حميد أيت يوسف :المغرب بين واقع الاستبداد والنضال من أجل تحقيق سلطة الشعب
بقلم :حميد ايت يوسف
المغرب بين واقع الاستبداد والنضال من أجل تحقيق سلطة الشعب
عادت كلمة استبداد للتداول على نطاق واسع منذ نهاية سنة 2010 ،خاصة مع بداية الانتفاض ضد الأنظمة الاستبدادية في كل من تونس و مصر، ليصبح فيما بعد مطلب إسقاطه عنوانا لكل الانتفاضات التي أعقبتهما،حتى لا نقول ثورات،لأن الثورة في مفهومها تعني الانتقال من بنية اجتماعية إلى أخرى ومدخله هدم السلطة السياسية القائمة واستبدالها بسلطة نقيض،وإحداث تغيير جذري في البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية الشيء الذي لم يحدث في البلدين المذكورين،نظرا لغياب قيادة ثورية تنظر لها،مما مكن التيارات الإسلامية المدعومة من قبل الامبريالية من الاستفادة من هذه الانتفاضات بالرغم من عدم مشاركة معظمها في الحراك الاجتماعي. وقد كان للكلمة حضور قوي أيضا في شعارات حركة 20فبرايربالمغرب ،حيث صدحت آلاف الحناجر بإسقاطه نظرا لملازمته للميادين السياسية والاقتصادية والثقافية.
لكن ماذا يعني الاستبداد؟وكيف السبيل إلى إسقاطه؟
في الأصل:
لا يكاد تاريخ شعب من شعوب الأرض، يخلو من فصول استبداد ،عمل الحكام من خلالها على إحكام سيطرتهم على مصائر الشعوب ومقدراتها،والتصرف فيها بشكل مطلق.وبالعودة إلى التاريخ نجد أن مواجهته كانت تتخذ تعبيرات متعددة تراوحت بين الخضوع التام له أو مقاومته ،وغالبا ما كانت تنتهي بحمامات دم تنهيه ،أو تأتي باستبداد جديد على أنقاضه.
في المعنى:
إن المصادر المتعددة التي تناولت مفهوم الاستبداد بالتعريف،تكاد تكون متطابقة ،بحيث نجد أن الاستبداد في القاموس العربي الإسلامي”يعني الحزم و عدم التردد في اتخاذ القرار”و تنفيذه.
ولسان العرب يعرف كلمة “استبداد”بأنها تصرف بصورة مطلقة،غير قابل للاعتراض”،ويعرفها نفس المعجم بأنها تعسف،تسلط ،تحكم،كما يورد أن كلمة “استبداد” ظلم ،وفرض الإرادة من دون مبرر.
أما موسوعة السياسة فتورد تعريف “استبداد”على أنه حكم أو نظام يستقل بالسلطة فيه فرد أو مجموعة من الأفراد دون خضوع لقانون أو قاعدة و دون النظر إلى رأي المحكومين”.
و يتضح من خلال مجمل التعاريف أن الاستبداد هو مصادرة للسلطة دون الخضوع لضوابط قانونية و التعسف في استعمالها في حق من هم أحق بها قصد إخضاعهم كرها لنزوات و رغبات الحاكم.
تمظهراته:
لقد ارتبط الاستبداد بالحقل السياسي واجدا في توظيف الأيديولوجيا الدينية،التي تمكن الحاكم من بناء سلطته المطلقة،وتبرير تسلطه باعتباره مستمدا من “الإله” خير سند،و شكل فقهاء البلاط عبر العصور أشد المدافعين عن هذا التوظيف الفج للدين من أجل استمرار الاستبداد، على اعتبار أن الحاكم المستبد ،خليفة الله في الأرض،و كل خروج عليه ،يعد عصيانا “لله”، وزيغا عن الصراط المستقيم.ولعل الحضور القوي للأيديولوجيا الدينية بمضمونيها الرجعي و الظلامي جعل هذه الخلافة تختلف في أشكالها وتتشابه في جوهرها، فمن مراجع الشيعة، إلى أمراء السنة و خلفائها، الجميع ينصبون أنفسهم أوصياء على مصائر الشعوب،بتوظيف مؤسسات الدولة وأجهزتها ،في الوقت*(1)الذي يفترض بالدولة أن تكون محايدة بالكامل في ما يخص أديان الناس و عقائدهم و أيديولوجياتهم،إلا حين يحدث التعارض بين حق الدولة وحق المواطن.
وقد لعب المذهب السني دورا كبيرا في بناء الفكر السياسي السني و إنتاج الاستبداد،و تشكيل غطاء له ،من خلال تبرير الأمر الواقع وتحريم الثورة عليه “مخافة الفتنة “ويتضح ذلك من خلال فكر الغزالي الذي اعتبر السلطة القهرية، إحدى طرق الحكم الثلاثة، إضافة إلى النص والتفويض من رجل ذي شوكة، وقال: *2″لو لم يكن بعد وفاة الإمام إلا قرشي واحد مطاع متبع فنهض بالإمامة وتولاها بنفسه ونشأ بشوكته وتشاغل بها واستتبع كافة الخلق لشوكته وكفايته وكان موصوفا بصفات؛ قد انعقدت إمامته ووجبت طاعته فإنه تعين بحكم شوكته وكفايته ،وفي منازعته إثارة الفتن”.وأضاف:*3″إن السلطان الظالم الجاهل مهما ساعدته الشوكة وعسر خلعه وكان في الاستبدال به فتنة ثائرة لا تطاق ،وجب تركه ووجبت الطاعة له”.
و هذا يحمل في طياته الدعوة إلى الطاعة العمياء للحاكم و تحريم مساءلته أو محاسبته أو الثورة عليه،بغية إغلاق حقل السياسة وإحاطته بهالة من القداسة،لتظل ممارستها حكرا عليه.فهو المؤهل الوحيد لاتخاذ ما يراه مناسبا لشعبه،ومادون ذلك مروق وخروج عن الطاعة.شفيعنا في ذلك ما ذهب إليه محمد عابد الجابري بخصوص الفكر السياسي السني حيث يقول :”إن ما بقي “ثابتا “في الفكرالسياسي السني هو الأيديولوجيا السلطانية.لقد انتهت سجالات المتكلمين وتكييفات الفقهاء إلى الاعتراف بشرعية الواقع”.”من اشتدت وطأته وجبت طاعته”*(4)
المغرب ومصادرة إرادة الشعب:
تعتبر مصادرة إرادة الشعوب شكلا من أشكال الاستبداد،حيث تحرمها من تقرير مصيرها السياسي والاقتصادي والثقافي واختيار شكل الحكم الذي ترتضيه.
والظاهر أن المغرب يمثل نموذجا لهذه المصادرة من خلال الدساتير الممنوحة التي تنفرد الطبقة الحاكمة بصياغتها وفرضها على الشعب المغربي عن طريق استفتاءات يتفق الجميع على التزوير الفاضح الذي يطال نتائجها ،ودون الأخذ بعين الاعتبار الكتلة الشعبية العريضة التي تقاطعها. ولنا في”دستور فاتح يوليوز2011″ المؤبد للاستبداد والحكم الفردي المطلق،خير دليل فهو وإن خص بعض المؤسسات بصلاحيات محدودة متحكم فيها ومحددة سلفا، بخطاب التاسع من مارس لسنة2011،الذي أعلن(بكسر اللام) من خلاله مراجعة الدستور دون إعمال للمعايير الكونية لحقوق الإنسان ،لا على مستوى الشكل فقط،بل على مستوى المضمون أيضا ،فإنه لم يمس الجوهر الاستبدادي للحكم الذي حاولت الوثيقة الدستورية إخفاءه ببعض المساحيق الحقوقية.
كما أن المجال الاقتصادي بدوره لا يزال محتكرا من قبل الطبقة الحاكمة التي تعمل على*(5) إعادة إنتاج التوازنات الطبقية وتحرص على الدعم المستمر للطبقة السائدة من خلال تمكين فئاتها من الاستحواذ على أكبر حصة من الثروة التي يتم إنتاجها بعمل و تضحيات و جهود الطبقات الشعبية* ولعل الارتباط الوثيق للطبقة الحاكمة بمصالح الامبريالية العالمية والاستعمار الجديد جعلها ترهن اقتصاد البلاد بهذه القوى من خلال اختيارات لا شعبية ولا ديمقرطية لقطع الطريق أمام أي محاولة لتحريره من التبعية.نفس الشيء تقوم به المؤسسات الأيديولوجية لدولة الاستبداد إذ تعمل على نشر ثقافة ماضوية مبنية على الخرافة والخنوع و الاستلاب ،رغم مساحيق الحداثة و العصرنة التي تحاول إلباسها قسرا إياها.
بهذا استطاع الحكم إرساء دعائم الاستبداد سياسيا و اقتصاديا و ثقافيا، وصادر حق الشعب في ديمقراطية حقيقية تكون منه وإليه،واتخذ من القمع والتضليل أسلوبا لمنع قيام سلطة الشعب التي مازالت قواه الديمقراطية التقدمية تناضل من أجل تحقيقها ، ويعتبر شعار الموتمرالوطني السابع لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي الذي انعقد بتاريخ 30 أبريل 2012 “بالنضال المستمر تتحقق سلطة الشعب” إقرار على استمرار الاستبداد ببلادنا وانعدام سلطة الشعب التي هي نقيض الاستبداد.
من سبل إسقاط الاستبداد:
إذا كانت سلطة الشعب هي نقيض الاستبداد وبديلا عنه،فإن قيامها على أنقاضه يفرض نضالا مريرا، تتحدد أشكاله انطلاقا من موازين القوى،وموقع الطبقة العاملة و حلفائها في الصراع الطبقي الدائرة رحاه في المجتمع ،وقدرة القوى الديمقراطية التقدمية على تغييره لصالحها ولصالح عموم الشعب الكادح.
وقد سبق لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي أن دعا منذ أبريل سنة 1989 إلى تشكيل جبهة وطنية للنضال من أجل الديمقراطية ،لم تفقد بعد راهنيتها، وتهدف حسب الحزب إلى خلق تحالف سياسي يضم جميع القوى الديمقراطية المناضلة واليسار الحقيقي والمنظمات والهيئات النقابية والمهنية والحقوقية والشبابية والنسائية والفنية والثقافية،وجميع الحركات الاحتجاجية المناضلة ،وشخصيات وطنية مناضلة ومناصرة لقضايا الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية،وقادر على قلب موازين القوى لصالح الطبقات الشعبية في مواجهتها للتحالف الطبقي المسيطر.
من المعلوم أيضا أن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي يتبنى الاشتراكية العلمية كمنهجية وهدف،*(6)قوامها الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج والتبادل،يتصرف فيها المنتجون بواسطة تنظيماتهم ،وجهاز الدولة الذي يكون جهازا في خدمتهم وتحت مراقبة تنظيماتهم الحزبية والمهنية.كما يدخل ضمن أهدافه الإستراتيجية،تحقيق الديمقراطية بمضمونها الشامل سياسيا واقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا،بمحتواها الاشتراكي.و يعتبر مسألة قيام الجبهة الوطنية الديمقراطية جزءا لا يتجزأ من برنامجه المرحلي الآني.
إن دعوة حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي إلى تشكيل وبناء جبهة وطنية للنضال من أجل الديمقراطية،لدليل على غياب الديمقراطية الحقيقية بالبلاد،وأن إرساءها يدخل ضمن مهام القوى الوطنية و الديمقراطية المعنية بهذه الدعوة من أجل التغيير الديمقراطي الشامل،ويرى الفقيد *(7)عبد الغني بوستة السرايري أن هذا التغيير يجب أن يشمل البنية الفوقية السائدة مصحوبا بتغييرات في البنية التحتية كذلك،وعلى رأس التغييرات في البنية الفوقية تأتي مسألة التعديل الجذري و الشامل للدستور في اتجاه إرساء سلطة الشعب كمبدأ ديمقراطي لا محيد عنه، يؤدي حتما إلى إرساء أسس دولة الحق و القانون.وهذا التغيير في البنية الفوقية على الصعيدين القانوني و الأيديولوجي،لابد أن يصاحبه تغيير في البنية التحتية،اقتصاديا واجتماعيا،في اتجاه تحرير الاقتصاد الوطني من التبعية،ووضع حد لكل المظاهر الإقطاعية في النشاط الاقتصادي،كمظاهر الاستبداد واستغلال النفوذ و الرشوة والمحسوبية والريع،و فرض احترام حقوق المواطنة،وسيادة القانون الذي يحمي حقوق الإنسان الاقتصادية و الاجتماعية والسياسية ويحدد واجباته في آن معا،ضمن مبادئ المساواة في الحظوظ و التنافس الإيجابي الحر و النزيه.
وتحقيق هذه التغييرات في المستويات القانونية و الأيديولوجية والاقتصادية و الاجتماعية و السياسية،هي ما يشكل مضمون التغيير الديمقراطي،الذي لن يتحقق إلا بإحداث تحول جدري في موازين القوى الراهنة عن طريق النضال الديمقراطي المختلف عن النهج الانتخابي الذي تنحصر أهدافه في الظفر بمقاعد المؤسسات المخزنية الفاقدة للمصداقية و الشرعية الشعبية و السياسية،إنه نضال يومي و كفاح دؤوب و مستميت على كل الواجهات من أجل تحقيق مصالح الجماهير الشعبية.
ومن وجهة نظر الفقيد عبد الغني بوستة السرايري ،فإن هذا الكفاح يشتمل على حلقتين مترابطتين و متكاملتين.
أولاهما :حلقة الرفض الواعي للديمقراطية المخزنية الشكلية،و المقاطعة النضالية النشيطة لكل محاولة تستهدف تزوير الإرادة الشعبية عبر مؤسسات تتولى تقنين و تطبيع الاستبداد و الحكم المطلق،وقد يختلف البعض مع هذا الطرح إذا ما تم الأخذ بعين النظر أن موقف مقاطعة الانتخابات لا يجب أن يكون موقفا مبدئيا واستراتيجيا في برامج الأحزاب الثورية،*(باستحضارما قاله كارل ماركس عام 1872 في “هاغ ” عند انعقاد مؤتمر الأممية الأولى ،حيث يرى إمكانيات للعمال لأخذ زمام السلطة في أمريكا وبريطانيا العظمى ويحتمل في هولندا بوسائل سلمية بعد أن شكل العمال أغلبية من المواطنين الذين يحق لهم التصويت*(9)وتلخيص لينين لهذا الموقف في كتابه”اليسارية المرض الطفولي للشيوعية”بأن الاشتراك في الانتخابات البرلمانية وفي النضال على منبر البرلمان أمر لابد منه لحزب البرولتاريا الثورية،وذلك بالضبط لأغراض تربية الفئات المتأخرة من العمال،وما دمنا عاجزين عن حل البرلمان البورجوازي وسائر المؤسسات الرجعية أيا كانت فلا بد من العمل داخلها”كما أن البرلمان منصة لنشر المواقف الاشتراكية وفضح اليمين ومساعدا في تنظيم النضالات خارجه،واعتبر(بكسر الباء) أيضا كوما من القمامة ،إذا وقف على قمته الاشتراكي المنتخب يصل صوته إلى مكان أبعد،ويكسبه مكبر صوت يستطيع استخدامه للتحريض الاشتراكي.هذا دون إغفال السياق التاريخي الذي تبلور فيه هذه الموقف.
و ثانيهما:حلقة الفعل و النضال الديمقراطي الدؤوب في كافة الواجهات الاقتصادية و الاجتماعية و الفكرية و الحقوقية و التربوية و الثقافية و السياسية.و يعتبر الفقيد عبد الغني بوستة السرايري النضال الديمقراطي بهذا المعنى ،السبيل الوحيد لإحداث تغيير فعلي في موازين القوى لصالح الجماهير و بفعلها الجماعي الواعي المنظم،لأن التغيير الديمقراطي الحقيقي لا يمكن أن يحققه سوى الشعب المغربي، ليس ككتلة هلامية فضفاضة بل كشعب واع منظم عبر قواه الحية ومنظماته الجماهيرية من نقابات عمالية و فلاحيه،ونقابات التجار الصغار و الحرفيين،و حركة طلابية مناضلة و جمعيات مهنية و حقوقية و ثقافية و تربوية…..،و ليس سواه من الأفراد و الزعامات و المجموعات.
و قد أكد الفقيد عبد الغني بوستة السرايري على أربع ثوابت، لا بد منها لتشكيل الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية.
أولها:المحتوى الطبقي و مبدأ الخط الفاصل بين أنصار الديمقراطية وخدامها، و بين أعدائها و المتواطئين مع الحكم في تزوير الإرادة الشعبية.
ثانيها:التحالف المبدئي،ويعني الالتقاء الموضوعي الواعي والصريح حول أهداف المرحلة بشكل استراتيجي مع احتفاظ كل مكون من مكونات الجبهة الوطنية بقناعته و اختياراته الأيديولوجية و أهدافه البعيدة المدى الخاصة به،و التحالف من أجل إنجاز المهام المرحلية المستعجلة بعيدا عن التحالف المصلحي الظرفي المبني على الانتهازية ،والذي لايضع في الحسبان مصالح الكتلة الشعبية و نضالاتها من أجل التغيير الديمقراطي الحقيقي.
ثالثها:البرنامج الديمقراطي،حيث أن الجبهة الوطنية الديمقراطية المبنية على أسس مبدئية،لا بد أن تحدد لنفسها برنامجا واضحا تتفق عليه جميع مكونات الجبهة عن قناعة والتزام،يعتمد على نقط الالتقاء و الاتفاق التي تشكل القاسم المشترك في البرامج الخاصة لكل مكون من مكونات الجبهة ،مع العمل على توظيف جميع طاقاتها النضالية من أجل إنجازه،و البرنامج لا يتعلق بالحد الأدنى،بالمعنى الإصلاحي،و لا بالحد الأقصى بالمعنى المتطرف المغامر.
و في هذا الصدد يطرح عبد الغني بوستة السرايري في مساهمته حول الجبهة بديلا ديمقراطيا،حيث يلح على ضرورة تنصيص البرنامج النضالي للجبهة على تغيير الدستور تغييرا شاملا في اتجاه التنصيص على الأسس الديمقراطية الآتية:
*الإقرار بالسيادة الكاملة للشعب المغربي،وإليه تعود صلاحيات مراقبة ممارسة تلك السلطات و إخضاعها لإرادته.والسيادة الشعبية هنا مطروحة بمفهومها الكامل”المتعارف عليه”
*احترام حقوق الإنسان بمضمونها الشامل الإنساني الكوني،لكن بتطبيقها الفعلي و الكامل كحقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية.
*الفصل الفعلي و التطبيقي مابين السلط التشريعية والتنفيذية والقضائية،ونزاهته بشكل خاص.
*التنصيص على دولة الحق والقانون الذي يعلو ولا يعلى عليه،وعلى حقوق المواطنة كاملة غير منقوصة.
*التعددية السياسية والمنافسة الفكرية والسياسية الحرة والنزيهة والتعددية الثقافية ضمن ثقافة وطنية متعددة المكونات،وفي إطار وحدة الشعب المغربي التاريخية الراسخة المقدسة.
*إقامة مؤسسات تمثيلية فعلية تعكس إرادة واختيارات المواطنين عبر انتخابات حرة ونزيهة،مؤسسات تتمتع بالسلطات الواسعة في مراقبة الجهاز التنفيذي والحرص على تطبيق التوجهات والخيارات والسياسات المنبثقة عن الاقتراع الشعبي.
مع العلم أن البرنامج المقترح في حاجة إلى المزيد من التدقيق،في ظل الظروف الراهنة.
لقد أكد الرفيق الفقيد عبد الغني بوستة السرايري أن التغيير الشامل والجذري للدستور،لايمكنه أن يكون من صنع حزب أو طرف معين،ولا حتى من صنع الجبهة نفسها،بل يجب أن يتم عبر إطار يضم ممثلين حقيقيين للشعب المغربي،منتخبين بشكل مباشر من طرفه،وذلك قبل أن يعرض للاستفتاء العام والمباشر أيضا،ومن وجهة نظره فإن الصيغة الملائمة لذلك هو المجلس التأسيسي الذي يضم نواب الشعب المنتخبين،كمطلب للشعب المغربي منذ مطلع الاستقلال السياسي،وكصيغة أقبلت عليها الشعوب عبر العالم في مراحل أساسية من مراحل تحررها وتقدمها.
وإذا كان التغيير الجذري والشامل للدستور عبر مجلس تأسيسي هو المدخل القانوني لفتح طريق الديمقراطية،فإنه لامناص لبرنامج الجبهة أن يشمل أيضا مسألة تحرير الاقتصاد الوطني من مظاهر التبعية المطلقة للدوائر الرأسمالية الأجنبية،وتحريره أيضا من المظاهر الإقطاعية في النشاط الاقتصادي من استبداد ورشوة ومحسوبية واستغلال للسلطة والنفوذ…..يضيف الفقيد.
رابعها:الديمقراطية الداخلية،وتهم السير الداخلي للجبهة على أسس ديمقراطية تتجاوزالسلطوية والهيمنة والاحتواء والهيمنة والانفراد بالقرارات الأساسية والزعامات المبنية على الأوهام والشعارات،والديمقراطية الداخلية تبدأ أول ماتبدأ من طريقة تأسيس الجبهة نفسها مادام الهدف منها تحقيق الديمقراطية في البلاد.
لقد تطرقنا بشكل مقتضب لما أورده الفقيد عبد الغني بوستة السرايري حول مسألة الجبهة الوطنية الديمقراطية،مع التأكيد على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار في الوقت الراهن المتغيرات التي يعرفها الواقع السياسي بالمغرب، خاصة ظهور حركة 20فبرايرالتي مازالت تناضل من أجل إسقاط الاستبداد والفساد،وتحالف الاستبداد والظلام،واستهداف الحركات الاحتجاجية ومناضلي اليسار من قبل أجهزة القمع لدولة المخزن والاستبداد،واستخلاص الدروس من المآل الذي أل إليه الحراك الاجتماعي والسياسي الذي عاشته بعض البلدان المغاربية والعربية على السواء.
فهل ستجد دعوة حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي لتشكيل جبهة وطنية ديمقراطية وتجديده الدعوة إلى النضال في إطار جبهة واسعة للنضال من أجل تغيير ديمقراطي حقيقي ،من خلال بيان لجنته المركزية الصادر بتاريخ 15 أبريل 2012، وما تلاه من بيانات استجابة من قبل قوى الصف الديمقراطي التقدمي المناضلة الحاملة للمشروع الاشتراكي؟وهل ستشكل سبيلا من سبل إسقاط الاستبداد وإرساء أسس الديمقراطية الشاملة و تحقيق سلطة الشعب؟ وهل ستتمكن من إعادة الحيوية للنضال الجماهيري والحراك الشعبي وتتجاوز عوائق العمل المشترك في المجالات النقابية والجمعوية وتبني قواعده المحلية لانجاز ما ينتظرها من مهام نضالية مستقبلية كما دعا إلى ذلك حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي في بيان لجنتة المركزية المذكور؟
إن الإجابة على هذه الأسئلة رهين بتوفر الشروط الذاتية والموضوعية لكل مكون من مكونات الصف الديمقراطي التقدمي للتفاعل إيجابا مع الدعوة إلى تأسيس جبهة للنضال من أجل التغيير، ومدى الاستعداد لتجاوز الخلافات والحسابات الضيقة،خاصة وأن الجميع أصبح مقتنعا بضرورتها.
حميد ايت يوسف
ميدلت في:26 يوليوز 2012
إحالات:
*(1) العلمانيّون بين الانتفاضة والاستبداد: الخطاب الزائف ـ محمد ديبوـ شاعر و كاتب سوري ـ الأخبار
(2)- الغزالي، الاقتصاد في الاعتقاد، ص 105، 106، 107
(3)-الغزالي، إحياء علوم الدين الجزء 2 ص 140
*(4) - الجابري، العقل السياسي العربي، ص 362
*(5)مشروع التقرير الاقتصادي المقدم للمؤتمر الوطني السابع لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي*
*(6)كتاب الاستمرارمنشورات الطريق
*(7)حول مسألة الجبهة الوطنية الديمقراطية_عبد الغني بوستة السرايري_”منشورات الطريق”بتصرف.
( الدولة بين ماركس ولينين *حميد كشكولي *العدد 3738 *25/5/2012* الحوار المتمدن.
*(9)اليسارية المرض الطفولي للشيوعية(لينين)