البيـــان الصـــادر عن المؤتمـر الوطنــي الخــامس للكونفدرالية الديمقراطية للشغل
إن المؤتمر الوطني الخامس للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، المنعقد أيام 29-30 نونبر و01 دجنبر 2013 بالقاعة المغطاة بالمركب الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء، تحت شعار : " التعبئة العامة من أجل الإصلاح الحقيقي" بعد وقوفه على طبيعة المرحلة التاريخية الجديدة التي دخلتها الإنسانية، المؤسسة على العولمة، واقتصاد السوق، وما أنتجه النظام الرأسمالي اللإنساني، من أزمة اجتماعية عالمية، قد تقود العالم إلى الأفق المسدود، وتهدد الاستقرار والأمن.
وفي سياق التوجهات الاستراتيجية للإمبريالية الجديدة، وآليات اشتغالها وأساليب عملها ومنطق فرضها في العالم، واستحضر المؤتمر الوطني الخامس الوضع بالتحليل والنقد ما تعرفه المجتمعات العربية من مخاض تاريخي خلخل أركان الدول ومؤسساتها، وأنعش الصراع القبلي والطائفي وأقحم الدين في منعرجات السياسة ومسالكها الملتوية، ليظل هذا الوضع مفتوحا على كل الاحتمالات بأفق غامض، في غياب العقل السياسي العربي المستوعب لطبيعة اللحظة وإشكالاتها الحضارية، وهو ما أدخل القضية الفلسطينية في منعطف تاريخي جديد، زادها تعقيدا، العراك الفاقد للمشروعية الديمقراطية، والشرعية التاريخية، لتظل الصهيونية المستفيد الأكبر.
ووعيا من المؤتمر الوطني الخامس بانعكاسات وآثار هذه المتغيرات على أوضاع بلادنا، وما يقتضيه ذلك من إعداد العدة لمواجهة تحديات المستقبل، فإنه وقف على مستلزمات تحصين الوحدة الترابية، واستكمال تحرير الأرض في الشمال وحل مشكل الحدود في الجنوب الشرقي، رابطا في ذلك بين صيانة الوحدة الوطنية في كل أبعادها الترابية والإنسانية والثقافية والحضارية، وبين الديمقراطية كضرورة وطنية وتاريخية حتمية.
وبعد وقوفه على الأزمة الاجتماعية المهددة للتماسك المجتمعي بفعل معاناة العمال وعموم المواطنين بخصوص التربية والتعليم والتطبيب والسكن والنقل، وغلاء المعيشة وضعف القدرة الشرائية.
وبعد المناقشة المسؤولة لأهم الإشكالات والقضايا التي تهم بلادنا، في سياقاتها الإقليمية والدولية فإنه:
أولا: يعبر عن قلقه تجاه ما تتعرض له الوحدة الترابية بأقاليمنا الجنوبية من مخطط معاد لحق المغرب في تحرير أراضيه من الاستعمار مثل جميع الدول، ويحمل الدولة الجزائرية المسؤولية الكاملة في قيادة هذا المخطط التآمري، ويدعوها إلى مراجعة أخطائها التاريخية، بمنظور يؤسس لبناء الاتحاد المغاربي كضرورة تاريخية، استجابة لانتظارات وآمال المجتمعات المغاربية في التنمية والتقدم والديمقراطية. كما يؤكد المؤتمر على أن تحصين الوحدة الترابية يتطلب أولا وأخيرا إقرار الديمقراطية الحقيقية بما يصون الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية لعموم المواطنين، كي يتوفر شرط التعبئة الشعبية لمواجهة كل التحديات وهو ما يقتضي :
أ- تجاوز التدبير الانفرادي للدولة، واعتماد سياسة الإشراك الحقيقي للمجتمع كقوة فاعلة للتصدي لخصوم وحدة التراب الوطني في الداخل والخارج. ووضع حد لفبركة نخب مفصولة عن الانشغالات الحقيقية للمجتمع وقضاياه، مع ما يفرضه الواقع من المراجعة الجذرية لطبيعة العلاقة الإدارية للسلطات الجهوية والإقليمية والمحلية مع الساكنة، للانتقال من الثقافة الريعية القائمة على الزبونية والامتيازات إلى ثقافة الشفافية والمساواة والعدالة وسيادة القانون.
ب- اعتماد مقاربة جديدة تسمح للساكنة بتدبير شؤونها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بنفسها في إطار التنمية الشاملة لأقاليمنا الجنوبية.
وبخصوص الأراضي المستعمرة في الشمال، فإن المؤتمر يدعو الدولة إلى صياغة استراتيجية وطنية لتحرير سبتة وامليلية والجزر التابعة لهما، إذ لم يعد من المقبول أن تظل الأراضي المغربية مستعمرة من طرف اسبانيا في القرن ،21 ويوصي بضرورة التفاوض مع الجزائر الشقيقة حول ملف الحدود الجنوب شرقية.
ثــانيــا : يعتبر أن الوضع العربي وتطوراته المتسارعة والتدخل المكشوف للإمبريالية في صياغة خرائط اقتصادية وسياسية جديدة بما يحفظ مصالحها، والوضع الوطني الذي يشكو من أعطاب بنيوية، يحتم على الدولة مراجعة ذاتها بوعي تاريخي جديد، لبناء الديمقراطية الحقيقية، باعتبارها العامل الحاسم في تأمين المستقبل، وإرساء قواعد وأسس النهضة الوطنية التاريخية المأمولة، وهو ما يتطلب :
أ- المراجعة الشاملة والعميقة لمقتضيات ومضامين الدستور باعتباره أسمى تعاقد بين الدولة والمجتمع، فالدستور المراجع لفاتح يوليوز 2011 لم يترجم فعليا مضامين خطاب 9 مارس 2011 ولم يرق إلى بناء نظام سياسي ديمقراطي يضمن فصل السلط فصلا حقيقيا، يمكن بكل وضوح كل سلطة من القيام بالمهام والاختصاصات الموكولة لها، بمنظور يؤسس لنظام سياسي يقوم على الملكية البرلمانية.
ب- يؤكد المؤتمر بعد تقييمه للانتخابات السابقة وما شابها من فساد، وما لازم ذلك من تعطيل الدولة لكل القوانين والتشريعات بما فتح المجال للمفسدين في الانتخابات دون تقدير لانعكاسات ذلك على مستقبل المغرب، لذلك فإن الضرورة الوطنية تفرض إعادة النظر كلية في كل العناصر القانونية والإدارية والمرتكزات السياسية والفكرية المنظمة للعمليات الانتخابية برؤية تؤسس لبناء مؤسسات ذات مصداقية. ويعتبر أن الدولة تجسيد للإرادة العامة للأمة، لا يحق لها أن تنحاز لتوجهات سياسية معينة.
على مستوى قضايا المرأة:
فقد وقـف المؤتمر عند الحيف الذي تتعرض له المرأة سواء داخل العمل أو خارجه وقد أكد المؤتمر على ما يلي :
- حماية المرأة من جميع أشكال العنف والتمييز .
- صيانة حقوق المرأة بما تضمنه القوانين والمواثيق الدولية.
- تفعيل الاتفاقيات الخاصة بحقوق المرأة.
- نشر ثقافة المساواة ونبذ التمييز بين الجنسيين.
- ضمان كامل للحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وفق الاتفاقيات والمواثيق التي تنص على ذلك.
ثــالثــا : وبخصوص القضية الفلسطينية التي تشكل انشغالا وطنيا ببعد قومي، فإن المؤتمر يدعو كل الفصائل الفلسطينية إلى وحدة الصف كشرط من شروط مقاومة الكيان الصهيوني، كما يدعو المنتظم الدولي إلى مراجعة توجهاته المنحازة في التعاطي مع القضية الفلسطينية، إنصافا للشعب الفلسطيني في إقامة دولته الوطنية المستقلة عاصمتها القدس الشريف، ويندد بمخططات الإمبريالية وأدواتها المحلية في تصفية القضية الفلسطينية.
والمؤتمر إذ يستنكر بقوة تمادي الصهيونية في سياستها الاستعمارية، فإنه يدعو تنظيمات المجتمع إلى دعم النضالات الشعبية الفلسطينية المقاومة للاحتلال، ومواجهة كل المحاولات الرامية إلى محوها من الذاكرة.
رابعـــا : ينبه إلى ما آل إليه الوضع الاجتماعي من اختلالات بنيوية، قد تهدد استقرار المغرب، بفعل التفاوتات المجالية والاجتماعية، واستمرار اقتصاد الريع، والإقصاء الاقتصادي، اتساع دائرة الفقر، وظاهرة البطالة وسد آفاق التشغيل، وضعف الخدمات الاجتماعية الأساسية، والتسريحات الفردية والجماعية للعمال، وهيمنة اللوبيات المالية على خيرات وثروات البلاد، واستمرار نظام الامتيازات والريع وانعدام تكافؤ الفرص، والرشوة وضعف الأجور والتعويضات، والارتفاعات المهولة في أسعار المواد الغذائية، وضرب القدرة الشرائية والعلاقة المختلة بين الإدارة والمواطنين، وانسداد آفاق التعليم العمومي، والإجهاز على المكتسبات الاجتماعية، وتعليق المطالب المادية والاجتماعية والمهنية للطبقة العاملة المشروعة. وإدراكا من المؤتمر لصعوبة الوضع، فإنه يدعو الدولة إلى وضع إستراتيجية وطنية، واتخاذ التدابير والإجراءات الوطنية اللازمة لمعالجته بمنظور استباقي.
خـامسـا: يسجل العجز الحكومي في تدبير الشأن العام، وضعف ثقافة الإصلاح، والتعامل اللامسؤول تجاه مطالب وقضايا الأجراء وعالم الشغل، والمثير للانتباه هو تغييبها للحوار الاجتماعي الذي يعد المنهج الأسلم والطريق الأنجع لمعالجة المشاكل الاجتماعية، والاستجابة للمطالب العمالية المشروعة، وبقدر ما يدعو المؤتمر إلى الحوار فإنه يستنكر بقوة هذا التعامل الذي لا يخدم مصالح أطراف عالم الشغل والاقتصاد.
سادسا : وفي سياق اللحظة الوطنية الدقيقة، ومتطلباتها وحفاظا على المصالح الاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة، فإنه يؤكد على التنسيق والدعوة إلى وحدة الصف النقابي كضرورة نضالية بأفق استراتيجي يحكمه النضال الديمقراطي من أجل التغيير.
سـابعـا: يعتبر أن مسألة اللغة تندرج ضمن الإصلاح الشامل للمنظومة التربوية التي تعيش أزمة عميقة، تتطلب إصلاحا حقيقا بإرادة سياسية وطنية قوية، ويرفض المؤتمر كل المحاولات التضليلية التي تختزل اللغة كمجال معقد مرتبط بالوحدة الوطنية وبالعلوم والتكنولوجيات الجديدة، وبالتاريخ والثقافة، في صراع مفتعل بين الدارجة واللغة العربية الفصحى.
ثامنـــا: يطالب بإطلاق سراح كافة معتقلي الرأي ووضع حد للمتابعات القضائية والتجاوزات والتعسفات التي تطال العمال وممثليهم ويدعو المسؤولين النقابيين وكافة المناضلات والمناضلين إلى التعمق في إدراك اللحظة التاريخية، والتسلح بالوعي المتجدد لفهم كل القضايا والتطورات المتلاحقة والمتسارعة التي تهم كافة المجالات سياسيا، اقتصاديا، اجتماعيا، وثقافيا، والعمل على تطوير التنظيم الكونفدرالي والارتقاء به لمجابهة كل تحديات المستقبل.
المؤتمر الوطني الخامس للكونفدرالية الديمقراطية للشغل
29-30 نونبر و1 دجنبر 2013
النهج الديمقراطي
بيان من مؤتمرات ومؤتمري النهج الديمقراطي في المؤتمر
الوطني الخامس للكونفدرالية الديمقراطية للشغل
إن مؤتمرات ومؤتمري النهج الديمقراطي المشاركين في أشغال المؤتمر الوطني الخامس للكونفدرالية الديمقراطية للشغل المجتمعين يوم الاحد 8 دجنبر 2013 بمقر النهج الديمقراطي بالرباط من أجل تقييم سير أشغال مؤتمر الكونفدرالية والخلاصات والنتائج المترتبة عنه في الشروط السياسية والاجتماعية الراهنة وما يتطلبه الوضع حتى تكون نقابتنا في مستوى التحديات، نقابة مناضلة مكافحة ديمقراطية،ممارسة لأدوارها في الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة وفي التغيير الديمقراطي،وبعد قراءتهم المسؤولة والموضوعية للخلاصات في جوانبها الأدبية والتنظيمية فإنهم يؤكدون على ما يلي:
1- ان نسبة التمثيل في المؤتمر لم تكن موضوع نقاش داخلي من طرف اللجنة الإدارية كما أن تعويضها بالمجلس الوطني تمت خارج إرادة المؤتمر الذي من حقه إجراء التعديل، وأن المتحكم في هذه العملية وهندستها هو تقليص حجم حضور الرأي الآخر داخل المؤتمر وأجهزة المنظمة.
2- ان الشروط المادية والأدبية، وطريقة تدبير سير أشغال المؤتمر بحضور ما يقارب 1800 مؤتمرة و مؤتمر لا توفر المناخ والشرط الديمقراطي من أجل التقييم الموضوعي والذاتي لتجربة 12 سنة والوقوف على مظاهر الاختلالات مما يعكس ضعف الديمقراطية الداخلية.
3- ان الشروط المادية لإقامة المؤتمرات والمؤتمرين اثرت سلبا على مشاركتهم ( وهو ما جاء في ملاحظاتهم وانتقاداتهم) وعلى برنامج المؤتمر مما ادى الى تقليص الحيز الزمني المخصص له.
4- إن إعادة انتخاب الكاتب العام لمركزيتنا المناضل محمد نوبير الأموي الذي يستحق كل التقدير و الاعتبار مؤشر سلبي نظرا لسنه المتقدم كما يمس بقيم الديمقراطية والحداثة والتداول،ويعكس أزمة تجديد النخب وتمكينها من تحمل المسؤولية.إنه تكريس لصورة الزعيم الأبدي وهي صورة مضرة بالديمقراطية الداخلية.
5-إن ما تضمنه مشروع البيان الختامي المعروض على المؤتمرات والمؤتمرين من غلو في إبراز قضايا خلافية جعلنا نتحفظ على كل الصيغ المعروضة للتصويت عليه،بالإضافة إلى عدم مراعاته للعديد من المواقف المعبرعنها في لجنة البيان العام ومن ضمنها:
* الموقف المساند لحركة 20 فبراير.
*الموقف المساند للوحدة النقابية بدء بالوحدة النضالية وما يفترض من نضالات حقيقية مشتركة مع النقابات المناضلة الرافضة لمسايرة السلم الاجتماعي من اجل صيانة المكتسبات وانتزاع مزيد من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
* التضامن مع كل الحركات الاحتجاجية المطالبة بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
* المطالبة بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين من حركة 20 فبراير ومن كل الحركات الاحتجاجية المطالبة بالحرية والديمقراطية والعيش الكريم.
وعليه فإن مناضلات ومناضلي النهج الديمقراطي يلحون على أن طريق التغيير والتحرر والبناء الديمقراطي ببلادنا وخدمة أهداف ومصالح الطبقة العاملة يمر عبر مساهمة كل الديمقراطيين في تجاوز الاختلالات ومحاربة كل الممارسات البيروقراطية، وتقوية الديمقراطية الداخلية داخل مركزيتنا المناضلة،و العمل الوحدوي في أفق الوحدة النقابية.ان هدفنا الأسمى أن تبقى الكونفدرالية الديمقراطية للشغل مركزية نقابية ديمقراطية مناضلة ومكافحة تتسع لجميع الآراء والمواقف،ومنحازة إلى كل قوى التغيير الديمقراطي الحقيقي.
الرباط في8/12/2013
مواقف للحزب الاشتراكي الموحد مؤيدة للاموي
الكنفدرالية الديموقراطية للشغل
و وعي المرحلة
بقلم محمد الصلحيوي
تعقد الكنفدرالية الديموقراطية للشغل مؤتمرها الوطني ، أيام 29 و 30 و 01 دجنبر 2013 بالدار البيضاء ولهذه المحطة دلالة خاصة ، لأنها تأتي بعد تجربة غنية ، إن على مستوى التنظيمي أو الكفاحي ، من جهة ، و ستحدد مستلزمات النضال النقابي من جهة ثانية . فهي محطة لتشريح التجربة ، نقدا و تقويما و تقييما ، و هي أيضا ، لرسم شخصية نقابة الغد، من حيث الإستراتيجية و الأهداف و الآليات .
لذلك ، فإن أي مناضل نقابي مناضل ، لا يمكنه أن يعالج النضال النقابي معالجة موضوعية ، بدون وضعه في سياقه التاريخي الملموس و فقط داخل السياق لا خارجه ، يمكن فهم و تحليل قضية النقابة المناضلة ، و لكن ما المقصود بالسياق التاريخي الملموس ؟
إن النقابة الخبزية تفهم العلاقة بين السياسي و الإقتصادي فهما ميكانيكيا ، لا جدليا ، لذلك استحقت عن حق كل ذلك النقد البوليميكي الذي انصب عليها . غير أن بعض معارضي النقابة الخبزية ، هم أيضا في حاجةإلى نقد ، إذ في معرض معارضتهم لها ، سقطوا في طرف النقيض أي النقابة الحزبية ، و قد قادهم إلى ذلك ، تجريدهم للعمل النقابي عن أسسه الموضوعية العلمية و العقلانية ، فالأولى منتوج صراع المصالح ، و الثانية منتوج كل فعل أو اعتقاد يعكس الضوابط العلمية المنتجة من طرف العلماء، و الثالثة مسايرة كل ما يوافق المنطق المتفكر فيه بالعقل . إن تحليل أصحاب النقابة الخبزية هو التالي : إن استقلالية الإطار النقابي أعطى واقعيا عزل جماهير العمال / الشغيلة عن أطروحة النضال الديموقراطي . و حين تسألهم من يمثل هذه الأطروحة ؟ يكون جوابهم ״ مثالي ״ بقولهم إن ممثله هو الحزب . و حين ندفع بسؤالنا إلى مداه ، و نسأل : و هل حزبكم هو الممثل الوحيد لخط النضال الديموقراطي ؟ يأتي الجواب موغلا في المثالية : الجبهة الإجتماعية ، و حين نلح في السؤال ، و هل هي - الجبهة – منخرطة في النضال الديموقراطي ؟ فلا تتلقى جوابا . إن أصحاب النقابة الحزبية يدورون في دائرة مفرغة ، و لكسر هذه الحلقة المفرغة ، لابد من إحداث إنقلاب في زاوية النظر...
و المنطلق هنا هو إعادة الإعتبار للسياق ، و المقصود هنا سياق الصراع الإجتماعي ، لا سياق الأفكار ، لأننا نفهم الثاني بواسطة الأول ، فالصراعات هي المحددة ، والأفكار هي المهيمنة . إن أي تحليل للوعي النقابي اليوم و يسعى أن يكون علميا و موضوعيا ، لابد أن ينطلق من هذا المنطلق : تحديد طبيعة المرحلة النضالية الراهنة و التي يمر منها النضال النقابي المغربي . إلا أنه لا يمكن فهم المرحلة الراهنة فهما ملموسا و شموليا ، إلا إذا فهمنا سابقتها و فقط حينما نقوم بمواجهة المرحلتين المتعارضتين ، و نستوعبهما كوحدة أضداد ، إذاك نتمكن من المسك و القبض على الملموس في شموليته .
و السؤال التحليلي هنا هو ، ما هي اللحظة الفارقة بين المرحلتين ؟
إنها حركة 20 فبراير ، فبانطلاقتها يوم 20 فبراير 2011 ، تكون قد أعلنت نهاية مرحلة و بداية أخرى إنها لحظة / محطة فارقة في تاريخ المغرب المعاصر .
و بالتالي أصبح النقابيون الكدشيون ، يتحدثون عن ما قبل و ما بعد ، اتسمت مرحلة ما قبل 20 فبراير بما يلي :
1- الإحتكار الإجتماعي 2- الإحتكار الإقتصادي 3- الإحتكار السياسي.
أما مرحلة ما بعد 20 فبراير ، فقد أطلقت ثلاث ديناميات :
1- دينامية إسقاط الإستبعاد الإجتماعي 2- دينامية إسقاط الفساد 3- دينامية إسقاط الإستبداد السياسي. ( من المفيد العودة إلى العرض التأطيري الذي قدمه الأستاذ عبد المجيد بوعزة العموري في الجامعة السياسية للحزب الإشتراكي الموحد أيام 18.17.16. دجنبر 2012 ).
فما هي طبيعة المرحلة النقابية لما قبل 20 فبراير ؟
بعد مخاض عسير ، تم الإعلان عن ميلاد الكدش 1978 ، و شكلت هذه الولادة عنوانا نضاليا لجماهير العمال و الفلاحين و التجار و الموظفين و الشباب ، الذين عانوا الأمرين مع أطروحة النقابة الخبزية ، والتي تمكنت أقلية محظوظة من تأمين كل امتيازات ما بعد 1956 لصالحها ، تاركة جماهير منتجي الثروة لدوامة المعاناة ، و لانتفاء شروط الإصلاح من الداخل ، فإن الإلتحاق الجماعي بالكدش كان الحل الوحيد لاستمرار جذوة النضال . فأصبح المناضل النقابي الحقيقي هو ذلك المنحاز بكل قواه إلى النقابة الإرتباطية . و لان الجسم الكدشي لم يكن جامدا ، بل حيا مناضلا ، فإن تيارا حزبيا كان دائما يحاول قلب معادلة الهيمنة النضالية إلى عقلية الإلحاقية ، و قد حسم الكدشيون هذا الوضع بموقف ״لانقابة للحزب ، ولا حزب للنقابة ״ بعد الحكومة الإتلافية للأستاذ عبد الرحمن اليوسفي 1998 . و أصبح المناضل النقابي الحقيقي هو المنحاز كلية إلى نقابة الرؤية السياسية .
إن القرارات الحاسمة تحتاج دائما إلى متغيرات انعطافية واقعية ، لذلك كان قرار المسافة عن الحزب ، و الذي اتخذته الكدش محتاجا إلى فترة انتقالية ، حتى يترسخ و يتكرس فكريا و نضاليا ، وشكلت حركة 20 فبراير الحاضنة الإجتماعية لذلك الموقف لحسمها مسألة الإصطفافات، صف الملكية البرلمانية و إسقاط الفساد و الإستبداد ، في مقابل ، صف الرهان على إصلاحات متدرجة دون المس بالثوابت .
إن سقف حركة 20 فبراير عكسته المسيرة الوطنية ״الكرامة ... أولا ״ و التي دعت إليها الكدش و الفدش يوم 27 ماي 2011 بالدار البيضاء ، المسيرة التي رسخت معطى الكدش نقابة لليسار المغربي بكل تعدديته و قراءاته الإيديولوجية ، و الجوهري هو تبني المركزية النقابية لرؤية سياسية منحازة للتغيير الديموقراطي ، بصرف النظر عن النقد الوجيه لاتفاق ״ 600 درهم ״ و شكل النزول إلى جانب الحركة الفبرايرية .
و الخلاصة هنا كالتالي : إن مرحلة ما قبل 20 فبراير قد أطرت بالصراع بين توجهين نقابيين : توجه النقابة الخبزية ، و توجه النقابة المرتبطة بحزب ( كأغلبية ) ، و كان الموقف النضالي الديموقراطي هو الإنحياز إلى التوجه الثاني ( الحزبي ) باعتباره يترجم النضال من أجل الديموقراطية . أما بعد 20 فبراير ، فقد انقلبت الأمور رأسا على عقب ، لقد دار التاريخ الإجتماعي دورته الكاملة ، و ماكان صحيحا بالأمس ، أصبح خاطئا اليوم ، بعبارة واحدة ، لقد تجاوز التاريخ موضوعيا شعار ״ النقابة الخبزية أم الحزبية ״ ووضع مكانه شعار ״النقابة برؤية سياسية ״
بناء على الخلاصة السابقة ، فإن ثلاثية : الملكية البرلمانية ، و اقتصاد التنمية ، و العدالة الإجتماعية .هي مترجمة الرؤية النقابية للكنفدرالية ،
و هي الركائز التي يقوم عليها كل المشروع النضالي النقابي الحالي . لذلك لزم تدقيق ما سيترتب عن التطور الحاصل داخل الحقل النقابي و الذي تمثل الكدش قاطرته الإجتماعية :
1النقابة منتجة لخطاب نقابي، و منتوجها هو وعي الإستغلال الطبقي ،
يقال ״ الفقر لا ينتج الثورة ، إنما وعي الفقر هو منتج الثورة ״ إذن منتوجها هو سلاح الشغيلة في نضالها من أجل العدالة و الكرامة .
2- النقابة مستقبلة ، تستقبل جماهير المنتجين ، و عملية الإستقبال تفرض التعدد كما هو في المجتمع المنتج ، و إدارة التعدد يعني الشراكة الكاملة في الحياة النقابية ، و الشراكة أيضا تعني الجواب عن التفييء العولمي القاتل .
3- النقابة بمرجعية ، و المرجعية هي العمل ، أي تبني قطب الإنتاج ضد قطب الرأسمال ، و المرجعية هنا تجاوز لمقولة الهوية ، ما دامت الأخيرة ملتبسة نقابيا مرجعيتها عمالية .
4- النقابة وحدوية ، ووحدويتها مرتبطة بمرجعيتها العمالية و برؤيتها السياسية ، وهو الأفق الذي يجب أن يكون قاعدة أي وحدة نقابية محتملة ، لأنها ليست مسألة شروط ، فإنها مسألة المهمة التاريخية الملقاة على المركزية النقابية باعتبارها رافعة من روافع التغيير الديموقراطي .
محمد الصلحيوي
عضو اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم
ك.د.ش
النقط المضيئة في المؤتمر الخامس للكنفدرالية الديمقراطية للشغل
النقط المضيئة في المؤتمر الخامس للكنفدرالية الديمقراطية للشغل
الجميع كان ينتظر من المؤتمر الخامس للكنفدرالية الديمقراطية للشغل شيئين اثنين : 1. تطوير الخطاب النقابي الكنفدرالي ليطابق ويعكس التطور الذي أحدثته حركة 20 فبراير التي اتجهت صوب إسقاط الفساد والاستبداد ، التقسيم العادل للثروة الوطنية ، إقتصاد التنمية ... 2. تجديد الهياكل التنظيمية بضخ دماء جديدة حتى تتمكن المركزية من مواكبة متطلبات التواصل البناء مع عموم الجماهير الشعبية. وفعلا عكست مشاريع المؤتمر هذا التوجه إذ طورت الكثير من القضايا المرتبطة بالفكر النقابي منها: * الانتقال من منطق الحوار إلى منطق التفاوض التعاقدي. *وضع الرأس مال المغربي في حجمه الحقيقي . *الموقف من الأمازيغية. *التفكير بالاشتغال بالأوراش المؤسس لمؤسسة النقابة لتتجاوز شخصنة المسؤوليات خصوصا على مستوى العلاقات العامة داخليا وخارجيا. وقد عكس البيان العام الصادر عن المؤتمر هذا المنحى بتكريسه الانحياز الكلي إلى قوى اليسار المناضل ،وتأكيده على أن الكنفدرالية غير قابلة للتطويع من أي جهة كانت . وقد سبق كل هذا إجراءان يشكلان اختراقا وثورة حقيقية لما سارت عليه مؤتمرات النقابات المغربية : أولا : انتخاب أعضاء المجلس الوطني من قواعد المنظمة مباشرة في الأقاليم والجهات وهي الخطوة التي شكلت نقطة تفاعل حقيقي وسط المناضلين والمناضلات بالرغم من مجموعة من السلبيات التي كانت نتيجة وجود عقليات ألفت منطق التحكم . ثانيا : حضور كل المسؤولات النقابيات بصفة مؤتمرات داخل المؤتمر وهي الخطوة التي تعتبر تطورا حقيقيا تجاوزت به الكنفدرالية الديمقراطية للشغل كل الإطارات بما فيها الأحزاب التقدمية واليسارية ،إذ شكلت نسبة 46 في المائة من أعضاء المؤتمر من نساء فرصة لفرز كفاءات نسائية عاملة كما تشكل ورشا للمرأة الكنفدرالية للانتقال من الخطاب النظري و الإنتخابوي للكوطا النسائية إلى العمل التنظيمي ، مع استحضار بعض الجوانب السلبية لهذه الخطوة من قبيل حضورهن ككم مساند انتخابي لتيار التحكم. وقد تفاعل المؤتمر بشكل قوي وإيجابي مع هذه الاختراقات التي أقدمت عليها المركزية داخل الحقل النقابي المغربي والتي تشكل فعلا أفق الانتظار كل الجماهير الشعبية التواقة لمعايشة مركزية نقابية مناضلة فعلا ومكافحة حقيقة ومنتجة أيضا لممارسة حداثية وعقلانية متجاوزة لخطاب وممارسات النقابات المتحالفة مع الرأس المال الجشع، نقول بالأمل لأن هناك هذا الرصيد المضيء للك د ش وبه نواجه سلبيات هذا المؤتمر والتي يركزها الجميع في نقطة واحدة وهي عودة الزعيم الأخ "محمد نوبير الأموي" إلى الكتابة العامة لفترة أخرى قد لا تصل إلى ولاية كاملة كما قال (سنتين) بل لفترة انتقالية لتهيئ شروط تجاوز تمنعات تيار التحكم داخل القيادة وتهيئ شروط الوصول إلى تغيير أعلى المسؤوليات داخل النقابة بما يضمن ويكرس شيئين اثنين: ديمقراطية الاختيار وجماعية المسؤوليات. صحيح أن الطريقة التي قدم بها الأخ الكاتب العام لم تكن موفقة ولا سليمة من حيث التقدير للمؤتمرات والمؤتمرين إذ كاد أن يحدث ما لا يحمد عقباه حين طرح أحد المؤتمرين (الرفيق محمد الصلحيوي) والذي طالب بتطبيق المسطرة العادية بإخضاع المقترح لتصويت) حيث جوبه بعنف لفظي كاد أن يصل إلى عنف جسدي لولا تدخل بعض المؤتمرين، وقد طرح المقترح فعلا للتصويت في جو شابه الضجيج بحيث لم يتمكن المؤتمر من أداء مهمة التصويت بسلاسة مع تقدير الجميع للمكانة التاريخية والنضالية للأخ الكاتب العام والذي جدد في كلمته عقب انتخابه ، وجوده رهن إشارة القواعد المركزية وعموم الجماهير الشعبية للاستمرار جدوى النضال لأن هذه المركزية غير قابلة للتطويع. إذا، لابد من وضع هذا المؤتمر بنتائجه في سياقه الطبيعي والنظر إلى كل جوانبه حتى يتمكن الجميع من المعرفة الأدق لطبيعة الكدش وما تعرفه من تطور.
الكاتب: الحسن المجيدي(مـــــؤتمر
المؤتمر الخامس للكنفدرالية الديموقراطية للشغل .
السياق و القرارات .
بقلم : محمد الصلحيوي
هل حقق مؤتمر الكنفدرالية الديموقراطية للشغل أهدافه ، أم فشل في ذلك ؟
يطرح هذا السؤال بإلحاح ، نتيجة السيل الكبير من الإنتقادات الموجهة للمؤتمر ، والتي أخذت في الكثير من الأحيان منحى بوليميكي لاذع ، لم يترك للمؤتمرات و المؤتمرين أية إيجابية و لو كانت معنوية . و الأطروحة الجامعة لكل المؤتمرين و المنتقدات – عدا ما نذر – هي التالية :
عودة الكاتب العام و بتواطؤ من طرف الحزب الإشتراكي الموحد ، قتل للديموقراطية .
و تتفرع عنها تفصيلات كثيرة من قبيل تسلط الحزب المهيمن،و الفساد التنظيمي ، و التشييج ، والكولسة بين الأحزاب خارج المؤتمر ...
و المثير للإنتباه في كل ذلك شيئان :
- تركيز المؤتمر وتلخيصه في نقطة واحدة هي الكتابة العامة .
- التركيز على الحزبي الإشتراكي الموحد نقدا و تجريحا ، بل ، و تسفيها لمناضلاته و مناضليه. فهل هذا صحيح ؟
تجدر الإشارة بداية ، إلى أن كل انتقادات المنتقدات و المنتقدين ، و مهما كانت ، مشروعة و واجبة ، مادامت الكدش ملك لجميع المغاربة المنتمين لقطب العمل ،و المواجهين لإستغلال و جشع الرأسمال – إلا أن اعتماد المشهد العام للمؤتمر من طرف المنتقدين و المسفهين و المختزلين ، وفي غالبيتهم من خارج الكدش ، ورطهم بصدق قول أو بالحق الذي أريد به باطل ، في المكان المكشوف و المفضوح المعادي للكدش ، كتنظيم و دور في التغيير الديموقراطي ، و ما مسألة الكاتب العام و موقف الحزب الإشتراكي الموحد إلا عناوين للتغطية . و لذلك فهم يستحقون أيضا نقدا مضادا و جذريا . و نطرح السؤال التالي : ما المطلوب منا ، باعتبارنا تيارا نقابيا للحزب الإشتراكي الموحد ؟
هل المطلوب منا أن نكون عبارة عن" كومندو " تخليصي للمؤتمر و للكدش مما يعتبرونه حزبا مهيمنا ، و يرفعون لنا شارة النصر حين عودتنا إلى قواعدنا سالمين غانمين ؟
و هل المطلوب منا أن نكون عبارة عن " ميليشيا " حزبية نملأ المؤتمر صخبا و ضجيجا و مواجهة لكل مناوئ ، ونصدر بيان الإدانات و الإنسحاب ، ونستقبل بالتصفيق و قولة " برافو عليكم " لقد حاربتم الهيمنة و الإقصاء . ونكون في الحالتين قد أدينا مهمة صيغت في مكان ما ، و في زمن ما ، مفادها ، لا مؤتمر نقابي أو حزبي يمر في المغرب بسلاسة ، بل لابد من المواجهة و الصدام و الجراح ، حتى تترسخ أكثر فكرة أن الديموقراطية كثقافة عصية على المغاربة ، والأحسن أن تترك لغيرهم يدبرها لهم ، و الأكثر استحسانا أن تكون النقابة المناضلة و الأحزاب اليسارية طيعة ومطواعة حتى تؤمن مؤتمراتها مجريات و نتائج .
مرة أخرى هل كان علينا أن نؤدي هذا الدور ؟
بالقطع لا ، لأننا تيار نقابي لحزب يساري مناضل ، منخرط في نقابة جماهيرية ،
و مادام الأمر كذلك ، كان تنسيق الرأي بين مؤتمرات و مؤتمري التيار مسألة طبيعية وحيوية ، وتبلورت وسطنا التقديرات التالية :
التقدير الأول : أن المركزية الكدشية مناضلة منذ تأسيسها من أجل تحرير الأرض و الإنسان ، و قد كرست و رسخت هذا الخط الكفاحي في تجربتها بين المؤتمرين الرابع و الخامس ، لذلك كان تقديرنا إيجابي للتقرير الأدبي ، مع التأكيد على كل عوامل النقص و القصور و الأخطاء التي كانت كبيرة في محطات معينة كالتعامل مع حركة 20 فبراير ، الجماعات المحلية ، ورزازات ، و لعل شرط إيواء المؤتمرات و المؤتمرين كان يمكن أن يكون مشكلا حقيقيا ، و اكتفينا بطرحه بعد توضيحات المكتب التنفيذي بصدده .
التقدير الثاني : الكدش نقابة جماهيرية ، و يتكرس ذلك مع الإغناء المستمر لتجربتها و انخراط كل تنظيمات اليسار المغربي و حساسياته بغرض صياغة أفق شراكة حقيقية في الحياة النقابية الداخلية ، فكرا و تنظيما ، و الترسيخ الجماعي لمعادلة " لا نقابة للحزب و لا حزب للنقابة " و هي الضمانة الوحيدة لدمقرطة النقابة الداخلية .
التقدير الثالث : إن نضالية و كفاحية المركزية النقابية ، و بتعددية كل أطراف اليسار ، يفرضان انحيازا أكثر تقدما للأفق السياسي اليساري المنخرط ميدانيا في حركة 20 فبراير ، بكل شعاراته السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية .
إن التقديرات الثلاثة أعلاه ، فرضت أفق ثلاث أهداف محددة لهذا المؤتمرالخامس ، المنعقد بشعار " التعبئة الشاملة من أجل الإصلاح الحقيقي " و في قلبه الديموقراطية هي الحل .
الهدف الأول ، أدبي : و يتعلق الأمر بالتبني الرسمي من أعلى هيئة تقريرية للكدش للملكية البرلمانية ، و هذا ما تم فعلا في البيان العام ، وبقاء الأصوات الشعبوية القائلة بأن السقف السياسي لا يمكن أن يتبناه التنظيم النقابي ، لأن الشعب هو محدد السقف، و كأن الشعب المغربي المنتج للثروة جزيرة ، و مركزية النقابية جزيرة أخرى هامشية ، إضافة لدورها في ايطار حركة 20 فبراير . إضافة لوضوح النقابة في مسألة انحيازها و نضالها من أجل اقتصاد منتج و ناجع ، في محاربتها للفساد و الريع الإقتصادي . لتكتمل البوصلة النقابية بالعدالة الإجتماعية المبنية على التوزيع العادل للمعرفة و الثروة على جميع أبناء الشعب .
الهدف الثاني ، تنظيمي : و يتعلق بالترسيم القانوني لانتخاب أجهزة المنظمة مباشرة ، بعد سنوات من الجدال و السجال حول آلية " لجنة الترشيحات " ، و قد باشرت المركزية انتخاب المجلس الوطني في الإتحادات المحلية . بصرف النظر عن سلبيات التطبيق الهامشية هنا و هناك ، مثال عدم استدعاء للجموع العامة لإنتخاب المؤتمرين ، أو تعيين عضو المجلس الوطني بدون أي نقاش لوثائق المؤتمر . إضافة لهذا التطور على مستوى دمقرطة الإنتخاب ، هناك خطوة التميز الإيجابي للنوع ، إذ تم تمكين كل المسؤولات النقابيات من صفة مؤتمرة .
الهدف الثالث ، أدائي : إن الكدش رافعة أساسية من روافع النضال الديموقراطي من أجل التغيير و قد كرست دورها هذا عبر تجربتها العينية نضاليا ، لذلك ، فالرفع من وتيرة هذا الدور ، مهمة غاية في الاهمية ، اجتماعيا و سياسيا ، خصوصا مع دروس حركة 20 فبراير ، والتي هي نقطة تحول فارقة في نضال الشعب المغربي ، وليست نقطة تراكم كمي ، إذ هي استمرار بمنطق التحول ، و ليست استمرار بمنطق التراكم ، إن الوضع الذي أوجدته حركة 20 فبراير ، والذي تفاعلت معه الكدش في مسيرتها الوطنية يوم 27 ماي 2011 بشعار الكرامة أولا، يفرض عليها الآن لعب دور حاسم في توحيد القوى اليسارية ،و أمامنا على الأقل تجربتين رائدتين : تجربة نقابة" تضامن " البولونية ، وتجربة اتحاد العام للشغل التونسية ، وإن هذا التأكيد يتعزز بوجود تحالف يساري داخل الكدش ، تحالف اليسار الديموقراطي . للمركزية إذن مهمة دعمه حتى يحقق رؤيته تنظيما و سياسيا ، وهذه مصلحة أساسية للشغيلة المغربية التي اختارت الإرتباط بقوى التحرر بديلا عن" النقابة الخبزية " .
تلكم كانت العناصر المكثفة لأفقنا – مؤتمرات و مؤتمرو تيار الحزب الإشتراكي الموحد – داخل المؤتمر ، وكل الإنتقادات الموجهة إلينا مست المسائل التالية :
- التنسيق السياسي : حاول الكثير من المنتقدين و الغاضبين حتى ...اتخاذ منصة التنسيق المفترض و المتخيل لقصف المؤتمر و معه الحزب الإشتراكي الموحد ، بكون الأخير قد " كولس " مع المؤتمر الوطني الإتحادي ، وتمت مصادرة حقوق المؤتمر و المؤتمرين ، وقدمت المسألة بطريقة بوليميكية فجة ، و هنا أقول و بسمو أخلاقي ، و بتجرد نضالي أنه لم يحدث أي شكل من التنسيق السياسي بين الفصائل اليسارية على الإطلاق ، بل ، يمكن لي القول أن قيادة الحزب الإشتراكي الموحد أكدت مسؤولية المؤتمرات و المؤتمرين الحصرية في إدارة مواقفهم حسب مجريات المؤتمر ، و هذا ما جرى فعلا ، إذ تم التعبير خلال مناقشة التقرير الأدبي على مواقف التيار النقابي للحزب بكل وضوح ، بتأكيد كفاحية و نضالية المركزية في تجربتها ، مع الوقوف على عوامل الضعف و القصور .
- مسألة التجييش و المسألة النسائية : إحدى نقاط القصف المجاني للمؤتمر ، من طرف المنتقدين ، حضور النوع داخل المؤتمر ، إذ اعتبروا تمكينة كل المسؤولات النقابيات من صفة مؤتمرة تجييشا ، والغريب أن بعضهم يجاهر بدعمه للمناصفة و المساواة ، بل أكثر من ذلك يزايد على الاحزاب و الحركات النسائية بكونها مقصرات في النضال من أجل القضية النسائية . وحين تخطو الكدش خطوة جريئة بالوصول إلى نسبة 46 % من هيئة المؤتمر من النوع ، مقابل 54 % من الرجال ، ويبلغ بعضهم كل بقوله في محافل أخرى ، و يعتبر ذلك تجييشا . هنا أقولها صريحة واضحة ، إني لا أقرأ النيات ، بل ، أعتمد الممارسات مقياسا للحكم ، ألم نناضل - و لا زلنا - ضد محاكمة الضمائر ، والتي أدى بعض المنتقدين ثمنها من حريتهم الشخصية ، لذلك ، أعتبر الجانب الجوهري في الخطوة الكدشية ، و التعلق بالدفع أماما بالتمييز الإجابي للنوع و رفعه بسقف أعلى ، والحاصل أن الإجراء التنظيمي قارب المناصفة ، وهي آلية مجتمعية لتمكين النساء من ولوج مراكز القرار ، والنقابة إحدى مؤسسات المجتمع العامل ، وبالتالي معنية بتلك الآلية ، والمطروح فعلا هو كالتالي :
- العمل تأطيريا داخل المركزية من أجل تأسيس توازن حقيقي بين المناضلات و المناضلين .
- أن تكون سرعة النقابات أعلى من سرعة المجتمع الذكوري المعقد .
- أن تعكس مراكز القرار الكدشي نسبة 46% .
- الدفع في اتجاه عقد نوع من المصالحة مع التنمية بتبوإ المناضلة النقابية قيادة التفاوض النقابي داخل المؤسسة و القطاع .
- جعل المناصفة في قلب الدينامية النقابية لتجاوز شرط النزول القانوني إلى دينامية الوعي النسائي .
ذلك هو المهم في خطوة الكدش ، و قد عبرنا على هذا بوضوح ، و تجاوزنا كتيار للحزب الإشتراكي الموحد ، الجانب السلبي المفترض إلى الجانب الكيف المستقبلي .
- مسألة الكتابة العامة : كما تمت الإشارة سابقا. لخص المنتقدون و المعلقون المؤتمر الخامس للكدش في نقطة واحدة هي انتخاب الكاتب العام . هنا ضرورة التوضيح التالي : دخلنا المؤتمر كتيار نقابي للحزب الإشتراكي الموحد و نحن على معرفة تامة بموازين القوى التنظيمية داخله ، حجمنا الوازن و الحقيقي لم يحولنا إلى أغلبية ، لذلك لم يكن وسطنا مرشح لمنصب الكاتب العام ، فتح نقاش بيننا ، فكان الرأي أن المسألة لا تتعلق بالترشيح من أجل الترشيح ، لأن المؤتمر معروف عدديا و اصطفافيا ، و لسنا أمام انتخابات جماعية أو برلمانية يكون الهدف منها الدعاية و نشر فكر الحزب ، إضافة للتأكيد منذ بداية الأشغال على أن المؤتمر سيد نفسه ، و هنا قررنا التعامل مع ما سيقرر داخل المؤتمر .
فتح فعلا باب الترشيح لمنصب الكاتب العام ، ولم يتقدم أي مؤتمر أو مؤتمرة للترشح ، هنا قدم مسير الجلسة باسم لجنة التسيير الأخ عبد القادر الزاير ترشيح الأخ محمد نوبير الأموي بصفته مؤتمرا ، بدليل قوله " في الحقيقة نحن مازلنا في حاجة إلى السي محمد " و لم يطرح تجديد الثقة في الكاتب العام السابق ، و أخضع المقترح للتصويت ، فأين المأخذ ؟
فهل كان علينا أن نفرض على الآخرين الترشح و لا مرشح لنا ؟ هنا نتحول لمسخرة تنظيمية و إعلامية . و هل كان علينا أن نفرض على الأخوين علال بلعربي و عبد القادر الزاير مثلا الترشح و اختيار تيارهم شيء آخر ؟ و هنا نكون في تناقض صريح مع مبدئنا في استقلال النقابة عن الحزب . بعض المنتقدين غير المتمرسين على آليات اشتغال المؤتمرات ، طرحوا فكرة عدم اعتراض الرفيق عبد اللطيف قلش عضو لجنة الرئاسة دليلا على ما سموه تواطؤ الحزب الإشتراكي الموحد مع المؤتمر الوطني الإتحادي ، وهنا توضيحان :
- مهمة لجنة الرئاسة هي الإشراف على تسيير أشغال المؤتمر وفق المسطرة التي أقرها المؤتمر ، وليس من حق الرفيق قلش خرقها .
- الطعن في ترشيح مقدم في غياب ترشيحات أخرى ، يعني إدخال المؤتمر في متاهات أخرى ، إضافة لكون هذا الطعن لا أساس له قانونيا و تنظيميا و حتى أدبيا ، و مناضلات و مناضلو الأشتراكي الموحد يعون تماما موقعهم داخل هذه النقابة المناضلة ، و دورها الريادي في النضال الديموقراطي بكل استحقاقاته النقابية و الحزبية و السياسية ، داخل قاعة المؤتمر و خارجها .
- في الخلاصة العامة : ان هناك الثقافة النقابية و الأداة التنظيمية و إن شرط تقدم الثانية نحو المأسسة و العقلانية مرتبط بهيمنة البعد الثقافة النقابية الحداثية ، هذه هي وضعية الكدش حاليا ، دورنا إذن هو الدفع لحصول تناسب أكثر تقدما بين البعدين ، وهذا ما تعكسه المقررات التنظيمية الصادرة عن المؤتمر ، الإنتخاب المباشر و الأوراش ، أما المنتقدون فلهم " فضيلة " انتقاداتهم حقدا أو حبا أو تعاطفا مع الكدش ، و لنا فضيلة نجاح مؤتمرنا بكل نقائصه المقبولة و غير المقبولة ولكل نازلة نوازل ، و لكل حادث حديث .
محمد صلحيوي
مؤتمر عضو اللجنة الادارية
للنقابة الوطنية للتعليم كدش