المناضل-ة
mounadil_new@yahoo.fr
الحرية النقابية تحت دكاكة الدولة البرجوازية
مناضلة قيادية بقطاع البريد موقوفة عن العمل قمعاً لنشاطها النقابي
بانتظام، وإن تباينت الوتيرة حسب حدة الصراع، تحرص حكومة البرجوازيين على تحطيم دفاع العمال عن مكاسبهم وحقوقهم. فلا يكاد يخلو شهر من حالات قمع النقابيين، تارة بالمضايقات، وبالتعدي على الحقوق، وبالطرد، وطورا بالسجن، وبالقتل.
يوم 3 يوليوز 2007 جرى توقيف المناضلة عتيقة سمراح، من قادة نقابة البريد – ك.د.ش، عن العمل بمبرر قيامها بحاجز إضراب، والامتناع عن العمل. فقامت باعتصام مع إضراب عن الطعام بمقر عملها بمكتب البريد الرئيسي بالقنيطرة يوم 4 يوليوز، واعتقلتها الشرطة بإيعاز من إدارة البريد في اليوم ذاته.
ليس هذا التصعيد صدفة، فقطاع البريد مقبل على إهدائه للرأسماليين، سيرا على نهج الخصخصة التي أملتها مؤسسات الرأسمال العالمي ضمن السياسية المدمرة للمكاسب العمالية والشعبية. فالتحضيرات جارية على قدم وساق لتنفيذ خطة تحويل بريد المغرب الى شركة لخوصصته بما يعنيه ذلك من الإضرار بالمواطنين [ ستؤدي الخوصصة الى إغلاق مكاتب البريد المعتبرة غير ذات مردودية، وغلاء أسعار الخدمات، وحرمان الفئات الفقيرة من الخدمات المالية، وغير ذلك مما أنتجته خوصصة البريد في بلدان أخرى]، وسيجري تقليص عدد العاملين بالبريد ، وتعميم العمل الهش، وهو ما بدأته الإدارة بإغراق بريد المغرب بالمتعاقدين، وتشتيت صف الشغيلة بإدخال المقاولات من باطن، وفرط استغلال العاملين باعتماد طرق التسيير المميزة للقطاع الخاص. وهذا الخطر البالغ هو ما نبهت اليه النقابات المناضلة بالقطاع [ك.د.ش – إ.م.ش – ف.د.ش] ودعت الى " خلق جبهة وطنية ضد تفكيك هذا المرفق العمومي الأساسي في الحياة اليومية للمواطن المغربي وضد تبديد وبيع ثروات الشعب المغربي."
وكانت المناضلة عتيقة من أنشط المدافعين عن البريد كخدمة عمومية، وعن حقوق مستخدميه، وهي من قدم ورقة النقاش المعروضة على اليوم الدراسي الوطني حول مستقبل قطاع البريد التي نظمتها النقابة يوم 26 يونيو 2007 .
لذا ليس توقيفها غير تعبير عن عزم الإدارة على تمرير خصخصة البريد فوق أجساد مستخدمي القطاع.
هذا وثمة من حالات التنكيل بالنقابيين الكثير في ارجاء المغرب، من أحدثها حالة المناضلة مامة المطرودة من فندق كنزي بتنغير والمتابعة قضائيا بتهمة ملفقة، ومطرودي شركة مدينة بيس للنقل الحضري بالبيضاء، وكاتب نقابة عمال شركة كوكا كولا المطرود. وبات الاضطهاد، والاعتداءات العنيفة الماسة بسلامة النقابيين الجسدية خبزا يوميا في المعامل، لعل أحدثها ما جرى من هجوم على عاملات دها نطيكس
[قطاع النسيج بالحي المحمدي]، و عاملات شركة "مود شورت "[عين السبع]، و تطويق معمل Pralu المضرب بقوات القمع يوم أمس 11 يوليوز 2007 لمنع وقفة احتجاجية.
وقبل أسابيع كان استعمال شركات القمع الخاصة بكلابها المدربة ضد النقابيين في شركة كوكا كولا بالبيضاء، وفي شركة سيطافيكس بسطات. وقبل أشهر ُسجن عمال زراعيون بسهل سوس، ومناضلان من مناجم جبل عوام، ثم الهجوم الضاري على العمال المحتجين بساحة باب الأحد بالرباط بدعوة من نقابتي ف.د.ش و إ.ع.ش.م يوم السبت 26 مايو 2007.
وقبل عام ُقتل المناضل لعرج مصطفى في قمع مسيرة شغيلة الجماعات المحلية بالرباط [يوم 29 / 06 / 2006]، وقبل سنوات قليلة كانت إحدى اكبر المؤامرات ضد النقابيين باضطهاد المناضل خويا ورفاقه بحكم سجن عشر سنوات لم ينقذهم منه غير التضامن المالي.[راجع تفاصيلها بأعداد جريدة المناضل-ة].
لماذا كل هذا القمع؟ انه من قلة الوعي اعتبار شدة القمع وانتظامه نابعين من نزوات جلادي جهاز الإكراه، وأكثر جهلا، وحتى تضليلا، اعتبارهما مجرد انفلات. القمع ملازم للسياسة الاقتصادية والاجتماعية للطبقة السائدة. القمع ضروري لفرض ما يمليه البنك العالمي وصندوق النقد الدولي من خفض لكلفة اليد العاملة، بتجميد الأجور، وحرمان ملايين البشر من أي حماية اجتماعية، وتعميم هشاشة الشغل [العمل المؤقت...] و رفع البطالة إلى مستويات غير مسبوقة، وخصخصة الخدمات العمومية[صحة ، تعليم ، خدمات البلديات...] لتصبح سلعا تدر الأرباح على الأقلية الرأسمالية.
عندما هجمت قوة القمع بشراسة على احتجاج نقابتي ف.د.ش و إ.ع.ش.م في باب الأحد بالرباط في متم مايو الماضي،تعالت أصوات تعتبر ما جرى "متناقضا مع العهد الجديد "، ومجرد "انفلات واستثناء لا علاقة له بالتوجه الذي تعبر عنه الحكومة من اقتناع بالحوار والحرص على احترام الالتزامات".
الحكومة حكومة قمع لكل دفاع عن حق الشعب في حياة لائقة، لأنها تخدم مصالح الأقلية فاحشة الغنى. الحكومة وقعت مع النقابات قبل سنوات اتفاقا تتعهد فيه بمراجعة الفصل 288 من القانون الجنائي الذي يسجن النقابيين، وبإلغاء الفصل 5 من مرسوم 1958 الذي يمنع إضراب الموظفين، ظهير 1938 حول التسخير، ولم تنفذ أي شيء من ذلك، بل زجت منذئذ مزيدا من النقابيين في السجن بالفصل 288 ق.ج، وقتلت المناضل لعرج مصطفى، وكسرت مرارا عظام المحتجين بشوارع العاصمة، وُتعد قانوناً سيلغي ما تبقى من حق الإضراب في القطاع الخاص وفي الوظيفة العمومية على السواء. وهذا كله لتمرير تدابير ضد مصلحة الكادحين، وتمهيد طريق مزيد منها أشد فتكا.
إن القوة ذاتها التي تقمع النقابيين تسعى إلى تحطيم حركة المعطلين، ودفاع الطلاب عن الحق في الدراسة،وتحركات كادحي القوى، وسكان أحزمة الفقر بالمدن المحرومين من كل شيء، وتخنق كل أشكال التعبير السياسي المعارض فعلا. لهذا ليس ثمة من خلاص غير توحيد القوة العمالية، التي قسمتها كثرة النقابات، وضمها إلى قوة الجماهير الشعبية الأخرى من معطلين وطلاب وكادحي القرى لإيقاف حكومة الأقلية البرجوازية عند حدها. ان قوة الجماهير الشعبية مرعبة لهم ، يخافون من وقوفنا [الوقفات الاحتجاجية] فما بالك إذا تحركنا، لذا فان تجميع تلك القوة هو طريق الخلاص، وذلك درس تجارب الشعوب عبر التاريخ.
بدون حرية صحافة، واجتماع، وتنظيم، وإضراب، وتظاهر، لا يمكن لبلدنا أن يتطور. فالنضال من اجل زيادة الأجور،والحماية الاجتماعية، وتحسين شروط العمل، معرقل بالاستبداد والقمع. أن نير الرأسمال، وغلاء المعيشة، والبطالة ، و إفقار القرى، تستدعي تنظيم العمال وعموم الكادحين للنضال من اجل الحق في الحياة اللائقة.
إن القوى التي تنتسب إلى الدفاع عن مصالح العمال وعامة الجماهير الشعبية مدعوة الى توحيد القوى، نقابية وسياسية وجمعيات حقوق الإنسان، وجمعيات نساء، وحركة المعطلين، وغيرها من أشكال التنظيم الشعبي، من اجل إجبار الحكومة على احترام الحرية النقابية وكافة الحريات العامة. وكل من لا يضع هذه المهمة الحيوية جدا على رأس أولوياته إنما يكشف كذبه على الناس المقهورين. وان مسؤولية القيادات النقابية العليا في هذا المضمار مسؤولية تاريخية. إن سكوتها، ومسايرتها للإجراءات الحكومية، وشلها لمنظمات العمال، ورفضها تشكيل جبهة نقابية موحدة، سيؤدي إلى مزيد من الإفقار، و تجميد الأجور، و غلاء المعيشة، وغلاء خدمات الصحة والتعليم، وانتشار البطالة، والهجرة القروية إلى مخيمات القصدير بضواحي المدن حيث يعيش البشر في مستوى لا إنساني.
ليس واجب المناضلين والمناضلات، في كل مواقع الكفاح، انتظار قيام القيادات النقابية بدورها، بل العمل لإجبارها على ذلك بإيقاظ مزيد من طاقات النضال الهائلة الكامنة في الشباب والنساء، وتجسيد التضامن الميداني المتجاوز لكل الحواجز المصطنعة بين النقابات، و توحيد المطالب، و تنسيق كل الخطوات النضالية.
لا للتنكيل بالنقابيين، نعم لإعادة فورية لعتيقة و المطرودين النقابيين بكافة القطاعات إلى عملهم دون قيد و لا شرط.
لا لخصخصة قطاع البريد وما سيجر من تدهور الخدمات وغلائها واستغلال مفرط للمستخدمين
لننضال من اجل الإلغاء الفوري للفصل 288 من القانون الجنائي، ومرسوم منع إضراب الموظفين.
ولا لأي قانون يمس حرية الإضراب
لنتعبأ جميعا من اجل جبهة نقابية موحدة دفاعا عن الحق النقابي، والحق في حياة لائقة
جريدة المناضل-ة . 12 يوليوز 2007
جريدة المناضل-ة
الحكم على بوكرين: سجن مناضل لإبقاء شعب في الأغلال (+PDF)
...