفع الميزانية المخصصة لكل سجين يوميا من 5 إلى 12 درهم للفطور والغذاء والعشاء (طبعا لابد من استحضار كذلك الزيادات الصاروخيةالتي عرفتها الأسعار وبالخصوص الخضرخلال السنتين الأخيرتين ..)، فإن 12 درهما لثلاث وجبات قليل وقليل جدا ، ولكن مايؤكده السجناء في شكاياتهم عموما هو أن التغذية رديئة كما وكيفا ، وأن الجزء الأكبر يعتمد إما على قفة العائلة خصوصا منهم الذين يكونون في اعتقال احتياطي قرب أسرهم أو على الحوالات التي يتوصلون بها من ذويهم، ويقضون مايحتاجونه من بعض الدكاكين الموجودة ببعض السجون ، اومما يهرب من مقتصديات ومطابخ السجون ليباع مقابل النقود أو السجائر ، وبالتالي فإن التغذية المقدمة لاتفي بتاتا حتى بالنسبة لما هو مقرر في جداول المندوبية العامة للسجون والتي تدعي أنه يضمن للسجناءوالسجينات غذاء متوازنا يحفظ صحتهم وسلامتهم البدنية، ونسوق كمثال ماحملته رسالة سجين من السجن المحلي بقلعة السراغنة بهذا الخصوص " وبتزامن مع وصول لجنة تفتيش موفدة من المندوبية العامة للسجون ، فوجئ نزلاء المؤسسة بإطعامهم دجاجا محمرا كانوا يفتقدونه ، فلطالما اشتكوا من عدم التزام الإدارة المحلية بمواعيد اللحوم البيضاء والحمراء المقررة من طرف المندوبية العامة للسجون".أوماحملته رسالة لعدد من السجناء بالسجن المحلي بسلا تتساءل بعد حرمانها كم مرة من حصص محددة من التغذية " مثلا في حالة حرمان المعتقلين فقط من بعض حصصهم الغّّذائية بعدم تسليم الإدارة ل200 كيلو غرام من اللحم مخصصة لوجبة 1000 معتقل ليوم واحد في الشهر بالإضافة إلي عدم تحويل 2000 علبة سردين مخصصة ليومين، وقس على ذلك كميات من الخضر والقطاني والبيض والدجاج ، ليتبين حينها في غياب المراقبة والمحاسبة كم هو سهل التلاعب بغذاء السجناء وتجويعهم،ليظهر عندها واضحا أن الميزانية المقررة للسجون تبقى على هزالتها عرضة لسوء التسيير والتدبير إن لم نقل النهب والتلاعب ، وبالتالي فإن مايصرف على السجين لايكاد يصل حتى لخمسة دراهم السابقة ،أو ماحملته رسالة من السجن المحلي عكاشة تفيد"كما يعاني السجناء سوء التغذية ، فالأكل يتأرجح بين العدس والفصوليا (اللوبيا)ويمكن القول أن الماكلة لي كانكلو ديال الحيوانات ، أما اللحم فمكنشوفوهش، وإذا أكلناه فغالبا ما يكون فاسدا"
ومن خلال التقارير دائما يمكننا بسط جملة من المميزات التي تميز الغذاء بالسجون المغربية والتي تلخصها في الأتي
أ - عدم احترام الحصص المقررة من حيث الوزن والإنتظام
ب – عدم جودة المواد التي يحضر بها الغذاء للسجناء بأغلب السجون ،ويتعلق الأمر باللحوم والخضر والقطاني ، والدقيق الذي يحضر به الخبز في بعض السجون ،وهو مايتسبب في مضاعفات صحية ونسوق ماجاء في أحد التقارير لتبيان ذلك:" لذا ينبغي على السجين تفاديا للمشاكل التي يخلقها الإلتصاق في النوم أن يلقي نظرة قبل إطفاء الأضواء لئلا تظأ قدماه رؤوس ورقاب السجناء الذين يغطون في نومهم، سيما أن السجناء يضطرون للإستبقاظ ليلا لقضاء حاجاتهم الطبيعية التي تفاجئهم نظرا لرداءة الوجبات التي تقدم لهم
ج - ضعف النظافة وحفظ سلامة المؤن سواء في الأماكن المعدة للطبخ ، أو المخازن المعدة للتخزين، ونفس الشيء بالنسبة لأواني الطبخ
د - ارتفاع االأسعار في الدكاكين أو المقاصف الموجودة ببعض السجون، بالنظر لأماكن البيع العمومية
ه - تقديم الطعام باردا للسجناء وفي أوقات قبل المواعيد المعروفة ، ومصادرة المواقد أثناء حملات التفتيش، مما يدفع بالسجناء إلى اللجوء إلى وسائل تسخين تشكل خطرا على صحتهم وعلى حياتهم من قبيل الفتيلة ، أو إيقاد النار في العلب الورقية للحليب وما شابهها
س - النظافة والصحة
النظافة
إن واقع النظافة بالسجون لايحتاج إلى مجهود كبير للوقوف عليه ، فأي زائر أو محام أو رجل أمن أو قاض، لابد وأن يشم رائحة الحموضة من المكان المخصص للإعتقال ، أو من السجناء الذين يعرضون على المحاكم ، إلا القليل الذين تسمح لهم الإمكانيات بالتغلب على تلك الروائح بوسائلهم الخاصة ، ونعتقد أن مرجع انعدام شروط النظافة يعود إلى
أ - قلة الوسائل المعتمدة من جافيل وسانكروا ومبيدات الحشرات( خصوصا مع تكاثر الحشرات في فصل الصيف) المتوفرة ، وخضوعها نفسها للتلاعب مما يحول الفضاءات المتعددة بالسجون من زنازن وغرف وممرات وساحات ومرافق صحية