مجلة “وجهة نظر” تخصص عددها الأخير ل “مملكة الريع” في المغرب الضامن للاستبداد والمعرقل للديمقراطية
“ممكلة الريع” هو عنوان العدد الأخير للمجلة المتخصصة في الدراسات السياسية والاجتماعية “وجهة نظر” حيث تلقي الضوء وبشكل أكاديمي وذكي على “سرطان الفساد وشراء الذمم في المغرب” عبر الهبات والمنح ورخص استغلال قطاعات اقتصادية للموالين للنظام القائم وكيف تحول هذ الريع الى آلية لاستمرار السلطة المخزنية وعرقلة الديمقراطية.
ويبرز مدير المجلة الأستاذ حسني عبد اللطيف في الافتتاحية تعريف الريع سياسيا واجتماعيا ويقدم تصورا له في الممارسة السياسية المغربية وكيف أن سياسة الريع تبقى عنوانا بارزا للاستبداد وضمانا لاستمراريته.
ويفسر عثمان الزياني في مقاله “الريع والتسلط، قراءة في جدلية التلازم” مدى زواج الريع بالتسلط وكيف تحول الريع الى أداة حقيقية لمنع أي تطور ديمقراطي في المجتمعات التي تعيش هذه الآفة الخطيرة لأنه يعرقل تطور الحياة السياسية والاقتصادية. ولا يقتصر المقال على الريع بمعناه المادي من منح وهبات بل حتى في الحياة السياسية
ويكتب عبد السلام أديب في العدد مقالا بعنوان “تاريخ اقتصادي الريع في المغرب”، إذ يفصل الخلفية التاريخية لتطور عقلية اقتصاد الريع في المغرب مرتكزا على الريع العقاري مؤكدا “هيمنة السلطة تتم من خلال هيمنتها المطلقة على الأراضي الزراعية ومنحها حق الاستغلال لمن يظهر الولاء”. ويتخذ الكاتب هذه الخلفية التاريخية للريع القائم على الأرض ليتطور مع تطور الدولة المغربية نحو قطاعات اقتصادية مثل الصيد البحري ومقالع الرمال ورخص الاستيراد والتصدير، ويرى في مقاله أن اقتلاع الريع لن يتم إلا بالقوة كما حدث في الدول التي نجح فيها الربيع العربي.
وفي مقال مفصل بعنوان “الريع في معترك الرياضيين”، يبزر منصف اليازغي كيف تحولت رعاية الدولة المغربية إبان الملك الراحل الحسن الثاني الى ريع حقيقي للرياضييين بما في ذلك الإعفاء الضريبي لرياضيين مداخيلهم تفوق الملايين شهريا وكيف أصبح النظام يعمل على منح مختلف الرخص وخاصة النقل للرياضيين المغاربة. ويكتب اليازغي بسخرية أن الكثير من الرياضيين يجتهدون للحصول على مأذونية النقل رغم أنهم يعتبرون من الميسورين مثل عزيز بودربالة ونور الدين النيبت الذي جنى ثورة هائلة من كرة القدم وهشام الكروج أغنى رياضي مغربي.
ولا يرصد عدد مجلة “وجهة نظر” فقط مفهوم الريع وخلفيته التاريخية والفئات المستفيدة منه، بل يقدم مقالات للشعارات السياسية التي رفعت محاربة الريع وعلى رأسها حزب العدالة والتنمية المتزعم للإئتلاف الحكومي. ويكتب رشيد شيريت في مقاله المعنون ب “العدالة والتنمية وهلامية شعار محاربة الفساد” وكيف يحاول هذا الحزب الاستفادة من التجربة الهادئة لحزب العدالة والتنمية التركي في محاربة الفساد وكيف أن السياقات التاريخية لكل حزب تجعل هذه المهمة صعبة بحكم أن الحزب التركي يتحكم في مقاليد الحكم في حين يتفقد حزب العدالة والتنمية المغربي للسلطة الحقيقية التي تبقى في يد القصر. ويوجه رشيد شيريت انتقادا لاذعا لرئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران بشعاره “عفا الله عما سلف” حيث بدأ يبرر الفساد. صاحب المقال يؤكد أن كل محاربة للريع تعني اصطداما مباشرا بين الحزب والمؤسسة الملكية.
ويركز الباحث هشام مليح في مقاله “الدين والمال والسياسة في تاريخ المغرب، نظام الامتيازات الجبائية” وكيف أصبحت الجباية انعكاسا للبنيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السائدة في الدولة المغربية وشكلت الرؤية المركزية للمخزن للمجتمع المغربي والتحكم فيه عبر السيطرة على التحالفات السياسية وتوزيفها لصالحه وكقوة لشل آلية المناهضين للمخزن أو احتوائهم.
ويفتقد العدد لمقال تحليلي يعتمد الأرقام والتقارير الدولية ليبرز بشكل برغماتي وواقعي الكلفة التاريخية لتأثير الريع على تخلف المغرب، إذ لا يمكن فهم مرتبة المغرب ما بين 120-130 في تقارير الأمم المتحدة الخاصة بالتنمية دون معرفة دور الريع الذي تحتضنه السلطة.
ويتضمن العدد مقالات أخرى من ضمنها “العولمة والفساد علاقة تبني أم علاقة إفراز” من توقيع عبد الغني بامو و”الأعيان المحليون في النسق السياسي-الإداري المغربي بقلم محمد المولودي ثم “أسئلة مبدئية حول المرجعية الإسلامية في دستور 2011″ للباحث أوترحو رشيد و”الرأسمال الثقافي في التلفزيون العمومي بالمغرب، برنامج للا لعروسة نموذجا”
نقلا عن :ألف بوست
......................
وجهة نظر : مجلة تعنى بقضايا السياسة والفكر
المدير المسؤول : عبد اللطيف حسني
الرباط : المجلة
وضعية المجموعة : ع. 1 (1998) -->
رقم الترتيب : . G4 . 874
مجموع الأعداد 38
1998 N°1
1999 N°2
1999 N°3
1999 N°4
1999 N°5
2000 N°6
2000 N°7
2000 N°8-9
2001 N°10
2001 N°11
2001 N°12-13
2002 N°14
2002 N°16
2002 N°17
2003 N°18
2003 N°19-20
2003 N°21
2004 N°22
2004 n°23
2005 n°25-26
2005 n°27
2006 n°28
2006 n°29
2006 n°30
2007 n°31
2007 n°32
2007 n°33-34
2008 N°35
2008 N°36-37
2008 n°38
2009 n°39
2010 n°43
2010 n°44-45
2011 n°50
2012 n°51
2013 n°55
2013 n°56-57
2013 n°58
..............................
العدد 38 من مجلة “وجهة نظر” المغربية يسائل:
المخزن العتيق و امتداداته في الدولة المعاصرة
إعداد: عبد الرحيم العطري
في سنتها الحادية عشرة و في عددها الثامن و الثلاثين تفتح مجلة وحهة نظر نقاشا علميا حول المخزن كمفهوم و خطاب و ممارسة في المتن المغربي، و ذلك في محاولة جادة لتأطير و فهم البدء و الامتداد المخزني في تضاريس مجتمع في مفترق الطرق، خصوصا و أن الأمر يتعلق بمؤسسة/ نظام عصي على التفسير كما يقر بذلك مدير المجلة الدكتور عبد اللطيف حسني في مفتتح القول المعنون ب ” المخزن حي لا يموت”، و الذي يؤكد فيه بأنه” كالهواء و الماء ، لا لون له و لا طعم و لا يمكن الإمساك به، غير أن نتائجه المادية على أرض الواقع تبقى ملموسة، إنه المخزن الضارب بجذوره في عمق الماضي المغربي و المتحكم في مساره التاريخي، فخلف الشعارات الصاخبة ، و خلف كل مظاهر العصرنة التي يعيشها المغرب و المغاربة في الوقت الراهن، يبقى الثابت المتأصل الذي يحكم و يتحكم في كل ما نعيشه هو المخزن”.
و لأجل الاقتراب من حقيقة هذا المفهوم الملتبس تقترح المجلة على قرائها عددا من الدراسات التي جاءت مجتمعة بعد مقال افتتاحي للراحل إدوارد سعيد في موضوع “المثقف و مهمة الطعن في المعايير و الأعراف السائدة”، فبعد الأسئلة الشقية التي أججها الراحل حول مهام المثقف، تنطلق الباحثة هند عروب في اكتشاف الماهية و الجذور و الاستمرارية، متسائلة إن كان نظام المخزن يمثل حالة متفردة عصية عن البحث، في سياق إعادة إنتاج خطاطات المخزن ما قبل الاستعماري و صلاته و شبكاته الوسائطية.
الباحث عباس بوغالم سيتطرق إلى الامتدادات المخزنية في المغرب الحديث، مؤكدا بأن المخزن هو المتحكم في قواعد اللعبة و هو المحدد لطبيعة الأدوار التي يجب أن يقوم بها كل فاعل سياسي، ليأخذنا بعدئذ الباحث عبد الرحيم العطري إلى سوسيولوجيا النخبة المخزنية مسائلا شروط الانتماء إلى نخبة النخبة عبر حركة ذهاب و إياب من الأمس إلى اليوم.
“الرياضة لم تفلت من براثن المخزن” ذلكم هو العنوان الذي يقترحه الباحث منصف اليازغي لمساهمته التي حاول من خلالها أن يتتبع صيغ و انبناءات الامتداد المخزني في الحقل الرياضي، في حين سيقدم الباحث عزيز لطرش المخزن الاقتصادي من وجهة نظر الهيئة الوطنية لحماية المال العام، مبرزا أن المخزن الاقتصادي هو الوجه الخفي للمخزن السياسي. لنقرأ في بعدا صورة المخزن في المخيال المجتمعي من خلال مساهمة الباحث صالح شكاك الموسومة ب ” المخزن في الذاكرة الشعبية”.
الباحث يونس السريفي سيحاول تحديد مفهوم النخبة الشريفية في المجتمع المغربي مقدما أمثلة دالة عن اشتغالها و حضورها، فيما سيناقش الباحث فريد المريني أسئلة التقليد و التحديث أملا في مقاربة الحداثة السياسية و اكتشاف ممكناتها و أعطابها في ظل نسق تتوزعه انشدادات إلى التقليدانية و انجرارات إلى الحداثة.
في باب الوثيقة التاريخية القار تهدي المجلة لقرائها أهم ما جاء في العدد 292 من جريدة التحرير الصادر بتاريخ 6 دحنبر 1962 أي قبل يوم واحد من إجراء الاستفتاء حول دستور 62، و هي وثائق عميقة المبنى و المعنى تعبر عن جرأة مفتقدة آنا، و تعبر أيضا عن امتداد الأمس في اليوم، ففيها قال الراحل المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي بأن “المغرب في مفترق الطرق، فإما إلى الخير و إما إلى الشقاء الأبدي و الشر الدائم”، فما أشبه البارحة باليوم.
خارج تيمة الملف نصادف دراسة للباحث عبد المجيد السخيري تناقش المجتمع المدني بين الحقيقة السوسيولوجية و الاستغاثة الإيديولوجية من خلال حالة المغرب، و تحديدا في المأزق الإيديولوجي لليسار، كما نقرأ ” القراءة و السلطة” للباحث محمد مريني عبر مقتربي الحقل و الرأسمال في علاقتهما بمسألة القراءة.
الباحث هشام الشرقاوي سيحلل علاقة المحكمة الجنائية الدولية و حصانة الملك، فيما سيشتغل الباحث بن أحمد حوكا على أنثروبولوجيا الوقائع الاجتماعية و البيولوجية في نظام الحالة المدنية، و ذلك حين تكف السلطة عن القتل لتراقب الحياة.
بصدور هذا العدد الجديد تكون مجلة وجهة نظر قد استمرت على درب الوفاء لخطها التحريري الذي اختارته قبل عشر سنوات من الآن، منتصرة بذلك لممارسة صحافية و معرفية جادة تفكك منطق العلب السوداء و تؤجج الأسئلة الشقية حول إنتاج و إعادة إنتاج العطب المغربي و ذلك في كافة تخريجاته و انبناءاته، و التي تؤكد في كثير من الأحيان أن الدولة المعاصرة ما هي إلا نسخة مزيدة و غير منقحة للمخزن العتيق.
يذكر أن مجلة وجهة نظر يديرها و يرأس تحريرها باقتدار و التزام كبيرين الدكتور عبد اللطيف حسني أستاذ العلوم السياسية، تتكون هيئة تحريرها من نخبة من الشباب الباحثين في السياسة و الاجتماع و التاريخ و الاقتصاد و هم هند عروب و عبد الرحيم العطري و فريد المريني و سليم احميمنات و محمد براس و منتصر حمادة، و يذكر أخيرا أن المجلة ستصدر قريبا في إطار كراساتها الاستراتيجية تقريرا سنويا باسم حالة المغرب، كما ستصدر في إطار سلسلتها دفاتر وجهة نظر، خلال الأيام القليلة القادمة، كتابا بعنوان ” الأمازيغية و السلطة: نقد استراتيجية الهيمنة” للباحث رشيد الحاحي.
................................
حسني: 20 فبراير سيرورة للتغيير ونزعة المخزن المحافظ إلى التقليد تضاهي نزعة الصين إلى إغراق العالم بالسلع الرخيصة
في حديثه عن سياقات بروز حركة 20 فبراير ومالات الحراك بالدول المغاربية والعربية قال أستاذ العلوم السياسية ومدير مجلة « وجهة نظر » عبد اللطيف حسني، قال: « على المستوى السياسي كانت البلاد تعرف ركودا ورتابة قاتلة وأضاف « كانت الحكومات في هذه الحالة السياسية تتشكّل تتشكل وتتلاشى وتتساقط بدون مبررات وجيهة، وظلت مجرّدة من السلطة والمسؤولية أمام برلمانات شكلية مزورة، فيما الأحزاب السياسية والتنظيمات النقابية التي كان من المفروض أن تشكل طلائع الشعب المغربي فقد أصابها الوهَنُ والعياء نتيجة المواجهة غير المتكافئة مع القصر، واستسلمت لرهان الانضواء تحت ظلال أجنحة النظام. »
وأضاف ان الإستراتيجيات الليبرالية التي انتهجتها الدولة غداة الاستقلال خلقت « نظاما اقتصاديا مشوّها » أدّت إلى تركّز المداخيل والثروة بين أيدي فئة قليلة من الناس تكتسي طابع الأوليغارشية المالية، وبالمقابل تمّ تهميش الرأسمال العائلي المتوّسط والصغير، في حين أدّت السياسات النيوليبيرالية إلى تهميش قطاعات اجتماعية والضغط على الأجور والطلب الداخلي ما أفضى إلى عواقب وخيمة على التشكيلة الاجتماعية المغربية، من أهمها برتلة – جعلها بروليتاريا- الطبقات المتوسطة، في هذه الظروف لا يفاجأ المتتبع من هول الفوارق الاجتماعية والمجالية، فعلى سبيل المثال لا الحصر يستحوذ 20 في المئة من الأسر الميسورة على نسبة 52.6 من مجموع مداخيل المغرب، في حين لا تتجاوز حصّة 20 بالمائة من الأسر الأكثر فقرا 5.4 من هذه المداخيل.
ليخلص الأستاذ الجامعي عبد الطيف حسني في مداخلته في ندوة نظمها المجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير يوم الخميس الماضي بمقر نقابة المحاميين بالرباط، تحت عنوان « حركة 20 فبراير والمستجدّات الإقليمية والوطنية« ، خلص إلى أن هذا السياق المحلي الذي ظهرت فيه حركة 20 فبراير كان مواكبا ومتأثرا بسياق الثورات والانتفاضات التي عرفتها وتعرفها دول مغاربية وخليجية. ووفق هذه التأسيسات قال أن 20 فبراير سيرورة، باعتبار أن السيرورة معجمية كلمة مشتقة من سار يسير سيرا وسيرورة، والسيرورة مرتبطة بالكينونة أي مبدأ النشأة والتكون بمعنى العالم المادي المستقل بذاته، غير أن هذا العالم وبدون سيرورة يبقى مجرد فراغ، وبمجرد ما تلحق به السيرورة يصير عالما متحركا متطورا ، فالسيروة بهذا المعنى تعني التغير والتبدل من حالة إلى حالة أخرى. فالكينونة في هذا السياق تتمثل في ما أشرنا إليه سابقا من السياقات السياسية والإجتماعية والإقتصادية التي عرفها المغرب وعرفتها بلدان المغارب والعالم العربي والتي شكلت في مجموعها الشرط المادي لتكون حركة 20 فبراير.
ليؤكد أن « حركة 20 فبراير سيرورة واجهت كل خطط الدولة لتشويهها وقضم أطراف أجنحتها حتى لا تمتلك القدرة على التحليق بعيدا، وذلك بتحييد جيوش الموظفين عبر الزيادة في أجورهم الشهرية بمقدار 600 درهم، كما أن إنتهازية المعطلين جعلتهم في موقف متدبدب بين طموحاتهم في التشغيل وإرادتهم في التغيير، وبعض المهمشين وجدوا في تحرير الساحات العمومية أمامهم كفراشة مبتغاهم في تلقف لقمة خبز سائغة »
يضيف حسني: « لموجهة الحركة تفتقت عبقرية المخزن العتيق بصناعة دستور لم يتجاوز سقف الدساتير التي سبقته منذ سنة 1962 إلا من حيث شحْنه شكليا بالمظاهر الحداثية لدساتير الموجة الثالثة في الديمقراطية، وبخاصة في مجال حقوق الإنسان، بينما ظل في عمقه مسكونا بهواجس الستينات والسبعينات من القرن الماضي، حيث ظلت السلطة الفعلية فيه شديدة التمركز في يد الواحد الأحد« .
في الأخير فصل الدكتور حسني في مالات الثورات في البلدان المغربية والعربية ليخلص إلى ان تلك المالات لابد أن لها تأثيرا على الحراك المغربي ، فالناس لا يصنعون التاريخ وفقا لأهوائهم ونزواتهم لكنهم يصنعونه وفقا للظروف والملابسات التي يحيون فيها كما قال بونبرت. » حيث أنّه كما قال حسني « المخزن العتيق في المغرب هو بالدرجة الأولى مخزن محافظ، وشديد التعلق بالتقليد، ولا يضاهي نزعة التقليد هذه إلا ما تغرق به الصين أسواق العالم من سلع مقلدة رخيصة«
“ممكلة الريع” هو عنوان العدد الأخير للمجلة المتخصصة في الدراسات السياسية والاجتماعية “وجهة نظر” حيث تلقي الضوء وبشكل أكاديمي وذكي على “سرطان الفساد وشراء الذمم في المغرب” عبر الهبات والمنح ورخص استغلال قطاعات اقتصادية للموالين للنظام القائم وكيف تحول هذ الريع الى آلية لاستمرار السلطة المخزنية وعرقلة الديمقراطية.
ويبرز مدير المجلة الأستاذ حسني عبد اللطيف في الافتتاحية تعريف الريع سياسيا واجتماعيا ويقدم تصورا له في الممارسة السياسية المغربية وكيف أن سياسة الريع تبقى عنوانا بارزا للاستبداد وضمانا لاستمراريته.
ويفسر عثمان الزياني في مقاله “الريع والتسلط، قراءة في جدلية التلازم” مدى زواج الريع بالتسلط وكيف تحول الريع الى أداة حقيقية لمنع أي تطور ديمقراطي في المجتمعات التي تعيش هذه الآفة الخطيرة لأنه يعرقل تطور الحياة السياسية والاقتصادية. ولا يقتصر المقال على الريع بمعناه المادي من منح وهبات بل حتى في الحياة السياسية
ويكتب عبد السلام أديب في العدد مقالا بعنوان “تاريخ اقتصادي الريع في المغرب”، إذ يفصل الخلفية التاريخية لتطور عقلية اقتصاد الريع في المغرب مرتكزا على الريع العقاري مؤكدا “هيمنة السلطة تتم من خلال هيمنتها المطلقة على الأراضي الزراعية ومنحها حق الاستغلال لمن يظهر الولاء”. ويتخذ الكاتب هذه الخلفية التاريخية للريع القائم على الأرض ليتطور مع تطور الدولة المغربية نحو قطاعات اقتصادية مثل الصيد البحري ومقالع الرمال ورخص الاستيراد والتصدير، ويرى في مقاله أن اقتلاع الريع لن يتم إلا بالقوة كما حدث في الدول التي نجح فيها الربيع العربي.
وفي مقال مفصل بعنوان “الريع في معترك الرياضيين”، يبزر منصف اليازغي كيف تحولت رعاية الدولة المغربية إبان الملك الراحل الحسن الثاني الى ريع حقيقي للرياضييين بما في ذلك الإعفاء الضريبي لرياضيين مداخيلهم تفوق الملايين شهريا وكيف أصبح النظام يعمل على منح مختلف الرخص وخاصة النقل للرياضيين المغاربة. ويكتب اليازغي بسخرية أن الكثير من الرياضيين يجتهدون للحصول على مأذونية النقل رغم أنهم يعتبرون من الميسورين مثل عزيز بودربالة ونور الدين النيبت الذي جنى ثورة هائلة من كرة القدم وهشام الكروج أغنى رياضي مغربي.
ولا يرصد عدد مجلة “وجهة نظر” فقط مفهوم الريع وخلفيته التاريخية والفئات المستفيدة منه، بل يقدم مقالات للشعارات السياسية التي رفعت محاربة الريع وعلى رأسها حزب العدالة والتنمية المتزعم للإئتلاف الحكومي. ويكتب رشيد شيريت في مقاله المعنون ب “العدالة والتنمية وهلامية شعار محاربة الفساد” وكيف يحاول هذا الحزب الاستفادة من التجربة الهادئة لحزب العدالة والتنمية التركي في محاربة الفساد وكيف أن السياقات التاريخية لكل حزب تجعل هذه المهمة صعبة بحكم أن الحزب التركي يتحكم في مقاليد الحكم في حين يتفقد حزب العدالة والتنمية المغربي للسلطة الحقيقية التي تبقى في يد القصر. ويوجه رشيد شيريت انتقادا لاذعا لرئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران بشعاره “عفا الله عما سلف” حيث بدأ يبرر الفساد. صاحب المقال يؤكد أن كل محاربة للريع تعني اصطداما مباشرا بين الحزب والمؤسسة الملكية.
ويركز الباحث هشام مليح في مقاله “الدين والمال والسياسة في تاريخ المغرب، نظام الامتيازات الجبائية” وكيف أصبحت الجباية انعكاسا للبنيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السائدة في الدولة المغربية وشكلت الرؤية المركزية للمخزن للمجتمع المغربي والتحكم فيه عبر السيطرة على التحالفات السياسية وتوزيفها لصالحه وكقوة لشل آلية المناهضين للمخزن أو احتوائهم.
ويفتقد العدد لمقال تحليلي يعتمد الأرقام والتقارير الدولية ليبرز بشكل برغماتي وواقعي الكلفة التاريخية لتأثير الريع على تخلف المغرب، إذ لا يمكن فهم مرتبة المغرب ما بين 120-130 في تقارير الأمم المتحدة الخاصة بالتنمية دون معرفة دور الريع الذي تحتضنه السلطة.
ويتضمن العدد مقالات أخرى من ضمنها “العولمة والفساد علاقة تبني أم علاقة إفراز” من توقيع عبد الغني بامو و”الأعيان المحليون في النسق السياسي-الإداري المغربي بقلم محمد المولودي ثم “أسئلة مبدئية حول المرجعية الإسلامية في دستور 2011″ للباحث أوترحو رشيد و”الرأسمال الثقافي في التلفزيون العمومي بالمغرب، برنامج للا لعروسة نموذجا”
نقلا عن :ألف بوست
......................
وجهة نظر : مجلة تعنى بقضايا السياسة والفكر
المدير المسؤول : عبد اللطيف حسني
الرباط : المجلة
وضعية المجموعة : ع. 1 (1998) -->
رقم الترتيب : . G4 . 874
مجموع الأعداد 38
1998 N°1
1999 N°2
1999 N°3
1999 N°4
1999 N°5
2000 N°6
2000 N°7
2000 N°8-9
2001 N°10
2001 N°11
2001 N°12-13
2002 N°14
2002 N°16
2002 N°17
2003 N°18
2003 N°19-20
2003 N°21
2004 N°22
2004 n°23
2005 n°25-26
2005 n°27
2006 n°28
2006 n°29
2006 n°30
2007 n°31
2007 n°32
2007 n°33-34
2008 N°35
2008 N°36-37
2008 n°38
2009 n°39
2010 n°43
2010 n°44-45
2011 n°50
2012 n°51
2013 n°55
2013 n°56-57
2013 n°58
..............................
العدد 38 من مجلة “وجهة نظر” المغربية يسائل:
المخزن العتيق و امتداداته في الدولة المعاصرة
إعداد: عبد الرحيم العطري
في سنتها الحادية عشرة و في عددها الثامن و الثلاثين تفتح مجلة وحهة نظر نقاشا علميا حول المخزن كمفهوم و خطاب و ممارسة في المتن المغربي، و ذلك في محاولة جادة لتأطير و فهم البدء و الامتداد المخزني في تضاريس مجتمع في مفترق الطرق، خصوصا و أن الأمر يتعلق بمؤسسة/ نظام عصي على التفسير كما يقر بذلك مدير المجلة الدكتور عبد اللطيف حسني في مفتتح القول المعنون ب ” المخزن حي لا يموت”، و الذي يؤكد فيه بأنه” كالهواء و الماء ، لا لون له و لا طعم و لا يمكن الإمساك به، غير أن نتائجه المادية على أرض الواقع تبقى ملموسة، إنه المخزن الضارب بجذوره في عمق الماضي المغربي و المتحكم في مساره التاريخي، فخلف الشعارات الصاخبة ، و خلف كل مظاهر العصرنة التي يعيشها المغرب و المغاربة في الوقت الراهن، يبقى الثابت المتأصل الذي يحكم و يتحكم في كل ما نعيشه هو المخزن”.
و لأجل الاقتراب من حقيقة هذا المفهوم الملتبس تقترح المجلة على قرائها عددا من الدراسات التي جاءت مجتمعة بعد مقال افتتاحي للراحل إدوارد سعيد في موضوع “المثقف و مهمة الطعن في المعايير و الأعراف السائدة”، فبعد الأسئلة الشقية التي أججها الراحل حول مهام المثقف، تنطلق الباحثة هند عروب في اكتشاف الماهية و الجذور و الاستمرارية، متسائلة إن كان نظام المخزن يمثل حالة متفردة عصية عن البحث، في سياق إعادة إنتاج خطاطات المخزن ما قبل الاستعماري و صلاته و شبكاته الوسائطية.
الباحث عباس بوغالم سيتطرق إلى الامتدادات المخزنية في المغرب الحديث، مؤكدا بأن المخزن هو المتحكم في قواعد اللعبة و هو المحدد لطبيعة الأدوار التي يجب أن يقوم بها كل فاعل سياسي، ليأخذنا بعدئذ الباحث عبد الرحيم العطري إلى سوسيولوجيا النخبة المخزنية مسائلا شروط الانتماء إلى نخبة النخبة عبر حركة ذهاب و إياب من الأمس إلى اليوم.
“الرياضة لم تفلت من براثن المخزن” ذلكم هو العنوان الذي يقترحه الباحث منصف اليازغي لمساهمته التي حاول من خلالها أن يتتبع صيغ و انبناءات الامتداد المخزني في الحقل الرياضي، في حين سيقدم الباحث عزيز لطرش المخزن الاقتصادي من وجهة نظر الهيئة الوطنية لحماية المال العام، مبرزا أن المخزن الاقتصادي هو الوجه الخفي للمخزن السياسي. لنقرأ في بعدا صورة المخزن في المخيال المجتمعي من خلال مساهمة الباحث صالح شكاك الموسومة ب ” المخزن في الذاكرة الشعبية”.
الباحث يونس السريفي سيحاول تحديد مفهوم النخبة الشريفية في المجتمع المغربي مقدما أمثلة دالة عن اشتغالها و حضورها، فيما سيناقش الباحث فريد المريني أسئلة التقليد و التحديث أملا في مقاربة الحداثة السياسية و اكتشاف ممكناتها و أعطابها في ظل نسق تتوزعه انشدادات إلى التقليدانية و انجرارات إلى الحداثة.
في باب الوثيقة التاريخية القار تهدي المجلة لقرائها أهم ما جاء في العدد 292 من جريدة التحرير الصادر بتاريخ 6 دحنبر 1962 أي قبل يوم واحد من إجراء الاستفتاء حول دستور 62، و هي وثائق عميقة المبنى و المعنى تعبر عن جرأة مفتقدة آنا، و تعبر أيضا عن امتداد الأمس في اليوم، ففيها قال الراحل المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي بأن “المغرب في مفترق الطرق، فإما إلى الخير و إما إلى الشقاء الأبدي و الشر الدائم”، فما أشبه البارحة باليوم.
خارج تيمة الملف نصادف دراسة للباحث عبد المجيد السخيري تناقش المجتمع المدني بين الحقيقة السوسيولوجية و الاستغاثة الإيديولوجية من خلال حالة المغرب، و تحديدا في المأزق الإيديولوجي لليسار، كما نقرأ ” القراءة و السلطة” للباحث محمد مريني عبر مقتربي الحقل و الرأسمال في علاقتهما بمسألة القراءة.
الباحث هشام الشرقاوي سيحلل علاقة المحكمة الجنائية الدولية و حصانة الملك، فيما سيشتغل الباحث بن أحمد حوكا على أنثروبولوجيا الوقائع الاجتماعية و البيولوجية في نظام الحالة المدنية، و ذلك حين تكف السلطة عن القتل لتراقب الحياة.
بصدور هذا العدد الجديد تكون مجلة وجهة نظر قد استمرت على درب الوفاء لخطها التحريري الذي اختارته قبل عشر سنوات من الآن، منتصرة بذلك لممارسة صحافية و معرفية جادة تفكك منطق العلب السوداء و تؤجج الأسئلة الشقية حول إنتاج و إعادة إنتاج العطب المغربي و ذلك في كافة تخريجاته و انبناءاته، و التي تؤكد في كثير من الأحيان أن الدولة المعاصرة ما هي إلا نسخة مزيدة و غير منقحة للمخزن العتيق.
يذكر أن مجلة وجهة نظر يديرها و يرأس تحريرها باقتدار و التزام كبيرين الدكتور عبد اللطيف حسني أستاذ العلوم السياسية، تتكون هيئة تحريرها من نخبة من الشباب الباحثين في السياسة و الاجتماع و التاريخ و الاقتصاد و هم هند عروب و عبد الرحيم العطري و فريد المريني و سليم احميمنات و محمد براس و منتصر حمادة، و يذكر أخيرا أن المجلة ستصدر قريبا في إطار كراساتها الاستراتيجية تقريرا سنويا باسم حالة المغرب، كما ستصدر في إطار سلسلتها دفاتر وجهة نظر، خلال الأيام القليلة القادمة، كتابا بعنوان ” الأمازيغية و السلطة: نقد استراتيجية الهيمنة” للباحث رشيد الحاحي.
................................
حسني: 20 فبراير سيرورة للتغيير ونزعة المخزن المحافظ إلى التقليد تضاهي نزعة الصين إلى إغراق العالم بالسلع الرخيصة
في حديثه عن سياقات بروز حركة 20 فبراير ومالات الحراك بالدول المغاربية والعربية قال أستاذ العلوم السياسية ومدير مجلة « وجهة نظر » عبد اللطيف حسني، قال: « على المستوى السياسي كانت البلاد تعرف ركودا ورتابة قاتلة وأضاف « كانت الحكومات في هذه الحالة السياسية تتشكّل تتشكل وتتلاشى وتتساقط بدون مبررات وجيهة، وظلت مجرّدة من السلطة والمسؤولية أمام برلمانات شكلية مزورة، فيما الأحزاب السياسية والتنظيمات النقابية التي كان من المفروض أن تشكل طلائع الشعب المغربي فقد أصابها الوهَنُ والعياء نتيجة المواجهة غير المتكافئة مع القصر، واستسلمت لرهان الانضواء تحت ظلال أجنحة النظام. »
وأضاف ان الإستراتيجيات الليبرالية التي انتهجتها الدولة غداة الاستقلال خلقت « نظاما اقتصاديا مشوّها » أدّت إلى تركّز المداخيل والثروة بين أيدي فئة قليلة من الناس تكتسي طابع الأوليغارشية المالية، وبالمقابل تمّ تهميش الرأسمال العائلي المتوّسط والصغير، في حين أدّت السياسات النيوليبيرالية إلى تهميش قطاعات اجتماعية والضغط على الأجور والطلب الداخلي ما أفضى إلى عواقب وخيمة على التشكيلة الاجتماعية المغربية، من أهمها برتلة – جعلها بروليتاريا- الطبقات المتوسطة، في هذه الظروف لا يفاجأ المتتبع من هول الفوارق الاجتماعية والمجالية، فعلى سبيل المثال لا الحصر يستحوذ 20 في المئة من الأسر الميسورة على نسبة 52.6 من مجموع مداخيل المغرب، في حين لا تتجاوز حصّة 20 بالمائة من الأسر الأكثر فقرا 5.4 من هذه المداخيل.
ليخلص الأستاذ الجامعي عبد الطيف حسني في مداخلته في ندوة نظمها المجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير يوم الخميس الماضي بمقر نقابة المحاميين بالرباط، تحت عنوان « حركة 20 فبراير والمستجدّات الإقليمية والوطنية« ، خلص إلى أن هذا السياق المحلي الذي ظهرت فيه حركة 20 فبراير كان مواكبا ومتأثرا بسياق الثورات والانتفاضات التي عرفتها وتعرفها دول مغاربية وخليجية. ووفق هذه التأسيسات قال أن 20 فبراير سيرورة، باعتبار أن السيرورة معجمية كلمة مشتقة من سار يسير سيرا وسيرورة، والسيرورة مرتبطة بالكينونة أي مبدأ النشأة والتكون بمعنى العالم المادي المستقل بذاته، غير أن هذا العالم وبدون سيرورة يبقى مجرد فراغ، وبمجرد ما تلحق به السيرورة يصير عالما متحركا متطورا ، فالسيروة بهذا المعنى تعني التغير والتبدل من حالة إلى حالة أخرى. فالكينونة في هذا السياق تتمثل في ما أشرنا إليه سابقا من السياقات السياسية والإجتماعية والإقتصادية التي عرفها المغرب وعرفتها بلدان المغارب والعالم العربي والتي شكلت في مجموعها الشرط المادي لتكون حركة 20 فبراير.
ليؤكد أن « حركة 20 فبراير سيرورة واجهت كل خطط الدولة لتشويهها وقضم أطراف أجنحتها حتى لا تمتلك القدرة على التحليق بعيدا، وذلك بتحييد جيوش الموظفين عبر الزيادة في أجورهم الشهرية بمقدار 600 درهم، كما أن إنتهازية المعطلين جعلتهم في موقف متدبدب بين طموحاتهم في التشغيل وإرادتهم في التغيير، وبعض المهمشين وجدوا في تحرير الساحات العمومية أمامهم كفراشة مبتغاهم في تلقف لقمة خبز سائغة »
يضيف حسني: « لموجهة الحركة تفتقت عبقرية المخزن العتيق بصناعة دستور لم يتجاوز سقف الدساتير التي سبقته منذ سنة 1962 إلا من حيث شحْنه شكليا بالمظاهر الحداثية لدساتير الموجة الثالثة في الديمقراطية، وبخاصة في مجال حقوق الإنسان، بينما ظل في عمقه مسكونا بهواجس الستينات والسبعينات من القرن الماضي، حيث ظلت السلطة الفعلية فيه شديدة التمركز في يد الواحد الأحد« .
في الأخير فصل الدكتور حسني في مالات الثورات في البلدان المغربية والعربية ليخلص إلى ان تلك المالات لابد أن لها تأثيرا على الحراك المغربي ، فالناس لا يصنعون التاريخ وفقا لأهوائهم ونزواتهم لكنهم يصنعونه وفقا للظروف والملابسات التي يحيون فيها كما قال بونبرت. » حيث أنّه كما قال حسني « المخزن العتيق في المغرب هو بالدرجة الأولى مخزن محافظ، وشديد التعلق بالتقليد، ولا يضاهي نزعة التقليد هذه إلا ما تغرق به الصين أسواق العالم من سلع مقلدة رخيصة«