منتدى الرياضي للعمل النقابي

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى يهتم بمستجدات العمل السياسي والنقابي محاولا رسم صورة مغايرة على ما عليه الوضع الان


    إبراهيم سرفاتي

    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي السبت نوفمبر 20, 2010 11:35 am

    الفضائية - برامج القناة - ضيف وقضية - عودة السرفاتي إلى المغرب لسنوات طويلة اقترن الحديث عن وضع حقوق الإنسان في المغرب بحالة المعارض اليساري إبراهام سرفاتي، الذي بقيت قضيته قائمة في المغرب سواء عندما كان في السجن أو ...
    www.aljazeera.net/.../F1935135-2EE0-4FC0-8CE0-02989D204F70.htm -
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي السبت نوفمبر 20, 2010 11:46 am

    صور جنازة الراحل أبراهام ألبير السرفاتي



    إبراهيم سرفاتي 2492951-3506287
    هسبريس من الرباط:

    أعلن الخميس عن وفاة المناضل أبراهام السرفاتي بإحدى المصحّات الخاصّة بمرّاكش عن عمر ناهز الـ84 عاما وبعد وعكة صحّية حادّة.. هذا في الوقت الذي قامت وكالة الأنباء الرسمية بنعي الرّجل في 15 كلمة لاغير ضمن قصاصة جدّ مقتضبة ضمّنتها بالحرف: "توفي أبراهام السرفاتي صباح اليوم الخميس بإحدى المصحات بمدينة مراكش عن سن تناهز 84عاما حسب ما علم لدى أسرته".

    وجاءت وفاة أبراهام السرفاتي (16 يناير 1926 ـ 18 نونبر2010) بعد طول جلوسه على كرسي متحرّك متأثرا بمضار بدنية لازمته منذ مرحلة "سنوات الرصاص".. من بينها شلل نصفي ومرض الزْهَايْمْرْ المؤثّر على قوّة الذّاكرة.. حيث من المرتقب أن تتمّ مراسيم جنازة السرفاتي يومه الجمعة ليوارى الثرى بالمغرب بعد أن واظب على رفض الجنسية الإسرائيلية وعروضا للانتقال نحو تل أبيب رغما عن تديّنه باليهودية.
    إبراهام ألبير السرفاتي سليل لأسرة أندلسية يهودية طنجاوية، وُلد بالدّار البيضاء، وانضمّ لصفوف الشبيبة الشيوعية بالمغرب عام 1944 قبل أن ينتقل لفرنسا سنة بعد ذلك ويلتحق بالحزب الشيوعي داخلها، وهو الحزب الذي نشط به أثناء فترة دراسته بالمدرسة الوطنية العليا للمعادن بباريس قبل أن يتخرّج منه مهندسا.



    السرفاتي اشتغل ضمن مجال استخراج الفوسفاط كمهندس، حيث عُرفت عنه مساندته لمطالب الشغيلة رغم عدم انعكاسها على وضعيته الاجتماعية والمالية.. وهو الموقف الذي تكرّر أزيد من مرّة وجلب عليه الانتقادات، كما شغل السرفاتي عام 1958 منصب مدير ديوان كاتب الدولة للإنتاج الصناعي والمعدني ضمن الحكومة المغربية، كما ألحق بعدها بديوان الراحل عبد الرحيم بوعبيد الذي كان وزيرا للاقتصاد الوطني.



    كما أضحى إبراهام السرفاتي سنوات الستّينيات زعيما لمجموعة "إلى الأمام" الماركسية اللّينينية بالمغرب، هذا قبل أن يتمّ اعتقاله عام 1975 ويُحكم عليه بالمؤبّد بناء على تهمتي "الإخلال بالنظام العامّ" وكذا "التشكيك في مغربية الصحراء" عقب تصريحات أيّد خلالها تقرير مصير ساكنة الأقاليم الجنوبية.



    السرفاتي قضى 17 سنة متنقلا بين عدد من المعتقلات ومراكز التعذيب قبل أن يطلق سراحه عام 1991 من قبل الملك الراحل الحسن الثاني ويرحّل إلى فرنسا بدعوى "كونه برازيليا لا يحمل للجنسية المغربية"، في حين عمل الملك محمّد السّادس خلال شهر شنتبر من سنة 1999 على إعادته للبلاد.



    هذا وسبق للسرفاتي أن قال ضمن لقاء جمعه بصحفي قناة الجزيرة محمّد كريشان في 10 يناير 2005: "إن الاستقبال الذي خصص لي عند عودتي، وأثناء الزيارات التي قمت بها لبعض المناطق، يفوق بكثير ما كنت أعتقد أنني قدمته للكفاح في المغرب، أنا ورفاق كثيرون، منهم (سعيده منبه) سقطوا للأسف في ساحة المعركة، وكانت الخسائر كبيرة وجوهرية، ما قدمته ضئيل مقارنة بهذه التضحيات، وكان لديّ انطباع بأنني طيلة هذه السنوات قمت بواجبي كمواطن مغربي وكمهندس كذلك، لأني حاولت في الستينيات وبعدها الحفاظ على كرامة المهندسين، بتضامني مع عمال قطاع الفوسفات في عام 68، وأعتقد كذلك أنني أسهمت في حماية ماء وجه اليهود المغاربة الذين كان أغلبهم ضحايا للصهيونية كما تعلمون، وحتى فيما يتعلق بالقضية الأصعب، وهي قضية الصحراء أعتقد -أنا ورفاقي في السبعينيات- أننا حافظنا على كرامة بلدنا بتبنينا الموقف الصحيح الذي يبدو الآن راجحا لحسن الحظ، وهو ضرورة تسوية القضية بالوسائل السلمية لا بالقمع، أعتقد من خلال كل ذلك أننا في آن واحد ناضلنا ولم نخضع للقمع، مع الحرص الشديد على مستقبل البلاد، لكن الاستقبالات التي حظيت بها في كل المناطق تتجاوز بكثير ما كنت أتصوره بشأن إسهامنا من أجل أن يرفع الشعب المغربي هامته، ويصبح على ما هو عليه اليوم، أي تربة خصبة لقيام الديمقراطية بفضل الله"













    إبراهيم سرفاتي 2492951-3506291





    إبراهيم سرفاتي 2492951-3506293





    إبراهيم سرفاتي 2492951-3506295
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي السبت نوفمبر 20, 2010 11:48 am

    لحظات مع أبراهام السرفاتي

    إبراهيم سرفاتي Fe844b63-341b-48bc-b0ef-25ed9d48081f



    [url=http://www.ahewar.org/search/search.asp?U=1&Q=%C5%CF%D1%ED%D3+%E6%E1%CF+%C7%E1%DE%C7%C8%E1%C9]إدريس ولد القابلة
    [/url]
    الحوار المتمدن - العدد: 570 - 2003 / 8 / 21
    المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع</FONT> [b] إبراهيم سرفاتي Lg-share-en




    لقد قضت سنوات برفقة أبراهام السرفاتي سواء بمعتقل درب مولاي الشريف أو السجن المدني بالدار البيضاء (غبيلة ) أو السجن المركزي بالقنيطرة...جالسته..تحدثت معه بل غشت معه بين أربعة جدران خلف باب حديدي سميك.
    بعد فك الحصار: حصار العزلة المنزوع نزعا بفضل الإضراب عن الطعام الذي دام أكثر من أربعين يوما والتي استشهدت خلاله وفي خضمه المناضلة سعيدة المنبهي.عرفته قبل الاعتقال كما عرفته إبان الاعتقال في ساعات الجلد والتنكيل والتعذيب مؤيدا...منصورا...فرحا...مستبشرا .
    مازلت أذكر أيام المحاكمة الماراطونية..ويمكن أن يؤكد ما سأذكره كل مناضلي طنجة مثل السيدة الفتوح وزوجها السريفي وآخرون...قاعة مكتظة بالمتهمين الجالسين والعائلات والصحافة والمحامين الواقفين، وأقارب وأصدقاء ومتعاطفين متحلقين حول باب القاعة المملوءة عن أخرها، والكل مطوق بسلسلة بشرية متكونة من أناس مختلفين عن كل الحاضرين، يرتدون لباسا رماديا قاتما موحدا لم يكن يستسيغه أحد إبان السنوات المظلمة التي مرت ببلادنا.
    أحد الحاضرين لفت أنظاري وكل الأنظار، ليس لكونه يمتهن مهنة الدفاع عن الحق والقانون ومؤازرة المتهمين، وليس لكونه كان أجنبيا، وليس لكونه كان عربيا، ولكن لكونه كان يؤازر مناضلي فتح وأبناء فلسطين في كل أنحاء العالم: إنه الأستاذ المجدلاني الذي حضر إلى المغرب خصوصا وخصيصا لمؤازرة أبراهام السرفاتي ورفاقه..صورة الأستاذ المجدلاني تأبى أن تفارقني... فوجوده آنذاك أحدث مفارقة غريبة حيث أن صناع الاتهام ومبدعي صكه لوحوا أكثر من مرة بعبارة الصهيونية وكان مجرد وجود الأستاذ المجدلاني، حتى دون نبس ولو كلمة في الموضوع، شرط كفاية لإظهار الأكذوبة والكشف عن البهتان...وكم بدا المنظر كاريكاتوريا بالنسبة للبعض ومخجلا بالنسبة للبعض الآخر...اتضحت اللعبة وانكشفت المهزلة واتضحت خيوط المسرحية الروتينية التي طالما تكررت آنذاك والتي كان دائما عنوانها: المحاكمة الصورية.
    ..مرت المحاكمة وهذه قضية تستحق وقفة خاصة بها.
    إذن كانت آخر جلسة..ميعاد النطق بالحكم. كانت القاعة غاصة بالحضور..كانت تغص بالأقلام، بالقلوب، بالعيون، أقلام تنتظر القرار للإخبار والتوثيق، وقلوب تأمل الرحمة وعيون لا تبالي منتظرة لأن اللعبة كانت واضحة والأمر أصبح روتينيا.
    وسط تلك الأقلام والقلوب...كانت صدور الجالسين في قفص للاتهام ( والقاعة كانت قفصا للاتهام نظرا لكثرتهم) مفتوحة لتلقي أية طعنة انتقامية لأنهم حولوا وغيروا المواقع، فحاكموا من أرادوا أن يحاكموهم، ولم يبق أمام هؤلاء المهزومين إلا السعي وراء طي الملف بسرعة وإحالة القضية على النسيان آملين تفتير الزمن الفائر داخليا وخارجيا آنذاك.
    في هذا الجو عرفت كذلك أبراهام السرفاتي عن قرب وكانت معرفتي به قد زادت بزنزانة السجن
    فعلاوة على روح النضالية العالية وتضحياته ونكران الذات وتعاليه عن المساومة وتقززه من الانتهازية والاستغلال ـ فهذا قد دونه له التاريخ.. وما لفت انتباهي هو توفره على موهبة تعبيرية أصيلة قائمة على أساس فطري، وإصراره القوي على تنميتها بالتعليم والتحصيل والبحث والتنقيب المتواصلين، وهذا ما مكنه من التعبير عن ذاته وأفكاره وقناعاته تعبيرا صادقا، لا لف فيه ولا دوران.
    فخلال المدة التي قضيتها بجانبه وبرفقته لاحظت غرامه وشغفه بالرحلة في سبر أغوار الغامض للوصول إلى الحقيقة لأنه كان دائم اليقين أن الحقيقة توضح وتكشف تلاعب المتلاعبين وانتهازية الانتهازيين سواء في السر أو العلانية.
    فلم تكن قوة تعبيره قائمة على بريق الكلمات ونماقة العبارات، بل تكمن في قوة إيمانه بمدلول الكلمات وما وراء المدلول، وتصميمه الحاسم على تحويل الكلمة المنطوقة أو المكتوبة إلى حركة حية، والمعنى المعبر عنه إلى واقع ملموس للمساهمة في الدفع بالواقع إلى الأمام، ما زلت أذكر عبارة كانت عزيزة عليه، ما زالت عالقة بذهني:" الكلمة التي تفجر العقل " وكان ينطقها بالإنجليزية بعبارة واحدة.
    إن معاشرتي له جعلتني أعاين عن قرب لين قلبه ودرجة تواضعه إلى اعتبار نفسه دائما أصغر مقاما من الآخرين وأقل منهم، فقد كان يعفو عن الإساءة المعنوية أو المادية وهو قادر كل القدرة على ردها، ويكفيه استغلالها لحث المسيء في حقه لإعادة التفكير والمراجعة الذاتية وغالبا ما كانت تلك الإساءة منطلقا للسعي بالنسبة للمسيء وراء التقرب أكثر من أبراهام.
    لقد كان بسيطا في مظهره عميقا في أفكاره وبعيد المدى في مراميه. فما زالت صورته مطبوعة في مخيلتي ونحن نتأهب كل مساء لولوج الزنازن الفردية بالسجن المركزي بالقنيطرة وهو يسرع في إلقاء نكتة أو حدوثة أو ذكرى من ذكرياته..كما أنني ما زلت أتذكر خطه بالحروف اللاتينية والذي كان يرهقني ويقلقني لصغر حجمه وتداخل حروفه فيما بينها كأنها صف نمل يرى من بعيد خلافا لما كان عليه خطه بالعربية واضحا بحروف أكبر حجما بكثير من حروف خطه بالحروف اللاتينية.
    لقد عرفته لا يطيق صور الحرمان والتخلف الاجتماعي والثقافي والظلم وفساد القوانين مهما اختلفت أنواعها ومهما تباينت أساليبها وغاياتها، مما جعل استمرارية البحث والتنقيب عادته الدائمة. إنه مغرم بالقراءة وتجذير الأفكار عبر مقارعته بالواقع، كنت أقضي الليالي في سؤال عن قضية شغلتني كثيرا وهي: تاريخ ووضعية اليهود المغاربة، وسأحاول تذكر ما قطفت من شجرة عرفانه بالموضوع.
    وأول ما أشير إليه هو دحضه للاعتقاد الذي ظل سائدا لمدة والمتعلق بكون الصهيونية ، ظاهرة مرتبطة بالعنصر الديني فقط، وقد بين لي ذلك عندما حدثتني طويلا عن وضعية اليهود المغاربة في الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي ، زمن ازدهار الجماعات اليهودية ، وحيويتها محبكا وصفه بأمثلة عن أجواء حفلات ملاح " فاس والرباط وسلا وصفرو ومدن عريقة أخرى ، وتعايش اليهود المغاربة ضمن قبائل الأطلس والجنوب وذلك بالرغم من دسائس الاستعمار الرامية إلى التفرقة ، والتي لم توفر أي جهد على امتداد قرن من الزمن.
    كما حدثني بإسهاب ذات ليلة عن الكذبة الاستعمارية والصهيونية والكذابين الذين تشبثوا بأهدابهما، وأطلعني على مضامين مؤلفات " أندري شوراقي" الكاتب العام للرابطة الإسرائيلية العالمية، والذي اهتم بدراسة يهود شمال إفريقيا ومن ضمنهم اليهود المغاربة. وفي مجرى حديثه لفت اهتمامي إلى حدث كنت أجهله آنذاك وهو الدور الذي قام به " أ. شوراقي" المذكور في تمكين الجريدة الصهيونية " نوار" الصادرة آنذاك، من تسميم عقول الشباب المغاربة اليهود في الفترة الممتدة من 1945 إلى 1952.
    كان أبراهام يسهب في الحديث عن روح التعايش والتواصل والتفاهم العضوي التي سادت بين اليهود والمسلمين المغاربة في المجتمع البدوي في سوس والأطلس الكبير وتافيلالت . وبين الفينة والأخرى كان يقف عند بعض المحطات المعبرة كتوضيح مثلا " صلاة بيصاح" وكيف تم استغلالها من طرف الصهاينة أو حديثه المسهب عن "رسول " من " رسل" الصهيونية وأحد أبرز مؤطريها بالمغرب آنذاك " بروسبير كوهن" الذي دعا اليهود للتخلي عن الأمل في المسيح والبشرية.
    كما حدثني كذلك عن مساهمة اليهود المغاربة الحرفيين في تسليح جنود عبد الكريم الخطابي.
    وكانت أحاديثه مجتمعة حول هذه القضية تبين أن الرأسمالية الأوربية، عندما ولجت المرحلة الإمبريالية منذ فكرت في السيطرة على العالم العربي راهنت على بث التفرقة بين اليهود والمسلمين، مع تعزيز هذا البيان بأمثلة وأحداث تاريخية كثيرة مازلت أذكر بعضا منها على سبيل المثال لا الحصر: في النصف الثاني من القرن التاسع عشر عمل الاستعمار على تنظيم وإرساء دعائم التفرقة بمنح دور هام لأكبر المصرفيين اليهود ( أصحاب الأبناك). ألم يؤسس " آدموند دو رولتشيد" أول مؤسسة استعمارية بفلسطين مع إحياء بصيغة عصرية جديدة، ترحيل الرقيق بالقيام ب " استيراد" 5000 يهودي من روسيا آنذاك، وبتمويل تأسيس أول المؤسسات التعليمية التي أحدثتها الرابطة الإسرائيلية العالمية بحوض البحر الأبيض المتوسط ( خصوصا بالمغرب).
    وأختم ذكرى لحظاتي مع أبراهام السرفاتي بحديثه لي عن " النخبة " اليهودية بالمغرب. لقد بين لي أنه تم استئصال جذور هذه الفئة من واقعها المغربي منذ البداية وذلك بدمجها عبر نمط عيشها وربط مصالحها بالثقافة الغربية، لذا فإنها لم تستطع بلورة أي تصور " وطني" فعلي لجماهير اليهود المغاربة بل وجهتها في اتجاه واحد، أحادي النظرة: الصهيونية، لاسيما وأنه في ظل بنية اجتماعية طبعت بالانعزال الثقافي استفردت " النخبة" لوحدها بالتأثير على جموع اليهود المغاربة، فحتى اليهود المغاربة الذين ساهموا فعليا في حركة الكفاح الوطني لم يواجهوا تلك " النخبة " وتركوا جماهير اليهود المغاربة معرضين لتأثيراتها، ودام هذا الحال أزيد من ربع قرن إلى أن توصلت " النخبة" إلى مبتغاها، وأدى ذلك إلى النتائج التي يعرفها الجميع في بداية الستينات.
    هذه بعض الذكريات مع أبراهام السرفاتي، جزء من كل، أتمنى أن يسعفني القلم على تدوين مجملها.

    [/b]
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي السبت نوفمبر 20, 2010 12:00 pm

    [size=21]ي يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية للدّار البيضاء


    الرّباط
    هسبريس : 20 - 11 - 2010
    شُيّع جثمان الفقيد أبراهام ألبير السرفاتي، المُتوفّى يوم أوّل أمس الخميس بإحدى مصحات مراكش، صوب مثواه الأخير بالمقبرة اليهودية لمدينة الدّار البيضاء، حيث ووري الثرى وسط حضور العشرات من الأفراد المنتمين لأسرة الرّاحل وعدد من النشطاء الحقوقيين والسياسيين.



    مراسيم دفن الفقيد أبراهام ألبير السرفاتي حضرها الوزير الأوّل الأسبق عبد الرحمان اليوسفي، كما أثّثها من الجانب الرسمي كلّ من المستشار الملكي أندري أزولاي ووزير الدّولة محمد اليازغي ووزيرة الطاقة والمعادن والماء والبيئة ياسمينة بنخضرة.. في الوقت الذي سُجّل حضور قيادة الطائفة اليهودية بالمغرب.

    وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء قال محمّد اليازغي بأنّ المغرب قد فقد، برحيل أبراهام السرفاتي، مناضلا وطنيا فذا وتقدميا كبيرا دافع دوما على مبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.. قبل أن يورد ضمن ذات التصريح بأنّ بأنّ الرّاحل أبراهام ألبير السرفاتي قد تمكّن من إعطاء المثال للمدافعين عن حقوق الشعب الفلسطيني بتعبيره عن مناهضة الصهيونية..

    رئيس مجلس الرئاسة لحزب التقدم والاشتراكية، إسماعيل العلوي، أورد ضمن تصريح آخر نقلته "لاَمَاب" بأن المغرب "يودع برحيل أبراهام السرفاتي رجلا شهما عبر طيلة حياته عن تشبثه بالمغرب، ومناضلا كبيرا وقف ضد الاستعمار ودعا للديمقراطية والعدالة الاجتماعية".. قبل أن يردف: "السرفاتي تشبث بمواقفه المناهضة للصهيونية والتعصب والمدافعة عن حقوق الشعب الفلسطيني في الاستقلال والحرية".

    أمّا وكالة الأنباء الفرنسية فقد وصفت مراسيم تشييع جثمان أبراهام ألبير السرفاتي بأنّها "تشييع لجثمان أحد أبرز المعارضين لنظام العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني".. إذ أوردت بأنّ الراحل، الذي غُطّي بالعلم الوطني المغربي التابوت الحامل لجثمانه أمام القادمين لتوديعه، "قد كرس حياته من أجل النضال ضد نظام الملك الحسن الثاني ومن أجل حقوق الإنسان.. كما كان من أشد المدافعين عن القضية الفلسطينية".

    وضمن شهادة تأبينية للراحل أبراهام ألبير السرفاتي قال الكاتب الفرنسي جيل بيرو، مؤلّف كتاب "صديقنا الملك" المحظور بالمغرب، بأنّ السرفاتي قد كان "ضحية قمع شنيع وأنّه تعرض إلى أبشع أشكال التعذيب دون أن يتراجع أو يستسلم.. وأن السرفاتي كان من الذين تعرضوا إلى اكبر معاناة من نظام الملك الراحل الحسن الثاني".

    وقالت رابطة حقوق الإنسان في فرنسا، ضمن وثيقة نعيها للسرفاتي، بأنّ "المعارض المغربي الراحل قد كان مناضلا لا يكل من أجل العدالة والحرية.. وكان يجسد بمفرده جزءً من تاريخ المغرب"، قبل أن تضيف: "إنّ إعادة السلطات المغربية الاعتبار للسرفاتي على غرار العديد من ضحايا القمع السياسي.. قد كانت خطوة فتحت الطريق أمام مرحلة جديدة في تاريخ البلاد دون محو الماضي".

    webui.suntheme4_2.widget.common._createWidget('_form1:groupPanel:groupPanel3:groupPanel9:groupPanel5:staticText3',{"id":"form1:groupPanel:groupPanel3:groupPanel9:groupPanel5:staticText3","widgetType":"webui.suntheme4_2.widget.staticText","visible":true,"value":"

    ","escape":false});

    [/size]
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي السبت نوفمبر 20, 2010 12:04 pm

    رحيل المناضل أبراهام ألبير السرفاتي عن 84 عاما

    هسبريس
    هسبريس : 18 - 11 - 2010
    أعلن الخميس عن وفاة المناضل أبراهام السرفاتي بإحدى المصحّات الخاصّة بمرّاكش عن عمر ناهز ال84 عاما وبعد وعكة صحّية حادّة.. هذا في الوقت الذي قامت وكالة الأنباء الرسمية بنعي الرّجل في 15 كلمة لاغير ضمن قصاصة جدّ مقتضبة ضمّنتها بالحرف: "توفي أبراهام السرفاتي صباح اليوم الخميس بإحدى المصحات بمدينة مراكش عن سن تناهز 84عاما حسب ما علم لدى أسرته".

    وجاءت وفاة أبراهام السرفاتي (16 يناير 1926 18 نونبر2010) بعد طول جلوسه على كرسي متحرّك متأثرا بمضار بدنية لازمته منذ مرحلة "سنوات الرصاص".. من بينها شلل نصفي ومرض الزْهَايْمْرْ المؤثّر على قوّة الذّاكرة.. حيث من المرتقب أن تتمّ مراسيم جنازة السرفاتي يومه الجمعة ليوارى الثرى بالمغرب بعد أن واظب على رفض الجنسية الإسرائيلية وعروضا للانتقال نحو تل أبيب رغما عن تديّنه باليهودية.

    إبراهام ألبير السرفاتي سليل لأسرة أندلسية يهودية طنجاوية، وُلد بالدّار البيضاء، وانضمّ لصفوف الشبيبة الشيوعية بالمغرب عام 1944 قبل أن ينتقل لفرنسا سنة بعد ذلك ويلتحق بالحزب الشيوعي داخلها، وهو الحزب الذي نشط به أثناء فترة دراسته بالمدرسة الوطنية العليا للمعادن بباريس قبل أن يتخرّج منه مهندسا.

    السرفاتي اشتغل ضمن مجال استخراج الفوسفاط كمهندس، حيث عُرفت عنه مساندته لمطالب الشغيلة رغم عدم انعكاسها على وضعيته الاجتماعية والمالية.. وهو الموقف الذي تكرّر أزيد من مرّة وجلب عليه الانتقادات، كما شغل السرفاتي عام 1958 منصب مدير ديوان كاتب الدولة للإنتاج الصناعي والمعدني ضمن الحكومة المغربية، كما ألحق بعدها بديوان الراحل عبد الرحيم بوعبيد الذي كان وزيرا للاقتصاد الوطني.

    كما أضحى إبراهام السرفاتي سنوات الستّينيات زعيما لمجموعة "إلى الأمام" الماركسية اللّينينية بالمغرب، هذا قبل أن يتمّ اعتقاله عام 1975 ويُحكم عليه بالمؤبّد بناء على تهمتي "الإخلال بالنظام العامّ" وكذا "التشكيك في مغربية الصحراء" عقب تصريحات أيّد خلالها تقرير مصير ساكنة الأقاليم الجنوبية.

    السرفاتي قضى 17 سنة متنقلا بين عدد من المعتقلات ومراكز التعذيب قبل أن يطلق سراحه عام 1991 من قبل الملك الراحل الحسن الثاني ويرحّل إلى فرنسا بدعوى "كونه برازيليا لا يحمل للجنسية المغربية"، في حين عمل الملك محمّد السّادس خلال شهر شنتبر من سنة 1999 على إعادته للبلاد.

    هذا وسبق للسرفاتي أن قال ضمن لقاء جمعه بصحفي قناة الجزيرة محمّد كريشان في 10 يناير 2005: "إن الاستقبال الذي خصص لي عند عودتي، وأثناء الزيارات التي قمت بها لبعض المناطق، يفوق بكثير ما كنت أعتقد أنني قدمته للكفاح في المغرب، أنا ورفاق كثيرون، منهم (سعيده منبه) سقطوا للأسف في ساحة المعركة، وكانت الخسائر كبيرة وجوهرية، ما قدمته ضئيل مقارنة بهذه التضحيات، وكان لديّ انطباع بأنني طيلة هذه السنوات قمت بواجبي كمواطن مغربي وكمهندس كذلك، لأني حاولت في الستينيات وبعدها الحفاظ على كرامة المهندسين، بتضامني مع عمال قطاع الفوسفات في عام 68، وأعتقد كذلك أنني أسهمت في حماية ماء وجه اليهود المغاربة الذين كان أغلبهم ضحايا للصهيونية كما تعلمون، وحتى فيما يتعلق بالقضية الأصعب، وهي قضية الصحراء أعتقد -أنا ورفاقي في السبعينيات- أننا حافظنا على كرامة بلدنا بتبنينا الموقف الصحيح الذي يبدو الآن راجحا لحسن الحظ، وهو ضرورة تسوية القضية بالوسائل السلمية لا بالقمع، أعتقد من خلال كل ذلك أننا في آن واحد ناضلنا ولم نخضع للقمع، مع الحرص الشديد على مستقبل البلاد، لكن الاستقبالات التي حظيت بها في كل المناطق تتجاوز بكثير ما كنت أتصوره بشأن إسهامنا من أجل أن يرفع الشعب المغربي هامته، ويصبح على ما هو عليه اليوم، أي تربة خصبة لقيام الديمقراطية بفضل الله".

    webui.suntheme4_2.widget.common._createWidget('_form1:groupPanel:groupPanel3:groupPanel9:groupPanel5:staticText3',{"id":"form1:groupPanel:groupPanel3:groupPanel9:groupPanel5:staticText3","widgetType":"webui.suntheme4_2.widget.staticText","visible":true,"value":"

    ","escape":false});

    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي السبت نوفمبر 20, 2010 12:07 pm

    السرفاتي يدخل غرفة الإنعاش وأخبار عن وجود وصية «مزلزلة»
    مرض نادر يُدخِل زعيم تنظيم «إلى الأمام» في غيبوبة طويلة
    عزيز العطاتري
    المساء : 08 - 11 - 2010
    على وجه السرعة، نُقِل اليهودي المغربي أبراهام السرفاتي، زعيم تنظيم «إلى الأمام»، إلى إحدى المصحات الخاصة في مدينة مراكش، بعد دخوله
    في غيبوبة طويلة وإصابته بنوبة قلبية وتدهور حالته الصحية، الأمر الذي جعل المقرَّبين منه يقومون بنقله على متن سيارة إسعاف خاصة إلى المصحة، حيث وُضع تحت العناية المركَّزة.
    وحسب معلومات حصلت عليها «المساء» من مصادر عليمة، فإنه تم، يوم الأربعاء الماضي، نقل أبراهام السرفاتي، البالغ من العمر 84 سنة، في وضعية صحية حرجة من فيلته في جليز، أحد الأحياء الراقية في مدينة مراكش، التي استقر فيها منذ سنوات طويلة، حيث دخل في مرحلة متقدمة من فقدان الذاكرة، صاحَبها شلل نصفي، حسب ما أكده مصدر طبي في اتصال مع «المساء»، مصحوبة بالدخول في غيبوبة متقطعة، من حين إلى آخر، بسبب مضاعفات مرضه، الذي لازمه منذ مدة طويلة. هذا المرض قالت عنه مصادر «المساء» إنه «وراثي ونادر»، شَخَّصه له طبيب فرنسي في باريس، حين كان السرفاتي منفيا هناك.
    ويخضع السرفاتي، منذ دخوله المصحة، لمتابعة طبية دقيقة، بعد تعليمات تلقاها الطاقم الطبي من المسؤولين عن المصحة «من أجل بذل مجهود كبير لتحسين الوضعية الصحية للسرفاتي»، يقول مصدر «المساء». في الوقت الذي ضُربت حراسة خاصة على غرفة الإنعاش، حيث يرقد السرفاتي، من قبل بعض الحراس، الذين يقومون بالتحقيق مع كل من أراد زيارة المريض.
    وقد أوضحت مصادر «المساء» أن السرفاتي بدأ يرفض متابعة حالته الصحية من قِبَل بعض الممرضين والممرضات، الأمر الذي دفع المتتبعين لحالته إلى اتخاذ بعض الإجراءات «الخاصة»، من أجل متابعة حالته الصحية عن قرب، في الوقت الذي أضحى يعاني من شلل نصفي ألمَّ به، بعد معاناة طويلة مع المرض، جعلت من الكرسي المتحرك وسيلته الوحيدة للتحرك والتنقل. وقد أسرّت مصادر مطلعة ل«المساء» بأن أبراهام السرفاتي ترك وصية «مزلزلة» يطرح فيها عددا من المواقف، التي من شأنها أن تُحدث «رجة» في صفوف رفاق الماضي والعديد من مقرَّبيه. وفي الوقت الذي لم يتسنَّ ل«المساء» معرفة فحوى الوصية، قالت مصادر «المساء» إنها من المرجح أن تكون بين يدي أقرب المقربين منه، التي لن تكون إلا زوجته كريستين دور السرفاتي.
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي السبت نوفمبر 20, 2010 12:17 pm

    السرفاتي في وضعية صحية حرجة

    الاتحاد الاشتراكي
    الاتحاد الاشتراكي : 11 - 10 - 2009
    يجتاز ابراهام السرفاتي، زعيم تنظيم «إلى الأمام» اليساري، وضعية صحية حرجة بمدينة مراكش التي استقر بها منذ سنوات، إذ دخل في مرحلة متقدمة من فقدان الذاكرة، مصحوبة بالدخول في غيبوبة متقطعة، بسبب مضاعفات مرضه الذي لازمه منذ أشهر.
    وعلمت جريدتنا أن زوجته كريستين ديور السرفاتي، قد سافرت إلى فرنسا، حيث أجريت لها عملية جراحية على إحدى رجليها تكللت بالنجاح الأربعاء الماضي. متمنياتنا بالشفاء العاجل لأبراهام السرفاتي ولزوجته كريستين ديور.
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي السبت نوفمبر 20, 2010 12:19 pm

    كريستين : وافق الحسن الثاني على عودتي إلى المغرب شرط ألا أفسد عليه عيد العرش
    قالت إن دانيال ميتران هي التي تدخلت من أجلها لدى الحسن الثاني
    سعيد الشطبي
    المساء : 21 - 05 - 2009
    عُرفت بنضالها من أجل حقوق الإنسان، وارتبط اسمها في المغرب بنضالها من أجل الكشف عن مصير معتقلي تازمامارت الرهيب. عاندت السلطات المغربية في عز بطشها، ووهبت جزءا كبيرا من حياتها للنضال من أجل حرية التعبير بعد أن ارتبط مصيرها بمصير أبراهام السرفاتي والرفاق، وتوجت مجهوداتها بنشر كتاب «صديقنا الملك»، لجيل بيرو، الذي هيأت مادته الخام والذي أحرج نظام الحسن الثاني، فكانت بداية العد العكسي للإفراج عن سجناء تازمامارت. هي كريستين دور السرفاتي، التي وإن كانت بلغت اليوم عقدها الثامن، فهي ما تزال تحافظ على بديهة وذكاء كبيرين، وما يزال حبها للمغرب وشعورها بالانتماء إلى هموم الناس ومعاناتهم لم ينضبا. عاشت حياة صاخبة، لم ترتكن فيها أبدا، للجمود. ناضلت، شاكست، تضامنت وكتبت. سنوات العمر تقدمت بها، إلا أنها تأبى الخضوع لجبروت العمر كما رفضت دائما جبروت البشر. كريستين، التي تعيش اليوم بمراكش مع زوجها أبراهام السرفاتي، تتحدث ل«المساء» بقلب مفتوح.
    - كيف كان استقبالك في فرنسا بعد طردك من المغرب في المرة الأولى؟
    < فوجئت هناك بأن الكثير ممن كنت أعتبرهم مناضلين سيطر عليهم الخوف والرعب حد أن لا أحد منهم جاء لاستقبالي، بمن فيهم أولئك الذين كانوا أعضاء في لجنة مناهضة القمع في المغرب.

    - وماذا بعد ذلك؟
    < أوصلني أحد الأصدقاء إلى مقر جريدة «لوموند»، إلا أن الجريدة لم تبد اهتماما كبيرا بموضوع طردي من المغرب، إذ لم يستحق الحدث، في نظرهم، إلا خبرا قصيرا في الصحيفة. كانت تلك هي المرة الأولى التي أطرد فيها من المغرب.

    - كم كان عدد إذن؟
    < ثلاث مرات. ألا ترى معي أنه ينبغي أن يدون هذا الأمر في كتاب غينيس للأرقام القياسية (تضحك)!

    - لا شك أن طردك خلق لك مشاكل في حياتك الخاصة؟
    < نعم، وقد اضطر ابناي البكران إلى القبول بأي عمل من أجل مواجهة الحياة، قبل أن ألتحق، كمدرسة، بثانوية كانت معروفة بتميزها الكبير. هناك كنت أشكل الاستثناء، باعتباري كنت الأستاذة المطرودة من المغرب.
    وكان من صدفة الأيام أن علمت بأن الرئيس ميتران له ابنة اسمها مازارين. فقد جمعنا ناظر المؤسسة ليخبرنا بوصول تلميذة في المستوى السادس، وبأنها ليست كبقية التلميذات، بل هي بنت الرئيس.
    كانت المؤسسة تجمع تلاميذ من اليمين واليسار، لكنهم كانوا ينتمون إلى البورجوازية، ويتمتعون بمستوى عال من التكوين العلمي والفكري. فالجميع كان يقطن بالمقاطعة الخامسة الباريزية، التي كان الكل يطمح إلى الانتساب إليها.

    - وماذا عن المغرب؟
    < طبعا، كان جسدي في فرنسا بينما عقلي في المغرب. لم يكن من السهل التخلي عما أؤمن به.

    - كيف بدأت علاقتك الخاصة بأبراهام السرفاتي؟
    < بدأت خلال مرحلة الاختفاء بالمغرب. حينها، كان أبراهام وحيدا، بعد أن أنهى الطلاق علاقته بزوجته، كذلك الشأن بالنسبة إلي، فقد كنت منفصلة عن زوجي. فحصل ما كان يجب أن يحصل.
    ما أريد أن يعرفه الناس جيدا هو أن قصة الارتباط العاطفي في عالم الاختباء والهروب من خطر المداهمة الأمنية ليست كأي علاقة ارتباط عادية؛ فقد كنا في خوف وترقب دائمين. كما أننا كنا نستحضر أن علاقتنا لن يكون لها مستقبل، وأنها ستنتهي يوما من الأيام باعتقال لا شك فيه، كما لم يكن من حقنا أن نحلم بأطفال كما بقية الحالمين المحبين.

    - كم دام انفصالك عن أبراهام.. هو في المغرب وأنت في فرنسا؟
    < دام انفصالنا 12 سنة كاملة، لم أتوصل خلالها ولو بخبر واحد عن أبراهام، قبل أن يدق على بابي، ذات يوم، طلبة مغاربة ليسلموني رسائل سرية من ضباط وملازمين اعتقلوا على إثر المحاولتين الانقلابيتين الفاشلتين ضد نظام الحسن الثاني، ويخبروني بأنهم يوجدون في مكان سري. كان ذلك اليوم مهما في حياتي.
    - متى حدث هذا؟
    < حدث سنة 1980. أذكر هذا التاريخ لأن السنة الموالية كانت هي السنة التي وصل فيها اليسار إلى الحكم في فرنسا، وسُمح لنا في لجنة مناهضة القمع في المغرب بتنظيم لقاء حول الاختفاءات في المغرب. وقد استغللت تلك الرسائل في جمع كل من يمكن جمعه حول عائلات المختفين عبر لجنة مناهضة القمع.
    وأريد أن أؤكد، هنا، أنني عندما قرأت مضمون تلك الرسائل أحسست بما لا يمكن لإنسان أن يحس به.. كانت أوصافا رهيبة تلك التي خطها أصحابها بما استطاعوا من إمكانات.. فقد كتبت على أطراف قطع صغيرة من الورق...

    - كانت بداية علمك، إذن، بمعتقل تازمامارت...؟
    < فعلا، لكن بقي لي أن أعرف أين يقع هذا المعتقل. وقد نجحت في ذلك من خلال رجوعي إلى دليل جغرافي قديم؛ هو دليل أزرق كتب مقدمته المارشال ليوطي. وعثرت فيه على بلدة صغيرة تسمى تازمامارت. وتأكدت من صحة المعلومة عندما التقيت، في يوم من الأيام، بالوزير ميشيل جوبير، الذي سألني عما إذا كنت عثرت على تازمامارت في جغرافية المغرب، وأضاف أنه هو الآخر عثر على هذا المعتقل في نفس الدليل (تضحك).

    - لا بد أن شخصيات فرنسية سياسية ساندتك في قضيتك..؟
    < نعم، مثل ميشيل جوبير، الذي كان إنسانا رائعا وأبدى تعاطفا كبيرا معي، ثم جون دانيال (لونوفيل أوبسرفاتور)... وآخرين.
    بعد ذلك، سكنت بنوع من الهوس تجاه تازمامارت والمسجونين فيه. كنت أستحضر دائما مأساتهم، كنت أتصورهم وهم يموتون وحيدين في زنازن مظلمة...

    - ومتى بدأ نضالك الفعلي من أجل أبراهام ومعتقلي تازمامارت؟
    < خلال مقامي في فرنسا، توصلت في أحد الأيام برسالة من أبراهام، يخبرني فيها بأنه مريض ويعاني من ظروف صحية سيئة... فثرت، وقلت.. كيف لهم أن يزيدوا من عذاب إنسان مريض أصلا؟ كيف لهم أن يعذبوا إنسانا لأفكاره؟ كيف يعذبون إنسانا لم يقتل أحدا؟ وخلال ذلك، اتصلت بسيدة كريمة تنتمي إلى اليسار الفرنسي وسهلت لي الاتصال بدانيال ميتران، عقيلة الرئيس الفرنسي.
    رتبنا للقاء في الإليزيه، فاستقبلتني وحكيت لها القصة. إلا أنها أجابتني بأن علاقتها بالحسن الثاني ليست على ما يرام، وبأنها لا تحبه وهو كذلك يبادلها الشعور نفسه، وأن السبب في ذلك أن دانيال ميتران ترفض أن تقوم بزيارة خاصة للمغرب خلافا لما يريده الملك. غير أنها طلبت مني أن أمهلها عطلة نهاية الأسبوع لترد علي الجواب النهائي وتخبرني بما يمكنها فعله.

    - لماذا نهاية الأسبوع؟
    < لأنه كان من عادتها أن تلتقي الرئيس ميتران كل نهاية أسبوع، فارتأت أن تخبر الرئيس، أولا، بالأمر لتحصل على الضوء الأخضر، وهو ما حصل. فاتصلت بالملك الحسن الثاني لتخبره بأن لها صديقة تريد الزواج بأحد المعتقلين لديه، وهو أبراهام السرفاتي. إلا أنها تعمدت ألا تكشف له عن هويتي. كما أن الملك لم يدرك أنني أنا التي أخفيت مبحوثا عنهم في المغرب وأنني أنا التي طُردت من المغرب.
    وبناء على هذا الطلب، صرح الملك علنا في الرباط أمام السفير المغربي بفرنسا، بنجلون، ربما، الذي التقى الملك للنظر في الطلب، وأمام شخصيات أخرى، بأنه يقبل الطلب. وطبعا، كانت جميع أقوال الملك قرارات موجبة للتنفيذ المستعجل.
    وذات يوم، وصلتني مكالمة في الصباح من دانيال ميتران نفسها لتزف إلي البشرى. ثم جاءني اتصال ثان من السفير المغربي في فرنسا، ليحمل لي هو الآخر الخبر قبل أن يبلغني بشرط الملك، الذي يقضي بألا أعود إلى المغرب يوم 3 مارس، حتى لا أفسد على الملك عيد العرش! رغم ذلك، لم أشعر بأنني أجبت السفير بأنه لا بد لي من أن أكون حاضرة في فرنسا يوم 16 مارس 1986 لأدلي بصوتي في الانتخابات التشريعية. كان علي، إذن، أن أجد تاريخا مناسبا بين 3 مارس وال16 من نفس الشهر.
    - وماذا فعلت، إذن؟
    < لقد كانت مغامرة حقيقية، فقد كان علي أن أسافر من فرنسا إلى المغرب وحدي. ومباشرة بعد وصولي إلى المطار، انتبهت إلى أنني مراقبة من قبل رجل مخابرات. أدركت أنه كان يريد أن يعرف العنوان الذي سأتجه إليه في المغرب. كان ملتصقا بي عندما سألني شرطي المطار عن العنوان. فكان أن أجبت بأن عنواني هو سفارة فرنسا بالمغرب.
    وقد شاءت الصدف أن ألتقي زوجا رائعا كان صديقا لأبراهام السرفاتي. يتعلق الأمر بالدكتور «بندلاك» وزوجته «جانيت»، اللذين اصطحباني إلى منزلهما. وأريد، بالمناسبة، أن أوجه إليهما شكري العميق على ما أسدياه إلي من خدمات وعلى ما قضيته معهما، فيما بعد، من أوقات سعيدة. كنت أقضي معهما حوالي 15 يوما كل فترة شهرين بعد زواجي بأبراهام السرفاتي.
    في اليوم الموالي، اتصلت بالسفارة الفرنسية، وأخبرت المسؤولين بالحكاية، فأوصاني أحدهم بالذهاب حالا إلى سجن القنيطرة، حيث يعتقل
    أبراهام.
    وصلت إلى السجن.. تقدمت نحو أحد الحراس، وقلت له إنني أريد لقاء أبراهام السرفاتي. اندهش الحارس لطلبي، وقال لي: لا يمكن، لأن اليوم الثلاثاء، وهو ليس يوم زيارة! لم أكن أعرف هذا. فأخبرت الحارس المسكين بأنني جئت بإذن من الملك، وأن الأمر مستعجل.
    بعد الذي قلته، طلب مني الحارس الانتظار قليلا حتى يخبر مدير السجن بالأمر. بعد لحظات، كنت داخل السجن المركزي بالقنيطرة وأدركت
    أن المدير كان على علم بالموضوع.

    webui.suntheme4_2.widget.common._createWidget('_form1:groupPanel:groupPanel3:groupPanel9:groupPanel5:staticText3',{"id":"form1:groupPanel:groupPanel3:groupPanel9:groupPanel5:staticText3","widgetType":"webui.suntheme4_2.widget.staticText","visible":true,"value":"

    ","escape":false});

    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي السبت نوفمبر 20, 2010 12:22 pm

    : السرفاتي يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية للدّار البيضاء - 7:56م شُيّع جثمان الفقيد أبراهام ألبير السرفاتي، المُتوفّى يوم أوّل أمس الخميس بإحدى مصحات مراكش، صوب مثواه الأخير بالمقبرة اليهودية لمدينة الدّار البيضاء، حيث ...
    www.maghress.com/hespress/25165
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي السبت نوفمبر 20, 2010 12:30 pm

    سياسة واقتصاد | 18.11.2010


    رحيل ابراهام سرفاتي أشهر معارض سياسي مغربي



    إبراهيم سرفاتي 0,,6245037_1,00 Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: ابراهام سرفاتي مع زوجته أثناء عملية نفيه من المغرب في سبتمبر /أيلول عام 1991، حيث تم ترحيله إلى باريس.


    أعلن في المغرب عن وفاة ابراهام السرفاتي، أشهر معارض سياسي مغربي، وهو زعيم يساري وينحدر من أسرة يهودية. وعاش في ظل ثلاثة ملوك، وكانت أصعب فترة سنوات حكم الملك الراحل الحسن الثاني، حيث قضى خلالها 25 عاما بين السجن والمنفى.








    توفي اليوم (18 نوفمبر/ تشرين الثاني) في مدينة مراكش جنوب المغرب، ابراهام السرفاتي، أشهر معارض سياسي مغربي، وذلك عن سن يناهز 84 عاما، حيث أعلنت زوجته كريستين دور سرفاتي نبأ وفاته في مستشفى بمدينة مراكش التي كان يقيم بها منذ عودته من منفاه بباريس سنة 1999. وتجري مراسم دفن سرفاتي يوم السبت في المقبرة اليهودية بالدار البيضاء.

    وسرفاتي اليهودي المغربي، والزعيم اليساري، عاش في عهد ثلاثة ملوك مغاربة (الراحلان محمد الخامس والحسن الثاني ، والملك الحالي محمد السادس) وأمضى منها أربعة عقود من حياته بين المعتقلات والمنفى. وفي حوار سابق أجرته معه دويتشه فيله، قال سرفاتي إنه يرى في عهد الملك الحالي "فرصة للشباب والديمقراطية وطي صفحة التجاوزات الخطيرة لحقوق الإنسان التي ارتكبت في عهد والده الحسن الثاني". ومن جهته اعتبر الأديب والحقوقي المغربي صلاح الوديع، أحد رفاق درب السرفاتي ، أن وفاته تشكل "خسارة كبيرة للمناضلين من أجل الديمقراطية واستمرارا لتناغم مكونات المجتمع المغربي بأطيافها وعقائدها ومساهماتها الحضارية"، مشيدا بشخصية سرفاتي وخصاله النبيلة، والتي قال الوديع إنه خبرها خلال سنوات المحنة وعاشا معا في السجن خلال السبعينات من القرن الماضي.



    سرفاتي وسنوات الرصاص



    إبراهيم سرفاتي 0,,5315126_1,00Bildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: إحدى جلسات هيئة الانصاف والمصالحة سنة 2004 وبدأ سرفاتي مسيرته السياسية منذ بدايات استقلال المغرب في صفوف الحزب الشيوعي المغربي، وتولى إدارة مكتب الزعيم اليساري الراحل عبد الرحيم بوعبيد في بداية الستينات عندما كان هذا الأخير وزيرا للاقتصاد، وسرفاتي أصلا هو مهندس خبير في مجال الطاقة ومن أوائل الكفاءات المغربية في ميدان استخراج المناجم.

    وأسس سرفاتي في مرحلة لاحقة من الستينات تنظيم "إلى الأمام" الماركسي اللينيني، وتعرض للاعتقال عام 1974 وسجن لمدة 17 عاما في الدار البيضاء والقنيطرة. وعرف بمواقفه الجذرية في قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان ومن مؤيدي جبهة البوليساريو في بدايات مشوارها، وهو من رواد الدعوة إلى إقامة حكم ذاتي في الصحراء الغربية المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو. وقال صلاح الوديع إن "سرفاتي كان يتميز بالانسجام بين أفكاره والتزامه العملي، وتجشم الصعاب في أحلك الظروف خلال سنوات الرصاص".

    وإثر حملة دولية لإطلاق سراحه، أفرج عن السرفاتي في بداية التسعينات لكن تم إبعاده إلى باريس حيث عمدت السلطات إلى حرمانه من جنسيته بدعوى أنه"برازيلي"، لكن ذلك لم يدم طويلا، إذ كانت عودة سرفاتي في سبتمبر/ أيلول 1999من أول قرارات الملك الشاب محمد السادس إثر توليه للعرش خلفا لوالده الراحل الحسن الثاني.

    وفي حوار سابق مع دويتشه فيله قال سرفاتي إن عودته للمغرب تشكل "لحظة تاريخية متميزة وبداية صفحة جديدة في البلد" ويرى سرفاتي ان "مسؤولية بناء الديمقراطية ليست فقط منوطة بالحكم بل أيضا بالنخبة السياسية والأحزاب" التي يحملها مسؤولية البطء في إحداث التغيير بداخلها، وكان سرفاتي من مؤيدي تشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة التي ترأسها رفيق دربه (الراحل) ادريس بنزكري، والتي تم بمقتضاها عام 2005 تعويض آلاف من ضحايا الانتهاكات الجسيمة في المغرب والتي تعرف ب"سنوات الرصاص".



    سرفاتي ينحدر من أسرة يهودية

    إبراهيم سرفاتي 0,,2348030_1,00Bildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: مدينة مراكش التي أمضى فيها سرفاتي آخر أيام حياتهوينحدر سرفاتي من أسرة يهودية تقيم في مدينة طنجة (شمال المغرب) وتعود جذورها إلى اليهود الذين طردوا من الأندلس عام 1492 واستقروا بالمغرب، ويقول صلاح الوديع إن سرفاتي يجسد شخصية مغربية متميزة يمتزج فيها نضاله السياسي من أجل الديمقراطية وانتماؤه إلى الطائفة اليهودية، وهو يرمز أيضا، كما يقول الوديع، إلى سمة التعايش بين اليهود والمسلمين، الراسخة في المجتمع المغربي والتي تجعل منه نموذجا متميزا في هذا المجال.

    وإثر عودته من منفاه الباريسي، أقام سرفاتي في مدينة المحمدية (شمال الدار البيضاء) مع زوجته ورفيقة دربه كريستين دور التي جرت مراسم زواجه بها وهو في سجنه بالقنيطرة في بداية الثمانينات من القرن الماضي. والمثير أن كريستين نفسها كانت، باعتبارها فرنسية، تساعده على التخفي عن أنظار المخابرات التي كانت تلاحقه قبل سجنه في السبعينات، ولعبت كريستين أيضا دورا أساسيا في كشف حقيقة وجود معتقل تازمامرت الرهيب الذي ظل طي الكتمان إلى بداية التسعينات.

    وقضى سرفاتي السنوات الأخيرة من حياته في مدينة مراكش، وكان يعاني من متاعب صحية في الرئتين
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي السبت نوفمبر 20, 2010 1:26 pm

    السرفاتي يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية للدّار البيضاء
    إبراهيم سرفاتي No
    هسبريس من الرّباط:
    Saturday, November 20, 2010


    شُيّع جثمان الفقيد أبراهام ألبير السرفاتي، المُتوفّى يوم أوّل أمس الخميس بإحدى مصحات مراكش، صوب مثواه الأخير بالمقبرة اليهودية لمدينة الدّار البيضاء، حيث ووري الثرى وسط حضور العشرات من الأفراد المنتمين لأسرة الرّاحل وعدد من النشطاء الحقوقيين والسياسيين.

    إبراهيم سرفاتي Serfatifun1

    مراسيم دفن الفقيد أبراهام ألبير السرفاتي حضرها الوزير الأوّل الأسبق عبد الرحمان اليوسفي، كما أثّثها من الجانب الرسمي كلّ من المستشار الملكي أندري أزولاي ووزير الدّولة محمد اليازغي ووزيرة الطاقة والمعادن والماء والبيئة أمينة بنخضرة.. في الوقت الذي سُجّل حضور قيادة الطائفة اليهودية بالمغرب.

    إبراهيم سرفاتي Serfatifun5

    وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء قال محمّد اليازغي بأنّ المغرب قد فقد، برحيل أبراهام السرفاتي، مناضلا وطنيا فذا وتقدميا كبيرا دافع دوما على مبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.. قبل أن يورد ضمن ذات التصريح بأنّ بأنّ الرّاحل أبراهام ألبير السرفاتي قد تمكّن من إعطاء المثال للمدافعين عن حقوق الشعب الفلسطيني بتعبيره عن مناهضة الصهيونية..

    إبراهيم سرفاتي Serfatifun2

    رئيس مجلس الرئاسة لحزب التقدم والاشتراكية، إسماعيل العلوي، أورد ضمن تصريح آخر نقلته "لاَمَاب" بأن المغرب "يودع برحيل أبراهام السرفاتي رجلا شهما عبر طيلة حياته عن تشبثه بالمغرب، ومناضلا كبيرا وقف ضد الاستعمار ودعا للديمقراطية والعدالة الاجتماعية".. قبل أن يردف: "السرفاتي تشبث بمواقفه المناهضة للصهيونية والتعصب والمدافعة عن حقوق الشعب الفلسطيني في الاستقلال والحرية".

    أمّا وكالة الأنباء الفرنسية فقد وصفت مراسيم تشييع جثمان أبراهام ألبير السرفاتي بأنّها "تشييع لجثمان أحد أبرز المعارضين لنظام العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني".. إذ أوردت بأنّ الراحل، الذي غُطّي بالعلم الوطني المغربي التابوت الحامل لجثمانه أمام القادمين لتوديعه، "قد كرس حياته من أجل النضال ضد نظام الملك الحسن الثاني ومن أجل حقوق الإنسان.. كما كان من أشد المدافعين عن القضية الفلسطينية".

    إبراهيم سرفاتي Serfatifun3

    وضمن شهادة تأبينية للراحل أبراهام ألبير السرفاتي قال الكاتب الفرنسي جيل بيرو، مؤلّف كتاب "صديقنا الملك" المحظور بالمغرب، بأنّ السرفاتي قد كان "ضحية قمع شنيع وأنّه تعرض إلى أبشع أشكال التعذيب دون أن يتراجع أو يستسلم.. وأن السرفاتي كان من الذين تعرضوا إلى اكبر معاناة من نظام الملك الراحل الحسن الثاني".



    إبراهيم سرفاتي Serfatifun4

    وقالت رابطة حقوق الإنسان في فرنسا، ضمن وثيقة نعيها للسرفاتي، بأنّ "المعارض المغربي الراحل قد كان مناضلا لا يكل من أجل العدالة والحرية.. وكان يجسد بمفرده جزءً من تاريخ المغرب"، قبل أن تضيف: "إنّ إعادة السلطات المغربية الاعتبار للسرفاتي على غرار العديد من ضحايا القمع السياسي.. قد كانت خطوة فتحت الطريق أمام مرحلة جديدة في تاريخ البلاد دون محو الماضي".
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي السبت نوفمبر 20, 2010 1:32 pm

    وفاة ابراهام السرفاتي المعارض لنظام الحسن الثاني عن 84 عاما


    إبراهيم سرفاتي Sarfati-marocإبراهيم سرفاتي Warning
    To take
    advantage of all the features on FRANCE24.COM, please click here to
    download the latest version of Flash Player.







    توفي أبراهام السرفاتي المعارض لنظام العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني الخميس عن 84 عاما في مستشفى بمراكش (جنوب المغرب). وكان السرفاتي المنحدر من عائلة يهودية عضوا سابقا في "الحزب الشيوعي المغربي" وقضى 17 سنة في السجن، قبل أن يفرج عنه الحسن الثاني بعد حملة تضامن دولية. أ ف ب (نص)
    فرانس 24 (فيديو)




    توفي ابراهم السرفاتي ابرز معارضي نظام العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني الخميس عن 84 عاما في مستشفى بمراكش (جنوب المغرب) على ما اعلنت زوجته لفرانس برس.
    وصرحت زوجته كريستين دور السرفاتي ان "ابراهم توفي هذا الصباح (الخميس) في مستشفى بمراكش عن 84 عاما".
    وكان ابراهم السرفاتي المتحدر من عائلة يهودية تم ترحيلها من اسبانيا بعد سقوط غرناطة سنة 1492، يعاني من "مشاكل في الرئة واضطراب في الذاكرة".
    وقد قضى العضو السابق في الحزب الشيوعي المغربي ثم في حركة "الى الامام" الماركسية اللينينية، نحو 17 سنة في السجن (1974-1991) في المغرب.
    واضافت زوجته الاستاذة الفرنسية انه "سيدفن بعد غد (السبت) في المقبرة اليهودية بالدار البيضاء الى جانب والديه".
    واعتقل السرفاتي المرة الاولى سنة 1972 واتهم السلطات بانها "عذبته بوحشية".
    وبعد ان نشط اشهرا في الخفاء ادين ابراهم السرفاتي في تشرين الاول/اكتوبر 1977 بالسجن مدى الحياة بتهمة "التآمر على امن الدولة".
    وكان حينها من مؤيدي موقف الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) وقضى 17 سنة في سجن القنيطرة (شمال الرباط) قبل ان يفرج عنه الملك الحسن الثاني والد العاهل المغربي الحالي محمد السادس، بعد حملة تضامن دولية.
    وتم ترحيله مباشرة من المغرب الى فرنسا بامر من وزير الداخلية حينها ادريس البصري بدعوى انه "مواطن برازيلي".
    ومباشرة بعد توليه العرش سنة 2000، سمح الملك محمد السادس له بالعودة الى المغرب بجواز سفر مغربي. واستقر في المحمدية (جنوب الرباط) مع زوجته كريستين دور التي كانت دائما سنده.
    وكان المهندس السرفاتي وهو من مصممي سياسة المغرب المنجمية بعد الاستقلال، ينتقد الاحزاب السياسية بسبب بطء العملية الديمقراطية.
    وبقي السرفاتي المتحدر من عائلة يهودية من مدينة طنجة طردت من اسبانيا سنة 1492، مناهضا للصهيونية وقد قال لفرانس برس في مقابلة سنة 2005 "لن ازور فلسطين الا عند قيام الدولة (الفلسطينية) وبعدها سازور اصدقائي اليهود في اسرائيل".
    وصرح المناضل اليساري محمد صبار من جمعية منتدى الحقيقة والعدالة لفرانس برس "لا يمكن التحدث عن تجربة الحركات اليسارية التي نشطت في الخفاء في المغرب دون التحدث عن هذا المعارض لنظام الحسن الثاني".
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي الأحد نوفمبر 21, 2010 2:43 pm

    إبراهيم سرفاتي SERFATYetSAFEMME
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي الأحد نوفمبر 21, 2010 2:45 pm

    إبراهيم سرفاتي SERFATYetSAFEMME
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي الأحد نوفمبر 21, 2010 3:16 pm

    إبراهيم سرفاتي 150225_453818032685_517357685_5701096_7893533_n
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي الأحد نوفمبر 21, 2010 3:32 pm

    مراسيم تشييع جتمان ابراهيم السرفاتي
    https://www.youtube.com/watch?v=dZk_-6PsQvo
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي الإثنين نوفمبر 22, 2010 10:51 am

    تعريفا بالمفيد لشباب اليوم المناضل من إنتاج ابراهام السرفاتي، ستصدر تباعا بموقع المناضل-ة ترجمة فصول كتاب الصراعات الطبقية بالمغرب الصادر عام 1987 بتوقيع مجدي ماجد عن منشورات حوار بهولندا. ويبدو ان ابراهام كان كاتب القسم الأول من هذا الكتاب لأنه أعاد نشره ضمن كتاب له بعنوان " في سجون الملك".
    سبق ان نشرنا بجريدة المناضل-ة – عدد 29 الفصل الذي يتطرق لحقبة 1966-1973. كما ننشر القسم الأول من النص الأصلي بالفرنسية من كتاب مجدي ماجد
    http://www.almounadil-a.info/article2054.html
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي الإثنين نوفمبر 22, 2010 10:58 am


    <H3>الصراعات الطبقية بالمغرب من 1955 إلى 1983


    ابراهام السرفاتي
    إلى ذكرى زروال وسعيدة و ورحال وكرينة وكل شهداء الشعب المغربي
    إلى اسر المعتقلين السياسيين الشجاعة

    تمهيد

    أرى من المفيد إعطاء القارئ تدقيقات منهجية متعلقة بالنص التالي:
    انطلاقا من تصور للتاريخ بما هو سيرورة تشمل مجمل مناحي المجتمع، بذلت قصارى جهدي لعرض هذه الحركة الإجمالية. وإن ارتقاء هذه الحركة ذاتها، كما صورها لينين و جرى التحقق منها بالتفكير العميق في سنوات الصراع الثمانية والعشرين الأخيرة، على شكل مروحة، ستجعل القارئ يتبين، من خلال كل حقبة أن هذا التاريخ يبرز مكونات تلك الحركة، من طبقات اجتماعية، وقوى سياسية، وسيرورات اقتصادية، وحركة أفكار و ثقافة، لكن كل مرة في طور جديد من تطورها، ومن صراعاتها، ومن تحولاتها في صلب تلك الصراعات. و نأمل ألا يحصل لدى القارئ من جراء ذلك انطباع بوجود تكرار ظاهري في العرض، ولا في الوقائع.
    بينت من خلال هذا النص تحليلا في النهاية حول هذا الضعف الجوهري المميز للصراع الطبقي بالمغرب، بالأقل منذ سنوات 1960، أي ضعف الفلاحين. و أدركت، عند بلوغ متم هذا العرض، أنه من الأفضل ترك هكذا تحليل مفتوحا، هذا الذي سيتحقق حتما في الممارسة (البراكسيس) الثورية الجماعية والمنظمة، من أجل تجاوز هذا الضعف بالذات. و يبدو لي أن النص يحتوي، على نحو تركيبي جدا طبعا، عددا من المعطيات التي قد تتيح تفكيرا نقديا، متجها نحو الفعل، حول هذه المسألة الحاسمة، ومن ثمة يؤول إلى المناضلين المنظمين أمر مواصلة هذا التفكير إلى مدى أبعد في ممارستهم ذاتها.
    سعيت إلى تقديم عرض موضوعي و علمي قدر الإمكان لصراع الطبقات بالمغرب في السنوات الثمانية و العشرين الأخيرة. لكني تجنبت إثقال القراءة بما ُيفترض عادة أن يصاحبها من جهاز توثيق و إحصاء. قد يكون هذا موضوع أعمال أخرى، قد يضطلع بها آخرون غير هذا الكاتب.
    لكني أود مع ذلك توضيح أن الوقائع و المعطيات الواردة هنا تستند إلى وثائق و /أو شهادات أمكن إسنادها بفعل دمجها في السيرورة التاريخية المستخلصة هنا.
    هذا لأن ما بدا لي أساسيا في آخر المطاف هو أن تُستخلص من كتلة الوقائع و الوثائق المتاحة دينامية صراع الطبقات بالمغرب من أجل تمكين المناضلين، عبر معرفة أفضل بهذه السيرورة، من تسلح أفضل من أجل النضال الثوري.
    إذا تجلت حقيقة هذه السيرورة على نحو أوضح سيكون هذا العرض قد حقق هدفه.
    14 ديسمبر 1983

    مقدمة


    الإطار التاريخي لاتفاقية لاسيل سان كلو – نوفمبر 1955

    تشكل بالمغرب من القرن 16 إلى القرن19 نظام حكم (يسمى المخزن) قائم على تحالف البرجوازية التجارية الكبيرة بالمدن و الإقطاعية في طور التشكل داخل القبائل المخضعة للسلطة المركزية انطلاقا من اوليغارشياتها : كان الرباط الإيديولوجي و السياسي لنظام الحكم هذا متمثلا في الملكية حامية الإسلام، فيما الجهاز الإيديولوجي بحصر المعنى مكونا من العلماء و امتدادهم في القرى المتمثل في الشرفاء و رؤساء الزوايا التي باتت خاضعة للسلطة المركزية. وكما هو معلوم، لم يكن لبنية الحكم هذه غير مدى ترابي محدود إلى غاية السيطرة الاستعمارية بفعل المقاومة المسلحة للجماهير الفلاحية المنظمة في القبائل و التي كانت ترمي إلى الدفاع عن البنيات الجماعية القديمة.
    كان هذا النظام، المطبوع منذ البدء بضرورة التحالف مع الرأسمالية الصاعدة بأوربا، و مع انتقال هذا الأخير إلى الطور الامبريالي، المــُـدخل الطبيعي للتغلغل الاستعماري حتى في طوره الأعلى أي التغلغل العسكري الذي أفضى إلى عقد الحماية في 30 مارس 1912.
    كانت تلك حرب الاحتلال، التي شنت بلا انقطاع من 1907 إلى 1934 من طرف الجيوش الاستعمارية الفرنسية و الاسبانية ضد القبائل المنتفضة، و التي حطمت بنية الدفاع الذاتي التي عمرت قرونا لدى الجماهير القروية المغربية من أجل تعميم الاضطهاد الإقطاعي- المخزني، الذي كان ذاته مكملا للاستغلال الاستعماري.
    لكن القوة الاستعمارية ارتكبت بدءا من سنوات 1920، بضغط من المصالح الآنية للرأسمالية الفرنسية، الخطأ الاستراتيجي بقطع التحالف الأصلي مع الجناح المديني من الطبقات السائدة المخزنية القديمة، البرجوازية التجارية الكبيرة، مع الاستناد العميق على الجناح القروي للإقطاعيين و القواد. وقد حدا الإخلال بنظام التوازن هذا، المعمر قرونا بين الطبقات السائدة المغربية، و صعود الحركة السياسية للمقاومة بالمدن بدءا من سنوات 1930، بالملكية بدءا من العام 1943 إلى التحالف مع الحركة الوطنية المغربية بقيادة البرجوازية الوطنية التي انضمت إليها آنذاك البرجوازية الكبيرة.
    لكن دخول الطبقة العاملة إلى الحلبة، بدءا من العام 1945،مسنودة بالفئات الأشد راديكالية من البرجوازية الصغيرة المدينية، هو ما مد الحركة الوطنية بكامل مداها و جذريتها، معززة بالأشكال الأولى لمقاومة سياسية للقرى، و أفضى إلى نمو المقاومة المسلحة بدءا من لعام 1953. وعندما بلغ هذا النمو بالقرى، في العام 1955، قوة لم يعد الجيش الاستعماري قادرا على التحكم بها، كان ذلك نهاية نظام الحماية. لم يبق للامبريالية الفرنسية من مخرج ، للحفاظ على الأساسي من علاقات السيطرة التي صنعها خلال ثلاث أرباع قرن، سوى العودة إلى تحالفات المرحلة السابقة للاستعمار، مع دفع ثمن التنازلات الضرورية للبرجوازية المغربية الكبيرة. وقد كانت حاجتها إلى ذلك المخرج ماسة بقدر ما كان يتوجب عليها تركيز قواها ضد الشعب الجزائري. هذا كان جوهر المساومة المبلورة مسبقا في ايكس ليبان في أغسطس 1955. لكن دخول جيش التحرير بالريف إلى الحلبة، في أكتوبر، أجبر الحكومة الفرنسية على الذهاب حتى نهاية المساومة، أي التعامل مع السلطان ذاته الذي كانت تسعى قبل عامين إلى طرده. أما الإقطاعية فلم يكن لها خيار غير الانضمام إلى هذا التحالف لإنقاذ ما يمكن من سيطرتها السابقة في القرى. وقد ختم انضمام الباشا الكلاوي إلى محمد الخامس، وعفو هذا الأخير عليه، واتفاقية لاسيل سان كلو يوم 6 نوفمبر 1966 حول الاستقلال في إطار ترابط l’interdépendance تلك المساومة. لكن كان بقي الأمر الأصعب، أي إعادة تشكيل بنيات سيطرة جديدة تتيح التحكم من جديد بالجماهير الكادحة بالمدن والقرى.
    هكذا كان رهان الصراع الطبقي الذي خاضه بالمغرب بدءا من نوفمبر 1955 العدو الامبريالي-الكمبرادوري، رهان كانت الجماهير الكادحة، المجردة بسرعة من سلاحها العسكري والسياسي رغم نضالات بطولية- سنقف على سبب ذلك- تواجهه منذ 15 سنة في سيرورة عميقة من النضالات الجماهيرية و تبلور مديد (على نطاق إنساني) وصعب و
    مضطرب، لكنه محتوم، لقواها الثورية. نوضح على الفور أن إطار هذا الصراع الطبقي لم يعد إطار القرن 19، و لا يمكن أن يكون كذلك. يتمثل الرهان، من جانب الطبقات السائدة، سواء وعيت ذلك أو لم تعيه، وكما من جانب الامبريالية، في تطور الرأسمالية التابعة بالمغرب، أي أشكال نمط الإنتاج الرأسمالي الخاصة بالتشكيلات الاجتماعية المخضعة للسيطرة، سياسيا واقتصاديا و ثقافيا من طرف المراكز السياسية لسلطة الاحتكارات الدولية ( ما يدعى الشركات متعددة الجنسية).
    ويتمثل الرهان، من جانب الجماهير الكادحة المضطهدة، رغم أن وعيه لها جنيني، في مسألة مركزية، مسألة التحرر، التحرر الوطني والاجتماعي، تحرر الطاقات الإنسانية للشعب المغربي، التي أنكرتها بنيات السيطرة و الاضطهاد تلك، و تحرير أرضه المنتزعة من الفلاحين بقصد دفعهم إلى الصفوف البائسة لجيش الاحتياط الصناعي للرأسمال الاحتكاري الدولي، فيما تلك الأرض ذاتها مفرغة من قوامها من طرف مصاصي الطبقات المحلية المسيطرة شريكة ذلك الرأسمال.
    نميز إذن حقبتين كبيرتين:
    I- 1955-1965: تفكيك عسكري وسياسي للقوى الشعبية المتحدرة من المقاومة، ونميز فيها:
    أ‌- 1955-1959. نجاح التفكيك العسكري و أولى أوجه التفكيك السياسي. ب‌-
    ت‌- 1960-1965. استكمال التفكيك السياسي للقوى الشعبية و توطيد بنيات اضطهاد دولانية (*) جديدة.
    II-1965-1983: الهيكلة الاجتماعية- السياسية للسيطرة الجديدة و الأشكال و التطورات الجدية لصراع الطبقات، ونميز داخل هذه الحقبة :
    أ‌- 1966 -1973: من العصر الذهبي للمعمرين الجدد إلى أولى أزمات النظام.
    ب‌- 1974- 1983: هروب إلى أمام وإعادة هيكلة، و تطورات الصراع الطبقي و صعود المآزق.
    ====
    (*) – دولانية: نسبة إلى الدولة [م]
    </H3>
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي الإثنين نوفمبر 22, 2010 11:01 am

    إبراهيم سرفاتي Arton2054
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي الخميس نوفمبر 25, 2010 10:42 am





    محمد كريشان:


    لسنوات طويلة اقترن الحديث عن وضع حقوق الإنسان في المغرب بحالة المعارض اليساري (إبراهام سرفاتي) البعض يعتبره فعلا نموذجا في ملف وصف بالسيئ في مجال حقوق الإنسان في المغرب، البعض الآخر في المقابل لا يتردد في اعتباره حالة مضخمة إعلاميا، ولا سيما في الغرب، مهما يكن من أمر فإن السرفاتي ظل قضية قائمة في المغرب سواء عندما كان في السجن أو عندما انتقل منه إلى المنفى، وبعودة السرفاتي إلى أرض الوطن مع وصول الملك محمد السادس إلى الحكم طويت صفحة في هذه القضية، قضية لن يتحدث عنها أحد كما يتحدث عنها صاحبها إبراهام سرفاتي.


    تقرير مسجل:


    إبراهام ألبير سرفاتي.. من مواليد الدار البيضاء في 16 يناير 1926.


    خريج المدرسة الوطنية العليا للمعادن بباريس، وبدأ عمله في الخمسينات بمناجم الفوسفات.


    تولى عام 1958م منصب مدير ديوان كاتب الدولة المغربي للإنتاج الصناعي والمعادن، ثم كلف بمهمة بديوان الزعيم الاشتراكي الراحل عبد الرحيم بو عبيد، وكان آنذاك وزير الاقتصاد الوطني.


    في الستينات أصبح زعيما لمجموعة (إلى الأمام) الماركسية اللينينية، ودخل العمل السري إلى حين اعتقاله عام 75، والحكم عليه بالمؤبد.


    قضى سبعة عشر عاما في السجن بتهمة الإخلال بالأمن العام، والتشكيك في مغربية الصحراء الغربية، وصار رمزا للمساجين السياسيين المغاربة الذين طرحت المنظمات الدولية لحقوق الإنسان قضاياهم لسنوات عديدة.


    أطلق سراحه عام 91، وأبعد إلى فرنسا بدعوى حمله للجنسية البرازيلية.


    عاد إلى البلاد في سبتمبر أيلول عام 99 بعد بادرة من الملك محمد السادس الذي أمن له ظروف إقامة محترمة، وأعاد له جواز سفره، وفي بادرة رد اعتبار عين -مؤخرا- مستشارا لدى المكتب الوطني للأبحاث والتنقيب عن النفط.


    * محمد كريشان:


    سيد إبراهام سرفاتي.. أهلا وسهلا , أكثر من 27 سنة تقريبا لم تتمتعوا فيها بالحرية، سواء اختفاء في مرحلة أولى ثم أكثر من سبعة عشر عاما في السجن، ثم ثماني سنوات من المنفى في فرنسا، ثم الآن تعودون إلى المغرب، كيف وجدتم المغرب الآن؟


    * إبراهام ألبير سرفاتي [بالفرنسية]:


    أولا: أشعر بسعادة كبيرة لعودتي إلى بلادي، وأن أجدها في فترة تنفتح فيها أمامنا أبواب مستقبل واعد، بفضل جلالة الملك محمد السادس، وكذلك بفضل كفاح الشعب المغربي وشهداء السجون عدة عقود، مما فتح آفاقا للديمقراطية ولمجتمع مدني حي، إذن المستقبل أمامنا واعد إن شاء الله.


    * محمد كريشان:


    هل وجدتم المغرب مختلف عن الصورة التي كانت في ذهنك عن البلد الذي لم تعايشه لكل هذه السنوات؟


    * إبراهام ألبير سرفاتي:


    عندما كنت في المنفى، وحتى في السجن كنت دائما على اتصال بأصدقاء مغاربة، وبما يجري في المغرب، لكن الاطلاع على الوضع مباشرة شيء مغاير تماما بطبيعة الحال، لقد زرت بعض المناطق التي دعيت إليها، وخاصة في شمال البلاد، وكذلك هنا في المنطقة الساحلية بين الدار البيضاء والرباط حيث يوجد تطور عمراني كبير، لكنه متفاوت.. أحياء فقيرة جدا، ومنازل فارهة، وفي الداخل نجد الفوارق الاجتماعية نفسها.


    كنت -مثلا- في الحسيمة في منطقة الريف حيث توجد حيوية سياسية وحركة دؤوب ورائعة للمجتمع المدني، ولكن في الوقت نفسه فقر مدقع في البوادي، طبعا مصدر الأمل هو أن هذا المجتمع المدني وهذه الحيوية السياسية يبعثان على الاعتقاد بأن المواطنين سيتولون بأنفسهم قضية التنمية بدعم من الدولة طبعا، إذن هناك أمل كبير في أن تتجاوز البلاد هذه الفترة العصيبة، وهذا التأخر الاجتماعي والاقتصادي الذي عشناه.


    محمد كريشان:


    سيد إبراهام.. هذا التركيز على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والفقر يعني هذا واضح أن إبراهام سرفاتي اليساري المهتم بقضايا الناس وقضايا الفئات الفقيرة لم يتغير رغم كل هذه السنوات.


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    لم أتغير على الإطلاق منذ بدأت نشاطي عام 44 وعمري آنذاك ثمانية عشر عاما، لم أتغير، كان نشاطي من أجل الاستقلال وازدهار شعبنا ومكافحة الظلم، لم أتغير منذ ستة وخمسين عاما.


    محمد كريشان:


    لكن هل -على الأقل- حصلت لديك بعض المراجعات النظرية والسياسية؟ كثير من الأشياء تغيرت -لا نريد أن نعددها- لكنها معروفة، انهيار الاتحاد السوفييتي، سقوط جدار برلين إلى آخر القائمة من التحولات، ما الذي أثرت في نظرتك إلى الأشياء ومن قناعاتك اليسارية؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    سأوضح أمرا، فعندما التحقت بالشبيبة اليسارية سنة 44 كان ذلك في إطار دوغماتية الشيوعية العالمية، طبعا كان دافعي الأساسي هو النضال من أجل الاستقلال وربط علاقات مع الناس ومع الشباب في الأحياء الفقيرة، كانت هناك -لحسن الحظ- حيوية تتجاوز الإطار الدوغماتي وإلى نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات بقيت حبيس هذه الدوغماتية، تأثير الاستقلال في المقام الأول وأزمة الحركة الشيوعية العالمية في بداية الستينيات، لا سيما الخلافات بين الصين والاتحاد السوفييتي، كل ذلك دفعني إلى التفكير بعمق في الفلسفة الماركسية والفلسفة بصورة عامة، كانت لي في الوقت نفسه وظيفة خلاقة حيث كنت مكلفا بالبحوث والتنمية في قطاع الفوسفات، وكنت -بالتالي- أشارك في عملية الإبداع، وقد حدا بي كل هذا إلى تجاوز الدوغماتية، وإلى تعميق المعطيات الفلسفية في الماركسية، وقد ساعدني ذلك كثيرا حين أسست في نهاية الستينات مع أصدقاء لي منظمة (إلى الأمام) ساعدني على تجاوز كل الدوغماتيات، وكل القواعد الجامدة في الماركسية.


    لم ينته الأمر عند هذا الحد، فعلاوة على محاولاتنا الدائمة في السبعينيات والثمانينيات الاستفادة من الأخطاء التي يمكن أن نرتكبها في سبيل التأقلم بصورة فاعلة مع ضرورات الكفاح في المغرب، علاوة على ذلك دفعني انهيار الاتحاد السوفييتي عام 91 إلى التفكير العميق في واحد من أسس الدوغماتية الماركسية اللينينية، هو حزب الطليعة الذي كان فشلا ذريعا، فقد قام الحزب البلشفي بثورة أكتوبر، لكن عملية تجسيد الاشتراكية غرقت في أوحال البيروقراطية والديكتاتورية، لا بسبب (ستالين) فحسب، وإنما كان ذلك كامنا في مفهوم الطليعة نفسه، ونتيجة لهذا تخليت تماما في السنوات التالية عن هذا المفهوم، لكني بقيت متمسكا بالماركسية بصفتها منهجا لدينامية المجتمع وطريقة لفهم آلية تقدم المجتمعات، شريطة تطعيمها -أي الماركسية- بتطور العلوم، وخاصة العلوم الإنسانية كعلم الاجتماع والأنثربولوجيا وغيرهما، إذن من هذا المنظور بقيت ماركسيا، لكن وفق هذا المفهوم وبعيدا عن الانطواء والانغلاق في دوغماتية معينة، وسواء تعلق الأمر بالمغرب أو غيره أعتقد أن دينامية المجتمع المدني هي الآن العامل الحاسم في تقدم الشعوب.


    محمد كريشان:


    ولكن عندما غادرت المغرب خرجت من السجن مباشرة من السجن إلى المنفى في فرنسا، كانت تقريبا نفس التاريخ الذي انهار فيه الاتحاد السوفييتي تقريبا، هل كانت تلك الأحداث بمثابة الصدمة بالنسبة إليك؟ عندما يغادر الإنسان البلد، وفي نفس الوقت يجد نموذجا من التفكير وتجربة كانت في الاتحاد السوفييتي تنهار هل مثل ذلك صدمة بالنسبة إليك؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    بالنسبة إلي صحيح أن التاريخين قد تزامنا تقريبا، ولم يفصل بينهما سوى خمسة عشر يوما، لكن انهيار الاتحاد السوفييتي لم يشكل صدمة بالنسبة إلي بالمقارنة مع الذين ظلوا متشبثين بالنموذج السوفييتي، فمنذ الستينيات لم أعد أنا ورفاقي في منظمة (إلى الأمام) نعتبر المجتمع السوفييتي نموذجا مع أننا بقينا متمسكين ببعض الأسس والمبادئ، لا سيما من ثورة أكتوبر، لقد كانت الصدمة -إذن- أقل تأثيرا بالنسبة إلي من بعض المناضلين المتمسكين بالنموذج السوفييتي، لأننا كنا قد تجاوزنا هذه المرحلة، وفي السنوات التالية أدركت أنه ينبغي المضي إلى مدى أبعد، وخصوصا إلى درجة التشكيك في مفهوم حزب الطليعة.


    محمد كريشان:


    ولكن عندما عدت إلى المغرب الآن، ما الذي وجدته قد بقي من تنظيم (إلى الأمام) أو من الفكر اليساري أو من رفاقك الذين كانوا معك؟ هل ما زلت تؤمن بأن الأرضية المغربية والتربة المغربية ما زالت صالحة لفكر ماركسي حتى بهذه التطورات التي أشرت إليها؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    هذا أمر فكرنا فيه كثيرا وليس ابتداء من التسعينيات فحسب وإنما قبل ذلك، فمنذ انطلاق منظمتنا لم نعد حبيسي نموذج محدد أو بلد بعينه، رفضنا الدروس الدوغماتية من أي بلد كان، وانتقدنا الاتحاد السوفييتي دون أن نصبح رهائن للنموذج الصيني، فقد انتقدنا مثلا في عام 71 الموقف الصيني من قضية بنجلادش، كنا دوما أحرارا، وقد اهتممنا بمشاكل الثورة المغربية بصفتنا مواطنين مغاربة أولا، معتمدين الماركسية منهجا لا غير، مع منحنا الأولوية للطبقة العاملة أي للكادحين باعتبارهم محرك المجتمع، لكننا لم نكن يوما حبيسي أي دوغماتية بما في ذلك ديكتاتورية البروليتاريا وما على شاكلتها.


    محمد كريشان:


    يعني كل السنوات التي قضيتها في السجن، يعني نريد أن نسترجع معك بعض الذكريات التي بقيت في ذهنك من كل هذه الفترة الطويلة، وهل تعتقد بأن مجرد رجوعك من المنفى بعد سنوات السجن يمثل نوع من إعادة التقدير وإعادة الاحترام لشخص (إبراهام سرفاتي)؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    يمكن أن أقول: إن الاستقبال الذي خصص لي عند عودتي، وأثناء الزيارات التي قمت بها لبعض المناطق يفوق بكثير ما كنت أعتقد أنني قدمته للكفاح في المغرب، أنا ورفاق كثيرون، منهم (سعيده منبه) سقطوا للأسف في ساحة المعركة، وكانت الخسائر كبيرة وجوهرية، ما قدمته ضئيل مقارنة بهذه التضحيات، وكان لديّ انطباع بأنني طيلة هذه السنوات قمت بواجبي كمواطن مغربي وكمهندس كذلك، لأني حاولت في الستينيات وبعدها الحفاظ على كرامة المهندسين، بتضامني مع عمال قطاع الفوسفات في عام 68، وأعتقد كذلك أنني أسهمت في حماية ماء وجه اليهود المغاربة الذين كان أغلبهم ضحايا للصهيونية كما تعلمون، وحتى فيما يتعلق بالقضية الأصعب، وهي قضية الصحراء أعتقد -أنا ورفاقي في السبعينيات- أننا حافظنا على كرامة بلدنا بتبنينا الموقف الصحيح الذي يبدو الآن راجحا لحسن الحظ، وهو ضرورة تسوية القضية بالوسائل السلمية لا بالقمع، أعتقد من خلال كل ذلك أننا في آن واحد ناضلنا ولم نخضع للقمع، مع الحرص الشديد على مستقبل البلاد، لكن الاستقبالات التي حظيت بها في كل المناطق تتجاوز بكثير ما كنت أتصوره بشأن إسهامنا من أجل أن يرفع الشعب المغربي هامته، ويصبح على ما هو عليه اليوم، أي تربة خصبة لقيام الديمقراطية بفضل الله.


    محمد كريشان:


    ماذا بقي في ذاكرة إبراهام سرفاتي من سنوات السجن؟ وهل لديكم نية في كتابة مذكرات مثلا؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    كانت هناك السنوات الأصعب، ومنها الأربعة عشر الأولى في مركز التعذيب (مولاي شريف) ثم ثلاثة سنوات أو أكثر من العزلة في سجن الدار البيضاء المدني، وشيئا فشيئا بدأت الأمور تتحسن، ابتداء من عامي 79 و80، ولم يقتصر ذلك على الالتقاء برفاقي في سجن القنيطرة المركزي، بل اتسع تدريجيا مجال عملنا ونمط حياتنا ليتحول هذا الجو في الثمانينيات إلى ما سميته بفضاء الرجال الأحرار، فقد كانت تلك أول منطقة محررة من المغرب، كنا في مركز القنيطرة المركزي الرجال الأكثر حرية في المغرب مقارنة ببقية المواطنين الذين لم يكونوا في السجون، لكنهم لم يكونوا يستطيعون التعبير، أما نحن فلم يكن باستطاعة أحد أن يسكتنا، وكنا بالتالي فضاء للحرية على مدى عدة سنوات.


    والدليل على ذلك المظاهرات الشعبية الحاشدة التي عمت البلاد، في فبراير شباط عام 84، والتي كنا -لا أقول محركها المباشر- وإنما مصدر إلهامها، وقد اعترف بذلك الملك الحسن الثاني نفسه آنذاك، السنوات الأولى كانت في الواقع سنوات جحيم، جحيم لا نهاية له، ومع ذلك كان لا بد من التحمل وصون كرامتنا الشخصية والحفاظ كذلك على نقاء نضالنا، وأعتقد أننا أفلحنا في ذلك.


    محمد كريشان:


    يعني فيما يتعلق بسنوات الاعتقال، هل تعرضتم للتعذيب فقط في البداية أم استمر أسلوب التعذيب حتى في السنوات المقبلة؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    التعذيب كان بالدرجة الأولى في الأشهر الأربعة عشر الأولى، وخاصة في الأشهر الأربعة أو الخمسة الأولى من هذه الفترة، وقد كتبت بعد ذلك بعشر سنوات نظرا لاستحالة الكتابة حينها، كتبت عن ذلك الوضع، وكشفت مستوى التعذيب الذي كان فظيعا فظيعا جدا، وأوضحت أنه ما كان للمرء أن يتحمل ويقاوم، لولا عدم الخوف من الموت، لأن من يخاف من الموت لا يستطيع المقاومة، وثانيا: وعي المرء لكرامته بصفته إنسانا ومناضلا كذلك وكنا نتعامل مع أناس تحولوا إلى وحوش، وكان لزاما علينا أن نقاوم للحفاظ على كرامة الإنسان، وقد أفلحت أنا وبعض رفاقي في ذلك.


    محمد كريشان:


    هل تنوون كتابة مذكراتك؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    كنت قد أصدرت كتابات عن تلك الفترة، لي كتاب مشترك مع رفيقتي (كريستين) عنوانه (ذاكرة الآخر)، وفيه يسرد كل منا تجربة السنوات القاسية، كتبت هذه المذكرات التي أعيد نشرها قبل سنة في كتاب أصدرته في فرنسا بعنوان (المغرب.. من الأسود إلى الرمادي)، ويرمز السواد لفترة الرعب، واللون الرمادي للمرحلة الانتقالية التي نعيشها منذ سنوات.


    محمد كريشان:


    هل هناك مرحلة بيضاء ممكن أن تأتي؟ هل أنت متفائل بمرحلة بيضاء بعد مرحلة الرمادي؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    طبعا خلال السنوات المتبقية من حياتي، يتعين علي -دون شك- كتابة المزيد عن حياتي لكني آمل في المقام الأول أن أسهم في دفع حركة الشعب المغربي، ولا سيما الشباب إلى الأمام، ليس لي أي طموح سياسي، لا أريد أن أكون زعيما سياسيا، لكني بالمقابل أستطيع بالنظر إلى تجربتي ومكانتي، وكوني أصبحت رمزا في هذا البلد أن أساعد في الجهود الرامية إلى أن تتقدم قوى الشعب، وتثق بنفسها، وتتفاعل مع التغيير الذي يحدث على مستوى القمة بفضل جلالة الملك (محمد السادس)، غير أن إرادة الملك محمد السادس لن تكون كافية ما لم يعضدها دعم الشعب، وخاصة المجتمع المدني، إضافة إلى ضرورة تحديد الطبقة السياسية.


    محمد كريشان:


    أشرت قبل قليل إلى موضوع اليهودية المغربية، هل كان يزعجك أن يوصف إبراهام سرفاتي بأنه يهودي مغربي؟ وصراحة هل تعتقد بأن كان يمكن أن تقف المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان مع إبراهام سرفاتي لو كان مناضلا يساريا فقط؟ يعني هل تعتقد بأن كونك يهودي ومناضل يساري الاثنان معا ساعدك أكثر من حيث تعاطف منظمات حقوق الإنسان الدولية؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    ربما يكون وضعي كمغربي وعربي ويهودي عربي -كما أسلفت- قد أسهم في أن يزداد التضامن الدولي، لكن بالنسبة إلي فإن هذا الوضع تحصيل حاصل، فإلى جانب كوني مناضلا في اليسار المغربي منذ كنت في الثامنة عشرة، لم أفقد الاتصال بجذوري أو أصلي بصفتي مغربيا يهوديا.


    لقد كان عمري عشر سنوات في عام 33 حين قال لي والدي ذات يوم في كنيس بشأن رجل يكثر الصلاة لكنه منافق، قال لي: إنه صهيوني والصهيونية لا تمت بأي صلة إلى ديننا، ففي هذا الجو وهذا التصور نشأت في كنف اليهودية المغربية المرتبطة منذ آلاف السنين بروح الأخوة مع الإسلام بشكل عام والإسلام في المغرب بصورة خاصة، ولا يجب أن ننسى بغض النظر عن انتمائي الأسري أننا أيضا منحدرون من الأندلس، ومن ذلك العهد الرائع الذي سادته الأخوة بين الديانات السماوية الثلاث، وتميز بالازدهار الثقافي، كل هذا أثر في حياتي، ولم أكن أتقبل أن تختطف الصهيونية اليهود المغاربة، وتأتي بهم إلى مستوى أدنى في إسرائيل، لقد كنت ضد الصهيونية بصفتي مغربيا، وضدها لأنها اختطفت إخوتي وأخواتي، رفضت ذلك وما زلت أرفضه.


    محمد كريشان:


    يعني لا تجد أي تناقض في كونك يهودي عربي، مناضل يساري، كل هذه الوصفات لا تجد بينها أي تناقض؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    أعتقد على العكس من ذلك أن هذه الجوانب المختلفة من شخصيتي تتكامل فيما بينها، وإذا كان نضالي قد لقي صدى فإن ذلك لا يعود فحسب إلى كوني مناضلا مغربيا كنت أمثل شيئا ما للمناضلين الشبان في السبعينيات وكانوا يلقبونني بالشيباني لأنني الأقدم، وإنما أيضا لأن في شخصيتي هذا البعد اليهودي المغربي، لقد اكتشفت في يونيو/ حزيران عام 67 الإضافة الكبيرة التي قدمتها الثورة الفلسطينية، تتذكرون أن حركات التحرر العربية في تلك الفترة كانت تطغى عليها الأيدولوجية القومية التي لم تكن تميز بما فيه الكفاية بين اليهودية والصهيونية، وكان أوائل من أدركوا الفرق المناضلون الفلسطينيون، وخاصة مناضلي فتح واليسار الفلسطيني، لقد كانت وما تزال تربطني بالثورة الفلسطينية علاقة عضوية وثيقة، عندما أصدر المستشرق الفرنسي الكبير (جاك بيرك) نداء يقترح فيه إقامة أندلسات جديدة، وعندما كشفت حركة فتح في الأول من يناير/ كانون الثاني عام 69 ذلك الهدف النبيل في إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية يتعايش فيها المسلمون والمسيحيون واليهود، وهو ما سيحدث إن شاء الله كان ذلك بالضبط كأنه الأندلس التي انحدر منها أجدادي، وأندلس التعايش السلمي التي هي مستقبل فلسطين والأراضي المقدسة والعرب كذلك، إذن هناك علاقات عضوية بداخلي.


    محمد كريشان:


    البعض يعتقد بأن قضية إبراهام سرفاتي وقع استغلالها أحيانا من عديد المنظمات للضغط على المغرب في قضايا حقوق الإنسان وموضوع حقوق الإنسان، هل تعتقد بأن قرار الملك محمد السادس بعودة إبراهام سرفاتي فيها تقدير لشخصكم؟ ولكن أيضا فيها نزع لهذه الورقة التي كانت ترفع باستمرار في وجه المغرب؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    أعتقد أنه من جانب الملك محمد السادس لا يعتبر الأمر إذعانا لهذه الضغوط وإلى جانب موضوع عودتي كان هناك تعامل راق يتجاوز كل الحسابات السياسية، أبلغني أولا أن رجوعي أمر بديهي وبدون قيد أو شرط، ثم رد إلي الاعتبار بصفتي مواطنا مغربيا كامل الحقوق خلال الأسابيع الأولى التي تلت عودتي، ويوم أعاد إلي جواز سفري وبطاقة هويتي بعث إلي ثلاثة من أقرب المقربين منه بينهم مدير الديوان الملكي، كي يسلموني هذه الوثائق بأنفسهم ويبلغوني بأنني أصبحت أتمتع بكامل حقوقي، بما في ذلك لقبي كمهندس مناجم، وبأن الملك قد أهداني هذا المنزل، هذه السلسلة من الأعمال الخيرة تتجاوز بكثير الحسابات السياسية، وفضلا عن كونها تشريفا لي فإنها تبعث في نفسي كثيرا من الآمال في مستقبل المغرب بقيادة الملك (محمد السادس).


    محمد كريشان:


    ما هو شعورك وأنت تستلم هذا جواز السفر المغربي؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    يمكن القول إنه كان يوما عظيما بالنسبة إلي، كان على ما أعتقد يوم الأربعاء الثامن والعشرين من أكتوبر/ تشرين أول، وقد أبلغنا الديوان الملكي أن مدير الديوان ومستشار الملك (أندريه أزولاي) ووالي الرباط سيزوروننا ذلك اليوم، كنا في انتظارهم بطبيعة الحال، وعندما جاءوا سلموني الوثائق، وأخبروني برد الاعتبار إلي في جميع أوجه حياتي، وفي الجانب المهني منها على وجه الخصوص، وقد حكى لي والي الرباط وهو المسؤول الذي وقع جواز سفري أنه كان في بداية حياته المهنية موظفا في مكتب الفوسفات في الستينيات حين أصدرت رسالة تضامن مع عمال مناجم الفوسفات، الذين كانوا آنذاك مضربين عن العمل، قال لي: إن تلك الرسالة أثرت فيه أيما تأثير، وإنه ما يزال إلى اليوم يحفظ بعض فقراتها عن ظهر قلب، إنها شهادة رائعة من جيل يصغرني، ودليل على أن نضالنا كان يلقى أصداء إيجابية في أوساط واسعة من المجتمع لحسن الحظ، لقد كان حينها موظفا مبتدئا، وأصبح اليوم والي العاصمة، ومعينا من قبل جلالة الملك، وما يزال يتذكر تلك الرسالة، لقد فاق هذا كله رد الاعتبار، وتصرفات جلالة الملك لم تكن مجرد رد اعتبار لنضالنا، وإنما إضفاء للشرعية عليه، هكذا فهمت الأمر، وهذا يعني أن هذا النضال عادل، وأنه كان مدخلا لما يحدث الآن، الحمد لله أصبح المغرب ديمقراطيا وعصريا.


    محمد كريشان:


    سيد إبراهام يعني.. بصراحة.. برأيك لماذا استطاع الملك محمد السادس أن يقوم بالخطوة التي لم يشأ أن يقوم بها الملك الراحل الحسن الثاني؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    كما أسلفت إبان مراسم دفن الملك الحسن الثاني فإنني لا أسمح لنفسي بالحكم على عهد الحسن الثاني، فالتاريخ وحده سيحكم على هذا العهد ويبينه، صحيح أنه في هذا العهد عشت أنا ومناضلون مغاربة كثيرون أوقاتا عصيبة، لكنني أعتقد أن التاريخ سيوضح مدى مسؤولية كل من الحسن الثاني والاستخبارات والشرطة والآمرين بالتعذيب ومن كانوا ردحا من الزمن أداة للنظام. شخصيا لم شعر أبدا بالرغبة في الانتقام من تلك الحقبة، لقد قمت بواجبي، وكنت أعي جيدا ما كان يمكن أن أتعرض له في نضالنا، ولست نادما على أي شيء، الحمد لله أننا الآن نعيش حقا فجر عهد جديد في المغرب بفضل ذلك النضال والبذور التي زرعها في البلاد، وبفضل جلالة الملك محمد السادس كذلك، وأشعر أنه رائع جدا أن أعيش بقية عمري في هذا الجو.


    محمد كريشان:


    سيد سرفاتي ذكرت بأن التاريخ هو الذي سيحكم في النهاية على المرحلة التاريخية في المغرب، ولكن رغم أنك أشرت بأنك ليست لديك نوازع للثأر، مع ذلك أشرت فيما يتعلق بوزير الداخلية السابق (إدريس البصري) إلى ضرورة المحاكمة، ضرورة محاكمته عن مسؤوليات له في السابق.. هل هناك بعض التناقض من اعتبار ضرورة المحاكمة وفي نفس الوقت القول بأنك لا ثأر بالنسبة إليك؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    فيما يتعلق بي فأنا لا أرغب في الانتقام رغم ما عانيته وما عاناه أهلي، فأختي ماتت بسبب التعذيب، وابني ضاعت حياته إلى الأبد، وفي المقابل أرى فيما يتعلق ببناء البلاد أنه يجب إحقاق الحق وتسليط الضوء على كل ما جرى في الستينيات، وليس هذا من أجل الضحايا أو عائلاتهم فحسب، وإنما أيضا من أجل إرساء دعائم البلاد على أسس سليمة، وأؤكد أن الأمر لا يتعلق بعملية انتقام.


    وفيما يخصني أرى أن المسؤولين عن التعذيب وكان (إدريس البصري) زعيمهم الأكبر ومعه عدد قليل من كبار ضباط الشرطة ينبغي أن يخضعوا للمحاسبة لا المحاكمة.


    أعتقد شخصيا أنه لا ينبغي أن يقدموا لمحكمة، وإنما للجنة حقيقة ومصالحة كما كان الشأن في جمهورية جنوب إفريقيا، حيث تكشف الحقائق أمام الضحايا وذويهم، ويحاسب مسؤولو الشرطة الأربعة أو الخمسة المعنيون، بغض النظر عما إذا كانوا سيسجنون بعد ذلك أم لا، ويمكن أن يحرموا من حقوقهم المدنية فلا يعقل أن يتمتع المسؤولون عن التعذيب والإهانة بالحقوق نفسها التي يتمتع بها بقية المواطنين، لا أعتقد أنه من الضروري أن يسجنوا، لكن يجب أن تعلن الحقيقة، أما المتعاونون من الدرجة الثانية فيجب أن يسهموا في إظهار الحقيقة، دون أن يتعرضوا لعقوبات.


    ينبغي أن نحارب شهوة الانتقام، وأن نبني بلدنا معا، وألا يكون هناك شعور بأن فلانا مذنب، وأن فلانا آخر قد أخطأ أو ارتكب جريمة، ينبغي أن نتجاوز كل هذه العقبات ونبني البلاد، وأن ننصف الضحايا وعائلات الضحايا، وتدفع تعويضات للضحايا أو لذويهم، لكن بعيدا عن أسلوب الانتقام.


    محمد كريشان:


    يعني لجنة للحقيقة والمصالحة، هل يمكن أن ترى النور في المغرب؟ هل يمكن أن نرى ذلك؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    جلالة الملك محمد السادس أنشأ في آب/ أغسطس من العام الماضي لجنة تتمثل مهامها الأساسية في دفع تعويضات للضحايا أو عائلاتهم، إنه أمر مهم، لكن ينبغي أن نتجاوز هذا الحد إلى تشكيل لجنة تسند رئاستها إلى شخصيات رمزية رفيعة المستوى، تحق الحق وتسمو على الحقد والقصاص وما إلى ذلك، هناك اليوم مطالبة ملحة في هذا المجال من الضحايا أو أسرهم، يجب إذن العزوف عن فكرة القصاص، لكن مع تبيان الحقيقة الكاملة.


    محمد كريشان:


    يعني مثلا بالنسبة للتعويضات، ما الذي يمكن أن يعوض مثلا شخص مثل إبراهام سرفاتي؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    شخصيًّا -وقد قلت هذا من قبل- لا أريد أي تعويض باستثناء العودة إلى نشاطي السابق، وهذا حق ثابت وأساسي، لقد كنت مسؤولا سياسيا، وكنت أدرك تماما ما يمكن أن أتعرض له، ففيما يتعلق بنفيي عام 91 سأطالب ربما بدرهم رمزي تعويضا عما لحق بي من أضرار معنوية، لأن الإجراء لم يكن قانونيا، أما التعذيب فكان غير شرعي، لكن التعرض له جزء من مفهوم النضال، لذا فإنني لا أطالب بتعويضي عن ذلك، وأما المناضلون الآخرون فينبغي فعلا أن يحصلوا هم أو عائلاتهم على تعويضات.


    محمد كريشان:


    كيف تابعتم موضوع تكريم حكومة السيد (عبد الرحمن اليوسفي) لوزير الداخلية (إدريس البصري) إحدى الصحف اعتبرت ذلك نوع من المسبة (insult) هل لديكم نفس الرأي؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    لقد كنت أكن قدرا كبيرا من الاحترام لعبد الرحمن اليوسفي، فقد كانت حياته نضالية شبيهة إلى حد كبير بحياتي، كان يستحق الاحترام نظرا لوطنيته ونضاله، وكونه يساريا واشتراكيا، وللأسف أساء إلى نفسه بدعوته لإدريس البصري لذلك الحفل التكريمي إذا جاز أن تنطبق تلك التسمية على إدريس البصري، هذه هي الحقيقة للأسف، وسيتحمل مسؤولية نفيه لنفسه وإساءته إليها وهو في الخامسة والسبعين من العمر، لا أدري كيف سيقضي بقية عمره، أما عن انعكاسات ذلك على الحياة السياسية المغربية وعلى الحكومة وحزبه حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فإنه ليس لي أن أصدر حكما مسبقا عن ذلك، مع أنه قضى على حياته للأسف.


    محمد كريشان:


    هل هذا سيؤثر بشكل كبير في مستقبل التجربة، تجربة حكومة التناوب؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    في الواقع كانت حياتنا تعاني من عجز سياسي خطير جدا، وكان بإمكان المرء أن يتصور في عهد الملك الحسن الثاني أن العراقيل ناجمة عن النظام الحكومي التقليدي المخزن، الذي كان قويا في البلاد حينها، ومنذ تولى العرش محمد السادس لم تعد هناك تلك العراقيل لقد كان مأمولا أن تنهض الحكومة بمسؤولياتها بعد مغادرة إدريس البصري لها، لكن الواقع يؤكد عكس ذلك، بالنظر إلى مظاهر شلل الحياة السياسية المغربية حتى على مستوى قوى المعارضة السابقة، أي الكتلة الوطنية الديمقراطية التي تشكل أحزابها الجزء الأكبر من الحكومة، عواقب هذا الوضع ليست بالهينة، وإن كانت هناك لحسن الحظ حيوية المجتمع المدني حتى داخل الأحزاب المشاركة في الحكومات الحالية، وهناك أيضا إرادة جلالة الملك، وأعتقد أن الحكومة بصورتها الحالية، أو بعد إجراء تعديل محتمل عليها مطالبة بمواجهة كل هذه التحديات، إنها مرحلة صعبة، وليست هناك وصفة سحرية لتخطيها.


    محمد كريشان:


    إذا جمعتك الصدفة يوما ما مع إدريس البصري، وجلست معه وجها لوجه كما نجلس الآن نحن، ما الذي يمكن أن تقول له؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    لا أعتقد أنني سألتقي بإدريس البصري، وإذا جمعتني به في قاعة واحدة فإنني لن أبقى في هذه القاعة ثلاثين ثانية بكل تأكيد.


    محمد كريشان:


    هل تنظر ببعض الخوف للتجربة الواعدة مع الملك الشاب محمد السادس؟ يعني لديك آمال كبيرة على الملك الجديد؟ هل تخاف على أية مشاكل ربما تبرز في المستقبل؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    المشكلات التي تواجه المغرب وجلالة الملك محمد السادس صعبة للغاية، وأرى أنه ينبغي أن تتحد جهود المجتمع المدني مع إرادة جلالة الملك، وأن تتدارك الطبقة السياسية عدم الانسجام بينها وبين هذا الاتحاد، لقد لاحظت خلال زياراتي لبعض المناطق أن المجتمع المدني متقدم أكثر مما كنت أتصور، الأمر الذي يبعث على كثير من الآمال، ويجب أن نكون واعين بأن المعركة ضارية وعنيفة وأن نظل يقظين وألا نسترخي لحظة واحدة أمام قوى الماضي، وهذه القوى لا تقتصر على جهاز المخزن الذي زرع الرعب في قلوب المواطنين على مدى عدة عقود، هذه القوة موجودة كذلك في طبقة أرباب العمل أو على الأصح، في جزء من هذه الطبقة، التي ينتمي بعضها في الواقع للعصور الوسطى.


    لقد ذهبت مرة لأهنئ عمال مناجم جبل عوام في وسط المغرب على نضالهم الاجتماعي البطولي في السنوات القليلة الماضية، لقد أفلحوا في فرض وجهة نظرهم بإعادة افتتاح المنجم، لكن بإشراف أرباب عمل يستعبدونهم، ففي العامين الأولين مات عشرة عمال، ستة في السنة الأولى، وأربعة في السنة الثانية، إنه أمر لا يعقل، ويعود بنا إلى العصور الوسطى، في الوقت الذي شرعنا فيه قوانين اجتماعية متقدمة في عهد (عبد الرحيم بو عبيد) غداة الاستقلال، لكنها لم تطبق، لقد قلت إنه على أرباب العمل هؤلاء أن يغيروا أسلوب معاملتهم، أو يزج بهم في السجون، ويوق الناس شرهم، لأنه مستحيل أن نتقدم بأرباب عمل من هذا النوع.


    محمد كريشان:


    يعني لديك تخوفات حقيقية على الديمقراطية والمجتمع المدني في المغرب؟ أيضا من أوساط الرأسمالية؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    لدي هذا التخوف من أرباب عمل العصور الوسطى، لأن منهم من لهم شركاء في أجهزة الشرطة، لقد حضرت ذات مرة محاكمة نقابي مغربي، هذا النقابي كان يعمل في مصنع في الرباط، مالك المصنع مفوض سابق في جهاز الشرطة، وقد قام بزج عاملين وعاملات لديه في السجن، وذلك لأنهم انخرطوا في العمل النقابي، هذا المفوض السابق أودعهم السجن مستفيدا من تواطؤ جانب إلى الشرطة، وآخر من جهاز العدل، وهذه أمور غير مقبولة على الإطلاق.


    محمد كريشان:


    يعني حضرت محاكمات، ذهبت إلى المناجم، يعني إبراهام سرفاتي ليس موجودا في المغرب ليعيش التقاعد يعني متابع بشكل جيد؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    أريد المشاركة في مزيد من هذه النضالات ما وسعني ذلك، رغم تدهور صحتي سأقوم بما يمكنني القيام به، لأنني لا أستطيع التغاضي عن الاستغلال الظالم والوحشي الذي كانت تعاني منه الطبقة العاملة في بلادنا، فالمغرب لن يتقدم ما لم تقم فيه العدالة الاجتماعية.


    وأنا على يقين من أن إرادة جلالة الملك هي قيام هذه العدالة، وأن كثيرا من المثقفين والكوادر وبعضا من أرباب العمل المغاربة يؤمنون بهذه القيم، لكن يتعين أن يزاح أرباب العمل المنتمون للقرون الوسطى.


    محمد كريشان:


    سيد إبراهام.. هناك البعض عقد مقارنة Comparision بين عودة إبراهام سرفاتي من المنفى، وبقاء الشيخ عبد السلام ياسين في الإقامة الجبرية، هل هذه المقارنة تزعجك؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    أنا في المقام الأول مدافع عن حقوق الإنسان، ولا يستساغ من وجهة نظر حقوق الإنسان أن يظل الشيخ عبد السلام ياسين رهن الإقامة الجبرية في بيته، وأرى أن النضال السياسي والأيدلوجي ضد الأفكار الرجعية التي يمكن أن يتبناها بعض المفكرين الأصوليين والإسلاميين وارد ووجيه، لكني كنت شخصيا قد حاورت في سجن القنيطرة وفي ظروف قاسية نشطاء إسلاميين مسجونين، لقد كانوا شبانا، وما دفعهم إلى الانخراط في التيار الإسلامي هو غياب العدالة الاجتماعية، أما وقد أصبح بإمكاننا أن نقيم العدالة الاجتماعية في المغرب إذ أن لنا -لله الحمد- ملكا متمسكا بقيم الإسلام، ويعتبر عنوانا للعدالة الاجتماعية فإنه يصبح من السهل تجاوز أسس الأصولية، وأن يعود الناشطون الإسلاميون للإسهام في بناء البلاد إلى جانب بقية المواطنين.


    محمد كريشان:


    يعني هذا الحوار الذي كان لك مع بعض الإسلاميين في السجن، هل أنت الآن مستعد رغم كل ظروفك الحالية أن تواصله خارج السجن الآن مع قوى أخرى؟


    إبراهام ألبير سرفاتي:


    أنا مستعد للحوار السياسي، وأعتقد أن قوة الفكر أعلى من اختلاف الطبائع والعادات بين البشر، وأنه بإمكاننا دائما التوصل إلى حلول بناءة، إذا ساد الاحترام المتبادل وجمع بيننا حب الوطن، فيما يتعلق بالتيار الإسلامي فإن قضية المرأة تبقى بالنسبة إلي مصدر قلق، ولحسن حظنا يوجد في المغرب حاليا مشروع للأحوال الشخصية خاص بالمرأة، وهو المدونة التي ترمي إلى إشراك المرأة في مسيرة التنمية على قدم المساواة مع الرجل، وقد بين جلالة الملك في خطاب عشرين أغسطس/ آب من العام الماضي الطريق بصفته أميرا للمؤمنين وحاميا للدين في البلاد، ويمكن أن نمضي في نهج الحوار الديمقراطي في ظل الاحترام المتبادل، كي ندفع عجلة التقدم في بلادنا.


    محمد كريشان:


    سيد إبراهام السرفاتي.. شكرا جزيلا.


    إبراهام ألبير السرفاتي:


    شكرا لكم.. شكرا لكم.

    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي الجمعة نوفمبر 26, 2010 8:00 am

    </FONT><TR>
    حوار مع الرفيق أبرهام السرفاتي [مجلة المطرقة –خريف 1992]
    الجمعة 26 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010
    أبراهام السرفاتي
    إبراهيم سرفاتي Imprim



    في سبتمبر 1991 ، أطلق سراح المناضل الثوري المغربي الشهير، أبراهام السرفاتي، بعد سبعة عشر عاما قضاها في الاعتقال بسبب دوره في تأسيس و قيادة منظمة " إلى الأمام" في بداية السبعينات. و قد نفي الرفيق ابرهام مباشرة من سجن القنيطرة المركزي في المغرب إلى باريس ، إذ ادعت سلطة الحسن الثاني عدم الإقرار بمواطنيته المغربية.

    حوارنا مع الرفيق بدأ و هو في السجن، و يستمر بأشكال شتى، في إطار من العلاقة الرفاقية و الأخوية. و كانت إحدى محطات هذا الحوار مقابلة صحفية طويلة أجريناها معه في ديسمبر 1991، باللغة الفرنسية ، و نشرت بالفرنسية و الانجليزية في المجلتين المركزيتين للامية الرابعة. و هي تدور حول الأوجه المتداخلة لشخصية المناضل أبراهام السرفاتي: المغربي و المغاربي و العربي و اليهودي العربي و الأممي.

    و ننشر هنا تعريبا للمقابلة و تعقيبا عليها جاءنا من مناضلين ثوريين في المغرب، لعله يكون فاتحة نقاش رفاقي آخر بين ثوريين مغاربة على غرار حوارنا كثوريين عرب و امميين مع الرفيق أبراهام.

    صلاح جابر




    إبراهيم سرفاتي Arton2065
    صلاح جابر: وصفت الوضع في المغرب، مرارا منذ إطلاق سراحك في سبتمبر 1991، كوضع " نهاية حكم". ما هي العناصر التي تتيح لك صياغة هكذا حكم بصدد نظام يبدو للناظرين من بعيد كما لو كان وطيدا ثابت الأركان؟
    أبراهام السرفاتي: يستند هذا التقدير قبل كل شيء إلى واقع أن هناك تلاقيا ، منذ ثلاث سنوات أو أربع، بين نضالات القوى الديمقراطية في المعارضة الشرعية و نضالات القوى الثورية. طبعا ، يتعلق الأمر بوجه خاص، بالنسبة لهذه القوى الأخيرة، و على المستوى التنظيمي ، بأنوية لا تشكل بالفعل منظمات لها بناها، بل هي بالأحرى تيارات في أحزاب تمتلك هذا الحد أو ذاك من الشرعية.و " إلى الأمام" هي المجموعة الثورية الأكثر تنظيما و هي تناضل ضمن شروط السرية. هذا و قد زاد تأثيرنا بصورة مرموقة بفضل تقدم تفكيرنا بعد أحداث عام 1984 [1] كنا قد أجرينا أول تصحيح سياسي، حوالي نهاية عام 1979، وهو الأمر الذي أتاح لنا أن نزيد من تركيز عملنا في الأحياء الشعبية والطبقة العاملة، لكن مع ارتكاب أخطاء كثيرة أيضا. وانطلاقا من اعتقالات عام 1985، تقدمنا في هذه الطريق، وبوجه خاص وسعنا دائرة تفكيرنا لتشمل مشكلات تتعلق بجوهر الثورة المغربية، كنا قد أهملناها مثلما أهملتها القوى الأخرى – ولاسيما المسألة الامازيغية. وقد اختطت هذه الأفكار طريقها في بعض القطاعات، ومن ضمنها الطلاب القاعديون [2]،لكن كذلك في الأحياء الشعبية، وبوجه خاص في الدار البيضاء، وهي تساهم في الوقت نفسه في المزيد من تبلور القوى الجذرية داخل المنظمات الشرعية بالذات.
    وبالتأكيد، ثمة تجدر مستقل، ليس مرده فقط إلى عمل منظمتنا، بل هو ناتج عن اندفاع الجماهير الشعبية والطبقة العاملة، وقد عبر عن نفسه باستعادة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (كدش) ديناميتها [3]. لقد تنامى وزن هذه الأخيرة بصفتها منظمة نقابية وداخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية [4]، ونتج عن ذلك اتجاه إجمالي للتجذر في الاتحاد والمنظمات التابعة له، لاسيما منظمة الشبيبة فيه، الشبيبة الاتحادية.
    إن التجذر الشامل مرتبط، بلا ريب، بالشروط الموضوعية: فالطبقات الوسطى لم تعد تستفيد من المنافع المادية المهمة نسبيا التي كانت تحصل عليها في السبعينات. فضلا عن ذلك، لقد فقدت التعبئة الشوفينية حول حرب الصحراء من قيمتها، على الصعيد السياسي، وإن كانت الأحزاب لا تزال تنادي بها، بينما باتت مشكلة الديمقراطية، وحقوق الإنسان – وبصورة تدريجية أيضا مشكلة التغيير السياسي في البلد-، هي التي تغلب في وعي الناس، سواء في القطاعات الشعبية أو في الطبقات الوسطى. إن التقارب الذي يرتسم على القاعدة بين قوى ديمقراطية شرعية والأنوية الثورية، وتجذر القوى الأولى (ولاسيما كدش)، يفسران صعود النضالات المتواصل نسبيا منذ ثلاث سنوات أو أربع، مع تشديد متنام على حقوق الإنسان مثلما على الديمقراطية. وهذا بديهي في موقف الأحزاب الشرعية حيال الدستور، إذ هي انتقلت في غضون شهور قليلة من المطالبة بإصلاحات دستورية، إلى المطالبة منذ 19 نونبر 1991، بتغيير الدستور، وهذا الأمر طبعا يتناقض مع نظام الحسن الثاني.
    ص.ج: إن السمة الجديدة الرئيسية في الوضع في الفترة الأخيرة تتمثل إذا، حسب رأيك في هذا التغيير في موقف الطبقات الوسطى حيال مسألة الديمقراطية: هذا ما يجعلك تتحدث اليوم عن "نهاية حكم" أليس كذلك؟
    أ.س: هذا ما أقصده، بالضبط. إنها ظاهرة معقدة بالطبع، وهي لا تقتصر على الطبقات الوسطى، فالتوق إلى الحرية عميق جدا. وفي الوقت ذاته، هناك تقارب فعلي بين قوى ديمقراطية شرعية وقوى معارضة أكثر جذرية، لا بل ثورية، وذلك بفعل تطور النضالات وتجاوز العصبويات القديمة، من كلا الجانبين. فعلى سبيل المثال، كانت "إلى الأمام" تنبذ في السابق هذه القوى الشرعية باعتبار أنها إصلاحية، وكانت تلك القوى تنبذنا إما كمغامرين أو كخونة لقضية "مغربية" الصحراء. أما اليوم فقد انتقلت قضية الصحراء، من خلال النضالات إلى مرتبة ثانية، ولم تعد عامل تفرقة، وهذا شديد الأهمية.
    من جهة أخرى، فإن التقارب يتم ضد الملك، وهنا بالضبط يكمن السبب في تحديدنا الهدف الملموس على أنه هدف إطاحة الحسن الثاني، ولم نحدده بعد على أنه إلغاء الملكية. أما ضمن الشعب فثمة رفض، بلا ريب، ليس للملك وحسب، بل كذلك الملكية، وهذا واضح بوجه خاص بالنسبة للجماهير الشعبية في المدن. إن الطبقات الوسطى، بالمقابل، لا ترفض الملكية إلى الآن، فهي لا تزال تحت تأثير الاديولوجيات القديمة للحركة الوطنية المغربية الواقعة تحت سيطرة البرجوازية منذ ستين عاما. إن نوعا من الخشية من أن يجري تجاوزها، واهتماما بالاستقرار يمنعانها من المضي إلى حد وضع الملكية موضع الاتهام.
    بيد أن هناك تلاقيا في معارضة الحسن الثاني، حتى إن لم يتم التعبير عن ذلك بوضوح – وهذا يستحيل بالنسبة لأحزاب المعارضة الشرعية. أما نحن بالذات، فننضم إلى الهدف اليوم، في حين نتوقع تجاوزه مستقبلا.
    إن التلاقي ضد الملك ناتج أيضا من عامل مهم تجسد من خلال الثمانينات، لاسيما منذ عام 1984: إذا صح أن سلطة الحسن الثاني لا تزال تؤمن مصالح الطبقات السائدة، فهي تنعزل نسبيا عن هذه الطبقات بالذات، بتشكيلها ما نسميه "مافيا مخزنية" مندمجة ببنى السلطة القديمة من النموذج "الإقطاعي المخزني" [5].هذه المنظومة تقوم بشكل أساسي على قادة جهاز الشرطة والدرك، وبصورة أكثر هامشية على بعض جنرالات الجيش، علما أنه لا يمكن القول إن الجيش بوصفه جسما قائما يشارك حقا في هذه المنظومة السلطوية. يتعلق الأمر بوجه خاص بديكتاتورية بوليسية، تحت كنف الحسن الثاني، تمارس ابتزازا ماليا على الاقتصاد علاوة على قمع الشعب. وهذا يطور تناقضات داخل الطبقات المسيطرة بالذات، وبالأحرى، بين الطبقات الوسطى ومنظومة السلطة هذه. هذا هو السبب في أن نظام الحسن الثاني ينعزل أكثر فأكثر سياسيا، ويصبح المرمى المباشر أو غير المباشر لهذه النضالات، المتبلورة بوجه خاص حول مطلب تغيير دستوري. هذا هو السبب الذي باتت المغرب ناضجة لأجله اليوم لإطاحة الحسن الثاني وتفكيك المافيا الخاصة به، على الأقل جزئيا.
    وبما يخص منظمتنا، فقد فهمنا هذا الأمر تدريجيا خلال خريف عام 1990. وبصورة أدق إبان مظاهرات يناير وفبراير 1991 ضد حرب الخليج، حيث ظهر بوضوح شديد تقارب مجمل تلك القوى، من جهة، وعزلة الحسن الثاني الشعبية، من جهة أخرى. بدا بوضوح أن مجمل الشعب، بما فيه الطبقات الوسطى، يعيد النظر بشرعية هذه السلطة بالذات.
    ص.ج: قدمت تقييما سياسيا للشعور السائد اليوم في المغرب، في شرائح أكثر فأكثر اتساعا. لكن ما هي العوامل الاجتماعية الاقتصادية التي تقف وراء التطور السياسي الذي تصفه؟
    أ.س: لذلك التطور بالطبع، أساس اقتصادي. فمنذ نهاية السبعينات، استنفذت المنافع النسبية التي كانت تقدم للطبقات الوسطى. وخلال الثمانينات، زادت حدة تلف السلطة على صعيد التسيير الاقتصادي، وهذا يرتبط، من جهة بالإنهاك الذي تسببت به حرب الصحراء، ومن جهة أخرى بالأزمة العالمية عامة، التي أدت إلى تحول شروط صندوق النقد الدولي إلى شروط أكثر فأكثر ضغطا في اتجاه الليبرالية الجشعة. وهذا فاقم وضع الجماهير الكادحة، بالإضافة لوضع الطبقات الوسطى وساهم موضوعيا في انعزال السلطة.
    إن علاقات التبعية، حيال أروبا بوجه خاص، ومن ضمن ذلك الإنتاج لحسابها في النسيج والصناعات الجلدية، الذي تطور كثيرا في السبعينات والثمانينات، سهلت منظومة الابتزاز المالي: يشكل المقاولون المغربيون خفراء ليد عاملة رخيصة ومُبالغ في استغلالها أكثر مما يشكلون رأسماليين حقيقيين. وهذه الآليات غير شرعية إطلاقا، تنتهك قوانين العمل وتحتاج إذا لحماية الشرطة. وقد جرى تأمين هذه الحماية مقابل مشاركة مباشرة بذلك الاستغلال. هذا وفي الوقت ذاته، يصادف المقاولون صعوبات متزايدة، عندما يرغبون بتحقيق مشاريع صناعية أو تجارية متلائمة مع القوانين.
    لقد توسع الابتزاز المالي، ومنذ انتفاضات عام 1984، توسع وضع اليد البوليسي لوزارة الداخلية على حياة البلد بصورة كبيرة، في كل الحقول، بما فيها الإعلام والثقافة، كما على صعيد المنظومة الاقتصادية. ولم يشكل دلك إزعاجا للطبقات الوسطى وحسب، بل كذلك لقسم من الطبقات المسيطرة. إن "المافيا المخزنية" تزعج حتى بعض المصالح الاقتصادية الأجنبية، التي يزداد تضايقها بحيث يؤثر ذلك على اشتغالها الطبيعي في المغرب.
    ص.ج: خلال الحركات الجماهيرية الكبيرة الأخيرة، في نهاية عام 1990 وبداية عام 1991، لاحظنا الدور المركزي للحركة النقابية والحركة العمالية بوجه عام. لكن هذا العامل لا يعبر عن نفسه إلى الآن على صعيد المضمون السياسي، الذي بقي في حدود ما هو مشترك مع الطبقات الوسطى، وبوجه خاص مع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي يمكن النظر إليه كحزب يمثل هذا الوسط الاجتماعي.
    أ.س: في الواقع، ليس للطبقة العاملة إلى الآن بنيان سياسي يتيح لها أن تعبر عن نفسها بصورة مستقلة على هذا الصعيد. فلا يزال ينقصها حزب سياسي ثوري كبير، مع أن هذا ما يتطلع إليه العديد من المناضلين-ليس فقط في منظمتنا- الذين يودون المشاركة في بناء حزب كهذا. وهذه حال بعض التيارات الجذرية كالتيار الذي انفصل عن الاتحاد، والذي ظل يطلق عليه اسم "اللجنة الإدارية" لفترة طويلة قبل أن يتشكل حديثا في حزب الطليعة الاشتراكية الديمقراطية.
    بيد أننا إذا حللنا المواقف السياسية الخاصة بقادة ك..د.ش، في الحركة النقابية، يمكن أن نلاحظ نوعا من وعي لمشكلات الطبقة العاملة النوعية الخاصة. هناك ما كان يدعوه نيكوس بولانتزاس "التأثير الملائم الذي تمارسه الطبقة العاملة على قادتها "السياسيين" يؤثر على الجناح الجذري في الاتحاد المتبلور في ك.د.ش. يجب التذكير بأن لدى الطبقة العاملة المغربية خصائص غريزة طبقية أو تكوين وعي طبقي تعود إلى زمن بعيد- لقد تنظمت في نقابات بصورة كثيفة للغاية منذ الأربعينات، حين كانت آنذاك في كنف مناضلين فرنسيين أو اسبانيين تحركوا، بحدودهم وأخطائهم، من اجل تطوير الوعي الطبقي وتقاليد النضال الطبقي المستقل في النقابات. وهذا طبع لزمن طويل الاتحاد المغربي للشغل بعد الاستقلال، وهو يفسر اتجاهه الفوضوي- النقابي، الذي تستغله قيادته البيروقراطية للإفلات من سطوة الأحزاب السياسية، لكن كذلك للحفاظ على سيطرتها على القاعدة العمالية.
    في الدار البيضاء، أو مصانعها الكبيرة، تتمتع الطبقة العاملة بتقاليد مطلبية من الصراع الطبقي تعبر هي أيضا، ضمن بعض الحدود، عن استقلال الشغيلة النسبي، وتنيخ بثقلها على تشكيلات سياسية متنوعة. وهذا واضح بوجه خاص في التمفصل الموجود بين الاندفاع العمالي الحالي و ك.د.ش، وعبر هذه الأخيرة الجناح الجذري في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية – هذا الجناح الذي يتناقض بالطبع مع الحرس القديم البرجوازي الصغير تماما من حيث اديولوجيته الاصلاحية، الموسومة الانتهازية وبمشروع ديمقراطية برجوازية يسعى حتى للتوافق مع ملكية الحسن الثاني. وحتى إذا كان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاستقلال [7] ناديا في الفترة الأخيرة بضرورة إحداث تغيير دستوري، يتخطى التعديل البسيط، فهذا الانعطاف ليس واضحا تماما في ذهن قيادتيهما ويمكن التفكير على العكس بأن قسما من هاتين القيادتين سوف يرضى على الأرجح بمساومة مع الحسن الثاني. لكن اندفاع الجماهير العميق، وتعبير ذلك عن نفسه داخل ك.د.ش، واستياء الطبقات الوسطى، كلها تمضي في اتجاه ديمقراطية أكثر حقيقية، لا تتلاءم مع بقاء الحسن الثاني. إن الطبقة العاملة التي تختار بصورة واعية أن تقتصر في الوقت الراهن على مطلب الديمقراطية تكتشف في الوقت ذاته عن إمكانات تحول ثوري في مرحلة لاحقة.
    يجب أن تتيح لنا المرحلة الأولى، الجارية اليوم، تركيز القوى لإطاحة الحسن الثاني، حتى وإن كان ذلك في إطار بقاء الملكية، وللتفكيك الجزئي "للمافيا المخزنية" من أجل انتزاع الحقوق الديمقراطية. هذه المرحلة ستكون قادرة على المضي أبعد لأن هنالك لدى الشغيلة المغاربة غريزة طبقية متقدمة نسبيا بما يخص العالم الثالث. وإن عملا في العمق يقوم به الثوريون، في صلة وثيقة بمناضلي ك.دش الذين ليسوا اليوم ثوريين بالضرورة، وحتى ببعض مناضلي الاتحاد المغربي للشغل، على صعيد القاعدة، سوف يسمح بالتقدم في هذا الطريق الثوري.
    ص.ج: ألا يشكل وعي هكذا احتمال، في بلد يشهد تناقضات متفجرة إلى الدرجة التي نراها في المغرب – وقد تكشفت الطاقة الانفجارية للقطاع المديني المهمش خلال السنوات الأخيرة- ألا يشكل كابحا قويا للقوى الإصلاحية من الطبقات الوسطى في الوضع الراهن؟
    أ.س: صحيح أن هناك تناقضا. لكن هل هذا كابح في المدى المباشر؟ لا أعتقد ذلك. فحاليا، كل هذه القوى يمكن أن تتلاقى حول هدف إسقاط الحسن الثاني. ففي الوعي الشعبي، يمثل الحسن الثاني عدو الشعب، وقد ظهر ذلك بوضوح شديد في تظاهرات عام 1984، على سبيل المثال.
    في مدينة كبرى كالدار البيضاء، بتاريخها الاجتماعي، ثمة، في الواقع، تمفصل موضوعي في النضالات بين الأنوية البروليتارية للمصانع الكبرى وما أسميه "الجمهور البروليتاري" في الأحياء الشعبية. والطرفان يسكنان هذه الأحياء ذاتها التي يجب أن يقام فيها بعمل سياسي وبجهد تنظيمي، وهو ما يتم الآن لكن على مستوى لا يزال غير كاف.
    إن تجاوز الأهداف الحالية نحو هدف أكثر ثورية وجذرية إنما هو وثيق الارتباط بتطور هذا التمفصل. لذا نشدد كثيرا، سواء بالنسبة للهدف المباشر أو بالنسبة للهدف الاستراتيجي، على التنظيم الذاتي للجماهير في الأحياء الشعبية وفي المصانع، حيث يجب أن يتنظم العمال في لجان قاعدية يمكن أن تتخطى الأجهزة البيروقراطية لبعض النقابات وبالأخص أن تفجر ديناميتها. هذا ما حصل على صعيد الطلاب في حركة التنظيم التحتي للقاعديين. وعلى هذا المنوال، يمكن أن يتشكل التمفصل بين الجماهير البروليتارية والأنوية البروليتارية، لكن بشرط أساسي، وهو أن يكون البديل الثوري واضحا.
    وفي هذا الصدد، يعرف الجميع أن الجماهير نصف البروليتارية، في البلدان العربية، هي حقل ممتاز للحركات السلفية بامتياز، لأنه غالبا ما عجزت القوى الثورية أن تقدم لها منظورا ثوريا متماسكا. فغالبا ما جرى الاقتصار، لاسيما على صعيد الأحزاب الشيوعية العربية، على التوجهات التقليدية "الاقتصادوية". وأنا اعتقد أننا تمكنا على العكس، في منظمة "إلى الأمام" من أن نصوغ منظورا ثوريا إجماليا يتضمن تطلعات هذه الجماهير: إن مناضلينا والمتعاطفين معنا في الأحياء الشعبية يجمعون بشكل وثيق بين أهداف النضال الديمقراطي لأجل مطالب مباشرة والهدف الاستراتيجي لبرنامج ثوري.
    ص.ج: أنت ترى إذا أن السبب الرئيسي الذي يمكن أن يعزى إليه كون الحركة السلفية الإسلامية أضعف نسبيا في المغرب مما في بلدان أخرى في المنطقة، بالرغم من اتساع الأزمة الاجتماعية والاقتصادية، إنما هو الدور الذي تلعبه الحركة الثورية المغربية؟
    أ.س: هذا صحيح في كل حال بالنسبة لمدن كالدار البيضاء. وأنا لا أقول طبعا، أن الحركة السلفية ليست موجودة هناك، لكنها لا تمتلك القوة التي تمتلكها في مدن كبيرة أخرى في العالم العربي. وهذا، على الأرجح، ليس صحيحا بهذه الدرجة، في مدن أخرى في المغرب، حيث الحركة البروليتارية ليست بدرجة أهميتها في الدار البيضاء ، أو المراكز المنجمية الرئيسية. والأمور أقل وضوحا في مدن تغلب فيها البرجوازية الصغيرة، حيث للحركة السلفية قدر من القوة. لكن إذا كانت الدار البيضاء المعقل الرئيسي للثورة المغربية، فهذا سيشكل كابحا للحركة السلفية لا يستهان به.
    هذا وثمة عامل مهم آخر يقف حاجزا دون الحركة السلفية ويتمثل بمشكلات الهوية في المناطق المهمشة، وذلك في شكل المسألة الامازيغية، ومسألة الريف، والسوس، إلخ...، مع بروز الشخصية الامازيغية والشخصيات الإقليمية. ففي الشمال مثلا، وهو الحلبة الرئيسية لانتفاضات عام 1984، نصادف سواء في المناطق التي تتكلم العربية كالقبالة، أو تلك التي تتكلم الامازيغية كالريافة، مشكلات مهمة جدا في الخصوصية الإقليمية – وهذه المناطق هي، علاوة على السوس، منابع الهجرة الرئيسية.
    إننا الوحيدون الذين نملك برنامجا واضحا يجيب عن هذه الاسئلة في إطار بديل ثوري. وهذا يتيح لنا أن نحقق نتائج سريعة، وأن نواجه البديل الأسطوري الخاص بالسلفية ببديل ثوري متماسك وملومس – وهذا أحد أسباب تأثيرنا بين طلاب جامعة كجامعة فاس، وهم يتحدرون من هذه المناطق. إن المشكلة الامازيغية تعني 60% من البلاد، بينما تطول في الجزائر ما بين 15 و 20 % فقط.
    إننا لا نزال في بداية هذا العمل فقط – فنحن بالذات لم ندخل المشكلة الامازيغية إلى دائرة تفكيرنا إلا في العقد الأخير، ومواقفنا الواضحة بصدد هذه المسألة تعود إلى السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة، لكننا نلاحظ أنها تشق طريقها بسرعة.
    إنها مهمة ممكنة تماما، شريطة أن يتحقق بوضوح التمفصل بين قطب الدار البيضاء البروليتاري، من جهة، والمناطق الريفية من جهة أخرى. وحتى مناطق أكثر التباسا على المستوى السياسي، كالمدن ذات الغلبة البرجوازية الصغيرة التي تجد فيها السلفية ميدانا خصبا. قد تتجاوز الحدود الحالية في حركة ثورية كلية. وهو ما شهدناه بوضوح في مراكش، وهي مدينة مرتبطة أيضا بالمناطق المحيطة بها والناطقة بالامازيغية، إبان المظاهرات الكبرى في يناير 1984.
    إن للقوى الديمقراطية الكلاسيكية، الإصلاحية، سطوة مهمة على الطبقات الوسطى، وإن إطلاق دينامية هذه القوى الذي يتضافر مع عملنا الخاص، خلال السنوات الأخيرة، يخلق حركة مهمة باتجاه الديمقراطية تبين للجماهير أن تحقيق عدد من المكاسب أمر ممكن، من دون السقوط في أوهام السلفية- وهو ما يمكن أن يفسر أيضا أن هذه الظاهرة الأخيرة لم تتوصل لتأخذ في المغرب الأهمية التي أخذتها في بلدان أخرى.
    ص.ج: هل يمكن عامل الهوية أن يحيد الدور التقليدي الخاص بالفلاحين كقاعدة للملكية، لا بل أن يخلق تضادا بين قطاعات واسعة من هؤلاء الفلاحين و السلطة؟ و هل ثمة عوامل أخرى تعمل في الاتجاه نفسه، فضلا عن ذلك؟
    أ.س : لقد بقينا نحن أنفسنا نراوح المكان لوقت طويل بصدد المسألة الفلاحية. كنا نمتلك رؤية "اقتصادية" في السبعينات،متجهة حصرا نحو تجمعات العمال الزراعيين في المناطق المروية حيث توجد الملكيات الكبرى. و قد بين التحليل الأدق الذي أمكننا إجراؤه في الثمانينات ، بيَن أولا ان الطبقات السائدة تتحاشى بالمطلق تشكيل بروليتاريا زراعية دائمة، ولو بخسارة من حيث الإنتاجية ، مبرهنة هكذا عن وعي طبقي بعيد النظر.
    إن مشكلات الفلاحين في المناطق التقليدية التي يسيطر فيها المخزن منذ قرون، أكثر تعقيدا بكثير و لا يمكن الكلام إلى الآن على حركات نضال في تلك المناطق. ففي الوقت الراهن، تتعلق الحركات بالمدن، و بصورة عفوية إلى هذا الحد أو ذاك منذ انتفاضات يناير 1984 ، بالمناطق الطرفية، لا سيما الشمال بأسره. إن الدينامية تتوسع، لكنها لا تزال في بداياتها.
    لقد لاحظت في اروبا، في بلدان انتشار الهجرة القادمة من الشمال المغربي (بلجيكا و هولندا) حركة توعية بالغة الأهمية. إن مشكلات منطقة الريف تثير في تلك البلدان حماسا خارقا. و خلال المحاضرات التي أمكنني إلقاؤها، رأيت ان المناضلين السلفيين النادرين يبقون صامتين بمواجهة هذه الأسئلة.
    إلا أنني لا أقلل من قدرة الصعوبات الموجودة. فقسم مهم من مناطق البادية لا يزال تحت سطوة نظام سيطرة الملكية"الفلاح المغربي المدافع عن العرش" بواسطة الأعيان، لا سيما في مناطق الوسط. هنالك إذن عمل كثير يجب القيام به، لكني اعتقد انه يمكن خلق دينامية إجمالية، بمقدار ما يمكن لحركة ثورية ان تتطور انطلاقا من مراكز بروليتارية، كالدار البيضاء، و من مناطق طرفية. و هذه السيرورة تمر بتلاقي القوى، في المرحلة الراهنة، حول هدف إسقاط الحسن الثاني.
    ص.ج: لقد أشرت إلى الصحراء، التي سمح انتقالها إلى المرتبة الثانية من الاهتمام بفتح الطريق اليوم أمام بعض أشكال النضال ضد السلطة. و الملاحظة هنا مُرة بالأحرى: فحتى وقت قريب، لعبت حرب الصحراء إذا لصالح النظام بوجه خاص، و لم تتحقق بعض آمال الثوريين في أن يشكل هذا النزاع حافزا لتجدر ضد الملكية.
    أ.س: ليس من شك في ان حرب الصحراء أعطت الحسن الثاني 15 عاما من الإمهال، من عام 1974 إلى عام 1989 . و الاتجاه الغالب في السنوات الأربع الأخيرة هو تجاوز هذه المشكلة في النضالات الملموسة للشعب و القوى الديمقراطية و التقدمية. لكن المشكلة بحد ذاتها لم تتم تسويتها إلى الآن.
    في الوقت الراهن، يشكل الاستفتاء بصدد الصحراء المسألة الحاسمة بالنسبة للنظام. و تضاعِف الحكومة جهودها لتخريب هذا الاستفتاء. و من الواضح أيضا ان عددا من قادة المعارضة السياسيين يدعمون هذا الجهد . ان حرب الصحراء تشكل إلى الآن كابحا لتعبئة النضالات الشعبية و تجذرها. و ثمة شعور بأن الموضوع سوف ينحل في الأسابيع القادمة، و يمكن إذا توقع ازدياد حدة هذه الإعاقة، علما ان الوقت مبكر جدا لنقول كيف سوف تكون نهاية الأشياء.
    هذا و أنا أتساءل أيضا إلى أي حد ليست بعض التحفظات الحديثة جدا بصدد جهد لتلاقي المعارضة المغربية في الخارج هي ناتجة عن ذلك.
    لقد جرى لقاء تداولي في الفترة الأخيرة في جنوب هولندا قرب ماستريخت، مع مجمل المعارضة المغربية، لكن للأسف بغياب العديدين: كان البعض قد تخلف عن الحضور بسبب انه كانت هناك علاقات غير أخوية دائما بين فصائل مختلفة، لكنني أتساءل أيضا إذا لم تكن غيابات عديدة ، لاسيما من فرنسا، ناتجة كذلك من الاستفتاء.
    ص.ج: إذا تمكن النظام خلال 15 سنة من استخدام المسألة الصحراوية، فهذا يعني انه على مستوى الجماهير المغربية، بقيت الموضوعة العامة لـ "مغربية" الصحراء موضوعة مثمرة.أليس في ذلك ما يدعو للتفكير؟ هل إن هذه الرؤية للمشكلة قد فرضت نفسها بسبب الشوفينية و التضليل الإيديولوجي فقط أو أن هناك عوامل أكثر فعلية ، بما فيها ربما نتائج بعض السلوك السياسي للبوليساريو، أو ارتهانها بالنظام الجزائري؟
    أ.س: يجب تمييز مستويين في هذه المشكلة. طبعا، هناك تاريخ مسيطر في المغرب مصنوع من مجد الإمبراطوريات، و قد طبع الشعب المغربي. فالخارطة التي نشرها عام 1956 ، في فترة الاستقلال، علال الفاسي، مؤسس حزب الاستقلال، كانت تمد المغرب إلى نهر السنغال. وقد كانت معلقة في كل الحوانيت في المدن. علاوة على ذلك، وبالنسبة للجماهير المغربية، كانت المسيرة الخضراء التي نظمها الحسن الثاني عام 1975 [8]مسيرة نحو فردوس جديدة. كان هنالك اعتقاد بأن فوسفاط الصحراء وثرواتها الأخرى سوف تحل كل مشكلاتنا الداخلية.
    في نهاية السبعينات، طرأت خيبة أمل على الصعيد الاقتصادي، فخلافا للآمال، تفاقم الوضع. ومنذ بداية الثمانينات،لم تعد مسألة الصحراء تلعب دور كابح – وهذا أحد الأسباب الكامنة وراء الانفجارات الشعبية في عامي 1981 و1984 - ، وإن بقي موقف هذا الطرف أو ذاك بصدد شرعية مطالب جبهة البوليساريو أو عدم شرعيتها على حاله. بالمقابل، بقيت مشكلة الصحراء، على صعيد الطبقات الوسطى، عنصر جمود لأسباب إيديولوجية مرتبطة بكل تاريخ الحركة الوطنية المغربية، التي كانت تحت سيطرة البورجوازية منذ عام 1930. وتتوافق تماما مع الاديولوجية المخزنية المسيطرة على تاريخ المغرب من إدريس الأول إلى الحسن الثاني. لقد أعادت الحركة الوطنية المغربية (حزب الاستقلال بالتحديد) إحياء أسطورة ملكية موحِدة لم تكن في الواقع موجودة في التقاليد العميقة للشعب المغربي.
    أما اليوم فالمشاعر أكثر تشوشا في الأوساط الشعبية: لقد سئم الناس هذه الحرب لأنها تكلفهم غاليا، حتى على صعيد عدد الضحايا بالنسبة لبعض المناطق الفلاحية في البلد. وقد رأينا في الثمانينات أمثلة على هذا الملل ونوع من الإعجاب بنضال البوليساريو، لأنها كانت تتجرأ على مواجهة الحسن الثاني – كانت المظاهر الكبرى في المغرب، في يناير 1984 تتعلق بالتأكيد بمطالب الشعب، لكن المنشورات التي كانت تدعو إليها كانت تحيي أيضا نضال البوليساريو، من دون أن يعيق ذلك التعبئة.
    من جهة أخرى، ففي المناطق الامازيغية، حيث وعي الهوية يزداد حدة وحيث الأسطورة المخزنية لتاريخ البلد المستقيم النهج تلقى الرفض، ثمة نوع من التآخي مع نضال الشعب الصحراوي، لأنه ينسف بالضبط هذه الأسطورة. وهذا بديهي في منطقة الريف، ولدى الريفيين المهاجرين إلى هولندا أو بلجيكا.
    إذا كانت أفكارنا التي تسير عكس تيار الايدولوجيا المسيطِرة قد مارست جاذبية على الطلاب القاعديين، فليس مرد ذلك فقط لأننا كنا نعارض السلطة بصورة جذرية، بل كذلك لأننا كنا حازمين جدا بصدد مسألة الصحراء وحق تقرير المصير للشعب الصحراوي. كان هنالك دور للتعاطف مع نضال البوليساريو ضد النظام المغربي، لكن كذلك فكرة أن ذلك يضع شرعية الملكيَة موضع الاتهام.
    إن فكرة "مغربية" الصحراء أقوى بكثير في أوساط الطبقات الوسطى مما على مستوى الجماهير الشعبية. لكنها موضع اتهام في المناطق الناطقة بالامازيغية أو المناطق المهمشة وفي أوساط المناضلين الذين يرفضون الملكية، حتى من دون إقامة علاقة سببية مع المسألة الصحراوية.
    أما بخصوص المخاوف حيال دور الجزائر، فهي سيطرت ولا تزال تسيطر لدى قسم مهم من الحركة المغربية – ومن الواضح أن ثمة أسئلة يجب طرحها بهذا الخصوص. لقد كان دعم حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير مسألة مبدئية قبل كل شيء بالنسبة لمنظمة "إلى الأمام"، من دون أن تكون لنا أوهام حول النظام الجزائري. وهذا لا يعني أننا كنا نساوي بينه ويبن النظام المغربي، لكننا كنا نعي حدوده. إننا ندعم بالكامل نضال جبهة البوليساريو من حيث المبدأ. وهذا لا يعني أننا نعتبرها طليعة حركة ثورية إستراتيجية في المغرب العربي (المغرب، الصحراء الغربية، موريتانيا)، كما سبق أن كتبت شخصيا عام 1972. فالأمور أوضح الآن. في الواقع، تشكل جبهة بوليساريو أداة تبلور نضال الشعب الصحراوي، كما الحال مع م.ت.ف. بالنسبة للشعب الفلسطيني. وبالتالي، فإننا ندعمها، وأنا أدعمها شخصيا بالكامل ومن دون تحفظات في نضالها من أجل حق تقرير المصير.
    أنا اعتقد – لكن التاريخ ليس مرسوما سلفا إطلاقا- أن علينا بوصفنا مناضلين ثوريين أن نحاول استخلاص الطاقات الكامنة الايجابية في هذا التاريخ، في الوقت ذاته الذي نعي فيه تماما الاحتمالات السلبية. ويتمثل دورنا في العمل كي تتغلب الامكانات الايجابية على الإمكانات السلبية، فيما نعلم أن هذا ليس مضمونا.
    في رأيي أن الآفاق لكي تتطور هذه المنطقة بكاملها بصورة إيجابية لا تكمن فقط في ما هنالك من إيجابي في النضال التحرري لشعب الصحراء ولجبهة بوليساريو، بل كذلك في إمكانية رؤية المغرب يتقدم على طريق الديمقراطية والثورة الجذرية، وإذا في أن نكون قادرين على أن نساعد سياسيا القوى الايجابية في الشعب الصحراوي وجبهة بوليساريو للتغلب على المخاطر السلبية.
    ص.ج: أشرت إلى تقدم "إلى الأمام" على صعيد بعض أوجه المسألة الوطنية أو مسألة الهوية في المغرب، ولاسيما أخذ الهوية الامازيغية في الحسبان. لا بل وصفت المغرب في كتابات حديثة بالأمة (nation) العربية- الامازيغية. هل يمكن أن توضح ما تقصده بذلك: كيف تحدد العلاقة بين الهويتين العربية والامازيغية؟ وأخيرا، ما ذا تقصد بكلمة (nation) ؟ وأنا أرجع هنا إلى الجدال القديم حول الأمة العربية- كما هو معلوم لديك، هناك تمييز في اللغة العربية بين التعبير المستخدم للدلالة على الجماعات المتشكلة على مستوى الدول القائمة ("الوطن"، في الغالب) والتعبير الذي يدل على الهوية القومية على المستوى العربي (الأمة).
    أ.س: هذا السؤال أساسي تماما. وأنا أعتقد أن علينا جميعا، نحن الماركسيين العرب، أن نبذل جهدا بصدد هذه المسألة، فحتى الآن، كانت الرؤية الغالبة للمسألة القومية العربية برجوازية صغيرة، تقود إلى الكوارث التي نعرفها في سوريا وفي العراق، لكن كذلك في حركة التحرر العربية.
    للأسف، نحن لم نبلور رؤية بديلة. فالأحزاب الشيوعية العربية تميل إلى التقليل من شأن هذه المشكلة، وعموما فإن الحركات العربية المستقلة، الماركسية أو الماركسية- اللينينية، التي تشكلت في الثورة الفلسطينية أو اليمنية الجنوبية، تبعت إلى هذا الحد أو ذاك هذه الرؤية البرجوازية الصغيرة.
    في المغرب، فكرنا في المشكلة الامازيغية، لكننا لا نزال في بداية تفكير حول المسألة القومية، لا يمكن في رأيي أن يخوض فيه شخص واحد، أو حركة واحدة في بلد عربي واحد. يلزم بالضرورة تفكير إجمالي من جانب ماركسيي العالم العربي: إنها مهمة أساسية وملحة.
    إننا نعتقد، بخصوص المغرب، أنه تشكل فيه خلال ألوف السنين وطن عربي-أمازيغي، ليس مجرد تجاوز هويتين(أمازيغية وعربية)، بل هو الاندماج، الانصهار الوثيق بين الأساس الامازيغي للوطن المغربي، التي بدأت توضع أسسه قبل أربعة آلاف سنة، والمجلوب العربي. وفي الأخير نضم مجلوب الاسلام، في مكونه الشعبي، لا السنة ولا الشيعة، بل الثقافة العربية، التقدم الثقافي والاقتصادي الذي أدى إلى ازدهار العالم العربي في قرون الاسلام الأولى. ان الانصهار الوثيق العربي- الامازيغي قد تحقق في المغرب، على مستوى السكان والمناطق، وليس على مستوى الدول المركزية.
    علاوة على ذلك، يجب الانطلاق من مفهوم الأمة، الذي ليس مفهوما بسيطا، ولم تتم بلورته كفاية إلى الآن. إن مفهوم الأمة المسيطر يأتي من المثال الأوربي، وأنا لا أتكلم حتى على الدولة-الأمة، بل على الإحالة إلى الأمم الناجزة. والحال أن التاريخ لا يجري، في الواقع بهذه الطريقة. وإنني أعتقد شخصيا، أن الأمة هي دينامية: ففي البدء، هنالك الأشكال الأولى لتجاوز البنى القبلية- وهذا أمر لا يعني بالضرورة نفي هذه البنى.
    وفي العالم العربي، تختلف هذه السيرورة اختلافا واضحا للغاية عنها في أرويا، حيث الأمم تشكلت على قاعدة تدمير الأشكال ما قبل الرأسمالية: تتشكل أمم عن طريق تحول القبائل، لا عن طريق تدميرها. وحين تبدأ سيرورة التحول هذه، أعتقد أننا ندخل إلى الدينامية القومية.
    هذه الدينامية هي على مستويين في العالم العربي: مستوى يمكن تسميته "الوطن" كما في حالة المغرب، ومستوى شامل يسمى "الأمة". والمشكِلة هي أن الحركة القومية العربية نزعت إلى تصور مثالي لمفهوم الأمة، عبر تقديمه كما لو كان وجد بمعناه الحديث على الدوام (منذ الاسلام على الأقل) وعبر إرسائه على أسس مثالية: الدين واللغة. لقد ميزت الحركات ذات الاتجاه المسمى علمانيا كحزب البعث، عامل اللغة من دون تنحية الاسلام، لكن الامور بقيت عند هذه النقطة.
    وفي رأيي أنه يجب الانطلاق من امتداد جذور الأمم، وأولا في الانصهار الوثيق بين الجماعات الانسانية وأراضيها –وهذا واقع القبيلة. هذه الانصهارات الوثيقة يجري دمجها عند مستوى أعلى عن طريق خلق روابط تجارية، ثم أنوية مدينية، شبكة مدينة-ريف تخلق شيئا فشيئا أساس الأمة، بشكل لا يتمتع بالضرورة ببنيان سياسي، لكنه مبني اقتصاديا وكذلك ثقافيا، مع دعامة لغوية مشتركة، إلى حد ما. أعتقد أن الدينامية القومية يمكن هكذا على المدى البعيد جدا.
    لكن قبل الاسلام،
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي الجمعة نوفمبر 26, 2010 8:06 am

    عبد الحميد أمين: ابراهام السرفاتي منجم للأفكار وتاريخ نضالي مشرق
    الرباط:  عبد الحق الريحاني
    في هذا الحوار الذي أجرته «الاتحاد الاشتراكي» مع عبد الحميد أمين، الرئيس السابق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان ورفيق درب النضال لأبراهام السرفاتي، يتذكر أهم المحطات والمراحل التي عاشها مع هذا المناضل ، سواء في إطار تنظيم منظمة إلى الأمام أو فترة الاعتقال بالسجن المركزي بالقنيطرة، يتطرق كذلك لعدة أحداث أخرى كرجوع السرفاتي بعد منفاه القسري من فرنسا واستقباله بمطار سلا وفندق هيلتون، وموقفه المشرف من القضية الفلسطينية} اللقاء الأول مع أبراهام السرفاتي والمسيرة النضالية >> أول مرة سأسمع باسم المناضل أبراهام السرفاتي، بعد انخراطي في الحزب الشيوعي المغربي في بداية 1960 ، حيث كنت آنذاك طالبا في باريس، وعند التحاقي بالحزب الشيوعي المغربي هناك، بدأت أتعرف على مسؤولي وأطر هذا الحزب، ومن ضمنهم أبراهام السرفاتي الذي سألتقي به مباشرة في مطلع 1969، حيث جاء لباريس ليلتقي بعدد من المناضلين واعتقد انه كان آنذاك يتحدث باسم جمعية تسمى «جمعية البحث الثقافي»، كان قد أسسها بالمغرب مع عبد اللطيف اللعبي ومثقفين مغاربة آخرين، وكانت هذه الجمعية جمعية نقدية تحاول إبراز أفكار يسارية جديدة، سواء في المجال السياسي أو الثقافي، وآنذاك أحسست أن شيئا ما يتململ داخل حزب التحرر والاشتراكية الذي أسس كاستمرارية للحزب الشيوعي المغربي المحظور، ونحن كطلبة أحسسنا بنوع من الالتقاء مع هذه الأفكار، لأنه كانت لنا بعض المواقف النقدية من تجربة الحزب الشيوعي المغربي أثناء فترة الاستقلال وكذلك تجربة حزب  التحرر والاشتراكية . لكن السرفاتي سأعرفه أكثر وبشكل مباشر وثابت بعد  إنشاء المنظمة الماركسية اللينينية الف في 30 غشت 1970 التي ستصبح في ما بعد منظمة إلى الأمام، بعد حوالي سنتين ونصف ستأخذ اسم منظمة إلى الأمام،  منذ أكتوبر 1970 سيتم إدماجي في لجنة التنسيق الوطنية للمنظمة الماركسية اللينينية ألف في الهيئة القيادية لهذا التنظيم، وكنت ألتقي بالسرفاتي كأحد القادة البارزين أسبوعيا،  ولأن الاجتماعات  كانت تعقد بشكل سري ، لأن التنظيم لم يحظ بالشرعية القانونية ولم يكن أصلا  يبحث عنها باعتباره تنظيما ثوريا كان يعرف في جميع الأحوال من المستحيل الحصول على الشرعية القانونية. ففي نهاية دجنبر 1971 وفاتح يناير 1972 تم عقد الندوة الوطنية الأولى للتنظيم الماركسي اللينيني ألف، وكانت بمثابة مؤتمر لتنظيم أ  أفرزت لجنة وطنية وكتابة وطنية تتكون من أبراهام السرفاتي عبد اللطيف اللعبي، عبد اللطيف زروال وعباس المشتري وعبد الحميد أمين، فكانت هذه الكتابة الوطنية خماسية الأعضاء تجتمع أسبوعيا في السرية، وكان الاتصال بالرفيق أبراهام السرفاتي على الأقل أسبوعي، وبعد أسابيع قليلة من انعقاد الندوة، تم اعتقال عبد اللطيف اللعبي وأبراهام السرفاتي على خلفية الإضرابات الطلابية  التي عرفتها تلك السنة، فتم الإفراج عنهما بعد ما كانت الإضرابات الطلابية تطالب بالإفراج عنهما ولم يتم  اكتشاف انتمائهما لتنظيم المنظمة، وفي مارس 1972 تم الاعتقال مجددا لعبد اللطيف ، وكان البحث جاريا عن أبراهام السرفاتي مجددا لاعتقاله، لكنه هذا الأخير دخل في السرية، ظل يعمل منذ ذلك الحين، حتى أن تم اعتقاله، لكن نحن الأربعة في الكتابة الوطنية بقينا نشتغل، إلى حين اعتقالي بدوري في 29 مايو 1979، وكانت لنا اتصالات متقطعة معه من داخل السجن، وكان يبحث عنه بقوة، حيث في نهاية 1972 تم اعتقال أخته نفلين السرفاتي وتم تعذيبها بشكل وحشي لتجهر عن مكان اختفاء أخيها أبراهام السرفاتي، وبسبب التعذيب الوحشي الذي مورس عليها، توفيت مباشرة بعد ما خرجت من السجن. ففي نونبر 1974 سيعتقل  السرفاتي ، فبالنسبة لي لم أر السرفاتي منذ ما قبل اعتقالي بأيام، إذن كنت رأيته ثلاثة أيام أو أربعة أيام قبل اعتقالي في إطار اجتماعات الكتابة الوطنية لمنظمة ألف، ولم أراه مجددا إلا في  4 شتنبر 1979 في السجن المركزي بالقنيطرة ، حيث كنت أنا بحي جيم ، بينما السرفاتي كان معتقلا بحي ألف، و في 4 شتنبر سيتم جمعنا في نفس الحي ألف، وسنعيش معاناة السجن معا لمدة خمس سنوات، أي منذ 4 شتنبر 1979 إلى 23 غشت 1984 حيث سأخرج ضمن ما تبقى من المجموعة الماركسية اللنينية الأولى التي اعتقلت مطلع  سنة 1972، كنا خمسة أحمد حرزني وعبد اللطيف الدرقاوي، سيون أسيدون، باري وأنا شخصيا، كانت تلك المجموعة تضم في الأصل84 في محاكمتها.} عبد الحميد أمين وأبراهام السرفاتي خلال  خمس سنوات بالسجن المركزي بالقنيطرة >> عرفت السرفاتي أكثر خلال هذه الخمس سنوات التي قضيناها معا في السجن المركزي، حيث كانت هذه المدة خصبة على مستوى التعارف السياسي والإنساني، على المستوى السياسي، كنا نخصص وقتنا كمناضلين متشبثين باستمرار التجربة، فكنا نناقش نقطتين أساسيتين، أولا تقييم التجربة لتنظيم منظمة ألف والتي أصبحت فيما بعد منظمة إلى الأمام، وثانيا التفكير والعمل على إعادة بناء المنظمة،التي تم تفكيكها،اثر موجات القمع  المتتالية خلال سنوات  72 ، 74 ، 76 ، 77 ، التي أدت إلى تفكيك التنظيم، فبعد خروجي من السجن، العلاقات مع السرفاتي ستصبح متقطعة من جديد وخصوصا أنني شخصيا ركزت على العمل الجماهيري، سواء العمل النقابي وفيما بعد العمل الحقوقي. السرفاتي بدوره لم يخرج من السجن إلا في سنة 1991 بعد أن قضى  17 سنة من السجن، وكان قد حكم عليه آنذاك بالمؤبد، وخرج من السجن ليزج به في المنفى بفرنسا بدعوى أنه لا يحمل الجنسية المغربية، وإنما له الجنسية البرازيلية، وهذه كانت تخرجة من  وزير الداخلية السابق إدريس البصري من أجل التخلص من أبراهام السرفاتي، نظرا للضغط الحاد للمطالبة بإطلاق سراحه في تلك الفترة، حيث سيقضي أبراهام السرفاتي ثماني سنوات في المنفى، أي سيقضي 25 سنة مابين السجن بالمغرب و المنفى بفرنسا، وأرجع من المنفى بعد أن أصبح محمد السادس ملكا للمغرب ببضعة أسابيع. } رجوع أبراهام السرفاتيالمنفى إلى المغرب >> السرفاتي ناضلنا كثيرا من أجل رجوعه، حيث تشكلت لجنة للمطالبة  برجوعه من منفاه القسري إلى بلاده ولم يتحقق ذلك إلا بعد أن أصبح محمد السادس ملكا للبلاد. كنا قد سمعنا بأن السرفاتي حين رجوعه إلى المغرب من فرنسا، سينزل في طائرة بمطار سلا، فذهبنا ثلاثة مائة مناضل لاستقباله في المطار، وكان هناك في ذلك اليوم وفد رسمي من بين أعضائه حسن أوريد، فكان صراع  كبير حول مع من سيذهب السرفاتي؟ هل مع الوفد الرسمي أم مع المناضلين، وأتذكر أن السلطات منعتنا من الدخول إلى المدرج الخاص بالمطار، لأن السرفاتي لم يخرج، وأنا شخصيا كانت لي مشادة كلامية مع حسن أوريد على أن رجوع السرفاتي للمغرب قد رجع بفضل نضالنا وليس بمبادرة أي كان ، وفي آخر المطاف دخلت ووجدت السرفاتي مع زوجته كريستين في سيارة،  وطرحت عليه نفس السؤال، لكن زوجته قالت أنت ترى أن هناك وفدا رسميا معنا سيذهب بنا إلى الفندق، وفي الحقيقة كان الموقف مؤسفا، وأحسسنا بخيبة أمل وبعد تردد كبير قررنا الذهاب كمناضلين إلى فندق  هلتون، حيث نزل السرفاتي وجاء لزيارته بعض الرسميين آنذاك كعبد لرحمان اليوسفي والوزراء في إقامته، وكان عدد المناضلين كبير جدا مما اضطر أبراهام السرفاتي للخروج إلى بهو الفندق لاستقبالهم، وأخذ الكلمة التي كان مضمونها الأساسي يرتبط برجوعه بمبادرة جلالة الملك وأكد أنه يراهن على الملك الشاب والعهد الجديد من أجل ديمقراطية البلاد وفتح عهد جديد، فهذا الخطاب لم يعجب جل المناضلين، بل وبعضهم من غادر القاعة وأتذكر من بينهم عبد العزيز المنبهي الذي قال كلمة « الله يعاونا ويعاونك»، لكن بعد ذلك سيعود  إلى القاعة، وأنا شخصيا شعرت بإحراج كبير، وأخذت الكلمة عمليا باسم الحضور، وقلت  أولا على أن السرفاتي رجع إلى المغرب بفضل نضالات  الديمقراطيين بالمغرب والخارج ، وأكدت أن رجوعه لم يكن منة من أحد، وشددت كذلك على أن السرفاتي الذي نستقبله اليوم هو المناضل التقدمي ضد المخزن ومن أجل الديمقراطية، هو السرفاتي الذي انحاز للطبقة العاملة، في نضالاتها والذي فقد عمله نتيجة انحيازه للطبقة العاملة، وهو السرفاتي ضحية النظام السياسي المغربي، سبعة عشر سنة من السجن و8 سنوات من المنفى، ووضعنا الأمور في نصابها حتى يشعر الجميع، أننا وإن كنا لا نزكي ما قاله السرفاتي، نقدر في السرفاتي نضاليته وكفاحيته ودوره التقدمي في البلاد.   } علاقة عبد الحميد أمين بأبراهام السرفاتي بعدرجوعه إلى المغرب >> بعد هذه المحطة علاقة السرفاتي بقيت علاقة فاترة، كانت له مشاكله، وأنا شخصيا كانت لي مشاغلي الكثيرة في العمل النقابي، فأنا لم يكن لي دور مهم في إنشاء النهج الديمقراطي، و مع ذلك اعرف أن السرفاتي لم يلتحق بالنهج، وظل يراهن على أن العهد الجديد يمكن أن ينتج عنه دمقرطة البلاد في ما كان يسمى بالانتقال الديمقراطي.   } أبراهام السرفاتي منجم للأفكار >> السرفاتي منجم للأفكار، فهو إنسان ينتج الكثير من الأفكار، طبعا قد تكون خاطئة أو صحيحة، لكن يجب دائما المناقشة معه حتى تظل أفكاره مرتبطة مع الواقع، فيجب دائما أن تأخذ الحيطة إذا ما كانت نظرياته ملتصقة مع الواقع وقادرة للتطبيق، أما بالنسبة للخلافات فلقد كنا ندبرها بشكل ديمقراطي، فمن بين القضايا الأساسية التي كانت تشغلنا في السجن وبشكل مختزل ثلاثة أصناف: أولا تقييم التجربة، فكان الصنف الأول من يعتبر أن التجربة كانت فاشلة وأننا أخطأنا وأن لا مجال في الاستمرار، والصنف الثاني يرى أن التجربة كانت ايجابية ويجب الاستمرار فيها كما هي ويجب الاحتياط كي لا يتمكن القمع من إجهاضها، فحين يعتقد الصنف الثالث أن التجربة ايجابية ويجب الحفاظ على خطها العام، لكن فيها أخطاء يجب تجاوزها وتصحيحها   } ما يحتفظ به عبد الحميد أمين عن أبراهام السرفاتي >> ما أحتفظ به عن الرفيق أبراهام السرفاتي أولا دوره الوطني في مناهضة الاستعمار الفرنسي، حيث اعتقل بسبب مناهضته للاستعمار في الانتفاضة العمالية 1952 على إثر اغتيال القائد فرحات حشاد، اعتقل وُعذّب وتم نفيه إلى فرنسا ولم يعد إلا بعد أن نال المغرب استقلاله، ما أحتفظ به عن السرفاتي دوره في مناهضة المخزن والقمع ودفاعه عن الديمقراطية الشعبية الاجتماعية السياسية والاقتصادية، وكذلك دوره في الدفاع عن الطبقة العاملة والمنحاز إلى قضاياها والمدافع عن مطالبها، حيث كان يشتغل كمسؤول بالمكتب الشريف للفوسفاط، واتخذ موقفا مساندا لإضرابات الفوسفاطيين، مما تسبب له في مشاكل مع إدارة المؤسسة، دون أن نغفل دوره في تصحيح مسار الحزب الشيوعي المغربي بآرائه النقدية من خلال تاريخه أثناء الفترة الاستعمارية أو بعد انتهاء فترة الحماية، وكنا نعتبر أن هذا الحزب ليس له دور جدري في مناهضة الدولة المخزنية، فالسرفاتي كان ضمن المنتقدين لهذا المسار ومن تم  كان تأسيس منظمة ألف.   } أبراهام السرفاتي والقضية الفلسطينية >> مسألة مهمة جدا لا بد من تسجيلها للسرفاتي، ألا وهي دوره الكبير في دعم المقاومة الفلسطينية، حيث نعرف أن السرفاتي كيهودي يساند الفلسطينيين، فهذا يمكننا من التمييز بسهولة ما بين الصهيونية كحركة أفرزتها الامبريالية العالمية واليهودية كديانة وكثقافة. فكون العديد من المناضلين اليهود المغاربة، اسيدون، السرفاتي، ريمون بنعيم، ادمون المالح وشمعون ليفي يساندون القضية الفلسطينية، فهذا يساعد على توضيح طبيعة الصراع ما بين الفلسطينيين والصهاينة بطبيعته، صراع تحرري ضد الاستعمار الصهيوني وليس صراع ديني. وصمود السرفاتي واستمراره في النضال من داخل السجن من أجل التحرر الوطني والديمقراطية والاشتراكية، فالسجن بالنسبة له لم يكن محطة للراحة وإنما محطة نضالية ذات طبيعة خاصة، وهذا كان له دور كبير بالنسبة للمناضلين خارج السجن.   } كريستين زوجة السرفاتي >> أما بالنسبة لزوجته كريستين، فقد تزوج بها من داخل السجن، فزواجه لم يكن بسهولة من السلطات المغربية، حيث لم تسمح بذلك، فكريستين قبل أن تكون زوجته، كانت رفيقة الدرب ومناضلة وقدمت الكثير من المساعدات للمناضلين داخل المنظمة، فالسلطات عرقلت زواجهما معا، فلم يكن هذا الزواج ربما إلا بعد تدخل زوجة الرئيس السابق لفرنسا فرانسوا ميتران لتسهيل ذلك، عانت معه الكثير وظلت منذ مطلع الستينات إلى الآن.           } كلمة أخيرة >> أتمنى له الشفاء العاجل، وأتمنى من المناضلين المغاربة أن يعتمدوا على جوانبه المشرقة في حياته ومساره النضالي من أجل التحرر الوطني والديمقراطي والاجتماعي للشعب المغربي.
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي الإثنين ديسمبر 06, 2010 12:54 am

    أبراهام سرفاتي.. سنوات السجن والمنفى




    مقدم الحلقة:
    سامي كليب
    ضيف الحلقة:
    أبراهام سرفاتي/ معارض مغربي

    تاريخ الحلقة:
    16/07/2004

    - سبب جلوسه على كرسي متحرك
    - سرفاتي ومناهضته للصهيونية
    - أسباب الاعتقال والسجن
    - تعذيب تعرض له في السجن
    - محاكمته بتهمة الخيانة العظمى
    - موقفه من صحراء المغرب
    - الصدام مع رفاق السجن




    سامي كليب: مرحبا بكم أعزائي المشاهدين إلى حلقة جديدة من برنامج زيارة خاصة تنقلنا هذه المرة إلى مراكش ضيفنا الذي يقيم هنا أمضى في السجن أكثر من سبعة عشرة عاما وهاربا من وجه العدالة أكثر من عامين ونصف ومنفيا إلى فرنسا أكثر من ثماني سنوات، ذنبه أنه تحدى العرش المغربي مرارا ولم تسعفه طائفته اليهودية لأنه ناصر القضية الفلسطينية وعارض الصهيونية، إنه المعارض المغربي الشهير أبراهام سرفاتي.

    سبب جلوسه على كرسي متحرك

    يهودي الديانة هو يساري متطرف بالمعنى السياسي للتطرف إذا ما اعتمدنا على سبب انشقاقه عن الحزب الشيوعي المغربي وتأسيسه منظمة إلى الأمام، أبراهام سرفاتي الذي يجرجر نفسه اليوم على كرسيه المتحرك والذي سُجن وعُذب في خلال التحقيق معه لم يشأ بعد خروجه من السجن أن يقبل المنفى الفرنسي بل كافح مع زوجته الفرنسية السيدة كرستين للعودة إلى المملكة والعيش في منزله المتواضع في مدينة مراكش العابقة بسحر التاريخ وروعة التراث وقد وددت في بداية الحديث أن أسأل أبراهام سرفاتي عن سبب جلوسه على الكرسي المتحرك هل السجن هو الذي أقعده؟

    أبراهام سرفاتي: هذه قصة قديمة حدث معي ذلك عندما كنت في السجن لحسن الحظ كنت قد بلغت الخمسين حينها لكن أعتقد أن السبب هو مرض وراثي نادر شَخَّصه لي طبيب فرنسي في باريس حين كنت منفيا هناك.

    سامي كليب: إذاً لا علاقة لذلك بالسجن؟


    أقعدني مرض وراثي نادر، والفترة التي قضيتها في السجن لم تكن السبب في المرض، بل ربما سارعت في تطوره

    أبراهام سرفاتي: أعتقد أن المفوضية أو ما كنا نطلق عليه اسم ضرب حيث التعذيب وما إلى هناك أعتقد أنها ربما تكون قد زادت أو سارعت من تطور المرض لكن أصل المرض لم يكن السجن.

    سامي كليب: طبعا لا يمكن أن نفهم سيد سرفاتي قصتك دون أن نقرأ أيضا تاريخ والدك فقد قرأت أنه كان يساريا وأحد رفاقه وهو إيف فارش أصبح فيما بعد مسؤولا في اليسار الفرنسي ولكني قرأت أيضا أن والدك كان ينتمي إلى الماسونية، هل هذا صحيح؟

    أبراهام سرفاتي: الأمران صحيحان وتحديدا انتماؤه إلى البناءين الشرفاء أو الماسونية وحدث ذلك في البرازيل حيث انتمى على محفل ماسوني وعند عودته إلى المغرب لا أعتقد أن الماسونية كانت منتشرة حينها لكن عند عودته قام هو وإيف فارش الذي كان أول رئيس للمجلس الوطني للمقاومة في فرنسا في العام 1945 والذي كان منتميا إلى الحزب التقدمي وكان ممثلا تجاريا قاما معا بالإضافة لآخرين بالتأكيد في عام 1926 أي في سنة ميلادي قاما بالمشاركة هنا في المغرب بمظاهرة على المستوى العالمي للمطالبة بالحفاظ على حياة ساكو وفانزيتي اللذان كانا ينتميان إلى الحركة الفوضوية الأميركية اللذان صدر بحقهما حكم بالموت حيينها إذاً فقد كان دائما تقدميا.

    سرفاتي ومناهضته للصهيونية

    سامي كليب: ولكن القصة التي لفتتني أكثر من غيرها حين كان عمرك عشرة أعوام ذهبت مع والدك إلى كنيس يهودي وكنتما تجلسان خلف رجل يهودي مؤمن ويصلي وما إلى ذلك قال لك والدك ما حرفيته سأحاول أن أترجم أحذر يا ولدي هذا الرجل إنه وصولي إنه صهيوني والصهيونية مناقضة لديانتنا، أعتقد أن هذا ما أثر عليك فيما بعد في خياراتك السياسية تحديدا حيال مسألة الصهيونية؟


    الأفكار الصهيونية لم تترسخ جديا عند اليهود المغاربة قبل الأعوام 1948 و1949

    أبراهام سرفاتي: بالتأكيد لقد أثر ذلك في طوال حياتي لكن في الوقت نفسه يجب التطرق للوضع العام في الثلاثينيات وأوائل الأربعينيات كانت الصهيونية موجودة فقط في العقول الصغيرة كان لدى ذلك الرجل، لكن في الواقع فإن الغالبية العظمى من اليهود المغاربة لم تكن صهيونية ربما أراد الكثير منهم التشبه بفرنسا والثقافة الفرنسية على أية حال كانت المدارس اليهودية تُعلم باللغة الفرنسية لكن لم تترسخ الأفكار الصهيونية جديا قبل الأعوام 1948 و1949.

    سامي كليب: أنت كنت سيد أبراهام سرفاتي يعني طيلة حياتك حتى الآن على الأقل مناهضا للصهيونية كفكرة، كفكرة سياسية ولكن أيضا كفكرة مرتكزة إلى الدين ما الذي دفعك إلى هذا الخيار السياسي المناهض للصهيونية؟

    أبراهام سرفاتي: عند الاستقلال في العام 1956 كانت الغالبية العظمى المغاربة مؤيدة للاستقلال متفقة في ذلك مع الإخوان المسلمين المغاربة.

    سامي كليب: باستثناء طبعا الطبيب ليون بنزاكين الذي أصبح أول وزير في أول حكومة مغربية فيما بعد الاستقلال هو الوحيد ربما الذي لم يوقع على وثيقة الاستقلال وهنا طرح السؤال آنذاك كيف أن رجلا يناهض الاستقلال ولا يوقع على بيان الاستقلال ويصبح وزير في أول حكومة مغربية؟

    أبراهام سرفاتي: كان ذلك أكبر خطأ ارتكبه ليون بنزاكين وهو لا يمت لعائلتنا بصلة مباشرة إنه من أبناء العم البعيدي القربة رفض التوقيع عندما طُلِب منه ذلك ليس لأنه كان صهيونيا بل لأن الإشهار بهذه الوثيقة يعني انقطاعا للعلاقات مع فرنسا وهو انقطاع له ما يبرره لكن بنزاكين لم يكن يريد الوصول إلى قطع العلاقات مع فرنسا لهذا السبب لم يوقع الوثيقة وكان ذلك أكبر خطأ ارتكبه في حين أنه كان الشخصية الرئيسية في المجتمع اليهودي المغربي وكان صديقا للملك محمد الخامس.

    سامي كليب: على كل حال كتبت آنذاك وهنا أود فقط أن أوثق ما تقول ببعض الكتابات الصادرة عنك تقول نحن اليهود المعارضون للصهيونية في العالم علينا أن نساهم في جهد الثوريين العرب لكي لا نقع في فخ العنصرية عنصرية الصهيونية التي تسميها آنذاك وتقول أيضا أنه حين أكون عربيا يهوديا فهذا يعني أني يهودي لأني عربي وأني عربي لأني عربي يهودي وهذا ما ناضلت لأجله على كل حال طيلة حياتك.

    أبراهام سرفاتي: أنا أنتمي إلى الجيل الذي عاش فترة الصداقة اليهودية المسلمة إلى الجيل الذي عاش اندفاع المجتمع المغربي بأكمله مسلم ويهودي باتجاه بناء المغرب المستقل.

    سامي كليب: على كل حال أنت في عام 1967 يعني عشت نوعا من التمزق بين هويتك اليهودية من جهة اليهودية المغربية والدفاع عن القضية الفلسطينية وعن القضايا العربية بشكل عام هذا طبعا قلب عليك جزءا من عائلتك ولكن كيف استطعت أن تعيش هذا التمزق بين الجانبين؟

    أبراهام سرفاتي: لم أكن مع الحركة القومية العربية لكنني كنت مع الحركة القومية الفلسطينية كمحرر لوطنه وانطلاقا من هذه النقطة فقد كنت بالكامل أقف إلى صف المقاومة الفلسطينية.

    سامي كليب: يعني لكي نختصر موقفك بالنسبة للصهيونية أنت كنت ضد الصهيونية لأنها كانت بالنسبة لك نظرة عنصرية وليس لأي شيء آخر؟


    يهود فرنسا وإنجلترا وأميركا يدعمون الصهيونية تحقيقا للمصالح الإمبريالية للولايات المتحدة وليس من باب تضامنهم مع اليهود في إسرائيل

    أبراهام سرفاتي: كانت حركة عنصرية واستعمارية، بالنسبة لي كانت فلسطين للفلسطينيين والعقيدة الصهيونية التي ترجع إلى أواخر القرن التاسع عشر هي عقيدة ظهرت بين اليهود البولنديين الذين عانوا مجازر العنصرية لكن لم تكن الحل الوحيد الذي وجده اليهود البولنديون واليوم فإن اليهود الفرنسيين والإنجليز وحتى الأميركيين وإن كانوا يدعمون الصهيونية فإنهم لا يؤمنون بها والأميركيين أكثر من غيرهم، لكنهم يدعمونها مع ذلك ليس من باب تضامنهم مع إخوانهم اليهود في إسرائيل وإنما تحقيقا للمصالح الإمبريالية للولايات المتحدة الأميركية وبالفعل قد اشترطت الولايات المتحدة تقديم المساعدات للمغرب بهجرة اليهود منها.

    سامي كليب: هل رفاقك في اليسار المغربي يتحملون جزءا من مسؤولية رحيل اليهود عن المملكة؟

    ابراهام سرفاتي: هذا سؤال عميق وتصعب الإجابة عليه في السجن اقترنت بكرستين وكما تعلم ففي المغرب على المرء أن يتزوج زواجا دينيا سواء أكان مسلما أم يهوديا لذلك قام حاخاما بتزويجنا في السجن وفي غرفة جانبية..

    سامي كليب: عام 1986 .

    أبراهام سرفاتي: نعم ونصف زملائي في السجن تقريبا وهم كانوا تقدميين لم يكونوا موافقين على إقامة الحفل الديني.. لا كان ذلك قبل الزواج كان ذلك عندما توفيت والدتي أنا لست بمؤمن ملتزم لكن عندما توفيت والدتي في العام 1982 عقدت العزم على احترام الطقوس اليهودية وهي تقضي بألا نحلق ذقوننا طوال شهر ومن ثم نرفع صلاة عند وفاة أحد الوالدين لذلك رفعت تلك الصلاة، نصف رفاقي الذين كانوا من الماركسيين ولم يكونوا يكنون الاحترام للمؤمنين عارضوا فكرة ممارستي للطقوس لكنني بالطبع لم آخذ برأيهم ومن جهة أخرى تفهم النصف الآخر من رفاقي بادرتي كانت تلك إحدى الصعاب التي واجهتها في السجن.

    سامي كليب: معارضة أبراهام سرفاتي للصهيونية وكفاحه إلى جانب الفلسطينيين وقضيتهم كل ذلك لم ينجِّه من السجن فالشاب اليساري الهوى الشيوعي الفكر أتهم مرارا بتهديد أمن الدولة رغم أن شهادته العلمية كانت قد أوصلته إلى منصب رفيع في الإدارة المتعلقة بالفوسفات واعتقل للمرة الأولى عام 1962 حين حاول الدفاع عن طلابه في مدرسة المهندسين واعتبر ذلك أول مواجهة فعلية بينه وبين رجل الأمن الأول في البلاد وظل الملك على الأرض آنذاك الجنرال محمد أوفقير.

    أبراهام سرفاتي: بالطبع كنت معروفا كمناضل يساري وبالإضافة لمنصبي الأساسي كمدير لمكتب الفوسفات كنت أعطي دروسا في استثمار الآبار في المدرسة المحمدية للهندسة حدث الأمر في اليوم الأول للانتخابات التشريعية الأولى في المغرب عندما دعا اليسار إلى مقاطعة الانتخابات كان ذلك صباح يوم أحد وجاء أحدهم ليقول لي أن الشرطة قد احتلت المدرسة المحمدية للهندسة وكان الطلاب قد صعدوا على السطح وكانوا يلقون قصاصات معارضة للانتخابات وكانت الشرطة قد جاءت لذبحهم بكل ما للكلمة من معنى وإلى المكان وتوجهت إلى المدير كنت أعرفه وكان صديقا لي فقال هذه كارثة لكنه لم يضف شيئا توجهت إلى السلالم فقد كان الطلاب على السطح صعدت كي أراهم بينما كانت الشرطة تحاول إنزالهم بالقوة بدأت أحتج وأصرخ فأنزلوني بالقوة أيضا في الأسفل كان يقف الجنرال أوفقير لا أعرف إن كان قد رقي لرتبة جنرال حينها توجهت مباشرة نحوه وقلت له لا يحق لك فعل هذا أوفقير لم يكن يعرفني لم يعرف ما إذا كنت مغربيا أم فرنسيا لو عرف أنني مغربي لأرسلني مباشرة إلى قسم الشرطة أو السجن قال لي أخرج من هنا يا سيدي أو شيء من هذا القبيل لم يكن بوسعي سوى تنفيذ ما قاله والخروج لكن بعد ذلك بساعتين جاءت شاحنة شرطة وأوقفوني وقادوني مباشرة إلى مكتب أوفقير يجب أن أروي هذا سألني كم تجني من العمل في مكتب الفوسفات وفي ذلك الوقت كنت أجني ما يقارب ثلاثمائة ألف فرنك فقال لي عليك أن تتلقى كل صباح ثلاثمائة ألف ضربة بالعصا.

    أسباب الاعتقال والسجن

    سامي كليب: في عام 1965 تعرضت مرة ثانية للاعتقال هل تذكر ماذا كان السبب آنذاك؟

    أبراهام سرفاتي: أوفقير كان شخصا ذا مخيلة واسعة أدعى في بداية العام 1965 وجود مؤامرة وأنتبه جيدا إلى هذا مؤامرة صهيونية وقومية عربية فقام أوفقير بأسر العديد من المعلمين السوريين والمصريين الذين جاؤوا إلى المغرب كونهم يمثلون القومية العربية كما قام أيضا بإيقاف بعض الشيوعيين اليهود فقد كانوا يشكلون هم أيضا تهديدا في المغرب وهكذا أمضيت عشرة أيام في زنزانة المفوضية في الرباط.

    سامي كليب: سيد أبراهام سرفاتي فهمت من بعض كتاباتك أن التسوية التي كادت تقوم بين السيد عبد الرحيم بوعبيد طبعا القيادي اليساري آنذاك والملك الحسن الثاني هي التي ساهمت بصورة غير مباشرة في تسهيل اغتيال المهدي بن بركة في فرنسا يعني ما الذي عنيته بهذا الأمر؟

    أبراهام سرفاتي: نعم هذا ما توصلت إليه بعد تحليل ما حدث بين نهاية آذار عام 1965 واغتيال المهدي بن بركة في التاسع والعشرين من تشرين الأول من العام نفسه وفي تلك الفترة لعب الحسن الثاني بشكل جيد، في آذار عام 1965 بعد اضطرابات الدار البيضاء كان اليسار المغربي وتحديدا الـ (UNFB) يقبض على زمام الأمور في ذلك الوقت كان المهدي بن بركة ما يزال حيا وما يزال يعيش في الخارج وكان حزبه يطالب بعودته كان الـ (UNFB) لديه وسائل الضغط لكن وبدلا من ممارسة الضغط على النظام من خلال دعم الشعب في الشارع قام عبد الرحيم بوعبيد بإصدار توجيهاته بتهدئة الأمور مستندا إلى الوعد الذي قطعه الحسن الثاني بإعادة المهدي بن بركة إلى الوطن والسماح وهنا أستشهد بكلمات عبد الرحيم نفسها السماح للـ (UNFB) بتأليف حكومة اشتراكية بالكامل.

    سامي كليب: بوعبيد صدّق الحسن؟

    أبراهام سرفاتي: وصدقه بو عبيد لم يصدقه فحسب بل أقنع المهدي بن بركة بذلك كما أنه في تلك الفترة كانت تصدر عن الملك الحسن الثاني تصرفات تشير إلى أنه يتجه نحو الحكومة الاشتراكية المستقبلية مثل تأميم تجارة الخضار والفواكه وأشياء كثيرة من هذا القبيل في الواقع يتقاسم كل من الحسن الثاني وأوفقير المسؤولية..

    سامي كليب [مقاطعاً]: في اغتيال بن بركة..


    العلاقة بين الحسن الثاني وأوفقير كانت علاقة شراكة وتواطؤ، ويبدو أن محاولة إعادة المهدي بن بركة إلى المغرب كانت بهدف اغتياله

    أبراهام سرفاتي [متابعاً]: لا أدري إن كان حسن الثاني ينوي فعلا إعادة المهدي بن بركة إلى هنا أم أنه كان يريد عودته كي يغتاله أم أن أوفقير قد تجاوز الأوامر المعطاة لا أدري فعلا فكل ما نعرفه هو أن العلاقة بين الحسن الثاني وأوفقير لم تكن علاقة تابع ومتبوع بل كانت علاقة شراكة وتواطؤ على أي حال وفي تلك الفترة أي بين نهاية شهر آذار ونهاية شهر تشرين الأول بُذِل كل شيء بهدف إعادة بن بركة كي يصبح القائد الأساسي للحزب الرئيسي الذي كان سيستلم زمام السلطة لكن في الحقيقة كان ذلك فخا ومن الواضح أن بوعبيد قد وقع فيه وهكذا لعب الحسن الثاني دوره جيدا.

    سامي كليب: خلافا للمهدي بن بركة الذي طبعا غادر البلاد لكي لا يقع في الفخ الأمني الذي كان منصوبا له هنا في الداخل أنت بقيت في المغرب لم تغادر ولكن في عشرة نوفمبر من عام 1974 تم اعتقالك قبل الاعتقال هربت سنتين وتخفيت في المغرب وساعدتك زوجتك الحالية كرستين على التخفي مع بعض الفرنسيين آنذاك كيف نجحت في أن تختبئ سنتين وكيف تم اعتقالك فيما بعد؟

    أبراهام سرفاتي: أذكر أنه في شهر آب أغسطس في عام 1970 قلت لرفاقي الذين شكلوا نواة حركة إلى الأمام ومازلت أذكر الجملة قلت لهم (كلمة بلغة أجنبية) أي القائد الأميركي الأسود الذي تم اغتياله قلت لهم إننا سنُطلق فكرة ثورية وبما أننا سنكون قلة في البداية فإن السلطة ستعمد إلى اغتيالنا لكن هذا لا يهم سنطلق الفكرة وهي ستجد طريقها هذه ما قلته في أغسطس آب من عام 1970.

    سامي كليب: كل الذين كانوا معك وافقوا على هذا الأمر الانتحاري إذا صح التعبير؟

    أبراهام سرفاتي: كان عددنا نحن المؤسسون حوالي خمسة أو ستة وقد انسحب أحدنا.

    سامي كليب: مَن؟

    أبراهام سرفاتي: لا لن أبوح باسمه رأفة به لكن الخمسة الآخرين قبلوا الخوض في التجربة.

    سامي كليب: هل لا يزال على قيد الحياة؟

    أبراهام سرفاتي: نعم.

    سامي كليب: كيف استعطت أن تتخفى آنذاك لمدة سنتين أو سنتين ونصف تقريبا في دولة كانت آنذاك دولة بوليسية دولة شرطة؟

    أبراهام سرفاتي: كانت فترة مثيرة جدا وعليَّ أن أعترف أن كرستين قد لعبت دور مهما جدا خلال تلك الفترة سواء تجاهي أو تجاه المنظمة بشكل عام لكن تجاهي أنا على وجه الخصوص كان من السهل العثور علي فقد كنت شابا ولم أكن مقعدا في ذلك الوقت كما أنني لم أكن أتكلم العربية على نحو جيد كل هذا جعل العثور علي أسهل من غيري كان لي صديق فرنسي وعندما غادر إلى فرنسا ترك لي شقته ليس هذا فحسب بل ترك لي أيضا بطاقة هويته وهكذا تنكرت على هيئة رجل فرنسي بلحية فرنسية وليس كلحية المسلمين ثم أطلقت العنان لشعري وأشياء أخرى وارتديت مثلا نظرات زجاجية غير طبية وهكذا استطعت الصمود لمدة عامين مع رفيقين لي كانا أيضا هاربين.

    [فاصل إعلاني]

    تعذيب تعرض له في السجن

    سامي كليب: اختفى أو تخفى أبراهام سرفاتي عامين كاملين ولكن في العاشر من شعر تشرين الثاني/نوفمبر من العام 1974 تم اعتقاله وعثرت الاستخبارات المغربية على ورقة في جيبه ساعدت على الكشف عن مخبأ عدد من رفاقه، أبراهام سرفاتي الذي يعيش اليوم مع مرافقة المغربي في منزله المراكشي والمتكأ على سنوات عمره يحاول أن ينسى فترة السجن والتعذيب وهو تجنب مرارا الحديث عنها وفي الواقع ترددت كثيرا قبل أن أطرح عليه السؤال احترما لعمره حول ما تعرض له من تعذيب ولكن ربما الحديث عن تلك التجربة الإنسانية الصعبة يفيد الأجيال التي لم تعد تعرف عن الرجل سوى خلافه مع السلطة ولذلك سألته بداية إلى أين اقْتِيد ليلة القبص عليه؟

    أبراهام سرفاتي: وجدت نفسي مباشرة في المكتب الرئيسي لأبونا شريف وهو مكتب ضخم أذكر أنه في ذلك الوقت استقبلني يوسف خضور مع جميع معاونيه.

    سامي كليب: طبعا ليس من السهل تذكر كل ذاك العذاب وليس من السهل الدخول في التفاصيل ولكن أود فقط أن نعطي فكرة للذي يشاهدنا اليوم كيف أن مناضلا كبيرا مثلك تعرض للتعذيب مثل أي سجين أو مجرم آخر؟

    أبراهام سرفاتي: سأقول لك إنه خلال فترة طويلة طوال سنين طويلة لم أستطع الكتابة حول هذا الموضوع وأول مرة تطرقت فيها للموضوع كانت في عدد من مجلة تون مودرن أعتقد أن ذلك كان في عدد نيسان من عام 1986 وفيها تحدثت عن تلك الفترة لأول مرة ثم أدرجت ذلك المقال في كتاب صغير صدر قبل عودتي إلى المغرب بعام واحد لا أدري إن كان لا يزال موجودا هنا لكنني أوردت ذلك النص فيه، التعذيب لا يقتصر على عمل واحد بل هو سلسلة من الأحداث يحاول الجلادون من خلالها حط الإنسان إلى أدنى المستويات يحولون الإنسان من كونه إنسانا إلى أي شيء آخر.

    سامي كليب: كيف بأي وسائل؟


    رجال الشرطة في الرباط ليسوا سوى هواة مقارنة بمن أطلق عليهم اسم الكتيبة الوطنية للشرطة الجنائية

    أبراهام سرفاتي: حتى الآن يصعب الحديث عن ذلك لكن المهم في الموضوع هو أنهم كانوا مختصين في التعذيب عرفت ذلك لأنه تم إيقافي للمرة الأولى في شهر كانون الثاني عام 1972 ثم إطلاق سراحي لأنه لم يكن لديهم شيء ضدي لكنني مع ذلك تعرضت للتعذيب حينها وبالمقارنة بين المرتين أقول إن رجال الشرطة في الرباط ليسوا سوى هواة مقارنة بما كان يطلق عليه أسم الكتيبة الوطنية للشرطة الجنائية لا أدري ماذا يلقبون اليوم لكن في ذلك الوقت كانوا مركز التعذيب الأنجح في المغرب، على أية حال فهم تلقوا تدريبهم في أماكن مثل الولايات المتحدة وأميركا الجنوبية وربما فرنسا لست أدري، إذاً هذا هو الهدف، أحد الأدوات الرئيسية كانوا يطلقون عليها أسم صهوة الجواد أو شيء من هذا القبيل كانوا يمررون قضيبا تحت الركبتين ويتم ربط المرء أعني يتم وضع اليدين على هذا النحو ثم يمرر قضيبا بين الذراع وأسفل الركبة بالطبع يربطون اليدين ثم يتم تعليقه بهذه الوضعية على قضيب ثابت بين قائمتين وعندها يمكن أن يحدث أي شيء يمكن أن يضربونك على بطن قدميك يجبرونك على شرب المياه المالحة أو حتى مياه حامضية في بعض الأحيان والعديد من الأمور هناك أسلوب آخر لا يقل ألما عن سابقة ويسمى أسلوب الطائرة يتم فيها تعليق المرء بالمقلوب من ذراعية وساقية ويعلق على شكل قوس وما يؤلم فعلا هو العمود الفقري فهو الذي يرسم شكل القوس وتشعر أن عمودك الفقري على وشك التحطم، تحملت عدة جلسات كهذه على مدى حوالي خمسة عشر يوما وبعد خمسة عشر يوما..

    سامي كليب: 11 يوما.

    أبراهام سرفاتي: نعم أحد عشر يوما ارتفع ضغطي إلى 22 أو 23 درجة فالمرء لا يصمد إذا بلغ ضغطه الـ 24 أو 25 ينهار بعدها اصطحبوني إلى المشفى في الرباط كنت في الدار البيضاء وكنت سأختلط بالناس مع العاملين في المشفى لذلك نقلوني حرصا على أن لا يتعرف علي أحد وعلى أن يبقى الأمر سرا وللغاية نفسها وضعوا شرطيا متنكر بزي ممرض في مشفى أبي زيد وهو كان يقوم بدور الوسيط الطبيب الرئيسي في المشفى لا أعرف ماذا يُطلق عليه لكن أسمه كان الدكتور بربيش لم أره سوى للحظة بسيطة ثم نقلوني بعدها إلى طبيب الأمراض القلبية وهناك عرفوا أنني كنت أشارف على الموت وكان لدى الأستاذ بربيش علاقات مع الملك ولابد أنه أطلعه على ذلك وعندها توقفوا عن تعذيبي لكن ظلوا يستخدمون أساليب أخرى للتحقيق كتسليط الضوء مثلا في حين أنه كانت عيناي حساستان، على أية حال كان ذلك صراع تقليدي أي صراع أولئك الذين ينتمون إلى الماركسية أي أنهم يقاومون العدو مهما بلغة الصعوبات وكنت قد قرأت كتابا رائعا لمناضل تشيكي أيام الاحتلال النازي يروي مرحلة تعذيبه وهو كان يقول هذا الكلام.

    سامي كليب: استضفت في هذا البرنامج الكثير من السجناء والمعتقلين السابقين وكل منهم يخبرني عن طريقة معينة كان يتخيل فيها أشياء فقط ليتحمل التعذيب أنت ما الذي كنت تفكر به أثناء التعذيب وهل التعذيب كان فعلا يمكن أن يحتمل من النوع القابل للاحتمال؟

    أبراهام سرفاتي: إن الصمود في وجه التعذيب مرتبط بعامل أساسي وهو أن لا نشعر بالخوف من الموت، التعذيب هو مجاورة الموت تشاهده أمام عينيك إن خفنا من الموت فإننا نستسلم وإن لم نخف منه فإننا نقاوم.

    سامي كليب: ووجع الجسد؟

    أبراهام سرفاتي: إنه موجود بالطبع لكن يجب تحمله كما تعلم بعد عام أو عام ونصف من التعذيب أخذوني إلى المشفى في الرباط ثم أعادوني في اليوم ذاته فقد كانوا يحملون توجيهاتهم أحد أصعب ما في الأمر كان الضرب على أسفل القدم وطوال فترة طويلة ربما شهرين أو ثلاث على الأقل كانت قدمي مقيدتان وعندما قاموا بفحصي في المشفى وجدوا أن باطن القدمين بأكمله أي من الأسفل كان كله محمرا بلون الدم وكان متشققا لا أدري كان مصابا بأمور كثيرة لكنني تحملت الأمر.

    سامي كليب: هل كنت تصرخ في خلال التعذيب مثلا؟

    أبراهام سرفاتي: لم أكن أبكي حتى فقد كان الألم مروعا وكانت الرغبة في المقاومة كبيرة لدرجة أن الدموع لم تكن تنهمر لكن بالطبع لم أكن أصرخ كثيرا لكن أحد الأمور المهمة في مقاومة الألم هو الصبر على الألم أمام الجلادين.

    سامي كليب: كيف؟

    أبراهام سرفاتي: إن ذلك يفقدهم حماسهم عليك أن تحاول أن تبقى صامتا وأن لا تقوم بأي حركة تشير إلى ضعفك.

    سامي كليب: أيضا شقيقتك إفلين تعرضت للتعذيب لماذا وهل فعلا أنها توفيت فيما بعد من آثار التعذيب؟

    أبراهام سرفاتي: نعم تحولت أنا إلى خارج عن القانون في شهر آذار من عام 1972 وقد تم اعتقالها في أيلول من العام نفسه في ذلك الوقت كان راتبي ما يزال يصلني إلى المصرف وبما أنها كانت تملك وكالة عامة عني قامت بسحب المال لكن بالطبع انتهى الأمر بالشرطة بأن انتبهت لذلك فقاموا باعتقالها في أحد الأيام من شهر أيلول من عام 1972 في تلك الظروف واصطحبوها إلى ذلك المكان لم يكن قسم الشرطة في الرباط لكن عندما قبضوا عليها قالوا لها لقد سحبتِ مال شقيقك فأنتِ إذاً تزودينه بالمال ولكنها استطاعت الصمود إنما دعني أخبرك لم يكن هناك اتصال مباشر مع أختي إفلين بل كان هناك اتصال غير مباشر معها عن طريق زوجة عبد اللطيف نبيه جوسلين نبيه فقد كانت أختي تعطيها النقود ثم تعمل هذه الأخيرة على إيصالها إلى إفلين لم تقل شيئا عن هذا حتى أنها لم تقل أنها تعطي المال إلى جوسلين نبيه وقد أثر ذلك عليها وتوفيت بعد عامين أنا كنت كبيرا وقوي البنية نوعا أما هي فقد كانت صغيرة ونحيلة لذلك تدهورت صحتها من المؤكد أن التعذيب قد تسبب في موتها.

    محاكمته بتهمة الخيانة العظمى

    سامي كليب: قرأت فيما بعد طبعا حصلت المحاكمة وكانت كما نعلم محاكمة صورية كالمحاكمات التي تحصل آنذاك ولكن الذي فاجائني أنه معروف أنك سجنت وعذبت لأنك كنت تناضل من أجل استقلال الصحراء ولكن في المحاكمة اتهمت بالخيانة العظمى وبتعريض أمن وسلامة الدولة للخطر يعني لم يكن للمحاكمة علاقة بالصحراء الغربية؟


    وجهت إليّ تهمة تعريض أمن الدولة الداخلي للخطر من قبل محاكمة عشوائية مرتبطة بنظام من الخونة

    أبراهام سرفاتي: صحيح لم يكن باستطاعتهم إجراء محاكمة حول الصحراء تحت تهمة رئيسية مثل تعريض أمن الدولة الخارجي للخطر وهي بالطبع تهمة الخيانة العظمى كانت التهمة الرئيسية هي تعريض أمن الدولة الداخلي للخطر ولا أظن أن عقوبة هذه التهمة هي الموت أعتقد أن عقوبتها هي السجن المؤبد، في الحقيقة كان علينا الدفاع عن العدالة وعن الحرية في المغرب صحيح أنه لم يكن هناك اتفاق كامل بيننا لكن بالنسبة لبعضنا على الأقل فإن حقيقة احتلال الصحراء الكبرى لم يكن يخدم مصالح المغرب وهذا ملف أعرفه جيدا منذ العام 1956 وفي المحكمة مازلت أذكر كان معروف عن قاضي قضاة المحكمة وكان اسمه ابيزاز أنه يقاطع الناس مباشرة لذلك توجب علي قول ما لدي بسرعة قبل أن يقاطعني وكانت المقاطعات تحدث مرارا طالب في البداية من حاجب مسن وضخم أن يحملني لكنه لم يكن قادرا على حملي فطلب من أحد أصدقائه الذي كان يقف بعيدا أن يساعده وهذا الأمر استلزم وقتا طويلا وخلال ما تبقى من وقت كان علي قول كل ما أستطيع قوله وهذا ما فعلته بافتتاح محاكمتي فقلت أولا أن هذه المحاكمة هي محاكمة عشوائية مرتبطة بنظام من الخونة وأشياء أخرى من هذا القبيل ثم أضفت في المرحلة الثانية خمس جمل أخرى وهي تحيا الجمهورية الصحراوية العربية الديمقراطية، تحيا الجمهورية الشعبية المغربية، تحيا وحدة الشعب المغربي الصحراوي، تحيا الثورية المغربية وتحيا الثورة العربية وقبل أن تستطيع البقية أن ترد كنت قد وصلت إلى المرحلة الثالثة من دفاعي وهكذا استطعت الانتهاء وجاء إليّ أحد حراسي فيما بعد وهنأني قائلا إن ما فعلته كان جيدا للغاية.

    سامي كليب: ما الذي دفعك للدفاع عن استقلال الصحراويين عن المملكة ألم يكن في ذلك نوعا من التحدي للملك وللعرش المغربي أكثر مما هو دعم للشعب الصحراوي؟

    أبراهام سرفاتي: كتبت في المنفى مقالا عنوانه الثورة في المغرب العربي بالطبع كانت هناك أفكار حالمة لكن ليس كما الآن كانت الفكرة هي جمع الثورتين في الصحراء وفي المغرب لتشكيل ما سميته الجمهوريتان الشعبيتان الصحراوية أو العربية بالطبع كانت تلك فكرة حالمة لكنها جاءت كرد فعل على ما اسميه حتى الآن خيانة نظام الحكم المغربي في الأعوام 1956 وعلى وجه الخصوص في العام 1958 ففي هذا العام أُرسِل الجيش المغربي كي يوقف زحف جيش التحرير المغربي الصحراوي في حين أن هذا الأخير كان جيشا مغربيا كان فيه صحراويون لكن قادته كانوا مغاربة وما زال بعضهم حيا حتى اليوم، بالنسبة لي كانت تلك خيانة لا أكثر ولا أقل ولم أكن لأقبل بها بالنسبة لي وضمن الرؤية الحالمة للنظام الشيوعي في المنطقتين المغربي والصحراوي كانا يجب جمع الثوريين في المنطقتين لتأليف تكتل ثوري واحد يبدأ الثورة في المغرب العربي.

    سامي كليب: ولكن الأمر بدا وكأنه مسألة شخصية بينك وبين الملك الحسن الثاني خصوصا أن أحزاب اليسار التي كنت منضويا تحت لواءها لم تكن تدعمك في موقفك من الصحراويين والصحراء؟

    أبراهام سرفاتي: لم تكن قضية شخصية إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن منظمتنا إلى الأمام كانت مع هذا الموقف لكن من جهة الثالث والعشرين من آذار فقد كان الموقف أكثر غموضا لا أدري أن كانوا مع هذا الموقف أو ضده وعلى كل حال لم يكن موقفا واضحا وقد كان هذا أحد أسباب الانقسام لأنه بين عامي 1972 و1974 كانت لدينا لجنة وحدة لكن أحد الأسباب في أيلول من عام 1974 أي قبل اعتقالي بفترة قصيرة كان الرفاق في منظمة الثالث والعشرين من آذار كانوا يعتقدون أن الصحراء يجب أن تضم إلى المغرب بينما كنا نعتقد نحن أنه يجب أن يكون هناك وحدة فدرالية تتمتع الصحراء بخصوصيتها في الوقت ذاته.

    موقفه من صحراء المغرب

    سامي كليب: لكي نبسط الأمور سيد أبراهام سرفاتي فيما يتعلق بالصحراء يعني كانت قضية كبيرة وسببت لك كل المشاكل الملك الحسن الثاني في عام 1988 قال ما يلي أنك رجل مسكين لم تفهم شيئا وإذا كان الأمر يتعلق يعني أمر الخلاف بينك وبينه بالنواحي الإيديولوجية فهو غير مهتم بالأمر ولكن أن تكون وخلافا لأبناء طائفتك اليهود معارضا أو تؤكد أن الصحراء ليست مغربية فهذا لم ولن يسمح به هل اليوم يعني أسألك سؤال بشكل مباشر هل اليوم غيرت موقفك هل ما زلت من موقفك في استقلال الصحراء أم غيرت وتريد ضمها إلى المملكة المغربية؟

    أبراهام سرفاتي: هذا سؤال مهم أقول إنه يجب التفريق بين المغرب حتى خط طول 27 درجة أربعين عرض أي حتى إقليم طارفي وبين ما يوجد في الصحراء تحت تلك النقطة أعتقد أن المغرب حتى تقاطع خط طول 27 درجة أربعين عرض يجب أن يكون دولة لا مركزية وليس دولة ذات سلطة كاملة بل دولة تقبل بالاختلافات مثلا الريف وسواسي ليسوا متشابهين رغم أنهما جزء من تيار سياسي واحد على عكس الشاوية أو غيرهم مثلا.

    سامي كليب: ولكن بسلطة مركزية في الرباط؟


    أرى أن تتمتع الصحراء المغربية بحكم ذاتي مع ارتباطها بملك المغرب

    أبراهام سرفاتي: نعم مع سلطة مركزية مع حكومة كتلك الموجودة في إسبانيا على الأرض أي مناطق واسعة تتمتع بحكم ذاتي لكن تخضع للسلطة المركزية نفسها وفي حالتنا هذه ستكون الرباط تلك السلطة وسيكون هناك مناطق تتمتع إلى حد ما بحكم ذاتي نظرا للوضع الراهن والتاريخي للمنطقة إنما فيما يتعلق بالصحراء تحت تقاطع خط طول 27 مع خط العرض أربعين فإنها تتمتع بتاريخ له خصوصيته وذلك لعدة أسباب أولها السبب التاريخي فمنذ القدم قام السلاطين بتوسيع سلطة المغرب حتى السنغال ويمكن للمرء أن يظن أن هذا كله هو المغرب الكبير لكنها كانت رؤية ونتج عنها أمور كثيرة كما أنها شعوب الصحراء لديهم طريقة عيش مختلفة ويجمعها تاريخ مختلف لكن هذه الشعوب مرتبطة بالمغرب في الوقت نفسه ليس ارتباط تبعية وإنما ارتباط أخوة وتعاون لم تكن تتبع لسلطة سلطان المغرب كالشاوية مثلا كما أنها منطقة مختلفة جدا يعيش فيها البدو الرُحل الذين لا يرتبطون بمناطق على الأرض أكثر خصوبة من غيرها في الصحراء أعتبر أن هذا التاريخ موجود وأنه علينا إعادة السيادة للصحراء والقبول في الوقت نفسه بهجرة المغاربة إليها في العام 1999 أعتقد أنه يجب ألا تتمتع الصحراء باستقلاليتها التامة ولا أن تخضع للمغرب بصورة تامة بل يجب أن تتمتع بحكم ذاتي مع ارتباطها بملك المغرب الذي عليه الدفاع عنها ضد الخارج وتحمل مسؤوليته تجاهها ومن جهة أخرى يجب على الصحراويين والمغاربة الذين استقروا هناك في أواخر العام 1999 أن يديروا أرضهم بنفسهم.

    سامي كليب: لا يزال أبراهام سرفاتي عند موقفه من الصحراء رغم ما سببه له هذا الموقف من مشاكل مع العرش المغربي وقد كان في هذا الموقف ما قلب عليه أيضا بعض رفاقه لا بل أن نقاشات السجن بينه وبين الرفاق كانت غالبا ما تصطدم بتصلبه ليس في قضية الصحراء فقط وإنما حول كيفية المواجهة مع العرش المغربي فبعض المناضلين هزمهم السجن وراحوا يحملون مسؤولية الهزيمة لغيرهم.

    أبراهام سرفاتي: اللحظات الأصعب كانت في الفترات أو بالأحرى في الفترة التي كانت فيها الصدامات مع رفاق السجن في أشدها.

    الصدام مع رفاق السجن

    سامي كليب: شو السبب؟

    أبراهام سرفاتي: سأخبرك عن السبب عندما وصلت إلى سجن قنيطرة في البداية كنت في السجن الانفرادي لكن في كانون الثاني عام 1979 عندما نقلت إليه التقيت مجددا بالرفاق ومن بينهم أعضاء حركة إلى الأمام لكن كان بينهم نزاعات شديدة وهذا أمر يصعب تفهمه إلى حد كبير عندما يتم القبض على المجموعة بأكملها فهذه بالتأكيد تعتبر هزيمة وعندما نجتمع بعد هذه الهزيمة يحاول كل واحد منا إلقاء المسؤولية على الرفاق الآخرين الموجودين هناك وصلت إلى سجن قنيطرة في كانون الثاني من عام 1979 في الوقت الذي كان فيه الرفاق في أقصى حالات التشرذم بسبب إلقاء مسؤولية الهزيمة على بعضهم البعض في تلك الظروف بدأنا نوجه اتهامات من دون وجه صحة ضد هذا الشخص أو ذاك بأنه قام بخيانة البقية وأشياء من هذا القبيل بينما كانوا جميعا في الواقع مناضلين ربما كانوا قد ارتكبوا الأخطاء لكنهم لم يكونوا خونة ومع ذلك فهذا ما كانوا يفكرون فيه حاولت في العام 1979 أن أترفع عن الخلافات كي أتمكن من إعادة توطيد الأخوة بين الرفاق وعملت في الوقت نفسه على تحليل أخطاء كل واحدة منهم بموضوعية وعلى نحو أخوي وليس من خلال اتهام أيا منهم بأنه خان البقية حاولت أن أظهر حقيقة صراع كل واحد منهم وصلنا في مرحلة في أواخر الثمانينيات لم يعد يجرؤ فيها الحراس على قمعنا ناضلنا كثيرا لدرجة أننا تغلبنا في نهاية المطاف على إدارة السجن.

    سامي كليب: لا يشعر أبراهام سرفاتي بأن رفاقه الفلسطينيين تخلوا عنه ولم تغير سنين السجن الطويلة موقفه لجهة دعم القضية الفلسطينية لا بل أن أول نشاط قام به حين نفي إلى فرنسا بعد خروجه من السجن كان لدعم الشعب الفلسطيني ومناهضة سياسة إسرائيل وأما سبب ذهابه إلى فرنسا فهو أنه حين أُفرج عنه قالت السلطات المغربية أنه برازيلي وليس مغربيا ولكنه قاد مع زوجته السيدة كريستين ومع رفاقه ومناصريه كفاحا طويلا ليعود إلى الأرض التي ترعرع فهيا حصل ذلك برعاية الملك المغربي الشاب محمد السادس الذي بخطوته هذه أكد مجددا عزمه على طي صفحة قاتمة من تاريخ المملكة.

    أبراهام سرفاتي: ذهبت في السنوات الأخيرة لزيارة ضريح والدي وأختي لقد كان ذلك مهما بالنسبة لي.
    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي الثلاثاء سبتمبر 22, 2015 5:38 am

    رياضي
    رياضي
    Admin


    عدد المساهمات : 3794
    تاريخ التسجيل : 06/07/2010

    إبراهيم سرفاتي Empty رد: إبراهيم سرفاتي

    مُساهمة من طرف رياضي الثلاثاء سبتمبر 22, 2015 5:46 am

    عبد الحميد أمين: ابراهام السرفاتي منجم للأفكار وتاريخ نضالي مشرق
    عبد الحق الريحاني نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 13 - 11 - 2010

    في هذا الحوار الذي أجرته «الاتحاد الاشتراكي» مع عبد الحميد أمين، الرئيس السابق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان ورفيق درب النضال لأبراهام السرفاتي، يتذكر أهم المحطات والمراحل التي عاشها مع هذا المناضل ، سواء في إطار تنظيم منظمة إلى الأمام أو فترة الاعتقال بالسجن المركزي بالقنيطرة، يتطرق كذلك لعدة أحداث أخرى كرجوع السرفاتي بعد منفاه القسري من فرنسا واستقباله بمطار سلا وفندق هيلتون، وموقفه المشرف من القضية الفلسطينية
    } اللقاء الأول مع أبراهام السرفاتي والمسيرة النضالية
    أول مرة سأسمع باسم المناضل أبراهام السرفاتي، بعد انخراطي في الحزب الشيوعي المغربي في بداية 1960 ، حيث كنت آنذاك طالبا في باريس، وعند التحاقي بالحزب الشيوعي المغربي هناك، بدأت أتعرف على مسؤولي وأطر هذا الحزب، ومن ضمنهم أبراهام السرفاتي الذي سألتقي به مباشرة في مطلع 1969، حيث جاء لباريس ليلتقي بعدد من المناضلين واعتقد انه كان آنذاك يتحدث باسم جمعية تسمى «جمعية البحث الثقافي»، كان قد أسسها بالمغرب مع عبد اللطيف اللعبي ومثقفين مغاربة آخرين، وكانت هذه الجمعية جمعية نقدية تحاول إبراز أفكار يسارية جديدة، سواء في المجال السياسي أو الثقافي، وآنذاك أحسست أن شيئا ما يتململ داخل حزب التحرر والاشتراكية الذي أسس كاستمرارية للحزب الشيوعي المغربي المحظور، ونحن كطلبة أحسسنا بنوع من الالتقاء مع هذه الأفكار، لأنه كانت لنا بعض المواقف النقدية من تجربة الحزب الشيوعي المغربي أثناء فترة الاستقلال وكذلك تجربة حزب التحرر والاشتراكية .
    لكن السرفاتي سأعرفه أكثر وبشكل مباشر وثابت بعد إنشاء المنظمة الماركسية اللينينية الف في 30 غشت 1970 التي ستصبح في ما بعد منظمة إلى الأمام، بعد حوالي سنتين ونصف ستأخذ اسم منظمة إلى الأمام، منذ أكتوبر 1970 سيتم إدماجي في لجنة التنسيق الوطنية للمنظمة الماركسية اللينينية ألف في الهيئة القيادية لهذا التنظيم، وكنت ألتقي بالسرفاتي كأحد القادة البارزين أسبوعيا، ولأن الاجتماعات كانت تعقد بشكل سري ، لأن التنظيم لم يحظ بالشرعية القانونية ولم يكن أصلا يبحث عنها باعتباره تنظيما ثوريا كان يعرف في جميع الأحوال من المستحيل الحصول على الشرعية القانونية.
    ففي نهاية دجنبر 1971 وفاتح يناير 1972 تم عقد الندوة الوطنية الأولى للتنظيم الماركسي اللينيني ألف، وكانت بمثابة مؤتمر لتنظيم أ أفرزت لجنة وطنية وكتابة وطنية تتكون من أبراهام السرفاتي عبد اللطيف اللعبي، عبد اللطيف زروال وعباس المشتري وعبد الحميد أمين، فكانت هذه الكتابة الوطنية خماسية الأعضاء تجتمع أسبوعيا في السرية، وكان الاتصال بالرفيق أبراهام السرفاتي على الأقل أسبوعي، وبعد أسابيع قليلة من انعقاد الندوة، تم اعتقال عبد اللطيف اللعبي وأبراهام السرفاتي على خلفية الإضرابات الطلابية التي عرفتها تلك السنة، فتم الإفراج عنهما بعد ما كانت الإضرابات الطلابية تطالب بالإفراج عنهما ولم يتم اكتشاف انتمائهما لتنظيم المنظمة، وفي مارس 1972 تم الاعتقال مجددا لعبد اللطيف ، وكان البحث جاريا عن أبراهام السرفاتي مجددا لاعتقاله، لكنه هذا الأخير دخل في السرية، ظل يعمل منذ ذلك الحين، حتى أن تم اعتقاله، لكن نحن الأربعة في الكتابة الوطنية بقينا نشتغل، إلى حين اعتقالي بدوري في 29 مايو 1979، وكانت لنا اتصالات متقطعة معه من داخل السجن، وكان يبحث عنه بقوة، حيث في نهاية 1972 تم اعتقال أخته نفلين السرفاتي وتم تعذيبها بشكل وحشي لتجهر عن مكان اختفاء أخيها أبراهام السرفاتي، وبسبب التعذيب الوحشي الذي مورس عليها، توفيت مباشرة بعد ما خرجت من السجن.
    ففي نونبر 1974 سيعتقل السرفاتي ، فبالنسبة لي لم أر السرفاتي منذ ما قبل اعتقالي بأيام، إذن كنت رأيته ثلاثة أيام أو أربعة أيام قبل اعتقالي في إطار اجتماعات الكتابة الوطنية لمنظمة ألف، ولم أراه مجددا إلا في 4 شتنبر 1979 في السجن المركزي بالقنيطرة ، حيث كنت أنا بحي جيم ، بينما السرفاتي كان معتقلا بحي ألف، و في 4 شتنبر سيتم جمعنا في نفس الحي ألف، وسنعيش معاناة السجن معا لمدة خمس سنوات، أي منذ 4 شتنبر 1979 إلى 23 غشت 1984 حيث سأخرج ضمن ما تبقى من المجموعة الماركسية اللنينية الأولى التي اعتقلت مطلع سنة 1972، كنا خمسة أحمد حرزني وعبد اللطيف الدرقاوي، سيون أسيدون، باري وأنا شخصيا، كانت تلك المجموعة تضم في الأصل84 في محاكمتها.
    } عبد الحميد أمين وأبراهام السرفاتي خلال خمس سنوات بالسجن المركزي بالقنيطرة
    عرفت السرفاتي أكثر خلال هذه الخمس سنوات التي قضيناها معا في السجن المركزي، حيث كانت هذه المدة خصبة على مستوى التعارف السياسي والإنساني، على المستوى السياسي، كنا نخصص وقتنا كمناضلين متشبثين باستمرار التجربة، فكنا نناقش نقطتين أساسيتين، أولا تقييم التجربة لتنظيم منظمة ألف والتي أصبحت فيما بعد منظمة إلى الأمام، وثانيا التفكير والعمل على إعادة بناء المنظمة،التي تم تفكيكها،اثر موجات القمع المتتالية خلال سنوات 72 ، 74 ، 76 ، 77 ، التي أدت إلى تفكيك التنظيم، فبعد خروجي من السجن، العلاقات مع السرفاتي ستصبح متقطعة من جديد وخصوصا أنني شخصيا ركزت على العمل الجماهيري، سواء العمل النقابي وفيما بعد العمل الحقوقي.
    السرفاتي بدوره لم يخرج من السجن إلا في سنة 1991 بعد أن قضى 17 سنة من السجن، وكان قد حكم عليه آنذاك بالمؤبد، وخرج من السجن ليزج به في المنفى بفرنسا بدعوى أنه لا يحمل الجنسية المغربية، وإنما له الجنسية البرازيلية، وهذه كانت تخرجة من وزير الداخلية السابق إدريس البصري من أجل التخلص من أبراهام السرفاتي، نظرا للضغط الحاد للمطالبة بإطلاق سراحه في تلك الفترة، حيث سيقضي أبراهام السرفاتي ثماني سنوات في المنفى، أي سيقضي 25 سنة مابين السجن بالمغرب و المنفى بفرنسا، وأرجع من المنفى بعد أن أصبح محمد السادس ملكا للمغرب ببضعة أسابيع.
    } رجوع أبراهام السرفاتي
    المنفى إلى المغرب
    السرفاتي ناضلنا كثيرا من أجل رجوعه، حيث تشكلت لجنة للمطالبة برجوعه من منفاه القسري إلى بلاده ولم يتحقق ذلك إلا بعد أن أصبح محمد السادس ملكا للبلاد.
    كنا قد سمعنا بأن السرفاتي حين رجوعه إلى المغرب من فرنسا، سينزل في طائرة بمطار سلا، فذهبنا ثلاثة مائة مناضل لاستقباله في المطار، وكان هناك في ذلك اليوم وفد رسمي من بين أعضائه حسن أوريد، فكان صراع كبير حول مع من سيذهب السرفاتي؟ هل مع الوفد الرسمي أم مع المناضلين، وأتذكر أن السلطات منعتنا من الدخول إلى المدرج الخاص بالمطار، لأن السرفاتي لم يخرج، وأنا شخصيا كانت لي مشادة كلامية مع حسن أوريد على أن رجوع السرفاتي للمغرب قد رجع بفضل نضالنا وليس بمبادرة أي كان ، وفي آخر المطاف دخلت ووجدت السرفاتي مع زوجته كريستين في سيارة، وطرحت عليه نفس السؤال، لكن زوجته قالت أنت ترى أن هناك وفدا رسميا معنا سيذهب بنا إلى الفندق، وفي الحقيقة كان الموقف مؤسفا، وأحسسنا بخيبة أمل وبعد تردد كبير قررنا الذهاب كمناضلين إلى فندق هلتون، حيث نزل السرفاتي وجاء لزيارته بعض الرسميين آنذاك كعبد لرحمان اليوسفي والوزراء في إقامته، وكان عدد المناضلين كبير جدا مما اضطر أبراهام السرفاتي للخروج إلى بهو الفندق لاستقبالهم، وأخذ الكلمة التي كان مضمونها الأساسي يرتبط برجوعه بمبادرة جلالة الملك وأكد أنه يراهن على الملك الشاب والعهد الجديد من أجل ديمقراطية البلاد وفتح عهد جديد، فهذا الخطاب لم يعجب جل المناضلين، بل وبعضهم من غادر القاعة وأتذكر من بينهم عبد العزيز المنبهي الذي قال كلمة « الله يعاونا ويعاونك»، لكن بعد ذلك سيعود إلى القاعة، وأنا شخصيا شعرت بإحراج كبير، وأخذت الكلمة عمليا باسم الحضور، وقلت أولا على أن السرفاتي رجع إلى المغرب بفضل نضالات الديمقراطيين بالمغرب والخارج ، وأكدت أن رجوعه لم يكن منة من أحد، وشددت كذلك على أن السرفاتي الذي نستقبله اليوم هو المناضل التقدمي ضد المخزن ومن أجل الديمقراطية، هو السرفاتي الذي انحاز للطبقة العاملة، في نضالاتها والذي فقد عمله نتيجة انحيازه للطبقة العاملة، وهو السرفاتي ضحية النظام السياسي المغربي، سبعة عشر سنة من السجن و8 سنوات من المنفى، ووضعنا الأمور في نصابها حتى يشعر الجميع، أننا وإن كنا لا نزكي ما قاله السرفاتي، نقدر في السرفاتي نضاليته وكفاحيته ودوره التقدمي في البلاد.
    } علاقة عبد الحميد أمين بأبراهام السرفاتي بعد
    رجوعه إلى المغرب
    بعد هذه المحطة علاقة السرفاتي بقيت علاقة فاترة، كانت له مشاكله، وأنا شخصيا كانت لي مشاغلي الكثيرة في العمل النقابي، فأنا لم يكن لي دور مهم في إنشاء النهج الديمقراطي، و مع ذلك اعرف أن السرفاتي لم يلتحق بالنهج، وظل يراهن على أن العهد الجديد يمكن أن ينتج عنه دمقرطة البلاد في ما كان يسمى بالانتقال الديمقراطي.
    } أبراهام السرفاتي منجم للأفكار
    السرفاتي منجم للأفكار، فهو إنسان ينتج الكثير من الأفكار، طبعا قد تكون خاطئة أو صحيحة، لكن يجب دائما المناقشة معه حتى تظل أفكاره مرتبطة مع الواقع، فيجب دائما أن تأخذ الحيطة إذا ما كانت نظرياته ملتصقة مع الواقع وقادرة للتطبيق، أما بالنسبة للخلافات فلقد كنا ندبرها بشكل ديمقراطي، فمن بين القضايا الأساسية التي كانت تشغلنا في السجن وبشكل مختزل ثلاثة أصناف: أولا تقييم التجربة، فكان الصنف الأول من يعتبر أن التجربة كانت فاشلة وأننا أخطأنا وأن لا مجال في الاستمرار، والصنف الثاني يرى أن التجربة كانت ايجابية ويجب الاستمرار فيها كما هي ويجب الاحتياط كي لا يتمكن القمع من إجهاضها، فحين يعتقد الصنف الثالث أن التجربة ايجابية ويجب الحفاظ على خطها العام، لكن فيها أخطاء يجب تجاوزها وتصحيحها
    } ما يحتفظ به عبد الحميد أمين عن أبراهام السرفاتي
    ما أحتفظ به عن الرفيق أبراهام السرفاتي أولا دوره الوطني في مناهضة الاستعمار الفرنسي، حيث اعتقل بسبب مناهضته للاستعمار في الانتفاضة العمالية 1952 على إثر اغتيال القائد فرحات حشاد، اعتقل وُعذّب وتم نفيه إلى فرنسا ولم يعد إلا بعد أن نال المغرب استقلاله، ما أحتفظ به عن السرفاتي دوره في مناهضة المخزن والقمع ودفاعه عن الديمقراطية الشعبية الاجتماعية السياسية والاقتصادية، وكذلك دوره في الدفاع عن الطبقة العاملة والمنحاز إلى قضاياها والمدافع عن مطالبها، حيث كان يشتغل كمسؤول بالمكتب الشريف للفوسفاط، واتخذ موقفا مساندا لإضرابات الفوسفاطيين، مما تسبب له في مشاكل مع إدارة المؤسسة، دون أن نغفل دوره في تصحيح مسار الحزب الشيوعي المغربي بآرائه النقدية من خلال تاريخه أثناء الفترة الاستعمارية أو بعد انتهاء فترة الحماية، وكنا نعتبر أن هذا الحزب ليس له دور جدري في مناهضة الدولة المخزنية، فالسرفاتي كان ضمن المنتقدين لهذا المسار ومن تم كان تأسيس منظمة ألف.
    } أبراهام السرفاتي والقضية الفلسطينية
    مسألة مهمة جدا لا بد من تسجيلها للسرفاتي، ألا وهي دوره الكبير في دعم المقاومة الفلسطينية، حيث نعرف أن السرفاتي كيهودي يساند الفلسطينيين، فهذا يمكننا من التمييز بسهولة ما بين الصهيونية كحركة أفرزتها الامبريالية العالمية واليهودية كديانة وكثقافة. فكون العديد من المناضلين اليهود المغاربة، اسيدون، السرفاتي، ريمون بنعيم، ادمون المالح وشمعون ليفي يساندون القضية الفلسطينية، فهذا يساعد على توضيح طبيعة الصراع ما بين الفلسطينيين والصهاينة بطبيعته، صراع تحرري ضد الاستعمار الصهيوني وليس صراع ديني.
    وصمود السرفاتي واستمراره في النضال من داخل السجن من أجل التحرر الوطني والديمقراطية والاشتراكية، فالسجن بالنسبة له لم يكن محطة للراحة وإنما محطة نضالية ذات طبيعة خاصة، وهذا كان له دور كبير بالنسبة للمناضلين خارج السجن.
    } كريستين زوجة السرفاتي
    أما بالنسبة لزوجته كريستين، فقد تزوج بها من داخل السجن، فزواجه لم يكن بسهولة من السلطات المغربية، حيث لم تسمح بذلك، فكريستين قبل أن تكون زوجته، كانت رفيقة الدرب ومناضلة وقدمت الكثير من المساعدات للمناضلين داخل المنظمة، فالسلطات عرقلت زواجهما معا، فلم يكن هذا الزواج ربما إلا بعد تدخل زوجة الرئيس السابق لفرنسا فرانسوا ميتران لتسهيل ذلك، عانت معه الكثير وظلت منذ مطلع الستينات إلى الآن.
    } كلمة أخيرة
    أتمنى له الشفاء العاجل، وأتمنى من المناضلي
    ن المغاربة أن يعتمدوا على جوانبه المشرقة في حياته ومساره النضالي من أجل التحرر الوطني والديمقراطي والاجتماعي للشعب المغربي

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء نوفمبر 27, 2024 4:53 am